أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - رابح لونيسي - فرانز فانون-مفاتيح لفهم الإضطهاد العنصري والثقافي عبر التاريخ-















المزيد.....

فرانز فانون-مفاتيح لفهم الإضطهاد العنصري والثقافي عبر التاريخ-


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 4800 - 2015 / 5 / 8 - 17:44
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


فرانز فانون
-مفاتيح لفهم الإضطهاد العنصري والثقافي عبر التاريخ-

أرتبط فرانز فانون بالثورة الجزائرية، فأغلب كتاباته دارت حول هذه الثورة وتحليلها لدرجة إعتقاد الكثير أنه منظرا لهذه الثورة، لكنه في الحقيقة كان يستمد نظرياته من معايشاته لواقعها، ومن خلالها تمكن من وضع العالمثالثية بحل مشكلة الثورة الإشتراكية في بلدان العالم الثالث بالإعتماد على الفلاحين والريفيين بدل طبقة البروليتاريا المنعدمة في هذه الدول بسبب ضعف القطاع الصناعي، فقد أكتشف فانون أنه ليس مستحيلا قيام هذه الثورة في دول العالم الثالث لأنها لاتمتلك طبقة البروليتاريا التي تقوم بها لأنها ضعيفة صناعيا، ونشير أن فلاديمير لنين حل المشكلة في روسيا بوضعه النظرية الماركسية-اللنينية بسبب التأخر الصناعي في هذا البلد، فأقام ديكتاتورية البروليتاريا التي ستركز على التصنيع، أي الإستيلاء على الدولة ثم القيام بتصنيع مكثف لخلق هذه الطبقة البروليتاريبا التي ستقود إلى الشيوعية، أي الإنطلاق من أطراف الرأسمالية العالمية للقيام بها، على عكس ما طرحه ماركس من أنها ستقوم في الدول الأكثر تصنيعا مثل أنجلترا، وهو نفس ما يطرحه سمير أمين اليوم بالقول بثورة إشتراكية إنطلاقا من دول العالم الثالث بعد ما يصل الإستغلال الرأسمالي العالمي أوجه في هذه البلدان.
أما فانون فقد لاحظ بإمكانية قيام هذه الثورة الإشتراكية بالإستناد على الفلاحين والريف، وأنطلق في ذلك مما لاحظه في الثورة الجزائرية من ثورية الفلاحين ودورهم الكبير فيها، لكن في الحقيقة ابالنسبة للجزائر فقد سبقه إلى هذا الطرح مصطفى لشرف الذي أطلق على المقاومات الشعبية الجزائرية في القرن19 ب"ثورة الفلاحين" رابطا أياها بالأرض التي أغتصبها المعمرون، وذلك في مقالة له في مجلة إيسبري في 1954، أي قبل إندلاع الثورة، لكن يبدو أن ماوتسي تونغ قد سبقهم إلى ذلك عالميا، وطبقه على أرض الواقع، ولم تكن طروحات ماوتسي تونغ صالحة في هذا المجال فقط، بل حتى نظريته الثورية القائلة بمحاصرة المدن من الأرياف والأطراف لإسقاط النظام في بكين وإقامة دولة إشتراكية قد أخذ بها اليوم للأسف الإرهاب الداعشي الذي شرع في إقامة إمارات دينية في أطراف العالم الإسلامي التي تعرف فقرا وفوضى، ومنها تحاصر المراكز الكبرى في هذا العالم، لكن قبل ماوتسي تونغ ولشرف وفانون فقد سبق فريدريك أنجلز أن تحدث عن ثورات الفلاحين في القرن 17 في ألمانيا، لكنه لا يعتبرها ثورة شيوعية، مما يعني أن النظرية الماركسية تدحض طروحات ماوتسي تونغ وفانون.
ويبدو أن الرئيس الجزائري هواري بومدين قد تأثر بفانون، فأنطلق في ثورته الإشتراكية من الأرياف وبالثورة الزراعية مع تكثيف الصناعات الثقيلة، لكن استند بومدين في تأميمه للآراضي الفلاحية على الشرعيتين الدينية والتاريخية، فالدينية بنشره فكرة ومقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه "الأرض لمن يخدمها"، وقد كان عنوانا لنص في أحد الإمتحانات في السبعينيات، وكانت هذه المقولة تدرس بقوة في المدرسة الجزائرية آنذاك، أما الشرعية التاريخية فيستند على فكرة أن الآراضي في الجزائر قبل 1830 كانت ملكية للعرش، أي ملكية جماعية، أين العرش يعمل في الأرض جماعيا، ويستفيدون من محاصيلها جماعيا أيضا، وذلك قبل أن تصدر القوانين الإستعمارية التي أستهدفت تفتيت الأرض وتحويلها إلى ملكيات فردية، وعلى رأسها قانون سيناتوس كونسولت 1863 وقانون فارنيي1873، والتي أستهدفت أيضا تفكيك المجتمع الجزائري بخلق صراعات بين أفراد العرش الواحد ذاته حول حدود الملكيات الفردية من جهة، والذي لازال سائدا إلى اليوم، ومن جهة أخرى القضاء على تضامن العرش كله ضد أي محاولة عدوانية ضده من الإستعمار، ونشير إلى أن ماركس قد أشار في رسالة له إلى صديقه أنجلس إلى ما أسماه وجود شيوعية بدائية في الجزائر بعد إقامته لمدة فيها للتداوي بهوائها النظيف بعد إصابته بمرض صعوبة التنفس.
اما نظرية فرانز فانون فقد ظهرت في كتابه "معذبو الأرض" الذي أصبح بمثابة أنجيل للشعوب المضطهدة، بمافيهم الزنوج في أمريكا، لكنه يعتمد على العنف، وأيده سارتر الذي كتب مقدمة هذا الكتاب عند نشره لأول مرة في 1962، وقبل هذا الكتاب نشر كتابا آخر حول "سوسيولوجية الثورة الجزائرية في عامها الخامس" أين حلل الثورة الإجتماعية التي أحدثها العنف الثوري في نفسية المجتمع الجزائري، خاصة في قضايا المرأة والتحديث ومواجهة البعض من التقاليد أو تبنيها كمظاهر للمقاومة ضد المستعمر، وأحسن ما كتب فانون حول المرأة وتحررها هو تبنيها ممارسات جديدة عصرية ومنافية للتقاليد القديمة مثل الإحتجاب وعدم الإختلاط بالذكور والسفر لوحدها، وبشأن ذلك علينا أن نشير إلى معاناة بعض بنات بعض الشخصيات التابعة لجمعية العلماء المسلمين الذين بقوا أكثر محافظة ورفضوا لبناتهم الإنخراط في العمل الثوري بسبب سيطرة هذه التقاليد، وهو ما يشير وندد به بوضوح أحمد طالب الإبراهيمي عند نشره الرسائل التي كانت تصله من هاته البنات التي يشتكين من أبائهن، ويمكن التأكد من ذلك بالعودة إلى كتابه "رسائل من السجن" ، لكن ما يؤسف له أن هذا التطور الثوري للمرأة الجزائرية لم يستمر بعد إسترجاع الإستقلال، فعادت القهقري إلى الوراء بسبب سيطرة تيارات أيديولوجية منغلقة همها قمع المرأة، إضافة إلى تحالف عناصر من النظام مع هذه التيارات الأيديولوجية المحافظة جدا والرجعية، والتي تسعى لإعادة المرأة إلى البيت كحريم بدل مشاركتها كعنصر فعال إلى جانب الرجل في بناء الدولة مع الحفاظ على هويتها الإسلامية، أي أمرأة مسلمة حديثة كما دعا إلى ذلك قاسم أمين ومحمد عبده في مصر في نهاية القرن 19، وتعرضا للتكفير من المنغلقين والمتعصبين آنذاك بنفس الأسلوب الذي يقوم به الوهابيين اليوم ضد المثقفين وعلماء الدين المستنيرين، وقد كرر مثلا نفس دعوة محمد عبده كل من الشيخ بن باديس في الجزائر والطاهر الحداد في تونس في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وغرابة الأمر ما دعا إليه هؤلاء، ومنهم خاصة محمد عبده هو الممارس اليوم بعد قرن من الزمن، مما يدل أن هؤلاء المتعصبين والمنغلقين تحت غطاء الدين والتحريم يعرقلون التطور الإجتماعي، ثم يعترفون بعد عقود وفوات الآوان أنهم كانوا مخطئينن، فيحللون ماحرموه من قبل، فيضيعون عمرا من حياة أممنا ودولنا.
كما عرف عن فانون دوره في إقناع اليسار في أوروبا لإتخاذ موقف صريح مؤيد للثورة الجزائرية، وذلك من خلال مقالاته العديدة والمتسلسلة التي نشرت في المجاهد لسان حال الثورة الجزائرية بالفرنسية.
لكننا نعتقد أن أهم كتاب لفانون على الإطلاق في نظري، والذي لم يلق إهتماما كبيرا هو "بشرة سوداء، قناع أبيض" الذي ألفه قبل إندلاع الثورة الجزائرية، فلم يول له إهتماما كبيرا بسبب ربط فانون بالثورة الجزائرية، ففي هذا الكتاب قام بتحليل نفسية الإنسان الزنجي بسبب الإضطهاد العنصري والثقافي والإستعماري الذي مارسه ضده الإنسان الأبيض، وهو نفس الإهتمام الذي نجده لدى إيمي سيزر أستاذ فانون، وكذلك ايديولوجية النغريتود للسنيغالي ليوبولد سنغور، لكن مايثير الإنتباه في تحليل فانون لظاهرة الزنوجة وعلاقة الزنجي بالأبيض هي عقدة النقص القاتلة التي خلقت لدى الزنجي رغبة ملحة في التخلص من زنوجته والتشبه بالإنسان بالأبيض، وهو نفس ما يسميها بن خلدون "المغلوب مولع بالغالب"، لكن لاحظ فانون وهو الطبيب النفساني، بأن رغبة الزنجي في التخلص من زنوجته هي مستحيلة بسب إستحالة تغيير جلده، ولهذا فهو يرغب لو تمكن من إستبدال ذلك بقناع أبيض، وهو ما قام به الفنان مايكل جاكسون منذ سنوات ادت إلى وفاته، فهو ما يعني عند فانون ان عقدة الإنسان الزنجي مركبة، ومن الصعب حلها إلا بالقضاء على الإنسان الأبيض، فهنا تولدت نظرية العنف الثوري لدى فانون، وهي نفس النظرية التي نقلها إلى علاقة المستعمر بالمستعمر والتنظير للعنف الثوري، وبأن القضاء على الإستعمار يتم بالقضاء على المعمر.
لكن لم يذهب فانون في كتابه "بشرة سوداء، قناع أبيض" أبعد من مسألة الزنجي، ولم يطرح مسألة كل الشعوب المغلوبة، والتي تعرضت للإضطهاد العنصري والثقافي عبر التاريخ، والتي تتشابه نسبيا في السحنة واللون مع المضطهد، مما يعني تشبهه بالمضطهد والتخلص من ذاته ليس أمرا صعبا ومعقدا كما هو الحال في علاقة الزنجي بالإنسان البيض، ففي حالة التشابه النسبي في السحنة واللون، فمن السهل على المضطهد سياسيا وثقافيا وتمييزيا التشبه بمضطهده، لأن ماعليه إلا التخلص من هويته وثقافته ولغته، ويتبنى أصل وهوية المضطهد له، فيصبح مثله شريطة تغيير المكان الذي يعرفه فيه الناس، وهنا نطرح أسئلة أليس هذا هو ما حدث في العديد من البلدان عبر التاريخ أين اصطدم جنسين متشابهين نسبيا في السحنة واللون؟ أليس ماطرحه فانون يعد مفتاحا هاما في يد المؤرخين وعلماء الإجتماع لفهم العديد من المظاهر والتحولات الثقافية والإقتصادية والسياسية عبر التاريخ؟، طبعا هناك عوامل اخرى يمكن أن تفسر لنا هذه المظاهر والتحولات كالدين والجغرافية وافقتصاد وغيرها، لكن هذا المفتاح الذي وضعه فانون يعد مفتاحا أساسيا لتفسير هذه المظاهر، حتى ولو أن فانون قد وضعه دون أن يشعر به لأنه حصره فقط في علاقة الزنجي بالأبيض.



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجذور التاريخية للتوظيف السياسوي لمسائل الهوية في الجزائر
- مقاربة لفهم ومواجهة أخطار التفكك في دولنا المغاربية
- من غيب المغاربيون في التاريخ الحضاري؟
- هل نحن بحاجة اليوم إلى بروتستانتية إسلامية؟
- مقاربة للخروج من مأزق الإنتقال الديمقراطي في العالم العربي-د ...
- حركة التاريخ بين سدنة المعبد وورثة الأنبياء
- نقاش حول مسألة إعادة ترتيب سور القرآن الكريم
- من أجل مواجهة عالمية لبوادر تكرار الظاهرة الإستعمارية
- علاقة نشر -التوهمات العرقية- بمخطط تفجير الدول المغاربية
- التمهيد الأيديولوجي للقبول بالسيطرة الداعشية على أوطاننا
- التفكك في العالم العربي: هل هي إستراتيجية إسرائيلية أم نتاج ...
- من أجل إجتثاث الإرهاب والقلاقل الأمنية في الفضاء المغاربي
- أسس جديدة لدولة ديمقراطية وإجتماعية-من أجل نظام سياسي بديل-
- حل نهائي لمشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام في مباديء الثور ...
- محمد عابد الجابري وتنظيره اللاشعوري للقومية المغاربية
- ردا على طروحات عثمان سعدي-من أجل نقاش علمي وهاديء حول المسأل ...


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - رابح لونيسي - فرانز فانون-مفاتيح لفهم الإضطهاد العنصري والثقافي عبر التاريخ-