أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملك مصطفى - رحلة شعر إلى هافانا















المزيد.....

رحلة شعر إلى هافانا


ملك مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


هل شعرت بنفسك يوما وكأنك ملفوف بالحب والشعر ؟ هل أحسست بأنك ياسمينة وسط باقة من مختلف أنواع الزهور؟ وهل كنت يوما الحنين في غمرة الشوق؟
كل هذا أنا كنته وأنا عائدة من رحلتي الثالثة إلى كوبا، حيث كنت مدعوة إلى مهرجان الشعر العالمي الثالث عشر في هافانا . هذا البلد الذي تشمخ الكرامة فيه
وتسير مزهوة، على الرغم من الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا منذ الثاني من فبراير 1962 ، والذي سبقه حصار الأسلحة، لمنع الاتحاد السوفييتي ( آنذاك ) من إدخال الصواريخ إليها." كان ذلك أيام الحرب الباردة بين الدولتين العملاقتين". ومع ذلك نجد الشعب الكوبي يسير متضامنا مع أرضه و حكومته جنبا إلى جنب، مثل أنواع من الأشجار لا نجدها إلا في كوبا، حيث تمتد الجذور والأغصان و تتداخل بكل ما يحيط بها من جدران فتشكل معها لوحة فنية حقيقية من الاندماج و التضامن.
في رحلتي الأولى إلى كوبا والتي كانت في بداية صيف 1996 ، كنت مبعوثة من جامعة الأوتونوما في مدريد لحضور المؤتمر الأول للإتحاد العربي في دول أمريكا الجنوبية. وفي عام 1998 جاءت دعوتي من المسؤولين في الإتحاد العربي لحضور المؤتمر الثاني للأصول العربية في أمريكا الجنوبية ولتقديم دورة لغة عربية مكثفة لكل أعضاء الإتحاد صغارا و كبار. بعد ذلك انقطعت فترة طويلة عن زيارة كوبا على الرغم أنه لم يتوقف حلمي يوما عن العودة إليها، إلى أن جاءتني
الدعوة لحضور مهرجان الشعر العالمي، الثالث عشر في هافانا، بالسادس والعشرين من شهر أيار الماضي والذي استمر رسميا حتى الواحد والثلاثين منه،
علما أن المهرجان يستمر عاما كاملا ويسمى " الشعر الجوال " إذ يلقي الشعراء الشعر في كل مكان على الأراضي الكوبية.
افتتح مهرجان الشعر في بيت " لاس أميريكاس " بقاعة تشي غيفارا بحضور عدد غفير من الشعراء و المثقفين و المسؤولين و بعض السفراء المعتمدين.
جاء الافتتاح بحفل تأبيني للشاعر( إيمه ثيسير) المولود في جزيرة مارتينيكا الواقعة في بحر الكاريبي ، التي اكتشفها كريستوف كولومبس إلا أنه لم يحتلها الأسبان ، بل احتلها الفرنسيون.
ولد في 25 حزيران 1913 ، شاعر فرنسي من أصول أفريقية Aimé Cesairé
و توفي قبل بدء المهرجان بيوم واحد عن عمر 95 عاما ، وهو من شعراء التجربة السريالية التي تزعمها في فرنسا أندريه بريتون . ومن أهم كتب إيمه ثيسير كتاب " السيدات المعجزات. واستمر الحفل بعرض أوبرا من شعر ( إيمه ثيسر) تتحدث عن التمييز العنصري ، عن الرجل الأبيض الذي اجتاح الكونغو ، ( البلد الأصلي للشاعر إيمه ثيسير ) وكان يصحب الأوبرا عرض صور لما عانى منه الشعب من قمع و اضطهاد وتعذيب.
أفريقيا، تعيشين موتك ولكن لا تشعرين به،
أرى فؤوسا ، إلا أن الرأس يعلو ويعلو،
يعلو فوق الفؤوس ليلامس السماء.
عودي حياتي ، عودي ، عودي
و يا كنغويين ... اليوم هو، يوم الكونغو.

ثم عادت أيتانا ألبيرتى لتتحدث عن دول الكاريبي، وعن التنوع الثقافي فيه ، عن المساهمات و المساعدات التي تقدمها منظمة اليونسكو والسفارة الفرنسية و المنظمات الإنسانية الموجودة في كوبا لشعوب هذه البلاد.( وتحدثت أيتانا ألبيرتي عن التآخي بين الشعراء ، شعراء أمريكا الجنوبية و الكاريبي،تحدثت عن قوة الروح، قوة الذات عند الشاعر وعن الدور الذي يلعبه الشعر على المستوى الانساني).
هيرمان بانكوف ، مدير منظمة اليونسكو في كوبا ، ذكر في كلمته أن المنظمة تقدم مساعدات جمة بالإطار الثقافي ، المساعدات التي تخدم عملية الحوار الثقافي الإنساني و الإبداعي والاندماج فيه، من خلال احترام الآخر بالتعرف عليه والعمل إلى جانبه للتغلب على الفقر، لأن الكاريبي ليس فضاءً جغرافيا و حسب ، بل هو فضاء تاريخي و ثقافي تعرض للاستعمار الإنكليزي، الفرنسي، الأسباني، والهولندي.
بعد الانتهاء من حفل التقديم، توجه الحضور إلى حديقة المبنى ولكن في الطريق إليها، كان لا بد من النزول بالمصعد أو على الدرج ، والملفت للنظر هو تزيين الجدران بلوحات شعرية ، ولوحات تصويرية يتخللها الشعر ، فيشعر الإنسان أنه
في فردوس شعري. و تجاوبت الطبيعة مع الحفل ومع الحضور فغمرت المكان بنسمات عليلة لتبدع عقدا من اللآلئ المتنوعة . شعراء استضافوا و آخرون أتوا
كل منهم يحمل قلبه على يده ، يريد أن يقدمه للآخر في جو حميمي من الصدق و البياض.
بعد الاستراحة، بدأت القراءات الشعرية في مبنى اتحاد الكتاب ، بدأها شعراء بيروانيون ( من البيرو ) ، ويليام هورتادو دى ميندوثا، وينستون أوريو،ويلي غوميث ميغليارو،فليثيانو باديا تشالكو، أودي غونثالث، ديدا أغيريه و خوسيه لويس أيالا.

سلام جسدك
أحب سلام
شعرك
حيث أختبئ
غالبا، ليل
شعرك، تيه
عنقك، الصلب
من حيث
أنا أنادي
عرشك.
للشاعر وينستون أوريو
من القصائد التي قرأها الشعراء، اخترنا هذه القصيدة للشاعر وينستون أوريو:
تأمل
تأمل، حتى الآن
يُمكن التأمل.

و تلك التي
لا تستطيع
أن تستجيب
لملابسك
التي
تخترق
غشاء
الرؤية
وتبقى شفيفة
بشرة الذهن
نسيجا
صلبا
لجوزة رائعة.

في اليوم الثاني للمهرجان ( باليوم التالي لافتتاح المهرجان ) توجه الشعراء صباحا إلى حديقة فيكتور هوغو لزراعة شجرة الشعر من خلال عرض موسيقي تصويري حرص الراقصون فيه على إظهار أهمية المرحلة الثانية، ألا وهي مرحلة العناية بالشجرة وحمايتها من العدو ثم غمرها بالحب والعطاء لتنمو
و تكبر.
بنفس اليوم وفي تمام الساعة الخامسة حضر الشعراء عرضا لفرقة البالية الكوبية في ساحة هافانا القديمة ، و تلي هذا العرض، عرض آخر لمجموعة شابة من الشعراء ربطوا سيقانهم بعصي خشبية ، فبدوا أكثر طولا من الحضور ولهذا جاء العرض تحت عنوان " شعر من الشرفات " ، واستمر العرض في الطريق حتى الساعة السادسة موعد الافتتاح الرسمي في كنيسة سان فرانسيسكو دى أزيز التي غصت بالجمهور الشاعر ، وكانت القراءات لشعراء يكتبون وينطقون بلغات أخرى.

من القصائد التي ألقيت في الافتتاح قصيدة للشاعر خورخى ميغيل كوكوم من شعب المايا :
بيت روحك
لغتك هي بيت روحك.
هناك حيث عاش آباؤك
وأجدادك.
في ألفية البيت هذا
مكان ذكرياتك،
استمرار لكلماتك.
ولهذا،
لا تبك موت جسدك ،
ولا تبك موت روحك،
استمر بوجه أبناءك،
لتخلد روحك في بريق النجوم.

أما الشاعر ويليام هورتادو وهو من شعوب البيرو الأصيلة فقد ألقى القصيدة التالية:
أنا مصنوع
من الصمت،
من الوحدة.

التي أضاعت
بين زهر الخُباز
أصواتها،

مصنوع
من الأحلام
المسجونة بين
الطيور والأشواك.

مصنوع
من الانتظار
الذي يعمِر مرارة
التنهُدات،

مصنوع
من القرًاص
الذي يعرف صلاة
الياقوت الأحمر.



أنا مصنوع
من الصمت،
والرهبة

التي تكبر
بين الطحالب
و الياقوت الأصفر،

مصنوع
من الغياب
الذي يضيع
بين الريش الحاد

و زنابق
تتعطش
للقتال

بين الانتظار
و ياقوت
الوهم

الذي يشيخ
بين الخيزران
و الكستناء.


الشاعرة فرانس مونجو الكندية قرأت القصيدة التالية باللغة الفرنسية،

اليوم يتعدى ساعاته
حيث تختلج المقاطع
في ضجيج الشرق
تذهيب النجوم سيكون
اللغة الودودة
إشارة لصرخة كوكب
قد هجرته السماء

اليوم سينحني

فوق الطاولة الكتاب مغلق
ملابس الليل
هي الوجه الآخر لروحنا.

أما الشاعرة ملك مصطفى فقد قرأت قصيدة " غريب " باللغة العربية ، منها هذا المقطع:

أيها الغريب المار
بعتبة البيت،
يغلفك زمن.
خطواتك
ترقب لحلم.

أيها الغريب،
و أنت تترصد أحلامك
على زوايا الطريق،
و الحكايات تعبر أمام كالسنونو
حيث لا إكراه في البقاء،
تاركة وراءها كسوف شمس.
غريب أنت
والحزن في حضرتك مترف.


حبات مطر


هو هنا ، من غير أن يكون ،
مثل خيال سحابة ،
مثل فراغ هواء بارد ،
مثل نقطة وقف ، ونهاية حركة .
مثل كلمة على طرف اللسان ،
مابين الخروج وامتناعه .
مثل حبات مطر ،
سقطت على الرمش للتو .




الشاعر النمساوي كريستوف جاناكس قرأ قصيدة باللغة الألمانية بعنوان " شعرية "

في هذه القصيدة لا يوجد
رجال ولا حيوانات
ولا أشياء. في هذه القصيدة
لا يوجد حِكم
ولا استعارات. في هذه القصيدة
فقط توجد كلمات تقول:
في هذه القصيدة لا يوجد
شيء إلا نحن.
في المهرجان شارك مئة و عشرون شاعر، جاءوا من القارات الخمس، ليعيشوا الشعر في أحضان كوبا وفي مدنها التالية: هافانا، بيا كلارا ، ثين فويغوس، بينار دل ريو،باوتا، ماتنثاس، ثيغو دى أبيلا، إل ماريل.
بعد عشرة أعوام من آخر زيارة لي إلى كوبا لاحظت فيها تقدما هائلا على كل الأصعدة . فقد اختفى الباص الذي كان يسمى الجمل و استبدل بباصات جديدة مصنعة في الصين ، كما استبدلت السيارات القديمة وأنصاف الشاحنات التي كانت تسافر إلى محافظات أخرى ، بحافلات تحتوي على كل ما يجعل المسافر مرتاحا.
الفندق الذي نزلت فيه كان قرب محطة الباصات المتوجهة إلى خارج هافانا. كانت مفتوحة مدة 24 ساعة ، و كانت نظيفة مدة 24 ساعة ، و كانت أشد نظافة من محطة الباصات في مدريد و برشلونة و غرناطة ، وكانت أشد نظافة وبكثير من كل محطات الحافلات في سوريا، و مما أدهشني في رحلتي السابقتين وفي هذه أيضا ، هي نظافة هذا الشعب على الرغم من الحصار المفروض، و القلة المادية ، وعلى الرغم من الحر الشديد الذي يضطر الإنسان لأخذ خمس حمامات يوميا على الأقل، على الرغم من كل ذلك ، من المحال أن تشم رائحة عرق أي إنسان ، صغير أو كبير، طفل أو مسن أيضا.
الإنسان الكوبي نظيف ، كريم وشهم .
قبل سنوات كان من الممكن أن يستوقفك طفل إن عرف أنك أجنبي ليطلب منك قلما أو قطعة سكاكر لا غير.



#ملك_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجريبية الأولى والواقعية الخاصة
- مناقشة في الوعي والثقافة - مفاهيم التقارب والإختلاف
- كُتاب دخلوا عالم الأدب من بوابة السياسة
- تفردت فريدة كاهلو بحبها وشيوعيتها
- ملك هافانا وواقعية كوبية قذرة
- مغامرات الفارس الدون كيخوتة
- خوان غويتسولو مثال التلاقح الفكري والثقافي بين الشعوب
- التقارب ما بين الشعري والصوري
- واقعية الهوية السحرية في زمن العولمة


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملك مصطفى - رحلة شعر إلى هافانا