أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - حكاية عمر الشريف مع الكوريين!














المزيد.....

حكاية عمر الشريف مع الكوريين!


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 4863 - 2015 / 7 / 11 - 00:01
المحور: الادب والفن
    




بداخلنا جميعًا رغبة في بقاء الذكر بعد تركنا هذه الحياة الدنيا. ومن أبلغ ما قرأت تجسيدًا لهذه الحالة الإنسانية العامة ما قاله "أندرو بنّت": (لو أحبني الناس فسوف تكون لي حياة مؤقتة بعد موتى في ذكريات من يحبونني، ولو كنت قائدًا سياسيًّا أو عسكريًّا فسوف أبقى كجزء من تاريخ أُمَّتي، ولو أنني أؤمن بالله فسيمكنني أن أتخيل لروحي حياة بعد الموت، ولو كنت كاتبًا فإنني سوف أحيا في حياة الأوراق التي كتبتها كما يعبر(Wallace Stevens) عن ذلك بقوله:
لقد تركنا ما هو أكثر من العظام
تركنا ما يزال كتاب الأشياء،
تركنا ما شعرنا به،
وما رأيناه ( )

ليس هناك ضمان لبقاء ذكر الكاتب أو الفنان بشكل عام غير الناس. وجود الكتب وحدها أو الأعمال الفنية دون قارئ أو متابع لا قيمة له على الإطلاق. أما عن تعلق الناس بكاتب دون آخر أو فنان معين فهذا أمر من أصعب الأمور التي يمكن لباحث أن يفسرها. وقد توقفت عند العوامل التي تصنع نجومية الشاعر- مثلا- في أطروحتي للماجستير وطرحت العديد من الفرضيات مع الكثير من العوامل سعيًا لتفسير ما أسميته في نهاية المطاف "لغز الشهرة الأدبية"، وحتى لا نبتعد عن موضوعنا الآن فسأكتفي بالقول بأن الصدق بجانب الكيمياء الإنسانية والتكوينة الخاصة بالفنان كلها عوامل تؤثر في حب الجمهور وتعلقه بالكاتب أو الفنان. هذا الحب الذي يظهر في مناسبات عديدة في حياة الفنان لكنه يظهر بأقصى درجات الوضوح عند سماع خبر "موته".

صباح اليوم، العاشر من يوليو 2015م، لم أعرف خبر موت الفنان "عمر الشريف" من موقع أو محطة إخبارية، وإنما عرفت ذلك من صفحات الكثير من الأصدقاء الذين تداولوا الخبر داعين له بالرحمة والمغفرة ولعل هذا أنبل وأجمل ما كان عمر الشريف نفسه يتمنى أن ينال حيًّا أو ميَّتًا. بل إنني عرفت للمرة الأولى أن لعمر الشريف "ابن" مما أكد فكرتي عن زيف الاعتقاد المتأصل في ثقافتنا بأن "الابن" هو خير ضمان لبقاء ذكر الأب بعد الموت!!!

قبل عدة سنوات وعندما وصلت إلى كوريا الجنوبية لاحظت بعد مرات قليلة من دخولي إلى الـــ"سوبر ماركت" القريب من بيتي وجود نوع من السجائر اسمه "عمر الشريف". بعد أن أصبح وجهي مألوفًا للبائع وبعد أن عرف أنني مصري وصرنا نتبادل التحية كلما دخلت إلى المحل سألته: "هل تعرف من أي بلد عمر الشريف؟ قال: "مي جوك"؟ فابتسمت دون مبالغة كي لا أغضبه. ففي ذلك الوقت وفي الجنوب حيث كنت أسكن كان عدد الأجانب قليلاً وكان يُنظر إليهم جميعًا على أنهم "أمريكان". حتى أنا ومع ملامحي الشرقية الواضحة كان سائقو التاكسي عند السؤال عن جنسيتي يقولون "ميجوك سارام؟ هل أنت أمريكي؟". مرت سنوات وتعلم الكوريون الكثير بعد ازدياد الأجانب بشكل يفوق الوصف فأصبح السائقون يقولون "إندو سارام؟" هل أنت هندي؟ وبعضهم كان يخمن أنني عربي فكنت أسعد بالتخمين ولا أدري سر غيظي من نسبتي إلى الهند؟!. على أية حال قلت للبائع آنذاك إن عمر الشريف مصري الجنسية. فكان الرجل يغبطني على هذه الصلة بيني وبين عمر الشريف وكأنني قلت له إن مصر هي صاحبة شركة "سامسونج" مثلا.
عرفت بعد ذلك أن الكوريين متابعين جيدين جدًا للسينما العالمية وبخاصة الأمريكية. لن تجد ممثلا أو مخرجًا أمريكيًّا إلا ويعرفه الكوريون. تحضرني هنا مقولة طريفة للنجم الأمريكي الشهير "روبرت دواني" بطل سلسلة أفلام "Iron Man": (كلما افتقدتُ إلى الإحساس أنني نجم مشهور ووسيم سافرت إلى كوريا الجنوبية.) ذلك لأن وصوله إلى هناك كفيل بأن يتجمع الآلاف حول المطار لاستقباله بشكل أسطوري. لقد شاهد الكوريون أهم الأفلام التي شارك فيها عمر الشريف وأحبوه حتى حملت علب السجائر اسمه. بل إن بعض الشركات الأخرى قد وضعت اسم عمر الشريف على الكثير من منتجاتها. هذا يعني أنَّ عمر الشريف قدم لمصر في دولة واحدة ما تعجز الخارجية المصرية عن تقديمه ولو افتتحت أفرعًا لسفارتها بعدد الأقاليم الكورية دون أن يكلف الخزانة المصرية مليمًا واحدًا بل على العكس قدم لها من الدعايا ما لا يمكن للهيئة العامة للاستعلامات بجلالة قدرها أن تقدمه!!
رحم الله عمر الشريف وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
محمود عبد الغفار
أكاديمي بجامعة القاهرة
.



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوميديا المواقف وشرشحة الإفيهات:
- عندما يسطو الزمن على حقنا في الاستمتاع بحزن الوداع
- -طير أنت- ...ومّن يُطَيِّر الشعب المصري كله؟!
- عندما حاول البوذيون -بوذنة- كوريا!!!!!
- قاموس -سلي صيامك- في معاني -الانقلاب-:
- إذا لعبتَ الاستغمايه إياك أنْ تسرق -الميس-!!
- عندما تصبح الحياة فيلم رعب على الطريقة الهوليودية!!
- عندما يتحدث الشعر الكوري عن الواقع المصري!
- عزيزك الميكروباص! في زمن الغربلة لا مكان إلا للأتوبيس العموم ...
- رسائل إلى أبي من زمن المصاطب!
- لماذا أنا متفائل؟
- دخلت الجيش؟ لأ. شفته فيديو
- عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!
- علمتمونا صغارًا أن -الحركة- بركة!!
- الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-
- آخر الكلام لأهلي وعشيرتي
- عندما يكون التعامل مع تفاصيل الحياة البسيطة ثقافة: -بابا! ما ...
- لحظة انهزام الخريف
- بين -دروس- العقل و-ضروس- الحياة
- عزيزي اللص. جزاك الله خيرًا.


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - حكاية عمر الشريف مع الكوريين!