أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعود سالم - الكلمات التي تقتل














المزيد.....

الكلمات التي تقتل


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 12:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


1 - بالتأكيد
هناك من الكلمات ما يقتل، مثل كلمة "حرية" أو "ديموقراطية" من حيث أن هذه الكلمات البسيطة والمكونة من عدة حروف بائسة تستعمل ذريعة للقتل والتدمير والإحتلال والإستيلاء على خبز الفقراء. بل نستطيع أن نصنف كلمة "ديموقراطية" كسلاح من "أسلحة الدمار الشامل" استعملته أمريكا وأوروبا لتدمير شعوب وحضارات بأكملها. فالكلمة البسيطة المكونة من عدة حروف يمكن أن تتحول إلى برنامج سياسي كامل وإيديولوجية معقدة واستراتيجية بعيدة المدى تساندها الجيوش والأساطيل وحاملات الطائرات، وتساندها أيضا العديد من المؤسسات العلمية ومراكز البحوث والجامعات المتخصصة في علوم السيطرة والتدميروالإحتلال. على سبيل المثال، توجد في كل الجيوش مؤسسات أو مكاتب خاصة تسمى مثلا بالدائرة المعنوية أو دائرة الحرب النفسية أو المكتب الإعلامي إلخ، من مهامها اختيار "الكلمات" المناسبة، وأسماء لعمليات القتل والتدمير التي يقومون بها. وهذه الأسماء تحمل عادة أهدافا دينية وسياسية، تعبر عن المعنى الذي تريد هذه الجيوش إعطاءه للعالم. فإسرائيل مثلا تعطي أسماء للعمليات العسكرية التي تقوم بها ضد الفلسطينيين من نوع "الجرف الصامد"، و"عودة الإخوة"، و"الرصاص المصبوب"، و"الشتاء الساخن"، و"السور الواقي" و"عمود السحاب"، وغيرها من عشرات المسميات التي دأبت إسرائيل على إطلاقها في السنوات القليلة الماضية على عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين وضد المقاومة الفلسطينية،. وبالمقابل نجد أن فصائل المقاومة الفلسطينية تستعمل نفس الإستراتيجية تماما وتعطي أسماء للعمليات العسكرية التي تقوم بها ردا على العدوان الإسرائيلي مستعملة نفس اللغة الشعرية الركيكة مثل "العصف المأكول"، "حجارة السجيل"، "البنيان المرصوص"، "ثقب في القلب"، "الوهم المتبدد"، ومن الواضح أن هذه الأمثلة تحمل أبعادا دينية وسياسية ومعنوية، مثلها مثل التسميات الإسرائيلية المستلهمة من نصوص في التوراة والميثولوجيا الدينية اليهودية. يبدو أنه قبل القيام بأية عملية عسكرية يتم البحث أولا عن الكلمات، داخل الثقافة العامة والتاريخ الوطني والبطولات السابقة والكتب الدينية عن اسم يناسب العملية، وإقناع أفراد الجيش بأنهم يقومون بمهام سماوية وإلهية مقدسة، مهام وطنية وتاريخية أو إنسانية. ولهذه التسميات أثر إيجابي حسب ما يعتقد ويأمل خبراء اللغة في نفسية الجندي الذي يذهب إلى الموت مرحا مغنيا مدفوعا بقوة هذه الكلمات، وأثر سلبي مأمول على الطرف الآخر ليشعر بالرعب والخوف ويفر هاربا تاركا سلاحه وعتاده. ففي مقابل القيم الدينية كالشهادة في سبيل الله وفي سبيل الوطن ولكن أيضا من أجل الجنة والثواب، والتي تعزز في الجندي المسلم القوة والحماس والصمود والرغبة في الموت من أجل الوطن أو الملك أو الجنرال، يلجأ القادة الغربيون إلى التاريخ والقيم الإنسانية العامة التي يدعون إمتلاكها وحق الدفاع عنها ونشرها في العالم بقوة السلاح، كالعدالة والحرية والديموقراطية والسلام وحقوق الإنسان. ومن أسماء العمليات الأمريكية : "مخلب النسر"، "اورانوس"، "درع الصحراء"، "عاصفة الصحراء"، "الحرية الدائمة"، "استعادة الأمل"، "الغاية"، "النسر"، "العقرب الإسبارطي"، "العزيمة الصلبة" "فجر الأوديسة" والعديد من مثل هذه الأسماء الشعرية اأطلقتها أيضا فرنسا وبريطانيا وبقية دول "السلام والعدل والحرية" على عملياتها العسكرية - الإنسانية.
2 - ولكن
لا شك أننا نبالغ في إعطاء الكلمات هذا الدور المهم إلى هذه الدرجة، فالكلمات وحدها لا يمكن أن تقود إلى النصر، ويمكننا أن نصرخ ليلا ونهارا لمدة قرن كامل بأننا أنتصرنا على العدو وسحقناه ومزقنا خطوطه الدفاعية، فإن ذلك لن ينفع شيئا ولن يجعل العدو يتقهقر شبرا واحدا من مواقعه إذا لم نطلق الرصاصة الأولى. الكلمات وحدها "في ذاتها" مجرد علامات نملية بائسة على الورق أو على الشاشة، أو مجرد أصوات حيوانية مبهمة تنتشر في الفضاء الشاسع مثل صوت الريح وأمواج البحر. الكلمة لكي تصبح عاملا يؤثر في الاشياء، لا بد لها أن تتشيأ بدورها وتعود إلى ما تشير إليه. فكلمة "رصاصة" لن تقتل عدوك، كما أن كلمة "خبز" لن تشبع الجائع، وكلمة "مفتاح" لن تفتح باب زنزانتك في سجن الجنرال، كما أن كلمة "كلب" لا تنبح ولا تعض ولا تطارد القطط. الفعل وحده قادر على تغيير الواقع، والفعل وحده قادر على تحويل الكلمة إلى خبز أو زهرة أو رصاصة.
3 - الرصاصة
ليست الرصاصة التي تقتل أو تسبب الموت، وإنما الحفرة التي تتركها في الصدر.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الذباب والذئاب والندم
- رسالة إلى من يهمه الأمر .. خذوا آلهتكم ومدرعاتكم وغادروا
- حدود العقل .. 13 - الموت
- حدود العقل .. 12 - الفن
- حدود العقل .. 11 - العقل المنفصم
- حدود العقل .. 10 - العقل الإنتحاري
- حدود العقل .. 9 - الحلقة المفرغة
- حدود العقل .. 8 - العقل الغيبي الأوروبي
- حدود العقل .. 7 - العقل الغيبي
- المختصر في أخبار الكابوس الليبي
- حدود العقل .. 5 - الإيمان
- حدود العقل .. 5 - اللغة
- المختصر المفيد في أخبار ليبيا
- حدود العقل .. 4 - الحجر
- حدود العقل .. 3 - السيبورج
- خرائب الوعي .. 27 - لماذا هناك أي شيء؟
- حدود العقل .. 2 - الجسد
- جدلية السيد والعبد
- حدود العقل .. 1 - الإنسان
- الإنسان حيوان قاتل - حل الجيوش هو الحل


المزيد.....




- منها شطيرة -الفتى الفقير-..6 شطائر شهية يجب عليك تجربتها
- ترامب يرد على أنباء بدء محادثات سلام مع إيران ويؤكد: نريد -ن ...
- في حالة الحرب.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟
- هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها بـ 149 هدفاً مقابل ل ...
- خامس يوم في معركة كسر العظم بين إسرائيل وإيران وواشنطن تدخل ...
- أوروبا الشرقية تستعد للأسوأ: مستشفيات تحت الأرض وتدريبات شام ...
- طهران وتل أبيب تحت القصف مجددا ـ وترامب يطالب إيران بـ-الرضو ...
- هل حقا إيران قريبة من امتلاك القنبلة نووية؟
- ارتفاع عدد الضحايا.. هجوم إسرائيلي دام على منتظري المساعدات ...
- كاتس يحذر خامنئي: تذكر مصير الدكتاتور في الدولة المجاورة!


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعود سالم - الكلمات التي تقتل