نشأت المندوي
الحوار المتمدن-العدد: 4877 - 2015 / 7 / 25 - 02:54
المحور:
الادب والفن
شمال قلب مربع
تنسحب (سمر) من القاعة بخطى عجولة . تجتاز بابا بضلفتين متحركتين ,تلج دهليزا ضيقا يفضي لمطبخ مهمل . يسارا بعد خطوات عدة تدلف مخزنا هرما هو بقايا حّمام متروك .
على الحائط مرآة مؤطرة أكل الصدأ حوافها تعلوها خربشات صبغ يابسة , عبرضياءخافت تتمعن وجهها . الى خلف الاذنينتقذفبميوعة خصلات منشعرها الحني, و عن المرآة تزيح بكفها غبارا عالقا .بطرف الاصبعتمسح بقعا داكنة استعمرت الوجنات . تتابع بحسرة غزو التجاعيد بداء من ذوائب الخدود حتى العيون، وتردد بهمس مضغوط:
ـ جرأة السنين المعتمة في استعمار خلايانا خلسة عكس المضاءه التي يأسرنا ضجيجها الوهمي فنتقفاهابحذر كي نجترّ فيها ولادتنا . صمتت واضافت :
ـ و العمر تقويم محنّط يراقبة البعض بتوجس ويتحاشاه الاخرونبانشراح
كتفها البضّ يتكئ على حافة جدار املس . قرب المرآة ساعة جدارية بيضوية يتمايل بندولها بهارمونية محببة و يتكتك بنشوى .. تك,, تك ...تك ,تك .تك
ضجراً مربعاً يقسّم وحدتها باعثا ببصرها عاليا على امتداد الذراع .تمسد زجاج الساعة المحدودب برفق . تتمنى مسك العقارب لتعيدها الى الوراء ايام الوظيفة وزميلاتها سلمى ودلال وانيسة ورجاء اللواتي كن يلتقطن سلامها الصباحي بغيرة مبطنه لفتنتها المشعة , مكتبها قرب الباب في الطابق الثاني امام المصعد
***************
عصر يوم دلفت وامها محل مجوهرات لتصليح حليّها المكسورة . الصائغ بوجه يفيض بريقا كنصاعة البياض المتدفق من وجنتية. شاب تتوهج الاضاءة عليهبانكسار شعّاع المصوغات المتلآءلآءمن معرضة . عيناه الخضراوتان المتربعتان شمال شواربة تتناسق فوق فمّه البلورى . بنعومة و دلاّل يلتقط الاحرف , يجتاز امها بنظرة ترحيبية , يستدير بعدها فارشا هيبة حدقتيه بين جفونها , على محياها باستحياء طبعت ابتسامة رضى فخاطبها بهندام متميز ورّقّه :
ـ تحتاج مصوغاتك يوما كاملا للتصليح ؟
بين شفيته المكتنزتين يتصلب فؤادها .حولها صحراء وصدى .امها قربها استقبلت الصورة مجرد ومضة عابرة توظأت بالريح وتبخرت . الصائغ يتفرسها برطوبة و طراوتهاربكت صدرها المتكهرب .
ـ هي لاتمانع من المجيء غدا لاخذ الحلّي شريطة بعد نهايه الدوام . ردت بنعومة ناعسه,
فباغتها بمهارة مدرس يسال تلميذته عن دائرتها:
ـ في وزارة التعليم العالي . اجابته بخجل قانّ
ـ يا للصدفة الرائعة....,,
قالها ماطا حرف الياء فوق صفيحةلسانه ومشددا الراء بنغمة رنانة مضيفا برجولةمتزنة :
ـ قد احتاجك في تمشية معاملة بعثتي بوزارتكم , وستكون مصوغاتك جاهزة مجانا .
انتشت الام ذات السبعين عاما ,فمجيئها للسوق يرهقها وبرودة الشتاء تربك روماتيزم الاقدام , هكذا نصحها طبيبها .
في شغاف سمر صعد النخل طروبا , وطرّز الغيم على غرتها بيانه الممنوع . في اليوم التالي اخّضر الناس بعيونها النرجسية فتوشمت بالوجد واباحت لفستانها الجديد التلاءلاء على قوامها الريان . تهامست زميلاتها جملا محشوة بالغيرة لتأنقها الباهي .
على مكتبها تجلّى النهار كقراءه خلدونيه و ترنّم بتراتيل العشق , فيما غدت المدينة واحة لمهرة حرّه . عند عتبة الباب وقف الصائغ بهيا فتسلقت سيقانها الريح للترحاب به , و كمن اجاد المهنة، جلس باتقان معتذرا نسيان مصوغاتها . ببشاشه مفتوحةاستقبلت الاعتذار , وعلى عجل لملمت اوراقة قالت وهي تخرج :
- ساستنسخ اوراقك لعرضها على المدير , و اردفت بصوت متقطع ناشف
-تشرب شيئ
-لاشكرا
في غرفة موبوءه بالفتيات كانت انفاسه تعبر طاولتها فتصلها فواحة كالرازقي السكران
ـ على فكرة سأمّر اليوم لاخذ مصوغاتي اذا لم تمانع..... قالتها بانوثة شرقية
- تزيدين المحل بريقا................
اجابها مودعا و لهفه اللقاء تهرول خلفه كزنبقة معجونة بالموسيقا . بفرح هجين و اصابع ناعسة
لوتنهاياتالشعر المتدلية على شفتيها بحنّية وهيام
في دكانة على الشارع العام المحاط بصخب الباعة نست موضوع الحلي . من المذياع كان المطرب يتلوى شوقا في اغنيتة فانغمرت بالحب . عائق الدين منع القلبين من الجلوس على مساطب العشق :
ـ وسط فوضى الرغبات نحلم بالتحليق لكننا ننسى اتجاهات الريح ...........قالها بترو و الحيرة تمسخ فمه المحدودب لحروف ملتهبة
ـ احمي آرقي ولا تخذلني ,,,,,,,,,, اجابتة بلهفة وعيونها سارحةفي شامة تنتصف وجنتة مضيفة باصطلاء
ـ ساحجزلك في قلبي مرقدا مجوسيا ان سيّجت دميتي ببدلة عرّس , وقمطّت ذاكرتي المضطربة بها
ـ الحب الخائف متعب لان ولادتة مشوهة ,عكس العاري الذي يولد ليطير..... قالها كمن اراد اغلاق الجدال بوهم العشق
*****************
التراشق بالوصل يتباعد ويتقاطع مع سهر الليالي . وسامتة بقيت محفورة شمال قلبها المربع وهو ييمم بعيدا . جسدها المسافر اليه دوما يجلس الان على كرسي الزواج لشاب احبها انجبت منه ولدين فخطفه القدر في حرب الثمان سنوات .
برفقة يتيمين وحقيبة دموع ومحنة وطن هاجرت . في رقعة صاخبة من بلد ناء كانت تخدم في مطعم شرقي ,. الصائغ وفتاتة يحتلان طاولة مزهرة والشامة في وجنتة تعلن تواجدها بزهو . لمحتة فأرتبك الاحمر على خدودها ثملا . أمرت زميلتها بمراقبته . تسارع نبضها امامه وعلى ورقة مستحية دونت طلباتة التي ذيلها باسمه . ...(نفس الاسم والشامة) رددت .
كانت كلماتة تصلها شذيةوتمنت لو تفرسها لكن فتاته كانت تدير بوصلتة جنوبا .
في الممر نحو المطبخ بارتباك مفضوح دست الورقه بيد زميلتها وطلبت متابعتهم . في الغرفة امام المرآة الصدئة وقفت بقامة متخشبة . الساعة الجدارية تسهم بدهاء في رسم المؤامرة .
كان الصائغ يتأبط فتاته ويغادران الصالة فيما زجاج الساعة ازداد تقوسا محتجا على زحف التجاعيد . من العقارب الغاضبه شعّ بريق وهتاف عنيف عبر البندول الذي مازال يتمايل بهارمونيه محببه ويتكتك بنشوى صارخا في اذنيها ,,,, تك,,,,, تك ,,,,,,تك ......تك ,,,,,,تك
نشأت المندوي
امريكا
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟