أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام محمود فهمي - الامبراطوريات لم تعد قابلة للتداول















المزيد.....

الامبراطوريات لم تعد قابلة للتداول


حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 1346 - 2005 / 10 / 13 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبر تاريخ البشرية الطويل، تداولت إمبراطوريات عدة السيطرة علي مقاليد العالم الذي طالته إمكاتاتها؛ ثم كان الاندثار مآل كل منها بفعل الشيخوخة التي هزمتها وسلمت القياد لإمبراطورية جديدة. كان هذا في العالم القديم حيث كان الزمن خارج السيطرة، لكن مع التطور العلمي الهائل الذي شهده العالم اعتباراً من القرن الثامن عشر، لم يعد الزمن عنصر تآكل وعجز، بل تم ترويضه والاستفادة من عظاته. ومع السيطرة علي الزمن لم يعد من المنظور انتقال السيطرة من إمبراطورية إلي أخري بفعله؛ زوال الإمبراطوريات لم يتبقى له إلا عناصر التفتت الداخلي وهو ما تم احتواؤه أيضاً والتحسب له، أو معجزة في زمن عزت فيه المعجزات. العلم روض كل مظاهر الحياة، ولم يترك للصدفة الشيء الكثير؛ لم تعد الأسباب القديمة لزوال الإمبراطوريات سبباً صالحاً في هذا الزمن والأزمان التالية. معني هذه المقدمة لا يخرج عن مدلول واحد، الحضارة الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر في فرض سيطرتها علي العالم بما تملكه من قوة علمية هائلة أهلتها للسيطرة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً واجتماعياً.
النقاط التالية ستتولي بالتفصيل عرض أسباب السيطرة الغربية المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وتمكنها حاضراً ومستقبلاً:
1. للعلم مفاتيح لا يعلمها إلا من ابتكرها وعرف أسرارها وإذا ضاعت أمكنه استبدالها. ففي الالكترونيات والاتصالات والحاسبات أسباب السيطرة علي عالم اليوم، وتتركز علومها في الولايات المتحدة الأمريكية وبدرجة أقل في اليابان وبعض دول أوروبا. وإذا قارنا الصناعات الالكترونية في تلك الدول بتلك المصنوعة في الصين أو تايوان أو غيرها لوجدنا بدون عناء أنها تمثل الفارق بين الجد وما دونه بمراحل.
2. في الماضي، كانت الدرجة الواحدة علي مقياس التقدم العلمي تناظر عاماً، لكن في النصف الأول من القرن العشرين تغير الوضع وأصبحت الدرجة الواحدة علي مقياس التقدم العلمي تناظر عشرة أعوام. إلا أن النصف الثاني من القرن العشرين شهد طفرة علمية هائلة، فأصبحت الدرجة الواحدة علي مقياس التقدم العلمي تناظر ما لا يقل عن عشرين عاماً. قبل قدوم القرن العشرين، كان التخلف عن ركب العلم بمقدار عشرة درجات يناظر عشرة أعوام، وهو ما يمكن تعويضه؛ لكن مع التصاعد إلي النصف الأول من القرن العشرين، فإن التخلف عشرة درجات علي مقياس التقدم العلمي يناظر مائة عام، وهو ما يجعل اللحاق بالركب أقرب إلي المستحيل. والآن، فإن التخلف العلمي بمقدار عشرة درجات يناظر تخلف قرنين من الزمان، يستحيل تعويضهما في عالم فائق السرعة.
3. العلم يشمل كل نواحي الحياة، يوجهها ويحميها؛ العلم الحديث ليس مجرد معامل وأبراج عاجية لكنه طال السياسة والاقتصاد و التعليم والصحة والاجتماع والحرب والرياضة والإعلام. بالعلم تقوي الأمم وتتطور، لم تعد الشعوب مجرد تابع، ولم تعد أنظمة الحكم مؤبدة منزهة؛ لم تعد العزوة في العدد لكن في الكفاءة. انتهي عهد إعلام الترويج والتلميع واستبدل بالإعلام الكوني حيث أضيئت كل نقطة علي الكرة الأرضية وما حولها؛ ما أيسر استبدال الإعلام الأجوف بضغطة زر.
4. ازدهار العلم مرتبط بمناخ متكامل، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؛ إنه لا ينمو في ظل الديكتاتورية والفقر والجهل والمرض والأنانية. لنضرب مثلاً أقرب إلي التصور بفرق الكرة الأوروبية، إنها تزخر بالعديد من اللاعبين الأجانب المهرة؛ لماذا لا يثمر هؤلاء اللاعبون بنفس القدرفي بلادهم الأصلية ؟ ببساطة لأن المناخ فيها منقوص. في الدول المتقدمة علمياً، لا تعتبر الرياضة لعبة كما نطلق عليها، لكنها فرع من الفروع تصب فيه علوم شتي، إنها تكتيك وتغذية ورعاية صحية ونفسية. ما ينطبق علي اللاعبين الأجانب يشمل كل عالم ومقدرة أجنبية تزدهر وتثمر في المجتمعات المتقدمة علمياً بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا؛ المناخ في البلدان الأصلية طارد، الشهرة والذيوع والمال لأهل الحظوة والواصلين. تغير مفهوم الوطن، لم يعد النقطة التي شهدت الميلاد وبعض سنوات العمر، إنه الوسط الحاضن الذي يحقق المعيشة الحرة الآمنة العادلة المحترمة.
5. إذا افترضنا جدلاً أن الولايات المتحدة الأمريكية زالت بكل جبروتها، فإن مفاتيح العلم ستزول معها، ولن يبقي للقوي التالي لها إلا استكشاف المشوار بإمكاناتها ومعلوماتها الأقل. من المؤكد حينئذ أن العالم سيرتد إلي الوراء من الناحية العلمية علي الأقل، مع ضرورة عدم إغفال أن المساحة الشاسعة للولايات المتحدة الأمريكية بما عليها من قدرات بشرية وطبيعية هائلة يستحيل تعويضها في عالم اليوم بأي قوة منفردة. أي تصور افتراضي لبديل لا يمكن أن يكون إلا من خلال التجمعات، وهي موجودة حالياً في دول الاتحاد الأوروبي أو اليابان وكوريا الجنوبية بدرجة أقل لضعفهما النسبي عسكرياً.
6. هل الحضارة الغربية بلا أخلاق؟ قبل أن نجيب علي هذا التساؤل لنُعرف الأخلاق ومكوناتها. الأخلاق هي مجموعة القواعد، التي لا يشترط أن تكون مكتوبة، والتي من خلالها تتحدد العلاقة التبادلية بين الفرد والمجتمع. علي الفرد احترام خصوصية غيره وعدم تعدي حدود المعاملات سواء في المسكن أو في الطريق أو في العمل أو في سائر الأنشطة الاجتماعية؛ وعلي المجتمع أن يكفل للفرد الحرية والكرامة والعدالة والمعيشة الكريمة والمشاركة في صنع حياته من خلال الانتخابات النزيهة. في الدول الغربية الحدود واضحة في الحياة الخاصة و في العمل، لا مجال للإسراف في الإجازات والتصاريح أو الرغي والهمبكة؛ النظم السياسية لا تستطيع تجاهل إرادة الشعوب التي انتخبتها. الخلاف بين مجتمعاتنا الشرقية والمجتمعات الغربية في مفهوم الحريات الخاصة الممكن إتاحتها للأفراد، وهو ما ينبغي علي كل طرف تقديره بدون إلصاق تهم اللأخلاق أو التخلف. لكن لا بد لنا أن ننظر فينا، لعلاقات الفرد بغيره وبمجتمعه لنري مقدار ما نحن فيه؛ وما أحسب أن مخالفات المرور ومشاجرات الجيرة و تدني عدد ساعات العمل، وفقاً للإحصائيات الرسمية، إلا دليلاً علي حالنا. لأين يتجه تيار الهجرة؟ إلي مجتمعاتنا أم منها؟ الإجابة فيها الكفاية.

التحليل العلمي لا مجال فيه لأحلام اليقظة أو المنام ولا للعواطف، لا يمكن الأخذ بالأوهام أو التمني؛ ومن الواجب أن نكتب لوجه الله، بتجرد، ابتغاءً لراحة البال.
مع الشكر،،





#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجوائز ..سيف حياء وتربيطات؟!
- لا خداع ولا انقياد
- كرسي لله
- الإعلام والاصلاح
- المرأة عميدة..يا دكتورة أم يا حاجة؟
- لمن الفضل..لإعلامنا أم لإعلامهم؟
- لكل مشتاق .. احلم بالكرسي ولا تنسي كبش الفداء
- حول جوائز نوبل في السلام والأدب والعلوم التطبيقية
- إنها أشد فتكاً من قنابل المسامير
- حرية الرأي في مصر
- لحظة صدق واجبة .. من الجميع
- الدعوة والوعظ.. ليسا من اللُعب
- الزيف في حياتنا
- هل نفكر؟
- قيمة الوطن وكرامة المواطن


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام محمود فهمي - الامبراطوريات لم تعد قابلة للتداول