أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - بصمة حقوق الإنسان















المزيد.....

بصمة حقوق الإنسان


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4913 - 2015 / 9 / 2 - 16:53
المحور: حقوق الانسان
    



هل هناك بصمة خاصة بحقوق الإنسان يُعرف بها الناشطون الحقيقيون عن المزيفين في ظل اختلاط الأوراق والتداخلات وانقلاب المواقف؟ أم أصبح من الصعب معرفة الغثّ من السمين، خصوصاً وإن الجميع بمن فيهم بعض الحكام المستبدين والسياسيين المرتكبين ورجال مارسوا القمع، أصبحوا بين عشيّة وضحاها من أنصار حقوق الإنسان ومن المدافعين " الأشدّاء" عنها، ويلهثون وراء كل كبيرة وصغيرة لتأكيد انتمائهم إليها ؟ أليس في ذلك مفارقة مثيرة للجدل وتحتاج إلى وقفة جدّية للمراجعة، سواء على المستوى العالمي، فضلاً عن امتداداتها على المستوى الإقليمي، العربي والوطني؟.
حين تأسست منظمة العفو الدولية في العام 1961، من جانب المحامي البريطاني بيتر بينسن أخذت على عاتقها الدفاع عن سجناء الرأي، إضافة إلى معارضتها التعذيب وعقوبة الإعدام، وكان ذلك في إطار توجّه جديد للصراع الآيديولوجي، بين النظامين الاشتراكي والرأسمالي آنذاك، في ظل الحرب الباردة، حيث سعى كل فريق للترويج لأفكاره وقيمه ومفاهيمه وللدفاع عن مصالحه في ماراثون محموم، ضد عدوّه في المجالات كافة، لاسيّما في حقل الحقوق والحريات والقوانين الناظمة والتطوّر الاجتماعي.
في بداية الأمر جرى التشكيك بالمنظمة وأهدافها، واعتبرتها البلدان الاشتراكية صناعة غربية لمواجهتها، خصوصاً وإن الحالات التي تابعتها في بدايات الأمر انصبّت في قسم غير قليل منها على أوروبا الشرقية، في حين أن الغرب اعتبرها وسيلة من وسائل الصراع ضد أنظمة مغلقة، ومن جانب جماعات "مستقلة" باسم حقوق الإنسان، لكنها ستفيد وستخدم مجريات صراعها ضد عدوها!.
لم يكن أحد يتوقع بالطبع أن تتطور حركة حقوق الإنسان على المستوى العالمي، وأن تشكّل قوة ضغط كبرى كما حصل لاحقاً منذ الثمانينيات، لدرجة أصبحت قوى شعبية ومعارضة، تستعين بتقاريرها لمواجهة حكوماتها، في حين أخذت الحكومات تتكتّم أكثر على ممارساتها، خشية وصول المعلومات إليها، وشكّلت هذه الضغوط بالتدريج قوة احتجاج في البداية، ثم تحوّلت لتصبح قوة اقتراح أيضاً، بحيث تدسّ أنفها في القوانين والخطط والبرامج التنموية وفي جميع المجالات.
صحيح إن بعض المنظمات سبقت تأسيس منظمة العفو الدولية، مثل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان Fidh التي تأسست في باريس العام 1922، لكن تأثيرات تلك الفترة كانت محدودة، فضلاً عن إن شعبية فكرة حقوق الإنسان لم تكن رائجة، بل إن حكومات وجهات سياسية مختلفة كانت تشكّك بها وبجدواها، وتعتبرها تدخلاً بالشؤون الداخلية، ومساساً بالسيادة الوطنية، لكن رصيد الفكرة اتّسع على نحو كبير بعد الحرب العالمية الثانية والمآسي التي شهدها العالم ، الأمر الذي أوجب على واضعي ميثاق الأمم المتحدة العام 1945 الإقرار بها وإدراجها فيه، حيث وردت الإشارة إليه سبع مرّات، سواء في الديباجة أو المادة الأولى أو في المادة 55 وغيرها.
لكن مبادئ حقوق الإنسان لم تصبح آمرة وملزمة ومستقلة إلاّ بعد فترة ليست بالقصيرة، وذلك حين تبلورت باتفاقيات شارعة، أي منشئة لقواعد جديدة أو مثبتة لها، وحتى بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "الإعلان العميم" في 10 ديسمبر/كانون الأول العام 1948، فإنه كان أقرب إلى توصية منه إلى اتفاقية ملزمة، والسبب يعود إلى الصراع بين الشرق والغرب، إلاّ أن الأمور تطوّرت بعد صدور عهدين دوليين في العام 1966 من الأمم المتحدة، أحدهما خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والثاني بالحقوق المدنية والسياسية، وقد دخلا حيّز التنفيذ في العام 1976.
وكان لانعقاد مؤتمر هلسنكي حول الأمن والتعاون الأوروبي في العام 1975 دوراً كبيراً في أن تصبح مبادئ حقوق الإنسان أحد مبادئ القانون الدولي الآمرة الملزمة (Jus Cogens)، لاسيّما بحضور 33 دولة أوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا ، وبالتدريج أصبحت تحظى بعلوية، حيث شكّلت أساساً مهماً من أسس القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، خصوصاً وقد ترافق ذلك مع إبرام نحو 100 اتفاقية دولية تعنى بحقوق الإنسان، في مجال مكافحة التعذيب وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق اللاجئين والحق في المشاركة السياسية وعدم التمييز، إضافة إلى الحق في العمل والصحة والتعليم والراحة والضمان الاجتماعي والتمتّع بمنجزات الثقافة، وتطوّرت هذه الحقوق لتشمل الحق في السلام والحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة والحق في التمتّع بمنجزات الثورة العلمية- التقنية، وبالطبع فإن هذه الحقوق جميعها، تأتي بعد حق الحياة الذي هو حق سامي، لا يمكن الحديث عن الحقوق الأخرى، دون تأمينه.
صحيح إن تأسيس منظمة العفو الدولية في الستينيات ومنظمات حقوقية أخرى في السبعينات، مثل هلسنكي ووتش (مرصد هلسنكي) التي تحوّلت إلى هيومن رايتس ووتش (منظمة مراقبة حقوق الإنسان) في العام 1978 ، أثار نوعاً من التحفّظات إن لم نقل الشكوك حول وظيفتها، لكن الأداء المهني لهذه المنظمات بشكل عام، بدّد بعضها، إلاّ أنه لم يلغِها كلياً، خصوصاً نشأتها الملتبسة، حيث تأسست منظمة العفو الدولية بدعم بريطاني، حتى وإن كان بعضه غير مباشر، لكنها سرعان ما ضمّت أكثر من 3 مليون عضو في أصقاع العالم المختلفة، وقامت بأدوار إيجابية مهمة في الدفاع عن حقوق الإنسان.
وكذا الحال فإن منظمة مراقبة حقوق الإنسان تأسست بعد حصولها على هبة من مؤسسة فورد التي كان يرأسها ماك جورج باندي، الذي يعتبر أحد أبرز الناشطين للحرب على فيتنام، وعمل الرجل مستشاراً للرئيس جون كينيدي وبعد اغتيال الأخير في العام 1963 عمل مستشاراً للرئيس ليندون جونسون (أي من العام 1961 ولغاية العام 1966).
ليست ظروف النشأة وحدها هي التي أثارت بعض التحفظات، لكن بعض المواقف غير المبرّرة حقوقياً كانت وراء ذلك، فكيف تستقيم الدعوة إلى استخدام القوة العسكرية مع منظومة حقوق الإنسان؟ الأمر الذي وضع أكثر من علامة استفهام على بعض مواقفها، سواءً، بخصوص غزو العراق وقبل ذلك غزو أفغانستان، إضافة إلى عدم مهنية بعض المواقف بخصوص الممارسات "الإسرائيلية" العنصرية، والعدوان المتكرر على غزة والحرب على لبنان في العام 2006.
والغريب إن منظمات مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وهي أكبر ثلاث منظمات عالمية، كانت قد امتنعت عن إدانة انتهاكات "إسرائيل" العنصرية في العام 2001، عند انعقاد مؤتمر ديربن، (جنوب أفريقيا)، مخالفة بذلك نحو ثلاثة آلاف منظمة حقوقية ندّدت بالممارسات "الإسرائيلية" واعتبرتها عنصرية، واكتفت بانتقاد الممارسات "الإسرائيلية" وعلى الدرجة نفسها تقريباً انتقدت الجماعات الفلسطينية المسلّحة، وهو أمرٌ دفع بالكاتب إلى كتابة رسالة عتب مملّحة في حينها إلى منظمة العفو الدولية، وقام بنشرها، مثلما انتقد مواقف منظمة مراقبة حقوق الإنسان التي نشرت تقريرها المندّد بالجماعات الفلسطينية المسلحة خلال العدوان "الإسرائيلي" على غزّة.
كيف لمنظمة مثل هيومن رايتس ووتش أن تؤيد استخدام القوة العسكرية، بخصوص ليبيا، حيث أيّدت قرار الأمم المتحدة رقم 1973 لسنة 2011 الذي أجاز استخدام القوة العسكرية، مثلما فعلت منظمة العفو الدولية بشأن تأييدها استخدام العمليات العسكرية ضد أفغانستان، وتبرّر هذه المنظمات وبعض الناشطين الحرب، بزعم الإتيان بـ "أنظمة أكثر إنسانية" وتقول: إن الهدف ليست الحرب، بل يمكن استخدامها لأهداف "شرعية".
وللأسف فإن بعض الناشطين العرب يبرر مثل هذا التوجه حين يلوم الجماعات الفلسطينية المسلّحة ويضعها في كفّة ميزان واحد مع "إسرائيل"، وذلك للتظاهر بالموضوعية والحيادية، والواقع، فإن بعض هؤلاء إمّا أن يكون له أهدافه في تسويق الخطاب "الغربي" وتودّداً له، أو يريد إخفاء جزءًا من الماضي الارتكابي، بزعم حيادية وموضوعية زائفة ، ولا فرق في ذلك، سواءً كان في السلطة أو في المعارضة، وبعضهم الآخر ى يخفي ممالئته لتلك الجهات بهدف الحصول على التمويل الخارجي، أو لجهل وعدم معرفة بجوهر حقوق الإنسان التي لا تؤمن بالعنف ولا تزدهر إلاّ بالسلم ولا مكان للانتقام أو الثأر أو الكيدية في قاموسها، وإن دعت إلى عدم الإفلات من العقاب، إلاّ أنها لا تستعين إلاّ بقوة القانون، لأنها ليست طرفاً في الصراع الآيديولوجي والسياسي وإن كانت تميّز بين الضحية والجلاد.
لم تدرك بعض هذه المنظمات أو بعض الناشطين الذين ينساقون وراء فكرة من هذا النوع، خطورة مواقفهم المزدوجة، فضلاً عن الانتقائية في السلوك والتصرّف، أو أنهم لا يريدون أن يدركوا ذلك للأسباب التي ذكرناها بما يلحق الضرر البليغ بالفكرة النبيلة عن حقوق الإنسان، لاسيّما إزاء القضايا والحقوق العربية والإسلامية، وخصوصاً للفظائع البشرية التي ارتكبت خلال الحروب والحصارات والتدخّلات العسكرية والعنف الفتاك الذي استخدم ضد شعوب بكاملها تحت عناوين زائفة من المبادئ الأخلاقية والإنسانية والحقوقية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد والحوكمة والتنمية
- تظاهرات العراق: من أين لك هذا؟
- فن الضحك والسخرية في أدب أبو كَاطع
- رصاصة الفراشة وصورة «إسرائيل»
- الديموغرافيا والجيوبوليتكا.. «المعجزة اليهودية الثانية»
- موسم استحقاقات العدالة.. ماذا بعد محاكمة حبري؟
- قانون التمييز والكراهية.. رسائل إلى العالم
- قتل المسلمين.. مسألة فيها نظر
- ماذا بعد ال«لا» اليونانية؟
- «النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟
- الثقافة واليسار والتبديد
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 16
- السياسة .. الوجه الآخر للحرب
- داعش وخطر تفكيك العراق
- سوراقيا مشروع خلاص مشرقي – فكر
- داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!
- متى يُهزم داعش وكيف؟
- قالوا.. نظام إقليمي عربي
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 15
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14


المزيد.....




- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - بصمة حقوق الإنسان