أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم العبيدي - في لحظات رحيله.. في بدء الفراق -عادل قاسم-.. صورة عراقية لمستقبل مُتَخَيَّل














المزيد.....

في لحظات رحيله.. في بدء الفراق -عادل قاسم-.. صورة عراقية لمستقبل مُتَخَيَّل


عبدالكريم العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4814 - 2015 / 5 / 22 - 20:16
المحور: الادب والفن
    



الآن حلقت الآلاف من صورك، ظلَّت ترطن في سبب انطفاء عينك الثالثة، تلك التي طالما أثارت في رؤوس زوّار معارضك الصداع، توغلت هذه الصور في جنة عينك، هالها أن تراها مصفرة، صامتة، بعيدة عن عدستك، هناك فصل طارئ غريب بدأ ينمو بينها وبين الانطفاء، فصلُ لم يدركه المشيعون، اكتفت عينك بكشف إشارة واهنة منه، وتركته كعالم هلامي غير مبتوت فيه، كأنها أوكلت مهمة الفرز للصور، رغم علمها أنها ستزداد رطانة من غموض تلك الإشارة، وهذه أول رجَّة مقصودة منها، حصلت في صحبتها الطويلة معهم، صنعت هوة طارئة، أفردت ضفتها الأولى منبرا صادحا لعينك، بينما تركت آلاف الصور الحيارى في الضفة الثانية، تتناقل الإشارة بتكاسل مصحوب بحزن.
ذاكرتي تكتظ بعشرات المئات من هذه الصور، كان "عادل" رفيق الريبورتاجات العديدة التي كتبتها، رفيق عالمي الصحفي الكبير، هو يحمل كامرته، وأنا أحمل جهاز تسجيل صغير ودفتر ملاحظات وقلم، ندنو من سيارة الجريدة، أقف وأدعوه أن يجلس إلى جانب السائق، بينما أجلس أنا في الخلف إكراما له، طبقا للتقاليد العراقية، كان يخرج معي فرحا، وطالما كان يردد:"سيغدو هذا الريبورتاج مهما حتما"، لكنه لم يقل يوما أن صوره أسهمت كثيرا في انجاحه، كان كريم النفس، هادئا، طيبا للغاية.
لم يعد العراق بكل تحولاته المدهشة بنظر عين "عادل" مجرد صور للتسلية، بل أضحى ساحة لتفاعلات حسيَّة طويلة الأجل، لابد لقراءتها من وجود عقل وخيال وعاطفة، لابد من وقائع ومعطيات، تحركها عينك المليئة بالدهاء، وتستنبط منها ما تريد، ليس هناك، بعد الآن حكاية في ريف أو مدينة، على جبل أو في هور تبقى ساكنة، خفية، بعيدة عن عينك، ستغدو حتما لوحة مبهرة على الورق، تخطها عينك بمهارتها المعهودة، وتضعها بين هلالين مُتَخَيَلَين لا يراهما غيرها، ثم تشير إلى حلول التفاعل وقت ما يشاء، كأنه ومضة خاطفة محفوظة بالغيب، تمثل غد خاص بها وحدها، لا خوفٌ عليها، حتى لو تعثَّر في دنوِّه أو تأخر، لأنه سيأتي فيما بعد، وهذه الـ "فيما بعد" مشدودة فقط بنظرة عينك ومخيالها، وستقع متجاوبة مع متغيرات إدراكها، وهنا، بالذات، بدأ يبرز دهاؤها، وتتوضح فطنتها، فغدت عين ثالث ماهرة وفريدة يا "عادل".
لقد أضحى "عادل" ألبوم ضخم، صورة جمعية لمستقبل مُتَخَيَّل، مع رسم الدروب المؤدية إليها، بدءً من وضعٍ ابتدائيٍ مفترض، أو نقطة شروع، تُحتِّم على الرائي التوغل فيها واقتناص ألاعيبها ومهارتها.
منذ صباح اليوم يا "عادل" كنتُ أتوجس خيفة من حصول شيء ما، من وقوع مفاجآت سيِّئة، من بلاءات جديدة، وها هو خبر فراقك يتسيد المشهد، يحرق هذا النهار، ويتركني في لوعة وأسى.
"عادل".. ستبقى طيفا جميلا في ذاكرة محبيك، فقد كنت بارعا في نبش المسكوت والمحظور والمهمش، مجددا عنيدا في إضفاء موهبتك الفذة على من سبقك، كأنك تريد أيها العادل أن تغرف بلا نهاية لتصوّر بلا حدود.
الآن ناحت على فراقك الصور يا "عادل"، فَقَدَت أجمل عين راصدة ماهرة، ارتدت ثياب الحداد، وتناثرت على جثمانك المسجى لتغدو آخر صورة بأعيننا.
نم وابتسم، فأحبابك يا "عادل" سيروك في آلاف الصور، في الصحف والمجلات والمعارض، وعلى جدار مقهى الشابندر، صورك، صور عراقك الجميلة، صور عينك التي أشعلت الواقع وأنارته، ثم حولته الى نجوم لاهثة في نسيج الحلم..



#عبدالكريم_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة.. أم السرد
- -31- آذار.. نبض -الآخر- الجميل
- الشيوعي بلوى!
- الشيوعيون -كَفَرَة-
- سوزان ابراهيم و (لعبة الأنا).. قراءة تحليلية في مجموعتها الش ...
- الرفيقة (أم امتاني)
- بيت علي الشباني. محطة الشيوعيين.. شهادة
- العراقيون يتكيفون مع الحر ويحولون معاناتهم إلى نكات!
- شهادة دموية مكتوبة برائحة شواء لحم العراقيين
- مفردات برلمانية تغزو الشارع العراقي الآن
- 1/7 تاريخ كاذب لمواليد العراقيين على مدى قرن
- صورة -فكاهية- من داخل المعتقلات الصدامية
- البعث و ضرورة المراجعة الذاتية


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم العبيدي - في لحظات رحيله.. في بدء الفراق -عادل قاسم-.. صورة عراقية لمستقبل مُتَخَيَّل