حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4804 - 2015 / 5 / 12 - 02:55
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
فاتح ماي وذكرى مقتل إبراهيم بوعرام !!
كلما حلت علي مناسبة فاتح ماي وأنا بمدينة الأنوار باريس ، إلا هاجمني مسلسل الأحداث المأساوية التي عرفها هذا اليوم العمالي في هذه المدينة وعبر العالم ، وما كلف العمال من نضالات كبيرة وتضحيات جسيمة في مواجهة جشع الرأسمالية وتغولها ، وما سالت من دماء غزيرة دفاعا عن حق العامل في الحياة الأفضل والحرية والمساواة الحقيقيتين ، وما تعرض له مناضلو النقابات العمالية في سبيل إحقاق الحقوق المشروعة ، وإزهاق تعسف واضطهاد الباطرونة اللاقانوني .
في خضم هذه الذكريات المتجهمة لـتاريخية "ماي" البعيدة منها والقريبة ، والتي تتمكن مني كلما وقفت على ضفاف نهر السين، مع حلول هذه المناسبة من كل سنة ، وتفرض على فكري استرجاع تفاصيل ذكرى حزينة ومؤلمة ، لحادثة تعود لعشرين سنة خلت ، لكنها لازالت قابعة في الدماغ تنتظر المنبه لتطفو للسطح ،إنها ذكرى جريمة قتل عنصرية بشعة ، التي راح ضحيتها مهاجر مغربي في مقتبل عمره ، والذي تكالبت عليه -في مثل هذه المناسبة العمالة لسنة 1995- بشاعة الطائفية ، وتعاضدت ضده تطرف المذهبية ، وتآزرت عليه شراسة العنصرية والكراهية ، لتعتدي عليه ، بالقتل ، وتلقي به ، وبدم بارد ، من أعلى جسر الكاروسيل ، ليغرق في نهر السين ، بسبب هويته المغربية العربية المسلمة المسالمة فقط ،..
وإذا كان استحضار أرواح شهداء التضحية والنضال ، هو أسمى أشكال التنديد بجرائم الاستبداد والعنصرية ، والذي هو مسؤولية وواجب الإنسانية جمعاء ، فإذا كانت عمدة باريس "آن هيدالغو" قد قامت بواجبها نحو هذه الذكرى ، باستحضارها -كما هي عادة من سبقها من عمداء باريس - صباح الجمعة فاتح ماي روح الفقيد "إبراهيم بوعرام" الذي قتل قبل عشرين سنة على أيدي عناصر تنتمي إلى الجبهة الوطنية المتطرفة ، حاملة إكليلا من الزهور وضعتها بجوار اللوحة التذكارية التي ثبتها عمدة باريس السيد دولانوي بمكان الاغتيال ، بمحاذاة جسر كاروسيل على نهر السين بالعاصمة الفرنسية . فماذا عنا نحن أهله وأبناء وطنه ؟ وما هو واجبنا نحو ذكرى مقتله ؟ أليس من المفروض ألا ننساها وألا نتهاون في استرجاعها وإحيائها هي وباقي ذكريات الذين ضحوا من أجل ما ينتفع جميع العمال من ناتج الثروات وليس حفنة أغنياء .
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟