أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان العسكري - مزاولة التذكر بين هاجس الابتعاد وحلمُ القرب قراءة في ملحمة الشاعر اياد احمد هاشم (تناأيتُ عن عيني )















المزيد.....

مزاولة التذكر بين هاجس الابتعاد وحلمُ القرب قراءة في ملحمة الشاعر اياد احمد هاشم (تناأيتُ عن عيني )


احسان العسكري

الحوار المتمدن-العدد: 4813 - 2015 / 5 / 21 - 00:39
المحور: الادب والفن
    


" ناأيتُ عن عيني وما زلتُ أذكرُ
وفارقتُني رضعاً وما زلتُ أكبرُ
وما زلتُ حدَّ السهو أشتاق طلعتي
كأني على لثغ الشفاه أُكرْكِرُ
وما زال طفلي لا يلين كأنني
به لا أجيد الحبوَ والطفلُ يصغرُ
وكم كُنتُ أهوى دُميَتي رغم موتها
مراراً ، فكمْ أقسو وكمْ هِيَ تصبرُ "
*ان الذكريات هي اكثر الاشياء التي يعيش الشاعر فيها احلامه وكأن الشعراء خُط لهم قدر الفراق واُغرقوا في المفارقات وهُم بين عزلة الذات والاختلاط لدرجة الشفاء بالوجع , الشاعر اياد هاشم الممتليء بالجمال والمتابع الحي لحركة النجوم والناعي الرسمي لمغيب القمر عن سماء الابداع لدرجة انه يعد حتى السهو حق وحقه على الدنيا ان يتذكر ,انه يجمع بين المتناقضين الحلم والواقع ويذوب بتتفاصيلهما حين يكون باشد حالات صلابته فتراه يحن لطفولة جميله بنضوج الشائب تلك الطفولة العنيدة العصية على الملح السماوي المكتنزة بحلاوة الطيبة والمحبة الجنوبية الاصيلة المتأصلة في الجذور فهي السومرية المنبت الفراتية الريع والـ (برحية) الإطعام , هذا الطفل الكبير الذي يتصاغر امام الجمال في نص اياد هاشم ما هو الا التسامي بعينه فنحن الرجال ان بدونا متصاغرين امامه في الحقيقة هذا يعبر عن كبر قلوبنا وعظمة رجولتنا ,لذا نجد الشاعر لايجيد الحبو لأن طفالته هنا محض تصرف يكاد يوصله الى مرحلة الايام الاولى للولادة ثم بقفزة واحدة يعود لعمر الجلوس والتنقل بتعثر منكراً على نفسه مؤنباً لها لقسوتها على ميتة على شكل دمية وهاهو يراها صابرة محتسبة على ما يعتقد انه بلاء حل بها عن طريقه وليس بغيرب على اياد هاشم لأنه ببساطة (الانسان)
" ولم يكُ من غيمٍ يثيرُ غرائزي
لأني ورغم الصيف ما زلت أمطرُ
تعددتُ والألوان تنهبُ طلعتي
وتمسحني نفسي وقلبي يُكَرّرُ
وعثتُ بأحلامي البريئاتِ والصبا
يخاصمني كالشمس والظلُّ يثأرُ
وما كنت استجدي البكاء لحاجةٍ
فكل الأماني بين كفّيَّ تحضرُ
على دمع عين الماء أشفق كلما
يباهلني كَرْمٌ إذا رحتُ أعصرُ
كأنّي بصوت الكأس يسألني كفى
ولكنّ غيثَ الحُبِّ يُضفي فأبدُرُ "
* غرائز اياد هاشم تشبهه كثيراً لأن رؤيته للحياة تختلف عن رؤية غيره فهو يرى انها يجب ان تتسم بالقيم وان تتنامى هذه القيم حتى تصبح شرعة ومنهاجاً يسير عليه الجميع بلا استثناء يتقدمهم فصيلٌ الشعراء لذلك نجده في هذه القصيدة يتناسى الغيوم وينتبه ويركز على غريزة المحبة في كينونة وتكوين الانسان فهو الماطر صيفاً الدافيء شتاءاً رحلته رحلة الخلود لم تك يوماً رحلة ذات جفاء فهي تطعم من جوعٍ وتأمن من خوف , غيثٌ من الحب يضفي على القاريء مدى اتساع رقعة مخيلة الشاعر خاصة وان جماداً يحادث الشعراء كثيراً وهو الكأس الذي يرتشفون منه ذكريات الصبا وملامحمح الطفولة في قلوبهم لكن الاية هنا معكوسة لان الكأس التي يحملها اياد هاشم كانت هي التي تنهل من صفاء قلبه الوجع حد الثمالة والتمايل في ذاتها لتقول له كفى . فقد نهبت الالوان طلعتك كفى تجزيء نفسك وتنثرها ببهاء الوان العراق فطلعتك سيدي اجمل من ان تنثرها ذكرى بينك وبيني حتى آن للمسح الذاتي ان يحل محل التذكر والتأوه والابتسامة للقدر النابعة من اعماق القلب كفي ايها الشاعر انت تبعثر احلامك بآلام الغربة داخلك فأنت واضحٌ وضوح الشمس غير آبه لظل الحكايا القديمة وإن اظهرت لك شيئاً من سواد العزلة وكثيراً من الانتماء, ان الاستجداء الذي يلمحُ له الشاعر اياد هاشم ليس بالاستجداء التقليدي المعروف بل هو اشتهاء حقيقي للبكاء منعته من الوصول اليه جمالية الصورة وهو يعيش حالة التذكر والحنين لايام الطفولة وكأنه يقف على شاطيء ما يخاطب تكسر اوجهه في المياه كبحلقة الثمل في مرآته المبللة عاصراً وجعه الذي يشبه الكرم وقد تناله بكلتا يديه متزناً ومتذوقاً وناقداً حدراً له
" وليس لبُقْيا فالندامى وليلهم
وما لقراحِ الكأس كأسٌ فتُكسرُ
وكنتُ أُقيمُ الحدَّ حتى على فمي
إذا علَّمَتْني خمرةٌ كيف أسكرُ
وكانت عصافيري تنام على يدي
لأن ذراعي بالعصافير تشعرُ
تبرأتُ من عشقِ المرايا، فقصّتي
تُبلُّ جناحي كلّما رفَّ دفترُ "
* ان قراح الكأس تكسرُ هاجس الثمالة لدى الشاعر حين يشعر بالوحدة وان كان بين الكثيرين (ربما) ورغم ذلك فهو المتزن العاقل الصابر على هوى نفسه المتبريء من مرآته التي راى فيها شيئاً من الانكسار الذي اعتقده تكسراً في ما مضى , كيف لا وعنده دفتر الحياة يقلب اوراقه متى شاء ويخط مستقبله ويناقش ماضيه منذ الطفولة حتى اوانه فيحلق بعيداً بعيدا ثم يحط رحاله حيث يجد المكان الملائم للعقلانية وهنا يستمر اتزان اياد هاشم لدرجة ان العصافير تأمن له فتتخذ من اصابع الشاعر غصنا تحط عليه مطمئنة تحتضنها ذراعه كاحتضان الحبيبة او انه يشعر انها حبيبته وانا شخصيا اعتقد ان حبيبة المتعددة الصفات هي عصافيره الآمنة ’, ولاعجب من ان تجد الحبيبة والعصافير معاً هذا الأمن عنده لأن الشاعر عادة هو الاكثر أمنا بين طبقات المجتمع وهو التميز الذي يقول لنفسه ارعوي لأني : -
" ورثتُ زماناً لستُ أهوى وريثَهُ
كغيثٍ تمارى فوق صحراء يقطرُ "
* ولستُ بمكترثٍ لمن وضع لي هذا الزمان في وصيته ولاضير ان اجهدتُ نفسي قليلا في التامل
" ومرت بنا حربٌ رحاها صبيةّ
وفرسانها عن كلِّ شيءٍ تأخروا
وظلّ انتظاري يسأل الليلَ نجمةً
كأنّي كتابٌ والعساكرُ أسطرُ
فأينكَ منّي حين جاءوا لمصرعي
حفاةً وبيتي بالخرافات يزخرُ
أرممُ أجزاء الشبابيك علّني
سأمنعُ مَنْ فرّوا ومرّوا ومرّروا
وعدتُ نبيَّ القوم فتوايَ طفلةٌ
تُحِلُّ لهم كفراً وفي الحِلِّ تكفُرِ
وصِرنا يدَ الأسلاف نضرِبُ بعضنا
فنربحُ في حربٍ وفي السَلمِ نخسَرُ"
جميل جداً هذا التساوق والتسامق في النص وهذه اللغة المميزة التي لايجيدها الا القلة القليلة من شعرائنا (سأمنعُ مَنْ فرّوا ومرّوا ومرّروا ) وسيفعلها لأن رحى الحرب الممتلئة بعنفوان الصبا وعبثيته التي تأخر فرسانها عن كل شيء حتى الشعور بالنصر تاركين المدنيين يتأملون النجوم كثيراً منتظرين مرتقبين لشيء من الرحمة السماوية تنقذهم ولكن هيهات كُتِب عليهم الموت بسطورٍ خطتها كراديس العساكر الذين مروا من هنا بالامس ولم يرحلوا من ذاكرة الشاعر وقومه الذين يعلقون تارة (حجارة زرقاء) او جثة غراب نافق على ابوابهم او يهرعون الى المساجد والاضرحة المشيدة من الحجر الذي غالباً يعين القذائف على تحقيق مبتغاها (خطيرٌ هذا المنحى سيدي الشاعر) كيف ستمنع الارواح من الخروج عبر النوافذ وهي لديها القدرة على الخروج من مسامات الجلد التي لاتُرى بالعين انا متأكد انت لم تكت يائساً ابداً بل كنت حالماً جداً حد التنبؤ واقصى ما تصل اليه النبوءة تخبر قومك بأن النذير آت هاهو قادم يحمل على هودجه فنارات الاسلاف تذكرني بمقطع من احدى قصائدي (فأكف اسلافٍ بهم آمنتَ تلتهمُ النبوة .. وسيوف اسلافٍ بهم آمنتُ تؤمن بالشعير) نعم ان اشد ما يؤلم هو ان تنتصر في الحرب وتموت في السلم مقتلولاً على يد من نصرته وما كان مهتماً ابداً لخساراته بل يعدها نصراً ضد مؤزر يومن به غيره وينفذ هذه الرغبة هو ..ما اجمل القتل شوقاً وما أقبح الحياة صبراً ومكابرة , وليس آخراً : ان الشاعر اياد هاشم في ملحمته هذه خط لكل الانسانية مصير الحالم بالجمال في مجتمعات تعد نفسها مشاريع للموت وان اشد ما يؤلم الواعي هو محاولاته اقناع الاخرين بأن الله رب الحياة وهم مصرون على انه رب الموت وحسب ومزاولة التذكر ما هي الا ابتعاد مبرر عن واقع لانريد الايمان به فترانا نعد الابتعاد والرحيل هاجساً وياله من هاجس .



#احسان_العسكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارجوحة الصياد بين الثبات والانتقاء والتقاط الندى قراءة في خط ...
- ارجوحة الصياد بين الثبات والانتقاء والتقاط الندى قراءة في خط ...
- قالوا سنغرق في الوجل ( إشگد عسل وآشگد فشل )
- حلم (باسم فرات) البوليفاري يتصدر الاعمال الفائزة بجائزة جواد ...
- العربانة فليم سينمائي ام ملحمة شعرية ؟
- القمر العجوز ...بريقٌ على وجنة قراءة في لوحة سومرية ل حيدر ...
- الشاعر عامر ضايف السلمان بين عشق العزلة وانطلاقة المنتصر ... ...
- قراءة في اصداءُ القلق. الشاعر عامر ضايف السلمان بين عشق العز ...
- قمر أور يسكن قلب الشاعر ذو الجناحان الذهبيان اطلالة على بستا ...
- التناص مع الخيال والقبول بواقع مغاير -الشاعر علي مجبل - والح ...
- شاعرة الفرح المستنير القا تكتب بمداد الحزن السومري
- على الحدود المتاخمة ل (جمهورية البرتقال) الشاعر ابراهيم الخي ...
- الصعود اللامتناهي في شعر عباس ريسان ( دهشة العطور ) وخطوات ن ...
- إفتراءاتٌ لم تفضح بَعدُ
- النص الغنائي بين التماهي مع الذكرى ومحاولات انعاشه , نصوص ال ...
- القومية العربية فكر وتدبر
- مهرجان المربد الشعري الحادي عشر (احدى عشرة وقفة مع الجمال)
- مهرجان مصطفى جمال الدين السنوي الخامس
- مجتمعي - قراءة في ما يراه المجتمع مثالياً - الاحتيال
- الضياع - من كتاب مجتمعي - قراءة في ما يراه المجتمع مثاليا


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان العسكري - مزاولة التذكر بين هاجس الابتعاد وحلمُ القرب قراءة في ملحمة الشاعر اياد احمد هاشم (تناأيتُ عن عيني )