أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - الكوليرا والماء النقي وحلول الحكومة الشيعية















المزيد.....

الكوليرا والماء النقي وحلول الحكومة الشيعية


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4940 - 2015 / 9 / 29 - 00:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


حين عمت التظاهرات من اواخر شهر تموز ولحد الان مطالبة بتحسين الخدمات من كهرباء وماء، رد عدد من الاحزاب الاسلامية والشخصيات الشيعية والجمهورية الاسلامية في ايران، بان هنالك ايدي مشبوهة، وان هنالك اجندة خارجية حركت الناس الى التظاهر. الان، ولم تفض المظاهرات بعد -قرر البعض التوقف عنها هذه الجمعة بسبب عيد الاضحى- حتى بدأ انتشار الكوليرا ومنذ السابع من شهر ايلول الجاري ليعطي الدليل القاطع على حقانية وشرعية ماخرجت المظاهرات من اجله: الخدمات. الماء. الكهرباء. بعد مضي خمسة اسابيع فقط على بدء التظاهرات، انتشر داء الكوليرا، رغم ان الدولة لم تعلن عنه الا في يوم 15 ايلول.
لم ينتشر هذا المرض في القرى البعيدة عن العاصمة او في المناطق النائية، بل انتشر في العاصمة بغداد – في مدينة ابي غريب والنجف، وسقطت ضحاياه في العاصمة اضافة الى بابل والديوانية، والسماوة، ولكن كيف هي الاحوال في الاماكن النائية والبعيدة، والتي لا تصلها وسائل الاعلام. لا نعلم لحد الان.

وليست هنالك احصائيات دقيقة عن عدد الضحايا او عدد المصابين في تلك المدن. ان المسؤولين يقولون بان العدد وصل لحد الان الى 40 والنسبة الأعلى للوفيات هي من محافظة النجف (حسب رئيس اللجنة الصحة في البرلمان العراقي فارس بريفكاني) وهم من النساء والاطفال، وان هنالك الف حالة مشخصة. اضافة الى هذا، تبشرنا وزيرة الصحة عديلة حمود قائلة بان احتمال زيادة عدد المصابين امر متوقع. ولكن ماهو سبب موت الناس بالكوليرا؟ انه سبب بسيط جدا وهو لا يتعدى عدم تعقيم المياه وتأمينها في مخازن نظيفة ونقلها للمواطن عبر انابيب الى اماكن سكناهم وليس اكثر.

الحكومة هي المشكلة وليست الحل:
في دولة ميزانياتها السنوية بلغت ( (100.5 مليار دولار في عام 2012، و 118 مليار في عام 2013 و109 مليار في عام 2015 عجزت عن تخصيص 38 مليار لبناء البنية التحتية، والتي من ضمنها بناء انابيب مياه وانظمة صرف صحي. رفاق الاعرجي، الناطق باسم وزارة الصحة يوجه اصبع الاتهام الى الناس لاستخدامهم مياه نهر الفرات والى حرارة الشمس، ولكن ليس للحكومة في العراق. لم يقل الاعرجي لماذا تستخدم الناس المياه من الانهار ان كانت المياه تاتي الى بيوتهم عبر الانابيب؟ في العراق شحة ماء، حسب احصائيات البنك الدولي 15% من السكان في العراق يفتقرون الى الحصول على مصدر محسن للمياه.
السؤال الذي يجب ان يطرح هو هل الحكومة مسؤولة عن توفير الماء الصالح للشرب بغض النظر عن ازدياد منسوب المياه في نهر الفرات او قلته، وبغض النظر عن درجة حرارة الشمس؟ لم يقل لنا الاعرجي شيئا عن ذلك.
الكوليرا بعد ان انقضى عهدها في العراق، عادت مرة اخرى تحت حكم الاحزاب الاسلامية الشيعية والتي استلمت السلطة في عام 2005 لتنتشر في اعوام 2007، 2008، 2009، 2010 و2012 حسب تقرير منظمة الصحة العالمية في 2014. والان في 2015 تعود من جديد. هل كان صعبا تأسيس شبكات ماء وتنظيم انظمة للصرف الصحي؟ هل كان بناء تلك الشبكات باهظ التكاليف؟
لننظر الى حلول المالكي، لقد تفتق ذهن المالكي في عام 2012 اثناء تقديمه مشروع قانون البني التحتية بان يغطي تكاليف تنفيذ هذا القانون والتي من ضمنها بناء شبكات ماء نظيف والتصريف الصحي باقتراض مبلغ قدره 38 مليار دولار بالدفع الاجل. رفض الاعضاء الاخرون في البرلمان، واتهموه بان القصة كلها هي لفتح بوابة جديدة للفساد والنهب. قد يكونوا على حق، اخذا بنظر الاعتبار الفساد الذي يشهده العراق.

ولكن ابتداءا، وقبل التفكير بالقروض، هل كان تامين مبلغ 38 مليار لبناء البنى التحتية التي تشتمل على الماء والكهرباء، والمواصلات، والمطارات، والجسور والطرق والمواني، والمدارس والصحة والخ، هل كان هذا مبلغا طائلا اساسا؟ انه اقل من المبلغ الذي استحصله المالكي شخصيا خلال 8 اعوام من رئاسته لمجلس وزراء والذي بلغ (50) مليار ونصف المليار، واقل من المبلغ الذي استحصله شخصيا اسامة النجيفي (40 مليار) ويضاهي ماجناه اياد علاوي (35) مليار. هذا ناهيك عن المبالغ التي حصل عليها نتيجة سنوات وجودهم في السلطة كل من: الاعرجي، وحسن السنيد، والشهرستاني، والبارزاني، والطالباني، والبياتي، والكربولي، وسعدون الدليمي، وهيرو، وباقر الزبيدي، وكل منهم تتراوح ملكيته عشرات المليارات.
اما الحل الذي تفتقت عنه ذهنية العبادي الان، وبعد سقوط الموتى، وتهديد انتشار المرض الى اماكن اخرى، هو استعانته بمنظمة الصليب الاحمر وباليونسيف لحل مشكلة الماء الصالح للشرب في المناطق المنكوبة. من المؤكد ان المطلوب الان انقاذ حياة كل انسان يتعرض لهذا المرض. وباية طريقة كانت وباسرع وقت ممكن ومن قبل اية جهة كانت. ولكن هل هذا هو حل لرئيس وزراء لواحدة من اغنى دول العالم بالنفط؟
ان دولة لديها المليارات سنويا، تستعين بمنظمة مجتمع مدني مثل الصليب الاحمر لتجد حلا لمشكلة ماءها الصالح للشرب قد يصلح للتدخل العاجل والطاريء ولكنها لم ولن تمس الا سطح المشكلة. لم يقل العبادي بضرورة بناء بنى تحتية لبناء اسالات ماء وتوزيع الماء وصرف صحي، بل يتحدث عن توزيع قناني مياه صالحة للشرب وتعقيم التناكر. وحين تتطلع الى وزارة البلديات والاشغال العامة ووزارة الموارد المالية المسؤولتين عن توفير ماء الشرب والصرف الصحي، ليس هنالك اية معلومات عن ما الذي ستقوم به هاتين الوزارتين لتامين الماء الصالح للشرب للناس؟ بل لا تسمع منهم نأمة عن موضوع الكوليرا. علما ان هذا يقع في صلب عمل ومسؤولية الدولة. ماهو شغل الدولة اذن وماهو عملها ان لم يكن بناء البنية التحتية، وبناء انابيب ماء وشبكات صرف صحي؟
عشر سنوات من الحكم، عادت فيه الكوليرا خلال هذه السنوات خمسة مرات، اي بمعدل كل سنتين يسقط ضحايا لهذا المرض القابل للعلاج. هل يجب ان يموت البشر لتتدخل الحكومة بالقيام باجراءات ترقيعية لعبور الازمة، ثم تنسى الامر، حتى تاتي الكوليرا مرة اخرى بعد عام او عامين؟ ام يجب ان توضع لها حلا جديا وجذريا ونهائيا.
ان لم يكن هنالك شيء على الاطلاق يكشف عجز وفشل هذه الحكومة، فان فشلها في توفير الماء، هذا المستلزم الذي يزينون فيه جدرانهم بكلمات "الماء هبة الله تعالى وسر الحياة" لهو حاسم على لا ضرورة ولا فائدة، بل ضرر هذه الحكومة على حياة الناس. هل قليلة السنين التي اشتكي فيها اهل البصرة من ملوحة الماء؟ هل قليل ماقالوا وماعادوا ان حيواناتهم اصيبت بالعمي من الماء المالح. انه عذاب دام لسنين على الرغم من الاتفاق مع اليابان لتحلية ماء البصرة.
الماء النظيف ليس سلعة: انه حاجة يجب تأمينها من قبل الدولة:
ان الماء ليس كالكهرباء او اي مطلب اخر. ان حاجة الانسان الى الماء لا تقل عن حاجته الى الهواء، بدونه الانسان يموت. شرب الماء الملوث ببكتريا الكوليرا ادى الى موت الناس، على امتداد العشر سنوات الاخيرة من حكم الاحزاب الشيعية، وهو يهدد حياة الناس الان.
تضطر الناس لشراء الماء من التناكر. ولكننا نعلم ان انتشار الكوليرا جاء بسبب تلوث مياه التناكر ببكتريا الكوليرا؟ وهل حاجة الانسان الى الماء خاضعة لقدرته الشرائية، اذا كان قادرا على الشراء ليشتري، ان لم يكن ليتناول الشاي بالحليب! وان تعذر على الناس الشراء، هل يمكن ان يستغنوا عنه؟ هل الماء يجب ان يكون سلعة للبيع والشراء؟ ماذا عن الاسر الفقيرة التي لا تستطيع الشراء؟ هل قليل الفقر في العراق؟ ان نسبة الناس الذين تعيش تحت خطر الفقر بلغت 25% حسب تصريحات الحكومة. فهل على هؤلاء الناس تدبر امر شراء الماء الصالح للشرب لان الحكومة ذات المليارات غير ابهة بموضوع شربهم للماء او اصابتهم بالكوليرا؟

ان توفير الماء هو مسؤولية الدولة. انهم كطبقة سياسية حاكمة عليها بناء البنية التحتية، عليها توفير الماء والكهرباء والمواصلات. ان الامر لايتعلق بمشكلة مالية ايجاد قرض بدفع أجل او انتظار دعم منظمات المجتمع المدني، انه قرار سياسي في المقام الاول. هل يشكل بناء البنية التحتية للمجتمع امرا يهم الدولة ام لا؟ ان الجواب على هذا السؤال يعكس ايديولوجية وفلسفة الطبقة السياسية الحاكمة. ان احزاب الاسلام الشيعي الحاكم في العراق والمكون من: حزب الدعوة، المجلس الاعلى، التيار الصدري والفضيلة، واولئك المنشقون عنهم. ليس لديهم برنامج خدمات من قبل الدولة للمجتمع. ليس لديهم برنامج اقتصادي ليجيب على حاجات الناس، وليس لديهم برنامج اجتماعي يضع مصلحة الملايين بالحسبان.
لذلك، ان حدث ان ادار الشباب ظهورهم، وغادرت الاسر مع اطفالها طلبا لحياة طبيعية امنة يتوفر فيها اولا وقبل كل شيء، الماء، يجب ان لا يلوموهم لائم.
ما ألعمل:
كما هو واضح ان التظاهر وحده لايكفي، كانت التظاهرات في الشارع، بينما الاطفال تقتلهم الكوليرا. يجب العمل من اجل فرض التغيير. ان كتابة هذه المقالة القصيرة تهدف الى فتح الموضوع وطرحه على طاولة السؤال والبحث والعمل. يجب العمل وايجاد رقابة شعبية على البنية التحتية من الاسفل، يجب مسائلة الحكومة عن وضع الماء واسالات الماء. ليس المطلوب كثيرا، تامين الكلورين لتعقيم المياه، وتامين وجود شبكات الصرف الصحي ووجود محطات تنقية الماء ووجود نظام إدارة نفايات متكامل وانابيب نقل المياه. ان الامر يتعلق بحياة البشر بشكل مباشر. ان الماء هو الحياة. بدون ماء ليست هنالك حياة. ان المواطنين الذي خرجوا وطالبوا بالخدمات، كانت تحركهم هذه الحاجات الاساسية التي اوصلت الناس ليس الى حافة الموت بل الى الموت نفسه.
ان هذه مهمة تنتظر من يقوم بها. من المؤكد ان هنالك حملات لحماية الانهار، ولكننا بحاجة الى حملة لحماية حياة البشر، بتأمين ماء كافي وماء نظيف.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شيعية ولا سنية.. دولة.. دولة مدنية
- حول العفوية والتنظيم
- دخول الميلشيات الشيعية الى ساحات الاحتجاجات ينقل التظاهرات ا ...
- من الربيع العربي الى الصيف العراقي، وايصال الجماهير الى تحقي ...
- وثيقة رمضان: واسطورة السلم المجتمعي
- نادية محمود - عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العر ...
- بمناسبة مرور عام على احتلال داعش: لنصعد النضال ضد كلا طرفي ا ...
- العلمانية ام الحرب الطائفية؟
- نضال عمال شركات الأسمنت في العراق ضد شركة لافارج
- عمال شركة سمنت كربلاء جبهة من صف عالمي!
- التظاهرات العمالية الاخيرة في العراق: حماية الصناعة الوطنية ...
- حجاب الاطفال الاجباري و-الخطاب الالهي- للمجاميع الشيعية
- الحرب في اليمن: دروس جديدة، قديمة!
- لحماية حياة النساء وحقوق المرأة يجب فصل الدين عن الدولة
- هجوم باريس.... وحرية التعبير بدون أي قيد وشرط!
- كلمة حول الزيارة الاربعينية: طقس ديني ام عمل سياسي صرف؟ (3)
- من زيارة الاربعين : هل ممارسة الطقس الديني امر ديني ام سياسي ...
- كلمة حول الزيارة الاربعينية: طقس ديني ام عمل سياسي صرف؟
- داعش، مشهد اجرامي جديد في مسرح الصراع -الشيعي- السني-!
- القانون الجعفري و استذكار - الشيوعية كفر و الحاد-!


المزيد.....




- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - الكوليرا والماء النقي وحلول الحكومة الشيعية