|
الشرف
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 00:33
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كانت رحلتي للعراق الدافع لي اليوم لأكتب عن مفهوم - الشرف - الذي حصرته لغة الناس في قضايا المرأة وما يرتبط بها من مقولات وأعراف ، ولكني وجدت إن لمفهوم - الشرف - معنا أوسع وأكبر وجدت ذلك في لسان الحال ولسان المقال الذي كتبه المشرعون القدامى ، ووجدته كذلك في كتب السماء التي حرصت على جعله مرتبط بالقيم العامة لحياة الفرد وحياة المجتمع ، وجعلت من ذلك المفهوم هو الغالب الذي يجب ملاحقته والتمسك به ، ولم تبتعد لغة العرب في وصفها للفظ حين جعلت من معناه يقترب في صيغته التعريفية مع ما يريد الكتاب المجيد توظيفه في حكايته عن الأشياء التي يجب الإلتزام بها ، لكن الإنسان العربي وكدأبه جعل من اللفظ منحرا ومقيداً بما يتعلق بقضايا المرأة وماحولها من تفاعلات ، فجعل منه مشوشاً مغايرا لما يجب ان يكون عليه . وبما إن الصيغة التعريفية في لغة العرب تقول : - إنه العلو والرفعة - ، ونحن وبناءا على ذلك تتبعنا صيغة اللفظ العملية فوجدنها صيغة لفظ دال على كل ماهو سيء ، ولهذا فالكذب صفةً تطلق على عديمي الشرف فيكون بالتقابل الصدق هو صفة الشرف الدالة على معناه ، والكاذب في الفعل وفي القول هو المصداق لمعنى عديم الشرف ، حتى وإن علا في قومه وعشيرته أو في كونه حاكماً أو وزيرا أو قائد شرطة أو أية منصب أخر في الدولة ، فصفة أو نعت إنه - كذاب - تسلب منه صفة العلو والرفعة ، وتدفع بالناس لكي يبادروا في رفعها منه وتجريده منها ، وفي العراق الذي رأيته وجدت الكثير والكثير جداً من فاقدي الشرف وذلك لأن هذا الكثير يكذب جداً ، وفي معنى الشرف الإصطلاحي لا نجده يختلف كثيرا عن معناه اللغوي ، إلاَّ في صيغة التبعية لمعنى - التلازم الاخلاقي - وهذا المعنى رصده الزمخشري في جعل التلازم من باب الجوهر ، وكذا لايقال للسارق إنه صاحب علو ورفعة ، فمن يسرق شعبه ويسرق أهله هو كالمحارب لله ورسوله ، وهذا الذي اشير إليه موجود وبكثرة في العراق اليوم وهم في مناصب في الدولة والحكومة ، وصفة السرقة صفة سلب لقيمة الشرف ، ولأنه كذلك أي لكونه سارقاً تجعل فهو عديم الشرف ، ولهذا فكل من يتولى منصبا حكوميا ويستغل منصبه في ذلك يعد فاقدا للشرف ، وقد كشفت لجنة النزاهة مدى وحجم السرقات الحكومية المتنوعة والمتعددة ، ومن تكون صفته سرقة مال الشعب فهو عديم للشرف كائنا من يكون ، وخيانة الأمانة من صفات عديمي الشرف ، وخيانة الأمانة : هي عنوان كلي يدخل في بابه كل من يعهد إليه بمنصب أو وظيفة حكومية أو أهلية ولا يصون أمانته فيعد هذا الفاعل عديم الشرف ، وعدم الإلتزام بالعهد : من صفات عديمي الشرف أو لنقل إن من لم يلتزم بالعهد في صيغتي القول والفعل هو إنسان بلا شرف ، وفي هذا المجال لكم أن تقيسوا كم من الأشخاص الذين تلتقون بهم ولا يلتزمون به ، ولكم أن تحسبوهم أناس بلا شرف ، وإفشاء الأسرار ، وكذا تشويه سمعة الناس ، والتقول عليهم : كلها من صفات فاقدي الشرف ، والتجسسس على الناس ، والإيقاع بهم والعمل على تخريب العلاقات الإجتماعية : هي من صفات فاقدي الشرف ، وتخريب أواصر العلاقات العائلية ، والتطاول على الكبار : كذلك من صفات فاقدي الشرف ، والتفاخر بفعل القبائح المستهجنة وإشاعاتها بين الناس : من صفات فاقدي الشرف ، ثم هذا الكم الهائل من القوانين التي دمرت القيم العامة وخربت مفهوم الأحوال الشخصية ، وكذا ظاهرة تسويق المرأة في صيغة البضاعة المزجاة كلها صفات فاقدي الشرف ، وفي عراقنا يعج كل هذا العته العقلي ليكون تحت رآية التوافقات الطائفية والمسكونية تحت بند المصالحة ، وهي إختراقات تعزز العجز وتنمي ظاهرة التدني الفكري وشياع ونمو أهل العقول المريضة ، على حساب التنمية والبناء والتطور ، ولم يكن ممكناً وأنا منكمش قليلاً عن الكتابة ، إلاَّ بالتذكير بزحف الفساد في العقل وفي الفكر ليتبعه الفساد في اليد والعمل في الإدارة والسياسة والإقتصاد والمجتمع ، وهذا الفساد الكبير أصله واحد يتموضع بتعريفنا من يكون الشريف من بيننا ومن لا يكون
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كنت هناك
-
ما بين - المليشيا والحشد - من الإختلاف في اللفظ وفي المعنى
-
مبدأ - أذهبوا فأنتم الطلقاء -
-
أضغاث أحلام بعض الإيرانيين
-
وهذا ردي على هرطقات الأزهر
-
بمناسبة يوم المرأة العالمي
-
في سياق مقال الأخ - آراس جباري - عن العلمانية والليبرالية لد
...
-
جدلية الحرية والقانون
-
عاشت فرسنا
-
كلمة في يوم الجيش العراقي
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين .المقالة الثانية : العقيدة ا
...
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين ... المقالة الثانية
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين
-
عام الأمل .... عام الرجاء
-
تهنئة للرئيس التونسي المنتخب السيد الباجي قائد السبسي
-
تكفير داعش
-
الأزهر وإشكالية التكفير
-
الدكتور العبادي والتحديات
-
الإسلام المتخلف
-
عقلانية الرئيس فؤاد معصوم
المزيد.....
-
الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح
...
-
تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه
...
-
الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
-
حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
-
استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا
...
-
الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ
...
-
بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
-
صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
-
انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
-
باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|