قراءة في ديوان : - الرقص مع الأفاعي - للزجال المغربي الأستاذ عبدالله شريف السرسار بقلم الإعلامي : عبدالعاطي الخازن

عبد العاطي الخازن

الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 17:53
المحور: الادب والفن
    

قراءة في ديوان : - الرقص مع الأفاعي - للزجال المغربي الأستاذ عبدالله شريف السرسار
بقلم الإعلامي : عبدالعاطي الخازن
--------------------------------------------------------------------------------

الرقص مع الأفاعي : عنوان غريب الأطوار ، فيه من العشق ما تبهر إليه النفوس ، ومن الجمال ما تبحث عليه النقوش ، حَيرت الأذهان ، ودمرت المكان ، إنها الأفاعي السامة المرتبطة بالإنسان منذ الأزل . ومنذ القدم لم يفارق الرمز الزجل المغربي على امتداد تاريخه ، ولم ينفك أن يبدأ هذا الرمز من الوقائع ثم يتجاوزها حتى يبلغ الدرك الأعلى من التجريد . فهناك رموز تاريخية ورموز ثقافية ورموز دينية وأخرى أسطورية و رموز أصيلة .. ويبقى اختيار كل رمز وكيف وظف من طرف الشعراء توظيفا فنيا راقياً . فرمز الأفاعي في الشعر القديم مملوءة بالحيوية والحركة والواقعية .. كما في قول شاعر :
(إن الأفاعي وإن لانت ملامسها - عندالتقلبِ في أنيابها العطبُ)
وزجالنا الأستاذ عبدالله شريف السرسار وظف الأفاعي كرمز يتحمل دلالات عدوانية قاتلة .. يقول شاعرنا :
ارقص يا قلبي ارقص / مع الأفاعي زيد رقص / أكون على بال / دمك لا يتمص / سمهم يا ناس / ساري فعروقي / واش نتكلم / ولا ماشي سوقي ...
لاريب في أن هذا الرقص الزجلي يختبئ تحت حراشفه الملساء مبالاة عميقة ، وذات مجروحة غائرة الجرح . ومزاح يوشك أن يكون موتاً : شحال من عساوي / جا يلعب أوهجراتو له .. تحذير وتصوير وإعلان عن نية الغادر ، وهوإعلان ينساب إلى نصوص عديدة في ديوان" الرقص مع الأفاعي " ، كغدر الزمان في قصيدة" العولمة " التي أحسن شاعرنا تصوير حالة العجز عن فعل الخير ولامبالاة التي نحن فيها أمام هذه الهجمة الأحادية والنمطية لبرامج العولمة . هل هذا التصور هو فضح للمواقف الدرامية القائمة أم تحريض على الكتابة في المواضيع المتعلقة بالإنسان وهمومه ؟ .. كقصيدة : "الدجاجة المحضية" و "الهجرة" و "شهادة زور" و" لا للعنف ضد الرجال" و" بيع فينا وشري" .. موضوعات تمتزج فتنصهر أحيانا مع الذات وما يجاورها مجاورة قريبة ، يقول شاعرنا :
جارتي يا جارة / الساكنة فالحارة / اعيونها هبالة / ارموشها قتالة / حاجب مسقول / اوخد معسول / جارتي يا جارة / الساكنة فالحارة / مالكي غضبانة / دايمن حيرانة / راه القلب تايبغيك / ما قدر يصبر عليك ...
موقف يليق بعاشق حقيقي للجمال ، وتتوالى عدة مواقف يقوم فيها شاعرنا أحيانا بالسرد وأحيانا بالتأملات في واقع الوطن ومصيره . مثلاً في قصيدة " التاريخ يشهد على الحدث " يقول شاعرنا :
واش الجارة ما حشمات ؟/ انذكروها بمهزلة الستينات / فحرب الرمال هي بالذات .. " / التاريخ يشهد على الحدث..
شهادة و مواقف جمة واضحة وضوح الشمس المشتعلة في كبد السماء .. هذه هي الشمس التي أعيتها لغات الكون في التعبير عنها والاستحمام بدفئها أو الاحتماء منها بنظارات سوداء و قبعة فريدة وقميص فاتح الألوان .. هكذا فعلا رصعت الصورة الفتوغرافية للشاعر عبدالله شريف السرسار في خلفية الديوان الزجلي الأنيق رفقة بطاقة فنية قصيرة لكنها ذات قامة طويلة وشامخة في المشهد الفني والاجتماعي والثقافي المغربي .
من أهم ما يميز ديوان " الرقص مع الأفاعي " هي القطع الغنائية المتنوعة من حيث العمق والمضمون وفي نشوة الغناء تتنمى الأذواق وترقى الأفكار لتشمل الكون و تتماهى مع عناصر الجمال : القلب .. الوردة .. الرعشة .. لحماق .. وزد على ذلك ... وبهذا أكتفي وأترك لك أيها القارئ العزيز لذة اللقاء والوصل مفتوحة مع ديوان " الرقص مع الأفاعي " للأستاذ الشاعر عبدالله شريف السرسار .. وشكراً.

#عبد_العاطي_الخازن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل