أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ماجد احمد الزاملي - اصل البراءة















المزيد.....

اصل البراءة


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 4835 - 2015 / 6 / 12 - 16:45
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


اصل البراءة
الأصل في الإنسان البراءة وهي لا تحتاج إلى إثبات بعكس الإدانة التي يلزم القضاء بها توافر أدلة قاطعة تبنى على الجزم واليقين وذلك على أساس أن قرينة البراءة تجد سندها في أن الاتهام يدّعي بخلاف الأصل وهو البراءة وعلية إذا لم ينجح الادعاء في إثبات ادعائه إثباتا قاطعا تعين الإبقاء على الأصل وهو البراءة.

مقتضى المبدأ أن كل شخص متهم بارتكاب جريمة – أيا كانت جسامتها – يجب معاملته بوصفه شخصا بريئا حتى تتأكد إدانته بحكم قضائي نهائي محض – أي حائز بحجية الشيء المحكوم به بحيث لا يقبل الطعن به-.(1)
موضوع الدعوى الجنائية تعرّض من ترفع ضده إلى خطرين الأول هو أن يتم اتهامه خطأ ، ولكنه يستفيد في النهاية عند إقامة الدعوى أو حكم البراءة . كما تشير بذلك المادة 141/1 من القانون الإجرائي الجنائي السوداني لسنة 1991م ، والخطر الثاني أن تتم إدانته والحكم عليه بعقوبة في حين أنه بريء . وبالرغم من أن الخطر الأول أقل تأثيرا من الخطر الثاني إلا أنه على قدر كبير من الخطورة لما يمكن أن يستتبعه.
جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 بأن كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمّن له الضمانات للدفاع عن نفسه.
وأكد هذا المبدأ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي أقرته الأمم المتحدة سنة 1966م حيث ورد النص حرفيا كما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما تبنت الاتفاقية الدولية التي عقدت على مستوى القارات والتي تهدف إلي حماية حقوق الإنسان والتي من أبرزها الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الموقعة في نوفمبر 1950م بروما .ومشروع حقوق الإنسان والشعب في الوطن العربي الذي وضعه مؤتمر الخبراء العرب الذي انعقد في المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية في إيطاليا 1985م نص على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي صادر من محكمة مختصة.
وتعتبر فرنسا من الدول الرائدة في هذا المجال ، حيث كان هذا المبدأ من نتائج الثورة سنة 1789 حيث عبرّت عنه المادة التاسعة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 والتي تنص على أن " كل إنسان تفترض براءته حتى تثبت إدانته وإذا تقرر أنه لا مفر من القبض عليه فإن كل عنف – تنفيذ هذا القبض – لا تتطلبه الضرورة من أجل التأكد من شخصيته يجب أن يعاقبه القانون ".
أن منهج الحماية الجنائية لحق المتهم في أصل البراءة ليس كمنهج الحماية الجنائية للأشياء والأموال؛ فإذا كانت الحماية في كليهما تتم من خلال ضابط الشرعية الجنائية المتمثل في التجريم والعقاب، وضابط الشرعية الإجرائية المتمثل في عدم تطبيق العقوبة بدون حكم قضائي عادل ومنصف، إلا أن الحماية الجنائية للحق في أصل
البراءة تتم من خلال الضمانات التي نص عليها المشرع الدستوري لحماية هذا المبدأ ونتائجه، أو ما كفلته المواثيق الدولية الملزمة التي لا يمكن التحلل منها، باعتبارها الحد الأدنى والقاسم المشترك التي تحكم مجال الدعوى الجنائية بمختلف مراحلها، بما في ذلك مرحلة جمع الاستدلالات، بما يشكل المساس بأحكامها إهداراً للشرعة الدولية والدستورية في آن واحد.
د.مصطفى فهمي – الوجه الثاني للشرعية الجنائية 1986ص5 1--
أن حماية أصل البراءة في مجال الإثبات الجنائي تفرض على سلطة الادعاء تحمل عبء إثبات الإدانة، وفي تقدير المحكمة لعناصر الإثبات يفرض على المحكمة أن تبني قضاءها على اليقين وأن أي شك يتولد لديها يجب تفسيره لمصلحة المتهم. وأنه لا مجال لافتراض المسؤلية الجنائية للمتهم بوضع قرائن قانونية أو قضائية لتعارضها مع أصل البراءة.
أن الحماية الجنائية لحق المتهم في أصل البراءة تتم من خلال البحث عن الضمانات التي تكفل صون كرامة الشخص المشتبه فيه أو المتهم عند اتخاذ الإجراءات الجنائية الماسة بحريته الشخصية،وخضوعه لمحاكمة منصفة
أمام القاضي الطبيعي, وأن تتاح للمتهم كافة الضمانات التي تمكنه من الدفاع عن نفسه وأن يسمح له باستدعاء محاميه.وأن يبدي أقواله بحرية، وأن يقع عبء إثبات التهمة على الادعاء، وأن يفسر الشك لمصلحته. ولا يجوز افتراض أنه مذنب بأية صورة حتى تثبت عليه التهمة بما لا يدع أي مجال للشك.(1)
وتكريس الدساتير والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية قرينة براءة المتهم وحقوقه يعكس مدى اهميتها ، غير ان ذلك لا يحول مطلقا دون وجوب تقصي المحكمة ومن قبلها الباحث وقاضي التحقيق الادلة والبحث في الجرائم والتحقق من مدى نسبتها للمشتبه به خاصة ان تكريس براءة المتهم يقابله ايضا حق المجتمع في تسليط عقاب رادع على كل من ثبتت ادانته. ومهما يكن من امر فانه لا بد عند مراعاة هذه المصلحة عدم:" التفريط في شرعية الاجراءات الجنائية التي هي الاطار التي تعمل فيه قرينة البراءة".
و الحديث عن ضمانات الدفاع وحقوق المشتبه به وقرينة البراءة يبفى دون أهمية ان لم تفعّل تلك الضمانات ضمن نصوص تشريعية ودستورية ودولية دقيقة تحتم على المحاكم ترتيب الأثر اللازم على خرقها خاصة إذا مست بمصلحة المتهم الشرعية ودفاعه الذي يجب ان يتمتع بحصانة قوية تؤهله للقيام بواجبه في كنف الاستقلالية والطمأنينة بعيدا عن الضغوط التي قد تمارس ضده وبمنأى عن التبعات الكيدية.
وأصل البراءة حق من حقوق الانسان، انتزعته الشعوب عبر ثورات عنيفة بعد عهود من التحكم والتسلط حُكم فيها على الأبرياء على مجرد الظن والشبهة ، ترسّخ وتراجع عبر العقود التاريخية. وهو حق تبنته جميع المواثيق الدولية التي تعنى بحرية الانسان وكرامته، ومبدأ اصيل ترسّخ عبر الزمن لا يخلو منه دستور معاصر أوقانون اجرائي، وهو ركن اساس من اركان المحاكمة العادلة المنصفة.
-----------------------------------------------------------------------------------
[1] الخمليشي : شرح قانون المسطرة المغربي الجزء 1 الطبعة الثالثة ، شركة بابل ،الرباط المغرب 1988، ص 263 ( مشار اليه من قبل محمد محدة : ضمانات المشتبه فيه اثناء التحريات الاولية ، دار الهدى عين مليلة الجزائر، 1991 ، ص 66

و في الفكر القانوني الحديث يعتبر كمبدأ دستوري بعد ان نص عليه اعلان حقوق الانسان والمواطن في مقدمة دستور سنة 1789 الفرنسي. واصبح قاعدة دولية لا يمكن نكرانها او تجاهلها بعد ان نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 بالقول على ان (كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً حتى تثبت ادانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات للدفاع عنه) (م 11/1). ونصت المادة الثامنة من الإعلان نفسه على ان (لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لأنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.
العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 ذهب بنفس الاتجاه، حيث جاء في الفقرة (2) من المادة (14) منه على انه (2ـ لكل فرد متهم بتهم جنائية الحق في أن يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته طبقا للقانون.) وكذلك نص المادة (6) من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية لسنة .1950
كما إنه لا يصح الادعاء بأن هذا المبدأ لا يجد له قيمة حين تكون الجريمة في حالة تلبس ، أو عندما يدلي المتهم باعتراف تفصيلي ، ذلك أن مبدأ أصل البراءة لا يقتصر أثره على إلزام هيئة الاتهام بإثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها فقط ، وإنما يفرض عليها إلى جانب ذلك معاملته على أساس أنه بريء طوال فترة الاتهام حتى تثبت إدانته بشكل قطعي لا شك فيه.
إن ضبط المتهم في حالة التلبس يشكك في براءة المتهم ، الأمر الذي يبرر الخروج على بعض الأصول للإجراءات الجنائية فيما يتعلق بعمل مأموري الضبط القضائي كي يتمكنوا من الحفاظ على أدلة الجريمة ، غير أن ذلك لا يمكن له أن يدحض أصل البراءة المفترض ، الذي يبقى محتفظاً بقيمته ، سواء من حيث دوره في صيانة الحرية الشخصية ، أو من حيث إلقاء عبء الإثبات على عاتق سلطة الاتهام. فلا يعدو التلبس إلا أن يكون قرينة بسيطة على صحة الأمر المدعى به من قبل سلطة ألإتهام ، الذي قد يدحضها وجود سبب من أسباب الإباحة في حق من زعم نحوه بحالة التلبس ، أو تأكيد هذه السلطة أن سبب ضبطه في تلك الحالة إنما محاولته إنقاذ المجني عليه الذي استغاث به ، أو مجرد تصادف وجوده في مكان الحادث.
وإذا كنا لا نجادل في أن اعتراف المتهم يمثل سيد الأدلة في مقام الإثبات الجنائي متى صدر عن إرادة حرة ، ومن شخص كامل الأهلية ، وكان واضح الدلالة على ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها ، إلا أن ذلك لا ينال من قيمة أصل البراءة المفترض في المتهم ، إذ تبقى سلطة الاتهام مكلفة بعبء إثبات أن الاعتراف قد صدر مستكملاً عناصر مشروعيته كدليل للإدانة ، فضلاً عن تمتع المتهم بكامل الحماية التي يضفيها عليه افتراض براءته. وهذا كله لا يدعمه إلا لأن الاعتراف أصبح كغيره من الأدلة يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها مطلق الحرية في تقدير صحته وقيمته القانونية ، بحيث يكون لها أن تطرحه كدليل لبراءة المتهم.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعوى العمومية
- مفهوم الجريمة
- المواطنة الحقوق والواجبات
- الطائفية وألإرهاب في العراق
- المردود السلبي للازمة المالية العالمية على مشاريعنا النفطية ...
- جريمة تمويل الإرهاب
- الجريمة المنظمة
- السياسة هي صراع القوى الاقتصادية
- انعكاس العولمة على الاقتصاد العربي
- التأسيس لنظم انتخابية قادرة على الاستجابة بشكل فاعل للتحول ا ...
- إعادة تأهيل المحكوم عليهم
- المشاكل العرقية في يوغسلافيا السابقة وتداعياتها دوليا
- التصورات الغربية حول الامن
- الارهاب يضرب اوروبا
- ضعف الدولة الشرق اوسطية
- الحروب الامريكية على مدى تاريخها ليست لها مشروعية
- اِستی-;-فاء حقوق ضحايا الجرائم الدولية في القانون الدو ...
- تأثير التكنولوجيا على القانون
- مستقبل سيادة الدولة
- حقوق ألإنسان والديمقراطية


المزيد.....




- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - ماجد احمد الزاملي - اصل البراءة