113 -دماء لن تجف- موسوعة شهداء العراق الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة الشهيدة كرامة نعمة

منير حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4845 - 2015 / 6 / 22 - 00:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

113
"دماء لن تجف"
موسوعة شهداء العراق
الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة
الشهيدة كرامة نعمة
{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة "دماء لن تجف" في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}

القاضي منير حداد
الشهيدة كرامة نعمة يوسف، نبتة من طيب شجرة آل المبرقع، إخضوضر وريقها، من ربيع الشهادة، زهرة، أصيلة التفتح، فواحة الشذى، تبعث شعاعها اللامع من نبض قلوب الملائكةن الى وجيف آفة الحية، وهي تأفل بغيظ شواظها يلهب الوجدان المسابلم، وهو أسير الطغاة.
عائلة آل المبرقع، علوية.. صحيحة النسب، ليس في شجرتها المحمدية، إنما بوافائها للإسلام حقا، ولله في مذهب حبه المؤمن!

المبرقع
قدمت العائلة سلسلة من قوافل الشهداء، تتهاوى في وادي الموت الذي حفره الطاغية المقبور صدام حسين بمعاول من رفاق حزبيين وجيش شعبي وأمن وإستخبارات، وفدائئي صدام في ما بعد.
ولدت الشهيدة العام 1960، في مدينة الصدر (الثورة حاليا) متربية على التدين والخلق الكريم.."يا بنت خير أب.. يا أخت خير أخ".
تعلمت في مدارس المدينة، التي مكنتها من إظهار موهبتها في الرسم، لافتة أنظار معلماتها، اللواتي شجعنها على طرح نفسها هاوية، تدنو من الإحتراف، بعرض نتاجها على لوحة المدرسة، ومن ثم شاركت في معرض اقامته مديرية تربية الرصافة انذاك.
إعلام
إحتفى الإعلام بالموهبة الغضة، وهي يشتد عودها، من خلال لقاءات عرضت على شاشة التلفاز، وتغطيات صحفية لمجلة (المزمار).
الوقت يتقدم بها، والعمر ينضج، والموهبة تصقل نفسها، نائلة الجوائز ومستحوذة على الاعجاب المشفوع بالهدايا التكريمية، التي تتلقاها من جهات رسمية.. راعية للإطفال والشباب.

بوسترات
وظفت براعتها التشكيلية، في الخط وتصميم النشرات، التي تعرضها إدارة المدرسة على لوحة الاعلانات دوريا، متضمنة مواضيع في التربية والاخلاق والدين.
إنتقلت الى إعدادية خولة بنت الازور، متطورة في ما تعد من نشرات توجيهية، لتشمل محمولات تحتوي في طياتها افكارا، مستندة الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية.

مجاهرة
جاهرت بموالاتها سلالة أجدادها الطاهرة.. آل بين النبوة؛ بعد اعتقال خالها.. الشهيد قاسم المبرقع، العام 1979؛ إذ خرجت واختاها.. حليمة وليلى في تظاهرة، ضمت مئات المؤمنين؛ إحتجاجا على اعتقاله؛ فأوقفن للمرة الأولى، في الأمن العامة، وأفرج عنهن بعد ثلاثة ايام من التحقيق.
شنت الأمن.. من خلال طالبات رفيقات في حزب (البعث).. حرب مضايقات شعواء، عليه.. دسائس وتلفيقات وتقارير ومؤامرات، منها تهمة كتابة عبارات ضد نظام البعث على السبورة.. يستحقها، لكنها برئية منها؛ لأنها تؤدي بمرتكبها الى التهلكة من دون ان تستفيد منه حركة المقاومة بعل مؤثر يفت في عضد السلطة الجائرة.
شعرت كرامة بالمكيدة؛ فاسرعت الى الشارع العام، حيث توجد سيارة نجدة واقفة قرب المدرسة، واعلمتهم بالمؤامرة، طالبة منهم مشاهدة المكتوب على السبورة، واحالة جميع الطالبات للتحقيق الجنائي، وما ان رأى المتآمرون الشرطة؛ حتى مسحوا المكتوب وفشلت المكيدة؛ فانقلب السحر على الساحر؛ بفضل شجاعتها.
بعد ايام طلبها السفاح الشهير سمير الشيخلي.. أحد ازلام البعث، للقاء في مقر قيادة فرع حزب البعث، الكائنة قرب ساحة مظفر، مطلع مدينة الصدر.. توجهت إليه ووالدها، طالبا منها الانتماء للحزب، بمنهج مدروس الفقرات، تناوبا ثلاثيا، بين تهديد ووعيد وإغراء.
عادت كرامة ووالدها الى بيتهم، من هذا اللقاء، أشد إصرارا على السير تغذ الخطى حثيثة، في درب الجهاد، ضد طغمة البعث.

طوق سلاسل
ليلة نيسانية باذخة الترف، يوم 16/4/ 1980، داهمت قوة من الامن والشرطة بلباسهم الرسمي، مع رفاق حزبين وامرأتين من البعثيات، ينوؤون بثقل اوزار جهنم، حاملين حبالاً وسلالم.. تسلقوا جدار البيت وسيطروا على ردود فعل الجيران.. طوّقوا منزلها من جهات ثلاث مقتحمين المسكن.
إعتقلوا كرامة.. يقتادونها الى الامن العامة، يقودون سيارات فائقة المتانة.. حديثة تلتهم الليل.. مدججين بالسلاح، وهم مذعورون.
تألقت خلال التحقيق، في المعتقل، مبدية شجاعة فريدة؛ إذ صمدت أمام التعذيب، حتى وهم يكسرون ساقها مرتين، ضربا مبرحا.. يسحلونها من شعرها في ممرات الدائرة، ويصعقونها بالكهرباء.
أعدمت بعد رحلة تعذيب وحشي، وهي طالبة في السادس الاعدادي العام 1983، ظل مصيرها مبهما، ولم يعرف عنها شيئا، حتى سقوط النظام البعثي، يوم الاربعاء 9 نيسان 2003؛ إذ وجد اسمها في قائمة الشهداء؛ حبا وعشقا للكرامة الإيمانية التي من الله بها على عباده الصالحين، وارثي أرضه يوم الدينونة.

#منير_حداد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل