|
لماذا يستقيل الشباب من اقليم كوردستان ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4926 - 2015 / 9 / 15 - 16:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
نسمع و نرى يوميا هجرة عشرات الالاف من شباب اقليم كوردستان شبه المستقل الى اوربا و الذي لم نكن نتصورحدوثها في هذا الوقت، و بشكل يختلف كليا عن الهجرات السابقة من حيث الاسباب و العوامل و الطريقة و الادعاءات الحقيقية التي يتخذونها حجة في عملية الهجرة، مع ما يعتنقون من الفكرة و النظرة الى كوردستان و كيف تغيروا، و عدم اهتمامهم بما يخلفون من الذكريات، و كيف يريدون الاقتلاع جذريا غاضبين حانقين، يعلنونها جاهرا و هم يلعنون وطنهم الذي استحقرته السلطة الفاسدة في كوردستان امام اعينهم و في قلوبهم . السلطة فرحت كثيرا وانتشت من اتاحة الفرصة لهجرة الشباب الغاضبة، من اجل عدم حدوث احتجاجات، واستمرارهم في ادارة الشعب الكوردستاني كالقطيع و هم يرضخون لكل ما تفعله بهم من كافة الجوانب السياسية الاقتصادية، ومن كم الافواه و الغدر و الاغتيالات و عدم توفر الخدمات الضرورية الاساسية لابسط حياة ارتضى به هذا الشعب المضحي، و لكن هذه السلطة لم توفر حتى اقل نسبة من ضرورات الحياة و نحن في القرن الواحد و العشرين، لا بل تراجعت الحال على حتى ما كانت عليه قبل سنين . الهجرة الجديدة تحتلف عن سابقاتها في كثير من الجوانب : 1- انهم غضبوا و ملوا و ضاقت بهم الحياة ذرعا نتيجة انعدام كل ما يحلمون به ولو بنسبة قليلة جدا . 2- وجود وسائل العيش السليم والسعيد نتيجة التجارة الحرة و استيراد ما يبرز و يصنع في وقته، و لكن دون ان يتمكن الشاب ان ينالها او تصل يده اليها بسهولة، اي و هم يبصرون و ينظرون الى اسباب سعادتهم المادية و لم يحصلوا عليها ولو بنسبة صغيرة مع عدم توفر الوسائل المعنوية ايضا . 3- البطالة و عدم المام السلطة بحياة الشباب العامة و الخاصة، مع وجود حرية مزيفة اي بامكان ان تسمع السلطة لما يُقال و لكن دون تحرك من اجل الحلول، اي يطبقون قانون( اسمع و اهمل ) . 4- وجود الفروقات الشاسعة بين معيشة الشباب من عامة الشعب البسطاء مع نظرائهم من ابناء المسؤلين و الاثرياء الجدد الذي اغنوا على حساب عموم الشعب ، و هم يلقون يوميا ما يقوم به هؤلاء من الافعال الفضيحة المخلة لكل القيم و السمات التي يتمتع بها الشعب الكوردي . 5- في وجود كل تلك الطاقات المشعة في كيان الشباب و حيويتهم و هم يتعرضون للكبت و يلمسون ما يضر بهم نفسيا و حياتيا بشكل عام، من تلمسهم الفساد المستشري و الفروقات الطبقية المعيشية في ظل اللاعدالة لحكومة الاحزاب الضيقة الافق . 6- الملل المسيطر على حياة الشباب و عدم لمسهم لاي حراك ثقافي اقتصادي سياسي مؤدي الى التطور، لا بل يتلقون عوامل التخلف و التراجع يوميا في ظل الصراعات المخزية للاحزاب التي تقع على حساب الشباب و مستقبلهم قبل اي احد اخر . 7- عدم توفر فرص مشاركتهم بشكل فعلي و عملي في العمل السياسي، و ما يدعيه البعض عكس ذلك ليس الا ادعاء شكلي او مظهري و ليس مشاركة الشباب فعليا، اي، استخدام نسبة قليلة من الشباب من اجل الادعاءات الحزبية الفارغة من جانب ايمانهم بعمل الشباب و استغلال طاقاتهم، و لكنهم يستغلونهم من اجل اهداف حزبية و سياسية ضيقة لا يفيدون بها الا الحراس القدماء الذي يبيعون ما ادقموا عليه اثناء الثورة لاسباب مختلفة و ليس جميعها ثورية او نضال او من اجل تحرر الشعب . اننا هنا يجب ان نعلن بوضوح و كما نراهبشكل صريح، ان الهجرة الحالية لشباب كوردستان ليس فرارا او هربا من نظام دكتاتوري فاسد و فاشل فحسب، بل انهم يستقيلون فكرا و كيانا و انتماءا من وطنهم و يقلعون جذريا من مكان مولدهم و كثير منهم يدعون؛ بانه لا يربطهم بالوطن الا حذائهم . اي ان كان هرب الشباب في عهد الدكتاتورية هو هربا منها و لم ينقطعوا روحا و انتماءا و عقلا من وطنهم، فاليوم يتئصلون بكيانهم و ما يمتلكون جسديا و عقليا و فكريا من، وطنهم يلعنون ما عاشوه فيه و ربما يعادونه مستقبلا بكل ما يؤمنون به من الوسائل المتاحة لديهم . و هذا صلب المشكلة التي يجب ان تعلمها السلطة و القيادة الكوردستانية التي تتناطح مع بعضها لمصالح شخصية بحتة دون التفات الى اي شيء يحدث في الوطن، لا تمت ما هم قائمون به اليوم بالشباب و مستقبلهم بصلة تُذكر، و الشباب اليوم عند فرارهم من كوردستان يعتقدون بانهم انقذوا انفسهم من الجحيم وطنا و حكما و احزابا و من كل ما يمس الحياة فيه، و ما عانوه طوال هذه الفترة التي اعتقد الكثيرون حصول عكس ما يجري اليوم، و توقعوا الحرية والرفاه و السعادة و النعيم من ما بعد الخلاص من اعتى دكتاتورية، و لكنهم تلاقوا مع العكس تماما. اي الهجرة الحالية هي الخلاص و الاستقالة من الوطن و بكل ما فيه و ما لهم عليه .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجماعات الاسلامية في كوردستان حائرة بين الحس القومي و الفلس
...
-
لازال اردوغان ساريا على عقليته و توجهاته
-
الاحتجاجات تكشف معادن المثقفين العراقيين
-
لماذا اوصلوا الثورة في كوردستان الى هذه الحال
-
الشعب هو الذي انفرد به ام هو الذي انفرد بالشعب ؟
-
الوضع في كوردستان بحاجة الى احتجاجات عارمة
-
لن تعيد روسيا تجربة افغانستان و لكن !
-
كشف بوتن ما وراء قضية سوريا الدموية
-
على اي اساس تُدارعلاقة اقليم كوردستان مع دول الاقليم
-
ايُعقل ان يكون رئيسا سرمديا لاقليم كوردستان
-
دول داخل دولة
-
انتبهوا من سوء استفادة البعض من التظاهرات
-
ريحانة تناديك يا آلآن
-
هل تتمكن فرق الموت من اخماد التظاهرات ؟
-
مشكلة العراقيين هي تعدد السلطات الخارجية و الداخلية المتنفذة
...
-
المثقفون و الصراع بدلا من الحوار؟
-
العراقيون يعون حقيقة الامر ولكن !
-
دور الاحزاب الصغيرة المحرج في ازمة اقليم كوردستان
-
الاحزاب الكوردستانية يقررون ان لا يقرروا
-
غرفة عمليات لتوحيد الشعارات
المزيد.....
-
بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير
...
-
الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي
...
-
السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن
...
-
التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد
...
-
-السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل
...
-
البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
-
بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب
...
-
هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
-
تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
-
إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد
...
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|