أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ستار جبار سيبان - بدريه














المزيد.....

بدريه


ستار جبار سيبان

الحوار المتمدن-العدد: 4802 - 2015 / 5 / 10 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


قد بكون الموت امنية ، وتنذر النذور للأئمة وللصالحين لاجلها ، ولكنهم لايبالون احياناً ، وعليَّ أن ابقى اتجرع مرارة الموت كل هذه اللحظات .
الظلام في هذه الليلة ، التي ازدادت ظلمة وسواداً في عينيّ ( بدريه ) ، حين اقتاداها اخويها ، الاكبر ( بدر ) واخيها الاصغر ( فجر ) ، وهم يقتادونها في أزقة مدينة الثوره ، وهم ملثمين بيشامغهم ومرتدين دشاديشهم السوداء وكانهم يشيعون عزيزاً اختطفته يد المنيّة وسوء الطالع .
المدينة غارقة بالصمت ، الا من نباح كلاب سائبة ، او كلاب حراسة داخل بعض البيوت ، الازقة غير معبدّه ، تتوسطها ساقية للمياه الآسنة حفرها الاهالي ، تصب في مجرى كبير حُفر على طول الشارع العام ، بعد ان حفروا سواقي صغيرة تستقبل كل مايخرج من حمامات ومطابخ البيوت من مياه الغسل والتنظيف وتصب في هذه الساقية الوسطية .
وبعد أن اجتازوا الأخوة الثلاثة يرافقهم شبح الموت ، نصف المسافة للطريق المؤدي الى ( السدّه ) التي تقع في نهاية المدينة .
( خويه وين ماخذينّي ؟ ) ، لم يجبها احد على سؤالها الذي تلاشت حروفه في الظلام ، يمزقها صوت الططوة المنذر بالشؤم ومصوباً سهامه الى قلبها ، كم تمنت لو أجهز الموت عليها بكل اسلحته ، حين احتجزها اخويها في حجرة داخل الدار قبل يومين ، لما كانت تتعثر قدميها المكبلّة بأصفاد الخيبة وسوء الحظ الان ، وهي سائرة الى حتفها المشؤوم ، خلف السده .
- يفيض نهر الحزن بعد ان تمتلئ سواقي الغم والالم في النفوس فتسيل من آماق العيون ، وتجرف بسيلها زهور السعادة وبذور الأمل ، لماذا لم تتركيني اغرق يابدريه حين كنت طفلاً ، لقد كانت امي الله يرحمها دائماً تردد ( لو ما بدريه چا هسه فجر غرگان وشبعان موت ) وكأنها تريد ان تذكرني بأن اردّ الجميل اليك في يوم ما ، لكنني جبان يابدريه لا أملك الشجاعة لأقول لبدر ( بدريه ماعدها شي ، بدريه شريفه ، بدريه اشرف منك ومن مرتك البومه ) ، يابدريه لاأملك سوى هذه الدموع التي تحرق خدي تحت لثام العار المزعوم .
- ألله .. ألله .. تعثرت بدريه بخطواتها وكادت تسقط على الأرض ورفعها بدر بيده الممسكه بيدها اليمنى وهو يقول ( الله لاشافچ .. الله لايرحمچ جبتينه العار ، شگلتي لروحچ من صادقتي واحد من اهل بغداد ، ماحسبتّي حساب لاخوتچ .. جدّام العشيره والسلَف ) . حينها عرفت بدريه ان من وشى بها هي زوجة بدر حين استدرجتها الأخيرة بمكرها ودهائها ، وبدأت بدريه تحادثها عن ( سمير ) موظف الأستعلامات في الدائرة التي عملت فيها ( فرّاشه ) لتعيل نفسها وابنها اليتيم الذي قُتل والده قبل خمس سنوات بثارات عشائريه في ريف العمارة ، انها لاتنسى اليوم الذي ألتقت عيناها بعيني ( إسميّر ) كما كانت تسميّه ، وهو يطلب منها ان تنظف صالة الأستعلامات ، وهو يسمعها بعض الكلام المعسول الذي لم يطرق إذانها وقلبها من سنين ،
- تعرفين شنو اسم بدريه ؟
- آنه شمدريني استاد .
- بدريه يعني مثل البدر أخت الگمر ، .. لو .. أنتي اكبر اخواتچ .. مو صحيح ؟ .
تمتمت مع نفسها ، وهي تمسح الزجاج خلف كرسي طاولة الأستعلامات :
( انهجم بيتك إسميّر ، حچيك كله صدگ ) .
وقالت :
- اي صحيح استاد ، آنه چبيرتهن .
- لا أني أگول لأن تشبهين الگمر سمّوچ بدريه ، بس لو گالولي قبل لايسمّونچ چان گتلهم سموّها حوريه ، لأن انتي أحلى من الحوريه .
-خيّه تگولين شايل خرزه لو عِرج السواحل ، دوهَنّي ، خلاني چني عميه ، كلشي ماشوف ، بس ريحته تارسه الدايره ، اطيب من ريحة ام السودان .
رفعها بدر بقوة قبل ان تسقط الى الأرض واسنانه تصطك :
-گومي لا بارك الله بيچ
نهضت وهي ملتفة بعبائتها السوداء التي لاتقل سواداً عن حظها بعد وفاة زوجها ووالديها اللذان طالما اوصوا بالعناية بها وبولدها ( ديروا بالكم على خيتكم ترى مگروده وما عدها حظ ) رفعت عينيها التي تغزّل بها كل من رآها ، عينيها الغارقة بالدموع متوسلة بأخوتها :
- خويه بدر .. والعباس اخو زينب ترا آنه شريفه ومحد كاظ ايدي ،
خويه فجر .. وعيونك البغلاة امي وابوي .. آنه طاهره وحگ فاطمه الطاهره . لاتذبحونّي .. هدّوني ورا السده .. خلوا الچلاب تاكلني وبعد ماتشوفون وجهي للموت وگولوا لعمامكم ذبحناها ودفناها .
ضاعت كلماتها مع اصوات الططوات والخفافيش التي تملأ سماء المدينه الأسود .
انه منتصف الزقاق الأخير المؤدي الى الموت ، الى شارع السده ، بدأ الأفق يتسع وتبدو ملامح مرتفع السده الذي غطاه الظلام وسواده ، كما غطى قلوب اخوة بدريه .
كلما اقتربوا من نهاية الزقاق وبدأ الأفق بالأتساع ازدادت ضربات قلب بدريه ولم تعد باستطاعة قدميها حملها ، فتسقط على الارض متعثرة بخطواتها ، فيرفعها اخوتها وهي تصرخ باكية ( ولله مامسويه شي .. ولله اني شريفه ) .
اجتازوا الشارع الترابي ، تاركين خلفهم بيوت القطاع الأخير وذكريات الطفولة مع بدريه



#ستار_جبار_سيبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوابه
- حبة الحظ .


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ستار جبار سيبان - بدريه