أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - الفلسفة بين سكون الليونة وعزم الصلابة














المزيد.....

الفلسفة بين سكون الليونة وعزم الصلابة


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 4932 - 2015 / 9 / 21 - 01:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" الفلسفة لها ما يكفي من بعد النظر لنبذ كل استعباد لتفكيرها"1

الفلسفة في عزلة، وهذا أمر لا يجادل حوله كثير. قد يتأتي ذلك من تجاهل النخبة المثقفة المتعلمة، وهذا مستغرب من رتبة اجتماعية مالكة ضرورة للحد الأدنى من التشريف للعقل والتحصيل للحقيقة، وقد تم تأييدها من طرف الجمهور، وهذه مسألة بديهية بعد العزل بوسائل الاتصال الحديثة عن المطالعة والنقد.تطرح عزلة الفلسفة مشكلة كبيرة وتدفع الفكر إلى البحث في الأسباب والمعالجات واستشراف المستقبل. ولقد تميز الفلاسفة منذ ظهورهم على وجه البسيطة بالليونة من جهة النظر والصلابة من جهة العمل. إذا كانت الليونة تفيد المرونة والحذر والحيطة والفطنة والانفتاح والسلم والتسامح والعفوية والتنازل والإقبال، فإن الصلابة تدل على الاستقامة والاستماتة والمثابرة والمكابدة والإرادة والثبات والصرامة والالتزام.
لا تتحدد ماهية الفلسفة انطلاقا من حضورها في المجتمع وتأثيرها على الناس وإنما تتغير وظيفتها إذا ما فقدت صلتها بالحقيقة وانقطعت حبال وصالها بالوجود وتعرضت إلى هرسلة قيمية في رواقها التشريعي.
لا تفكر الفلسفة في تحرير الإنسان من الواقع الخارجي ولا في غزو هذا الخارج والسيطرة عليه وإنما تؤثر تخليصه من الواقع الداخلي وترويض ملكاته وعناصره وبناء الهيكل المصون لحقيقته الوجودية.
لقد بدأت الفلسفة حينما سيطر العقل على المغالطات المنطقية واجتاح الفهم السليم ضبابية الآراء الرائجة وحلت أسئلة الحكمة مكان أجوبة المعتقدات وانتبه الوعي إلى صدمة الواقع ومكر التاريخ ودراما الحياة.
توجد الفلسفة في موقف صعب ، من جهة يطل منها الليونة درءا للتعصب والانغلاق والتحجر والتكلس والجمود والأحادية والتيبس ومن جهة ثانية تحتاج إلى الصرامة تفاديا للتذبذب والاستخفاف واللهو واللغو والثرثرة والنفاق والتعثر ولكن من مزالق الليونة أنها قد قادتها إلى التراخي والتقاعس والفراغ والميوعة ومن المآخذ على الصرامة أنها قد أخذتها إلى التحنيط والشكلانية والتعالي والنسقية والتجريد والتصلب. لا تقف التساؤلات الفلسفية عند نقطة معينة مهما كانت قيمتها ولا تتعلق بالوجود فحسب ولا بالحقيقة وحدها ولا ترتكز على أرض الذاتية فقط ولا تنشد سماء الحرية بمفردها وإنما تحترم قوانينها الخاصة وتبرر نفسها بنفسها وتفتك مشروعية وجودها من خلال معاركها اليومية ضد الرداءة والابتذال والحمق.
ترفض الفلسفة القرارات التي تصدر من الخارج بشأنها وتجمع بين سكون الليونة وعزم الصرامة وتتخذ بنفسها القرار الحاسم بمصيرها ولا تصغي سوى لصوتها المنبعث من خطابها المزلل وتيارها الجارف.
تملك الفلسفة حقيقتها الخاصة وتعترف بكونها لا تمتلك الرؤية الشاملة والنظرة الثاقبة في اتجاه الهدف النهائي وإنما تبحث باستمرار عن الطريق الهادي إلى الحق وتلجئ إلى النظر متوجهة دوما صوب الفكر.
قد تتعرض الفلسفة للاختفاء والتعمية والتشويه والمحاصرة والاستبعاد ولكن تميزها بالصرامة اللينة والليونة الصارمة يجعلها تتجلى من جديد وتفتح الكهوف المظلمة والمسالك التائهة وتترك الكائن يكون.
لا تكون الفلسفة لينة الى حد السيلان والذوبان والتلاشي والسهولة والبساطة والخفة التي لا تحتمل ولا تكون صلبة الى حد الانكسار والتشقق والتصدع والتفتت والتفكك والانهيار والتحطم والتدحرج والزوال. بل" في الصرامة اللينة والليونة الصارمة التي تميز تركها الكائن يكون بماهو كذلك في كليته ، تصير الفلسفة تساؤلا لا يمكن أن يتوقف عند الكائن وحده، ولكن كذلك لا يمكن أن تسمح بأي قرار يفرض ذاته من الخارج."2 فكيف تحدد ماهية الفلسفة انطلاقا من البدئية وبشكل أصلي باحترامها لقوانينها الخاصة؟
الإحالات:
[1] هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، ضمن كتابات أساسية ، الجزء الثاني، ترجمة اسماعيل مصدق، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، طبعة أولى، 2003، ص75.
[2] هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، مصدر مذكور، ص75.
المصدر:
هيدجر (مارتن)، في ماهية الحقيقة، ضمن كتابات أساسية ، الجزء الثاني، ترجمة إسماعيل مصدق، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، طبعة أولى، 2003،

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرية التربوية الكانطية والتأسيس البيداغوجي
- إلى أين تذهب الهرمينوطيقا في الثقافة الراهنة ؟
- علامات على التصور البوبري للفلسفة
- شذرات في الصميم
- التسوية وحرب المواقع والثورة السلبية عند أنطونيو غرامشي
- حال تدريس الفلسفة في العالم العربي
- باراديغم المحاكاة بين الواقعي والتراجيدي
- مفهوم الجميل بين المعطى الطبيعي والبعد الفني
- العدالة الإجرائية والمساواة الديمقراطية عند جون رولز
- المنعرج التداولي للفلسفة المعاصرة مع يورغن هابرماس
- أولانية دراسة الوضع البشري
- ميلاد الفنون الجميلة ودلالاتها
- المقاربة الفنومينولوجية للسياسي عند حنة أرندت
- تأرجح الكائن بين اللاوعي والوعي عند سغموند فرويد
- الإنسان المنتج عند كارل ماركس
- ماهو الفعل الإبداعي في الذوق الفني؟
- كيف يتحقق العيش المشترك في ظل التصادم بين الحضارات؟
- الفنان بين اتساع نطاق التسمية وتقلص رقعة المعنى
- ميديولوجيا الصورة وعرض جمالية الوجود
- الثورة والحشود والامبراطورية المضادة عند أنطونيو نيغري


المزيد.....




- ارتطمت ثم انفجرت.. لحظة اصطدام طائرة روسية بدون طيار بمبنى س ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لقصفه أهدافا إيرانية
- مصدر في قوات الأمن الإيرانية: إسرائيل سترى قريبا ورقة طهران ...
- ترامب: -على الجميع إخلاء طهران-
- ما الذي يجعل منشأة فوردو النووية في إيران عصية على الهجمات ا ...
- حرب إسرائيل وإيران.. هل أسقطت إيران طائرات -إف 35- إسرائيلية ...
- هل تشي تغريدات ترامب وتصريحاته بهجوم أمريكي وشيك على إيران؟ ...
- شركة -رافائيل- الإسرائيلية تهدد برفع دعوى ضد فرنسا بعد إغلاق ...
- قمعٌ وضربٌ واعتقالاتٌ وترحيل: الأمن المصري يحتجز نشطاء في -ا ...
- تقرير: مستوى مقلق جديد للحوادث المعادية للمسلمين في ألمانيا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - الفلسفة بين سكون الليونة وعزم الصلابة