أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - تحديقٌ بمرايا الذاكرة














المزيد.....

تحديقٌ بمرايا الذاكرة


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


تحديقٌ بمرايا الذاكرة



نمر سعدي


قبلَ أيام كنتُ حاضراً في أمسيةٍ ثقافيةٍ في حيفا نظَّمها قسمُ العلوم الإنسانية في جامعتها احتفاء بترجمة روايةٍ جديدةٍ إلى اللغةِ العبرية اسمها(الذاكرة حدَّثتني ومضت.. سيرةُ الشيخِ المشقَّقِ الوجه) وهذه الترجمة هي لرواية فلسطينية تدعى ( ذاكرة) .. وكان ضيف هذه الأمسية صاحب هذه الرواية الكاتب والروائي الكبير الصديق سلمان ناطور القابض البارع على كلِّ تلك اللحظات الهاربة من الذاكرة.. وكان موضوع النقاش يتمحور حول قضية النكبة وتداعياتها وما بقيَ منها بعد سبعةٍ وستين عاماً على حدوثها.
لأول مرَّة أستمعُ بكل شغفٍ ووجعٍ وبدمعةٍ كبيرةٍ على طرفِ عيني وبحرقة في القلبِ إلى كاتبٍ فذٍّ يتحدث بطلاقة وحرية وذكاء وبلغة تصل إلى القلب قبل الأذن.. غاص وتغلغل في أصغر تفاصيل النكبة وأسئلتها.. التفاصيل التي لا تهمُّ الباحثين والدارسين بقدر ما تهمنا ما تهمنا نحنُ كبشر.. الأسئلة التي تتردَّدُ بمرارة.. كيفَ خرجوا..؟ وهل يتركُ الإنسان بيته بكلِّ هذهِ البساطةِ ويركبُ الريحَ متكئاً على حلمٍ أو أملٍ منخور..؟ كيفَ تناثرَ على هذه الأرض أكثر من نصف مليون مشرَّد في غضونِ أيامٍ معدودة؟ خلال النقاش الموضوعي قام الكاتب باسترجاع حكاية الشاعر القومي أبو سلمى ولقائه بهِ في ألمانيا وكيفَ أنه هُجِّرَ من بيته (كما فعلَ سواهُ من سكانِ الجليل خاصةً) وسافرَ في سفينةٍ ولكن مفتاحِ بيتهِ بقيَ يدهِ ولم يسقط كما سقطَ دفترُ أشعارهِ في البحر لأنه كانَ مؤمناً بعودتهِ خلالَ أيام.. أضافَ أنه كانَ يمرُّ يوميا بمحاذاةِ بيت الشاعر ولا يعرفُ أن هذا البيت الذي يئنُّ من الحزن والوحدة في الحيِّ القديمِ في مدينةِ حيفا كانَ ملكاً للشاعر الفلسطيني الذي ماتَ بعيداً عن حيفا وهو يحلمُ بالعودة إلى مدينتهِ الفاضلة.
الروائيُّ الفذُّ هو الذي يجعلك تعيش الحدث بكاملِ ما فيهِ شجون وما فيكَ من رفضٍ له أو تماهٍ معهُ. فتتسلَّلُ إلى الرواية لتعيش ولو لحظاتٍ فيها.. يقول سلمان: هناك كائنٌ حيٌّ من لحم ودم ترك بيته في لحظة ما.. أو طُرد منه بقوة السلاح ولكنه لا يزال يعيش في مكانٍ ما من هذا العالم.. يحنُ لوطنهِ ويتوَّجعُ بصمت وهو يحتفظ بمفاتيح بيتهِ ويحلم بالرجوعِ في كلِّ لحظة.. القضية إذن ما زالت مفتوحة على كلِّ ما في هذه الحياةِ الخلبيَّةِ القصيرةِ من ألم..
أسمعُ محللاً بعد يومين يقولُ إن الفلسطينيين هربوا لأن الجيوش العربية طلبت منهم ذلك.. وآخر يقول بل بفعل القتل واغتصاب النساء.. كنتُ أودُّ التقاء أحد مسنِّي قرية عيلوط يوما ما ليحدثني عن مجزرة منسية.. لأن لا أحد من الشيوخِ في قريتي يريدُ أن يتذكرَّ شيئا من تلك الحقبة المسربلة بالدم.. لا يهمُّ كثيراً الآن كيف طُردَ شعبٌ من أرضهِ.. عندما يحدِّقُ الضحيَّةُ في عينَيْ من كانَ سبباً في خرابِ حياته ومملكته تتناسلُ أوجاعٌ وعذاباتٌ وأسئلةٌ كثيرة.. كانت هذه الأمسية فرصةً للتحديق.. وفسحةً للكتابةِ في ظلِّ الدمعِ.. أفكِّرُ الآنَ.. كيفَ استطاعَ جدي أن يحيا ثلاثَ عشرةَ سنة بطلقين ناريين في القلب بعد معركة يعبد الشهيرة عام 1935 تلكَ المعركة التي استشهد فيها الشيخ القسَّام.. متنقلاً بينَ سجنِ نابلس وسجنِ عكا ولكن قلبه انفجرَ من الحزن بعد النكبة بشهورٍ قليلة.
*********



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجنحةُ الشاعر ومقصُّ الرقابة
- عن الأبنودي والفيتوري.. وقسوةِ نيسان
- أشعارٌ محكومةٌ بالشغف/ مجموعة قصائد جديدة
- عبد الله رضوان.. الشغفُ الأبيضُ بالقصيدة
- ديوان وصايا العاشق/ الصادر عن دار النسيم للنشر والتوزيع في ا ...
- ديوان تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى/ الصادر عن دار النسيم في الق ...
- حرائقُ أدونيس
- أوجاعٌ نثريةٌ / حبقٌ مضافٌ للقلب
- بدر شاكر السياب.. أسطورةُ شاعر
- النشر في فلسطين
- تأملات في قصيدة -حيفا تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى- للشاعر الفل ...
- القصيدة والصورة
- شتاءُ إرم
- وصايا العاشق
- تأمُّل في وقتِ الأنسنةِ الذئبية/ نمر سعدي ذات شعرية تنزع إلى ...
- قصائد جديدة / 2014
- مزامير لحبق أيلول
- وقتٌ لأنسنةِ الذئب( مجموعة شعرية جديدة للشاعر الفلسطيني نمر ...
- مجموعة مقالات أدبية
- مجموعة من القصائد المكتوبة بينَ الأعوام 2011- 2014


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - تحديقٌ بمرايا الذاكرة