|
عن السينما والدستور وحلمي الأثير
احمد ثامر جهاد
الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 10:16
المحور:
الادب والفن
في رسالة سريعة ومقتضبة وردتني عبر البريد الإلكتروني ، طلب مني الصديق أثير محمد شهاب كتابة مقال فوري عن ( مستقبل السينما في العراق ) لنشره في الجريدة اليومية لـ( ملتقى المثقفين العراقيين ) المنعقد في بغداد . بعد أن تأملت طلبه المهذب طويلا ، وجدت أنني ربما سأكون في مفترق طرق يقتضي الاختيار فيه أمانة ووضوح وشجاعة . فأدركت ببساطة شديدة ، أن أصابعي يمكن لها أن تخط مقالا من بضع صفحات تنظيرية منمقة في توصيف هذا الشأن ، من دون أن اعي ماذا اكتب ولمن وأين . ويمكن لطلبه أيضا أن يضعني في مشقة عينية اكتشفها جليا ، حينما أفكر بإحساس آخر ونظر عراقي يستجيب لمنطق الحياة الراهنة . حياتنا الفاجعة . وقلت : إن قراءة المستقبل – أي مستقبل - يقتضي التفتيش عن الحاضر أولا والتيقن من سلامته وعافيته . بعيدا عن المبالغة وجدت أن الحديث عن السينما في عراق اليوم يحتمل قدرا من التطرف في النظر إلى الأشياء واستخراج توصيافاتها ، فذاك الحديث مهمة شاقة وغير مأمونة العواقب ، تائهة ، حالمة ومترفعة . وقد يكون إجراء أي تقدم فعلي فيها ( أي السينما ) اصعب من اتخاذ قرار سياسي . كيف الحال أذن وصديقي يطالبني بقراءة مستقبلها ، متناسيا في زحمة عمله أن الحديث عن مستقبل أي نشاط أو إبداع أو عمل فعلي ، يعني فيما يعني الإمساك بتلابيب حاضر ملموس ، حاضر يتسم بالحيوية الواقعية وبجاهزية عمل وبوضوح مشروع ، وبتطلعات مدروسة تراهن أن غدها افضل في سعيها لرسم أفق حياة ؟ هل ثمة حاضر عراقي اليوم يدخر للوطن والمواطن ما هو ابعد من دفع عجلة الفوضى والعنف والفساد وتبديد الجهود والإمكانيات والطاقات ، قدما إلى مستقبل مجهول ؟ نعم يا صديقي ، السينما كباقي الأنشطة الإبداعية تنبت في محيط من الأوجاع والهموم والآمال ، ولكن الفعل الإبداعي أيا كان يتطلب في الوقت عينه قدرا معقولا من القدرة على التواصل مع الحياة بأمان والتفكير بآفاقها وتأمل حركتها بحرية وثقة . هنا تنبهت إلى أن رسالته القصيرة لم تشر إلى معنى السينما في مسودة الدستور العراقي ؟ المدافعون عنه يقولون إن الدستور يصون كل حريات الأفراد وحقوقهم في الإبداع والرأي ضمن نشاطهم الثقافي والفكري بأوسع معانيه . ولكن من يدري كيف ومن سيعيد للصالة السينمائية حياتها ثانية بعد أن تحولت بقدرة قادر إلى خرائب ومقرات وبيوت حواسمية ؟ من يلم شمل السينمائيين العراقيين ويفتح لهم آفاقا من العمل الرحب ونماء الموهبة بعد أن قنطوا في بيوتهم الفقيرة أو غابوا في شتات منفى قسري ؟ أذكر أن ورشة السينما في أعمال مؤتمر المثقفين العراقيين وضعت إلى حد كبير النقاط على الحروف بهذا الخصوص ، حينما شخصت كل المعوقات التي اعترضت تطور واقع السينما العراقية وحددت السبل الكفيلة بالنهوض بهذا الواقع ، عبر توصيات مفصلة ، يبدو أن أحدا لم يعد بحاجة لان يسمعها الآن ، لاسيما تحت فزع الموت اليومي المرير لناسنا المساكين الذين ما زالوا يحلمون حتى في نعيم موتهم بصالة سينما نظيفة ولحظة عيش رغيد . رغم الذي قيل هنا ، ما زلنا نتشبث بحقنا في الحياة ، حقنا في العراق ، نفكر بالسينما العراقية : نكتب ونتحاور ونخطط لأفلام ونقيم مهرجانات فنية تهزأ بمن يعتقد أن عجلة الحياة يمكن لها أن تتوقف ، أو أن عودها السحري لن يخضر ثانية . فتحية لكل اؤلئك الذين يواصلون حلمهم النبيل بإرساء سينما عراقية تحمل همومنا وأوجاعنا وآمالنا إلى أهالينا والعالم . ولك يا صديقي : باقتضاب وسرعة تستجيب لطلبك : كلمتي المتواضعة هذه : في العراق وفي أي مكان من هذا العالم : مستقبل السينما هو مستقبل الحياة ذاتها .
#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسافرون إلى السماء عنوة
-
سيناريو الرعب ولغو الانتصارات الكاذبة
-
سؤال سجين من زنزانة القاص محسن الخفاجي
-
أودع عقيلا وانتظر موتي القادم
-
نص مخمور
-
سينمائيون بلا حدود
-
قيثارة الكابتن كوريللي عزف سينمائي على أوتار الحرب
-
بأبتسامة أمل ..سنرسم حاضرا لطفولتنا المؤجلة أبدا
-
سؤل المواطن .. ولكن بعد خراب البصرة ؟
-
بلاغة التحديث في الخطاب السينمائي
-
الاسلام السياسي والغرب
-
وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية
-
عن الشتاء والمسؤولين وحب المطر
-
حمى السلاسل السينمائية
-
حول جمالية الفيلم السينمائي
-
في سابقة خطيرة تهدد جوهر الديمقراطية
-
طفح الكيل في جامعة ذي قار.. والعاقبة اخطر
-
للحقول الخضر ينشد لوركا قصائده
-
حداثة الرواية السينمائية
-
! إرهاب النفط في وجوه الشيطان
المزيد.....
-
الغاوون ,قصيدة عامية بعنوان (العقدالمفروط) بقلم أخميس بوادى.
...
-
-ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر
...
-
-بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
-
فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
-
“مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال
...
-
اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك
...
-
أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك.. تردد قناة توم وج
...
-
بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا
...
-
الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب
...
-
تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|