أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مشعل يسار - حقائق تفضح الكذب















المزيد.....


حقائق تفضح الكذب


مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)


الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 17:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نظرا لأهمية وراهنية مقالة الكاتب الروسي المناهض للستالينية سابقاً أوليغ آرين والتي كانت قد نشرت في جريدة "زافترا" القومية اليسارية الروسية في عددها رقم 52 (840) الصادر في 23 ديسمبر/كانون الأول عام 2009 تحت عنوان: حقائق تفضح الكذب، أقدم ترجمة لها لتكون في متناول القارئ العربي. والقارئ العربي، لا سيما الكثير من المثقفين اليساريين والشيوعيين، واقع هو أيضا تحت تأثير الدعاية ابرجوازية الغربية في ما يتعلق بالموقف من ستالين، رجل الدولة العظيم هذا، والقائد البروليتاري قبل أي شيء آخر، الذي واجه مهمة من أصعب المهمات في النصف الأول من القرن العشرين، هي تثبيت الاشتراكية كنظام جديد للبشرية ينقلها من جحيم الرأسمالية المبنية أصلا على الظلم والاستغلال إلى رحاب التقدم الاجتماعي المنسجم. والجرح الأخطر الذي فتحه مزورو التاريخ هو تلك المرحلة الأخطر من حياة الدولة الاشتراكية السوفياتية، مرحلة مواجهتها المواجهة الحاسمة من قبل الراسمالية العالمية بواسطة وليدتها الفاشية.

حقائق تفضح الكذب
بقلم أوليغ آرين
كان موقفي من ستالين دائما موقفا سلبيا، خصوصا بعد قراءتي كتب سولجينتسين. وحين كنت أجول بانتظام في أرجاء روسيا لألقي محاضرات كنت أستمع بسخط إلى أسئلة من مثل: متى يرد الاعتبار أخيراً إلى ستالين؟ ولم يكن ليطرح هذا السؤال فقط من هم من كبار السن الذي عاشوا الحرب الأخيرة، الحرب العالمية الثانية، ولكن أيضا الكثير من الناس ممن هم في سني، أي الذين ولدوا بعد الحرب. في ذلك الوقت لم أكن أفهمهم، فأقول في نفسي: "كيف هذا، فلكم من الناس قتلوا، ولكم من الاخطاء ارتُكب ...".
بدأ موقفي من ستالين يتغير فقط في كندا، بعد قراءتي كتباً تتحدث عن فترة ستالين، وكانت قد كتبت بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي. لم أكن من قبل أتصور إلى أي مدى من الممكن تزوير التاريخ. فمعظم الكتب "العلمية" كان يصور ستالين رجلا أبله تقريبا، بينما هو يبرز الساسة الغربيين في المقابل كاستراتيجيين وتكتيكيين عظام.
بعد قراءة كل هذه الثرثرات غير المفهومة كان لقائي بكتاب لودو مارتينز "نظرة أخرى إلى ستالين" الذي قلب موقفي من "أبي الشعوب" بزاوية 180 درجة، رأساً على عقب. نعم، مؤلف الكتاب هو رئيس حزب العمال البلجيكي، أي شخص يساري الهوى. ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا واقع أنْ حتى قادةُ العديد من الأحزاب اليسارية الغربية، وحتى تلك التي تسمي نفسها شيوعية، يتجنبون التطرق إلى موضوع ستالين لكيلا يخيفوا "ناخبيهم" المخدوعين من قبل الدعاية البرجوازية. أما لودو مارتنز فلا يخاف هذا لأنه كان مهتما بمعرفة وقول الحقيقة عن ستالين. ولقد كان من السهل علي أن أتحقق من الاستشهادات والأرقام التي استخدمها. فلم أجد أي تزوير هناك. وعلاوة على ذلك، كان بوسعي العثور على تقييمات ووقائع مماثلة في أعمال مؤلفين آخرين، لم يرد ذكرها في كتاب مارتنز. وأخيرا، لكل امرئ، كما آمل وأعتقد، رأس ليفكر ويزين الأمور ويمتلك القدرة على التمييز بين الحقيقة والدعاية الطائشة. على سبيل المثال، ألف بروفسوران اثنان هما ميخائيل هيلر وألكسندر نكريتش ذات مرة كتاباً تحت عنوان "اليوتوبيا في السلطة. تاريخ الاتحاد السوفياتي من عام 1917 الى يومنا الحاضر". وقد جاء فيه: "تقول التقديرات إن 8 ملايين من المواطنين السوفيات، أو 9٪-;- من مجموع السكان البالغين، كانوا في عام 1939 في معسكرات الاعتقال". وجاء في الحاشية "التصويب" الآتي: "يقدر عدد المعتقلين في معسكرات العمل السوفياتية في عام 1939 ما بين 8 ملايين و17 مليون شخص. وقد اتخذنا رقماً منخفضاً، وربما منخفضاً جدا، ولكنه على الرغم من هذا، يبقى رقماً بليغاً". ومع وفرة المصادر المختلفة على أنواعها، لم أعثر على مصدر يورد هذا الرقم. فلم يقل المؤلفان من أين أخذا هذا الرقم وعلى أي تقديرات بنياه. وبطبيعة الحال، لا يمكن الوثوق بمؤلفي هذا الكتاب. فكل همهما هو فقط استدرار المال بفضل معاداتهما للشيوعية. وبفضل هذا العداء هما يعيشان. أما مارتنز فمن غير المرجح أن يكون كتابه قد جلب له قرشاً واحداً، لأن الغرب يحظر بيعه و"سحبه" كان ممكنا (في عام 1995) فقط من الإنترنت.
أنا توقفت تفصيلا عند موضوع المصادر لا لأنني كنت أريد أن أكتب الكثير عن ستالين. ولكن لأجل ألا يقع القارئ العديم الخبرة في أسار سحر الأرقام المنشورة، على وجه الخصوص، عن فترة ستالين، لأن الكثير منها ما هو إلا هراء أيديولوجي وكذب فاضح.

تجميع المزارع
القارئ الروسي على دراية بحقبة إشاعة العمل الجماعي في الزراعة من خلال الكتب المدرسية وغيرها من الكتب، ولكني أريد أن أذكركم في بضع كلمات ما الذي "جاء على رأس" ستالين ليبدأ العمل الجماعي في الزراعة.
لقد أملت الحاجة لذلك سواء العوامل الخارجية والداخلية، وبين الأخيرة لعب دورا هائلا ليس فقط الجانب الاجتماعي (احتدام الصراع الطبقي في الريف)، ولكن أيضا الجانب الاقتصادي المحض. فعلى الرغم من أن حجم المنتجات الزراعية وصل خلال فترة السياسة الاقتصادية الجديدة أعوام 1922-1926 إلى مستوى ما قبل الثورة، كان الوضع العام محبطاً للغاية. فبنتيجة عفوية نشوء السوق الحرة تحول 7٪-;- من المزارعين (2,7 مليون من أبناء الشعب) مرة أخرى إلى فئة اجتماعية بلا أرض. وفي عام 1927، كان 27 مليوناً من الفلاحين بدون حصان. وعموما، باتت نسبة 35٪-;- تنتمي إلى فئة الفلاحين الأشد فقراً. وكان الجزء الأكبر من الفلاحين أي المتوسطو الحال (حوالي 51-53٪-;-) يملك أدوات عمل عتيقة جداً. وتراوح بين 5-7٪-;- عدد الفلاحين الأغنياء أي ما يسمى بالروسية الكولاك ("القبضة"). هؤلاء الكولاك كانوا "يقبضون" على نحو 20٪-;- من سوق الحبوب. ووفقا لمعطيات أخرى، كانت الطبقة العليا من الكولاك والفلاحين المتوسطي الحال (حوالي 10-11٪-;- من السكان الفلاحين) في 1927-1928 تسيطر على نسبة 56٪-;- من مبيعات المنتجات الزراعية. ونتيجة لذلك، ترتب في عام 1928 وعام 1929 مرة أخرى تقنين الخبز، ثم تلاه تقنين السكر والشاي واللحوم. وفي الفترة الواقعة ما بين 1 أكتوبر عام 1927 وعام 1929 ارتفعت أسعار المنتجات الزراعية بنسبة 25.9٪-;-، وارتفعت أسعار الحبوب في السوق الحرة بنسبة 289٪-;-". وبالتالي بدأت قبضة الكولاك تقرر كل الحياة الاقتصادية في البلاد.
الصحافة "الديمقراطية" المعاصرة في روسيا تكتب في حديثها عن الكولاك كأفضل جزء من الفلاحين الروس. ولكن البروفسور إميل ديلون (Emile Joseph Dillon) مراسل الديلي تلغراف الذي عاش بضعة عقود في روسيا ما بين عامي 1887 و1914 قدم وجهة نظر مختلفة عنهم. فهو كتب ما يلي: "من بين كل الوحوش البشرية التي التقيت في أي وقت من الأوقات في أثناء أسفاري (في أرجاء روسيا)، أنا لا أذكر من هو أكثر شراسة وإثارة للاشمئزاز من الكولاك".
وبطبيعة الحال، ما إن بدأ إنشاء المزارع الجماعية حتى بدأت محاربة فئة الكولاك التي قدرتها الصحافة المناهضة لستالين بأنها "إبادة جماعية" ضد الكولاك و"المزارعين الجيدين". فذكر روبرت كونكويست في أعماله أن عدد الضحايا بين الفلاحين الأغنياء بلغ 6,5 ملايين شخص من الكولاك قضي عليهم إبان إنشاء مزارع العمل الجماعي، و3,5 ملايين لقوا حتفهم في معسكرات سيبيريا.
العديد من المؤرخين، بما في ذلك العالم الألماني ستيفان ميرل، كشف في أعماله تزوير كونكويست الذي كان "مصدره" دوائر المهاجرين الذين اعتمد عليهم هذا الأيديولوجي الأنجلو أمريكي. ولكن بعد رفع السرية عن أرشيف معسكرات العمل (الـ"غولاغ") نشرت إحصاءات حقيقية لـ"ضحايا الستالينية"، بما في ذلك ما يتعلق منها بالكولاك. وها هو مارتنز، في اشارة الى نيكولاس وِرث Nicolas Werth وفيكتور زمسكوف Victor Zemskov، وآرك غيتي J. Arch Getty وغابور ريترسبورن Gabor T. Rittersporn وآخرين، يورد الأرقام التالية. لقد اتضح أن الفترة الأكثر عنفا في حملة طرد الفلاحين الأغنياء (الكولاك) من حيازاتهم، أي خلال عامي 1930-1931، شهدت مصادرة ممتلكات (أصول) 381,026 شخصاً من الفلاحين الكولاك، تم ترحيلهم مع أسرهم (وبهذا يصبح العدد 1,803,392 شخصا) إلى الشرق (أي إلى سيبيريا) . وصل منهم 1,317,022 شخصاً إلى أماكن الاستيطان الجديدة مع حلول 1 يناير 1932. فقد فر 486،000 شخص وهم في الطريق إلى هناك. وهذا بدلا من الـ6,5 ملايين التي تحدث عنها كونكويست.
أما بالنسبة للـ"3,5 ملايين الذين توفوا في مخيمات الاعتقال" فإن إجمالي عدد المطرودين لم يتجاوز أبدا الرقم 1,317,022. وعلاوة على ذلك، فاق عدد الذين غادروا المخيم في عامي 1932 و 1935 عدد الوافدين بمقدار 299,389 شخصاً. وابتداء من عام 1932 وحتى نهاية عام 1940 كان العدد الدقيق لحالات الوفاة لأسباب طبيعية يساوي 389,521 شخصاً. وشملت هذه الأرقام ليس فقط المطرودين من الفلاحين الأغنياء، ولكن أيضا "فئات أخرى" وصلت إلى هناك بعد عام 1935.
بشكل عام، ليس سوى جزء فقط من أصل الـ63 ألفاً من الفلاحين الكولاك من "الفئة الأولى" أعدم بسبب "أنشطة مضادة للثورة". فقد بلغ عدد الوفيات خلال عمليات الترحيل، ومعظمها من جوع أو مرض، حوالي 100 ألف شخص. وفي خلال الفترة الواقعة بين سنتي 1932 و1940، توفي حوالي 200 ألف نسمة من الكولاك في المخيمات نتيجة لأسباب طبيعية.
وإن الكذبة الصارخة خاصة هي تلك الأرقام التي أوردت حول "مجاعة" في أوكرانيا في أعوام 1932-1934. فالفارق بينها هو الآتي: وضع دايل دالريمبل Dr. Dana Dalrymple الرقم 5,5 ملايين شخص، وأورد نيكولاي بريخودكو (تعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية) الرقم 7 ملايين، وأورد تشامبرلن وليونز Chamberlin and Lyons الرقم من 6 إلى 8 ملايين، ثم أورد ريتشارد ساليت Richard Sallet الرقم 10 ملايين، وهورسلي غانت Horsley Gantt أعطى الرقم 15 مليون شخص. وفي الحالتين الأخيرتين من الضروري أن نضع في الاعتبار أن عدد سكان أوكرانيا في عام 1932 كان يساوي 25 مليون نسمة.
لقد أظهر تحليل لمصادر هذه الأرقام أن جزءاً منها جاء من صحافة هيرست المعروفة بتعاطفها مع النازية، وجزءا كان ملفقاً في فترة المكارثية (1949-1953)، وجزءاً جاء من "المصادر" الفاشية ومن المهاجرين الأوكرانيين الذين تعاونوا مع النازيين.
على سبيل المثال، العديد من الخبراء في "المجاعة الأوكرانية" غالبا ما أشار إلى معطيات وبيانات وردت في مقالات توماس ووكر، ونشرت في صحف هيرست في فبراير 1935. هذا المراسل الصحافي "أعطى" الرقم 7,000,000 وفاة والعديد من صور الأطفال الذين توفوا. وكشف الصحافي الكندي دوغلاس توتل Tottl في مؤلفه "التزوير والمجاعة والفاشية: أسطورة الإبادة الجماعية الأوكرانية من هتلر إلى هارفارد" التزوير الشامل في كل هذه الأرقام، بما في ذلك استشهادات ووكر. واتضح أن هذا ليس بصحافي، بل هو مجرم، كان قد هرب من سجن كولورادو بعد أن قضى سنتين فيه بدلا من 8 سنوات حكم عليه بها. فقرر لأجل كسب اموال اضافية الإقدام على تزييف أخبار عن الاتحاد السوفياتي (الطلب على هذا كان كبيرا)، وبطريقة ما حصل في إنجلترا على تأشيرة عبور للانتقال من بولندا إلى منشوريا، وبهذا استطاع أن يقضي في الاتحاد السوفيتي 5 أيام. ولدى عودته إلى وطنه تم في وقت لاحق إلقاء القبض عليه واعترف أمام المحكمة أن قدمه لم تطأ أوكرانيا أبداً"، وأن اسمه الحقيقي هو روبرت غرين. وتبين أن الصور التي تبين أطفالاً يموتون وهم يعانون من الجوع أخذت في عام 1921. ومن مثل هذه الأكاذيب "اخترعت صحيفة هيرست في حينه الكثير.
لقد كان الوضع في أوكرانيا صعباً حقا. ففي عامي 1932-1933 استلب الجوع حياة 1-2 مليون نسمة من سكان هذا البلد. ويسمي العلماء من أصحاب الضمير أربعة أسباب لمأساة ذلك الحين. يتناول السبب الأول معارضة الكولاك الذين راحوا عشية إقامة المزارع الجماعية يقضون على الماشية والخيول (كيلا يحصل عليها "الشيوعيون"). ووفقا لفريدريك شومان، انخفض عدد الخيول في الاتحاد السوفيتي بين سنتي 1928-1933 من 30 مليوناً إلى أقل من 15 مليون حصان، والماشية من 70 مليون رأس (بما في ذلك 31 مليون بقرة) إلى 38 مليوناً (بما في ذلك 20 مليون بقرة) والأغنام والماعز من 147 مليوناً إلى 50 مليوناً، والخنازير من 20 مليوناً إلى 12 مليوناً. والسبب الثاني هو الجفاف في عدة مناطق من أوكرانيا في سنوات 1930-1932. والسبب الثالث هو وباء التيفوس الذي استعر وتفشى في أوكرانيا وشمال القوقاز في ذلك الوقت (حتى هورسلي غانت صاحب الرقم 15 مليون نسمة أشار إلى حمى التيفوئيد كأحد الأسباب). وبالإضافة إلى ذلك، قام بإعادة هيكلة الزراعة على الطريقة الجماعية أشخاص أميون، وفي الوقت نفسه فلاحون غاضبون ما كان يمكن، بطبيعة الحال، إلا أن يرتكبوا حماقات.
هذه الأرقام المتراوحة بين 1-2 مليون شخص هي غير الـ5-15 مليون شخص، وإن كان عددهم لا يزال كبيرا. ولكن يجب ألا ننسى أن تلك كانت فترة صراع طبقي عنيف: عنيف أشد العنف في كلا الجانبين: جانب الفلاحين الفقراء وجانب الكولاك. أي "من يقضي على من" ليس فقط بمعنى المستغِلين أم المستغَلين، ولكن أيضا بمعنى الماضي أم المستقبل. ذلك أن انتصار الخط الستاليني في مجال العمل الجماعي سحب 120 مليوناً من الفلاحين سحباً من العصور الوسطى، ومن الأمية والظلام.

"حملة التطهير الكبرى" لسنوات 1937-1939.
يمكن لمناهضي الشيوعية أم يمرنوا أذهانهم على استخلاص أسباب الجوع في روسيا الرأسمالية عام 1891، ذاك الذي شمل 40 مليون نسمة، والذي، وفقا للأرقام الرسمية، أودى بحياة أكثر من مليونين؛ ومجاعة أعوام 1900-1903 (التي شملت أيضا نحو 40 مليون نسمة وأفضت إلى وفاة ثلاثة ملايين من بين الناس البالغين)؛ ومجاعة عام 1911، عندما توفي عدد أقل - 2 مليونا شخص. وأنا أدرك أن هذه "المجاعات" ليست مثيرة لاهتمام مناهضي الشيوعية، ذلك أنهم لن يحصلوا على رواتبهم إذا ما لفتوا إليها.
فالدفع يتم لقاء أمور أخرى. على سبيل المثال، لقاء استنباط حكايات مروعة عن قمع "غير مبرر" من قبل نظام ستالين ضد التروتسكيين وجماعة بوخارين Bukharinites وعن الارهاب الستاليني خلال "حملة التطهير الكبرى"، ولا سيما في ما يتعلق بالنخبة العسكرية، بما في ذلك توخاتشفسكي Tukhachevsky. ومع ذلك، فإن ذكريات المشاركين في مختلف المؤامرات أنفسهم تدحض ببلاغة الأساطير التي أشيعت خلال عهد خروشوف. ولا بد من تسليط الضوء من بينها، على سبيل المثال، على تصريحات توكاييف، العقيد في الجيش السوفياتي وسكرتير الحزب في أكاديمية سلاح الجو، أكاديمية جوكوفسكي، خلال أعوام 1937-1948، والذي هرب في عام 1948 إلى انكلترا. فقد وصف بصراحة أهداف وأساليب وطرق إسقاط القيادة العسكرية لـ"نظام ستالين".
ومن الأساطير الدعائية القوية في الغرب، وكذلك في الوقت الحاضر في روسيا، الخرافة حول إرهاب أعوام 1937-1939 .. فكونكويست إياه ذكر في أعماله رقماً يتراوح بين 7 و 9 ملايين للذين ألقي القبض عليهم في تلك الفترة. وهو مأخوذ من مذكرات السجناء السابقين الذين زعموا أن ما بين 4 و 5,5٪-;- من سكان الاتحاد السوفياتي كانوا في السجن أو تم ترحيلهم. غير أن مناهضاً للشيوعية آخر محترفاً هو زبيغنيو بريجنسكي تراجع في واحد من أعماله قائلا إن أي تقديرات دقيقة لا يمكن أن تعطى، وإن الخطأ قد يتفاوت في حدود مئات الآلاف بل حتى الملايين.
ويبدو المزيد من المعلومات التفصيلية عند كونكويست على النحو التالي: مع بداية عام 1934 زج في معسكرات الاعتقال بـ5 ملايين شخص. وفي خلال عامي 1937-1938 بأكثر من 7 ملايين، أي ان المجموع هو 12 مليون شخص، مليون منهم تم إعدامهم، ومليونان اثنان توفوا لأسباب مختلفة خلال عامين. ونتيجة لذلك، مع حلول عام 1939، كان ثمة في معسكرات العمل 9 ملايين شخص، "دون احتساب أولئك الذين قبعوا هناك بتهم جنائية". وتوصل نتائج الاحتساب اللاحقة كونكويست إلى هذه الأرقام: خلال فترة سنوات 1939-1953 كان متوسط الوفيات في معسكرات العمل 10٪-;-. وكان عدد السجناء ثابتاً لا يتغير، أي بمعدل حوالي 8 ملايين شخص. لذلك، خلال هذا الوقت تم القضاء على حوالي 12 مليون شخص. ويلجأ الاخوان ميدفيديف إلى زيادة هذه الأرقام فيقولان: كان في معسكرات العمل 12-13 مليون شخص.
بعد نشر المواد حول معسكرات العمل على الملأ ظهر التالي: في عام 1934 كان في معسكرات العمل 127-170 ألف شخص. والرقم الأكثر دقة هو 507,307 أشخاص، إذا ما أخذنا في الاعتبار السجناء غير السياسيين أيضا. "السياسيون" بلغت نسبتهم 25-35٪-;-، أي أن عددهم حوالي 150 شخصاً. وقد "أضاف" كونكويست إليهم 4,850,000 شخص.
في عام 1934 كان هناك بالفعل 127 ألفاً، وبحد أقصى 500،000. وفي عامي 1941 و 1942، خلال "حملة التطهير الكبرى" ارتفع عدد السجناء ما بين سنوات 1936-1939 إلى 477 789. وحسب كونكويست، كان يقضي نحبه في السنة في معسكرات العمل حوالي 855 ألف شخص (إذا ما أخذنا رقمه الذي هو 12 مليون معتقل)، ولكن عدد المتوفين هو، في الواقع، في زمن السلم، 49 ألف شخص.
ثمة تلفيقات مماثلة في شأن "البلاشفة القدامى" وغيرهم من ضحايا "الإرهاب الستاليني".
يتبين من هذه الأرقام أن عدد ضحايا الستالينية أقل عشرات مرات مما تصوره الدعاية المناهضة للشيوعية. ولكن الضحايا كانت. فهل كان من الممكن تداركها؟ بطبيعة الحال، كان هذا ممكناً ... من الناحية النظرية:
أ) لو أن الكولاك لم يبدوا مقاومة لتكوين المزارع الجماعية؛
ب) لو أن جماعة بوخارين لم تلجأ إلى حمايتهم.
ج) لو أن تروتسكي لم يدبر المؤامرات ولم يتصل بألمانيا النازية (وهو ما ذكره تشرشل نفسه)؛
د) لو أن توخاتشفسكي لم يعد مؤامرة ضد ستالين.
ه) لو أن البيروقراطيين السوفيات الذين فقدوا كل ضمير فكروا في القضية العامة أكثر من تفكيرهم بجيوبهم، الخ.
ولو أنهم معاً لم يتحركوا ضد الاشتراكية التي قاتل من أجلها ستالين ورفاقه. فلو لم يكن ستالين أكثر ذكاء وأكثر دهاء من كل هؤلاء مجموعين، لكان انطرح السؤال الكبير وهو: ماذا كان سيحدث للاتحاد السوفياتي، بل للعالم أجمع. ولكن الناس السوفييتيين آنذاك، وخاصة الشيوعيين، على عكس الديمقراطيين الحاليين، لم يكونوا يطيقون أن يصبحوا لاحسي أحذية للألمان، كما فعل الأوروبيون. لذلك كان لكل حملة "التطهير" هذه ما يبررها أيما تبرير ليس فقط من وجهة نظر مصالح الدولة السوفيتية، ولكن أيضا من وجهة نظر كل أوروبا، وربما من وجهة نظر العالم بأسره.
ما أكثر ما يكتب العلماء الأميركيون والأوروبيون عن التوتاليتارية (الشمولية) الستالينية. لقد كان ستالين فعلاً ديكتاتورا. ولكن ليس فقط بسبب طبيعته الفجة، وهو ما تحدث عنه حتى لينين في "رسالته إلى المؤتمر". فقد جعلت منه دكتاتوراً الظروف التاريخية التي عاش فيها. لنتصور ذاك الوقت، نهاية القرن العشرين: الفاشية تحكم إيطاليا، والنازيون في ألمانيا يسعون للوصول إلى السلطة ببرنامج مناهض للشيوعية وللسوفيت. والدولتان الديمقراطيتان بريطانيا وفرنسا تدعمان وتحرضان هذه الفاشية على الاتحاد السوفياتي. وفي الشرق كانت اليابان تستعد للحرب مع الصين، أو مع الاتحاد السوفياتي. محليا كانت تطبق في روسيا السوفياتية السياسة الاقتصادية الجديدة التي كانت تراجعاً تكتيكياً أمام البرجوازية في بلد خربته وجوعت أهله الحرب الأهلية المدعومة من قبل دول الوفاق. وعلى الرغم من حصول بعض التحسن من الناحية الاقتصادية، ، فقد أخذت تنتعش من جديد الطبقات المعادية، الأمر الذي بات يؤدي إلى "شحذ الصراع الطبقي"، وخاصة في الريف. الاقتصاد كان لا يزال اقتصاداً زراعياً. والتهديد الخارجي تهديد حقيقي. قدامى البلاشفة كانوا لا يزالون يحلمون بالثورة العالمية. خلاصة القول أن الأعداء من جميع المشارب أخذوا ينشطون. فكيف يمكن أن تكون هناك ديمقراطية في ظل هذه الظروف؟ في ظل هذه الظروف لا يمكن إلا أن تكون ديكتاتورية قاسية صارمة كتلك التي تشكلت لاحقاً في الثلاثينات.
كان ستالين قائداً داهية على صعيدي الاستراتيجية والتكتيك في مجال تحقيق هدف "بناء الاشتراكية في بلد واحد". وحتى قبل الثورة، كان هو الأوحد من بين الحرس اللينيني الذي لم يستبعد إمكانية أن تصبح "روسيا هي الدولة الوحيدة السائرة في طريق الاشتراكية"، فيما غالبية الحزب كانت تعول على قيام الثورة الاشتراكية في البلدان الأوروبية. في عهد ستالين وضعت أسس الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي. وقد جرت هذه العملية في ظل ظروف غير عادية تتطلب اتخاذ اجراءات صارمة ضد كل أعداء الاشتراكية، الداخليين والخارجيين على حد سواء. ومع ذلك، فإن الصلابة والقساوة ضد أعداء المجتمع الجديد انعكست في نهاية المطاف نعمة نعمت بها عامة السكان، فضلا عن تقوية وتدعيم ركائز الدولة السوفيتية. وفي أثناء قيادة ستالين للدولة السوفياتية مدى 30 عاما غير مكتملة، وتحول البلد الزراعي والفقير المعتمد على رؤوس الأموال الأجنبية إلى دولة صناعية وعسكرية قوية على النطاق العالمي، ومركز لحضارة اشتراكية جديدة. وبات السكان الفقراء والأميون في روسيا القيصرية من أكثر أمم العالم تعلماً وتثقفاً. وعلى الرغم من الخسارة النسبية للقدرات الفكرية بجريرة هجرة المثقفين الموالين للقيصرية والبرجوازية في سنوات الثورة والحرب الأهلية، نشأت وترعرعت فئة من المثقفين المبدعين والعلماء السوفيات الجدد لم تكن أقل شأنا من مثقفي الجيل السابق. بعبارة أخرى، أظهرت حتى المرحلة الأولية من بناء الاشتراكية، على أخطائها ومآسيها في خلال عملية صيرورة المجتمع الجديد، القدرات الكامنة الهائلة للاشتراكية كنظام، والتي حررت الجينات البشرية الروسية الاشتراكية من أغلال وسلاسل التحديث الأوروبي السابقة، بما في ذلك التحديث الرأسمالي. لقد حصل بكل بساطة الأمر التالي: تحرّرُ الجوهر الداخلي للإنسان الروسي وجد أخيرا عماد توازنه، أي الشكل الخارجي في صورة قاعدة وبنية فوقية اشتراكية، وهو ما ابتكره وطبّقه لينين وحصّنه وطوّره ستالين.
لقد ارتكب ستالين، بطبيعة الحال، أو سمح بارتكاب الكثير من الأخطاء التكتيكية، ولكنه أثبت أنه الأرجح تفكيراً والأقدر استراتيجياً بين سياسيي كل العالم في تلك المرحلة. وتفوق عليهم كلهم، ليس فقط بانتصاره في الحرب، بل أيضا كمدافع عن الاشتراكية التي انتشرت بعد ذلك لتشمل ثلث العالم. ففي عهد ستالين، أصبح الاتحاد السوفيتي قوة عظمى. صحيح أن الثمن باهظ. ولكن لكم نود أن نعرف كيف كان سيتصرف منتقدو ستالين الحاليون لو عاشوا في ذلك الوقت؟ لعلهم كانوا على الأرجح باعوا روسيا إلى هتلر، أو إلى تشرشل أو إلى روزفلت. وذلك لمجرد أنهم لا يحبون هذا الشعب بقدر ما يحبون جيوبهم، ويخافون منه إذا ما انتفض وثأر للثورة المسروقة أكثر من خوفهم من الوحوش الإمبريالية التي لن ترحمهم هي أيضاً في صراعها من أجل الهيمنة على العالم ومقدراته كلها.



#مشعل_يسار (هاشتاغ)       M.yammine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاربة الستالينية جزء أساسي من حملة مكافحة الشيوعية
- دفاعاً عن النظرة التاريخية
- نضال النساء التركيات تحت راية الحزب الشيوعي
- الفاشية وليدة شرعية ل-الديمقراطية الغربية- في عصر الأزمة
- في الدكتاتورية والديموقراطية


المزيد.....




- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مشعل يسار - حقائق تفضح الكذب