يبرق والملاعق -9 - . قصة قصيرة

بابلو سعيدة

الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 15:19
المحور: الادب والفن
    

يبرق والملاعق "9 "
الحرب وحش يفترس الجميع. ولا يعرف الشفقة ولا الرحمة. ويؤدّي إلى الجلطات القلبيّة والنزفة الدماغيّة . ويعمم جنون ...البشر... والأسعار. ويحوّل الاوطان إلى جحيم وخراب ... ودمار .
وفي شارع هنانو الساعة الواحدة ظهر يوم 29 ابريل 2015 استوقفتني سيّدة بلا حجاب أو نقاب . وقالت لي بصوت منخفض وحزين : أنا جائعة. دعوتها فوراً إلى مطعم البيك باللاذقية . وطلبت لها ربع كغ من سمك اًلبَلَميدا، وصحناً من المقبلات . واكلت . وشبعت . وحمدتْ الله . وشكرتني من اعماقها . وقالت لي : يا استاذ هذه هي أوّل مرّة بعد ثلاث سنوات مضت اتناول خلالها وجبة من ... السمك. سألتها اأنت من اللاذقية ؟ أجابت بألم وحسرة شديدين يا استاذ : أنا فاطمة من إدلب . وقد أصاب بيتنا صاروخ طائش فقتل جميع افراد اسرتنا. وقد نجوت من الموت بأعجوبة . وأنا من بلدة يبرق الجبليّة المسالمة والتّي تغطّيها أشجار التين والزيتون . ويخترقها نهر دائم الجريان. وشعبها من الجنسين يعمل في أرضه وحقوله كالنمل طيلة النهار . وينام كالنحل مع أديم الليل . وفي جنح الظلام دخلها المسلّحون الملتحون التكفيريون من الاغراب والاعراب . وتعرّض بعض اهلها للجلد والرجم والخطف والحبس والأسر والذبح . وعاشوا الرعب والقلق وتوتر الأعصاب. وتحول معظمهم إلى متسوّلين ومشرّدين . واحتجّ رهطٌ من أهل بلدتنا على أوضاعهم البائسة عبر مظاهرة سلميّة صامتة اخترقت حارات البلدة. وقد رُفعت خلالها الملاعق . وعلى التّوّ قام المسلحون والإرهابيون بتفريق المتظاهرين واعتقال الملاعق . وتقديم اصحابها إلى المحكمة الشرعية بتهمة الشغب وتهديد امن الإمارة وأميرها معاً. وقررت المحكمة قطع رؤوس المتظاهرين وتعليقها في ساحة البلدة . ومن هول الفاجعة تعالت في لحظة واحدة صرخات أطفال الشوارع والكلاب الشاردة والقطط الأهليّة مستنكرة لما حدث. وخوفاً من مذابح جديدة وشيكة قد تُرتكب بحقّ أهالي بلدتنا ... تسللنا في جنح الظلام متجهين إلى الشاطئ الازرق باللاذقية . وقد اضنانا التعب وشدّة الجوع والعطش . ونمنا أوّل يوم في العراء . وفي اليوم التالي نُصبت لنا ... الخيام . ووزعت علينا ... السلال.

#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل