أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الخامس















المزيد.....

العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الخامس


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4956 - 2015 / 10 / 15 - 10:21
المحور: الادب والفن
    


لم تبدأ الأزمة الحقيقية لمصنع الأحاسيس إلا عندما تراكمت البضائع، والسبب عدم توزيعها، وتفاقمت عندما أخذت مادة الكابرولاكتام تنفد. المحروقات، استطعنا تدبيرها، لكن الكابرولاكتام كان في يد الإدارة، وبالتالي الحكومة، التي تمنع سيلانه، منذ فشل المفاوضات. بعد الآن، الأيام محسوبٌ عددها للماكينات التي ستصمت، مما سيدفعنا إلى البطالة. كان شارل متوترًا، كما لو كان أحدهم سينحر أحد أبنائه. قال الغضب بلسانه: لو كانت سفينة تغرق ومائتا راكب على ظهرها لانقلبت أوضاع العالم، ولما ادخر أي مجهود لإنقاذها! يا له من عالم قذر يرانا نغرق دون القيام بحركة واحدة!
تساءل بيير إذا ما كان العالم يدرك أننا نغرق.
- من اللازم أن يعلم، قال، ليعبئ موارده، ويأتي لنجدتنا. لن يعلم شيئًا ما دمنا محاصرين، إلا إذا وَلَّدَ عمال الشهوة حركة على نطاق واسع. رأس المال، الذي لا شيء آخر غير رب العمل، يريد أن يُغرق سفينتنا بخرقها قليلاً قليلاً، لهذا لا ينشر الخبر، يستعمل كل الوسائل لإعاقة الإنقاذ، ويكتفي بتدخين السيجار هادئًا، على شاطئ البحر. أعيد عليكم أن العالم لن يتذمر إن لم يولِّد عمال الشهوة حركة على نطاق واسع! بدلاً من الغرق وحيدين، فلنتحرك، ولنعمل على زمجرة الأمواج، القروش وحدها ستكون الخاسرة.
- لكن كيف نفعل، بييرو؟ سأل المارتينيكي، وهو يضغط يد وردة. كيف نفعل، يا رجل؟
- أنا أعرف كيف، قال ألبير.
- أنا أيضًا، قالت مارتين.
ابتسم بيير، وثلاثتهم يلوح "بالحُلم"، وثلاثتهم بصوت واحد:
- الحُلم!
بفضل الجريدة، عرفت كل فرنسا الصعوبات التي نواجهها. بدأت حركتنا تمتد من مصنع إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، وتجمع عمال كل الاختصاصات في ساحة الباستيل.
في المساء، ومارتين تضع رأسها على صدري، قالت لي:
- غدًا ستشرق الشمس.
- نعم، يا حبيبتي.
- وسنجد أنفسنا عرايا في الحقول الدافئة...
- نعم، يا حبيبتي.
- ...حيث تطير الفراشات دون خوف.
- نعم، يا حبيبتي.
- غدًا سأقول لك أحبك لأني أحبك اليوم لأحبك أكثر في الغد. سأقول لك أعبدك لأني أعبدك اليوم لأعبدك أكثر في الغد. سأقول لك: كن جذرًا فيّ، لأني أريد أطفالاً أصحاء وسعداء يبنون معنا غدًا بلا ازدراء.
في اليوم التالي، كان العيد. رضخت الإدارة، وحصلنا على ضمان لمواصلة العمل خلال ثمانية شهور، ووعد بحل الصراع قبل أجل الاستحقاق. مصنع الأحاسيس تم إنقاذه، قناة سان-مارتن تم إنقاذها. دوى النفير عدة مرات، وصرخنا لفرط ما كنا سعيدين. رقصنا، وَقَبَّلنا بعضنا، وغنينا.
بدا وقف إطلاق النار في بيروت هذه المرة حاسمًا: لا انفجارات، لا اختطافات، لا قَنَّاصة. بعد العمل، ذهبنا عند مارتا لنخبرها أننا سنتزوج، أنا ومارتين.

* * *

كان سليم وشيمون عاريين في الفراش.
- هل نتكلم "شغل"، سأل سليم، أم تفضل...
- نتكلم "شغل"، قاطعه شيمون.
- ..."الشغل على الشغل"؟
- نتكلم شغل.
- ليس عندي ما يثير جنسيًا.
- قل، وسنرى.
- لمسة من يدك تساوي كل ما سأقول.
- قلتُ قل، يا ماخور!
- هل أبدأ بما يفعله الوطنيون أم بما لا يفعلونه؟
- بما لا يفعلونه.
- حض الناس على التضامن مع الثورة، وخاصة دفع الشبيبة إلى الذهاب للقتال في بيروت.
- هذا أعرفه.
- إذن هل أحكي لك عن صدقهم؟
- هم لا يعرفون الصدق.
- عن إخلاصهم؟
- هم لا يعرفون الإخلاص.
- عن اضطرامهم؟
- هم لا يعرفون الاضطرام.
- عن اضطرابهم؟
- هم لا يعرفون الاضطراب.
- الاتحاد إذن ما بينهم.
- الاتحاد ما بينهم طبعًا لا.
- الاتحاد ما بينهم وبينهم ليس في هذا الباب، هذا في باب ما يفعله الوطنيون.
- ارفع لي تقريرًا عن مَنْ ضد مَنْ.
- وهل يحتاج هذا إلى تقرير؟
- ارفع لي تقريرًا، يا ماخور!
بعد قليل، سأل شيمون:
- والسلاح؟
- بالكلام، أجاب سليم.
- وفيتنام جديدة؟
- بالكلام.
- ورمينا في البحر؟
- هل أنت جاد؟
- أنا أمزح.
- أوف!
- ومضاجعتنا كما أضاجعك؟
- كما تضاجعني أم كما أضاجعك؟
- كله واحد.
- بالكلام.
- أنت الأحسن!
- أنت الأجمل!
- أنت الأروع!
- أنت الأبدع!
قَبَّلا بعضهما.
- الجولة الثانية ليس بعد، قال شيمون.
- لأن كل هذا لا يثيرك.
- لا يثيرني، يا ماخور!
- سأثيرك.
- قل لي إذن ما يفعله الوطنيون.
- بكلمة واحدة أم بكلمتين؟
- بكلمة واحدة.
- كلهم قوادون.
- قلتُ بكلمة واحدة.
- قوادون.
- اشرح.
- يقولون لا للاحتلال ويعملون كل ما في وسعهم على دوامه: التجارة معكم هم، والزراعة عندكم هم، والمستوطنات عندنا هم.
- أنت تثيرني أكثر مما كنت أتصور، يا ماخور!
- هل تريدني أن أواصل؟
- لا، اترك الباقي للجولة الثالثة.
- كيف تريدني أن أخترقك؟
- كيف، معروف كيف.
- لتعوي.
- أنت لا مثيل لك في الوجود، يا سليم!
- لا تقطع استثارتي، خراء!
- لأعوي، لأنهق، لأزلزل هذا البلد الخراء بفضلك.
- بفضل عضوي.
- وأي عضو، وأي عضو، آه! يا إلهي.
- لو كان كل أفراد الشين بيت مثلك، لوقَّعْتُ بعضوي معهم السلام في جولتين.
- سيرفضون.
- سأذيقهم الأمرّين.
- هذا ما سيسعون إليه، يا ماخور الماخور!
- اترك فمك يقوم باللازم.
- فمي وقلبي وعقلي وكل كياني.
- نعم، هكذا... نعم، نعم، هكذا، هكذا... نعم، نعم، نعم، هكذا، هكذا، هكذا... أنت كل الوطن، أنت كل الوطنيين! أيضًا، أيضًا، أيضًا! كلما أضفتَ أضيفُ...
- أضف، يا ماخور!
- سيفاجئونكم عما قريب.
- بماذا، يا ماخور الماخور؟
- سيلقون بالشبيبة في جحيمكم، فتنهال عليهم الأموال، جحيمكم غالٍ، غالٍ جدًا. الوطنيون الذين هم لنا أبالسة لا مثيل لهم في الكتب المقدسة، لم يكن لهم مثيل في عصر الآلهة، ولن يكون لهم مثيل في أي عصر، فليس أنتم وحدكم أسيادًا في الجحيم، أنتم لا شيء أمام وطنيينا، يستعملونكم في قمعنا، ليزدادوا بطشًا، والبطش على طريقتهم أموال كما قلتُ، ونفوذ، وأسواق حرة، تمامًا كما يجري اليوم في بيروت، الثوار هناك ليسوا أقل ذكاء، وهم يُنَسِّقون مع "الثوار" هنا، ليضربوكم على قفاكم كما يضربون البغال!



يتبع القسم الثاني الفصل السادس


* يرجى من الناقد والقارئ اعتماد هذه النسخة المزيدة والمنقحة وباقي روايات المرحلة (مدام حرب، المسار، النقيض، الباشا، الأعشاش المهدومة، العجوز، الشوارع...) التي أعدت كتابتها منذ عدة سنوات في "الحوار المتمدن".



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الرابع
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الثالث
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الثاني
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الأول
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل السادس عشر والأ ...
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الخامس عشر
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الرابع عشر
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الثالث عشر
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الثاني عشر
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الحادي عشر
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل العاشر
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل التاسع
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الثامن
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل السابع
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل السادس
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الخامس
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الرابع
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الثالث
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الثاني
- العصافير لا تموت من الجليد القسم الأول الفصل الأول


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - العصافير لا تموت من الجليد القسم الثاني الفصل الخامس