أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ثامر - حق الانسان في الخصوصية















المزيد.....



حق الانسان في الخصوصية


محمد ثامر

الحوار المتمدن-العدد: 4797 - 2015 / 5 / 5 - 12:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




الحماية القانونية والقضائية
لحق الانسان في الخصوصية


الاستاذ المساعد الدكتور محمد ثامر مخاط
كلية القانون --- جامعة ذي قار




المقدمة
لايمكن تحديد نطاق لخصوصية الانسان وهذا هو مكمن اهمية هذا البحث في الحق في الخصوصية او في توفير الضمانات القانونية لهذا الحق ذلك ان تعدد نشاطات الانسان وحركاته ومهامه واعماله وتوجهات مشاعره وعواطفه واحاسيسه وعلاقاته بما حوله من اشياء واشخاص تتضمن جميعها مفردات من خصوصية الانسان ينبغي على القانون ان يوفر لها الحماية وينبغي للقضاء ان يجسد هذه الحماية ويوسع من نطاقها .
لايمكن القول ان هناك ندرة في مصادر البحث التي تتحدث عن الحق في الخصوصية ولكن صعوبة البحث تكمن في ان المصادر التي تتحدث عن هذا الحق لا تتخذ شكلا واحد او فرعا واحد من فروع القانون بل ان الحديث عن الخصوصية تتناوله كتب القانون الجنائي وتقرنه بتطبيقات قضائية يمكن ان تكون كفيلة باغناء مادة البحث ولكنها تبعدها عن فلك القانون الدولي والدستوري واحكام كل منهما وقواعده , ناهيك عن ان هذا الحق حديث نسبيا ويعود إلى فترة مبكرة اذ اسفرت بعض المقالات القانونية خصوصا المقال الذي كنبه وارين وبراند سنة 1890 عن التعليق لاول مرة عن الحق في الخصوصية , تلى ذلك تطبيقات قضائية للقضاء الامريكي والقضاء الفرنسي جسدت هذه المقالات ووسعت من نطاق الحماية وعرفت بتنوع صورها .
لقد اقتضت ضرورة البحث التطرق او بالاحرى الجمع بين شقي الحماية لهذا الحق واقصد الحماية التي توفرها النصوص والمواثيق الدولية والحماية التي اجتهد القضاء فكشف عنها وهذا الجمع يستدعي من جهة اخرى ان نشير إلى انه جمع بين الشق الدولي في موضوع حماية خصوصية الانسان والشق الجنائي والمقصود به التطبيقات القضائية لهذا الحق.
ان الذي لايمكن انكاره , وهي حقيقة اضهرها البحث بوضوح , ان القضاء الاوربي والمقصود هنا المحكمة الاوربية لحقوق الانسان كان لها فضل السبق والانجاز والابتكار في تصوير مفهوم الخصوصية وكذلك اللجنةالامريكية والظاهر ان تدخل القضاء في تحديد نطاق الحق في الخصوصية والحماية القانونية لهذا الحق وخصوصا ما يرتبط منها باجراءات التفتيش ودخول المنازل والتصرفات والاجراءات المتبعة من قبل رجال الشرطة والتي يمكن ان تكشف من خصوصية الانسان الذي ما كان له ان يظهر إلى العلن والاشهار لولا قيام الشرطة بمثل هذا الاجراء , هذا بالاضافة إلى اجراءت النشر في وسائل الاعلام .
وبغية الوقوف على شقي الحماية القانونية للحق في الخصوصية واللذان اشرنا لهما سلفا كان لابد من تقسم البحث إلى مطلبين هما :-
المطلب الاول – الحماية القانونية .
المطلب الثاني ---الحماية القضائية .
مع الاشارة إلى موقف الشريعة الاسلامية والدستور العراقي النافذ .











المبحث الاول
الحماية القانونية لحق الانسان في الخصوصية

تعددت التسميات التي تطلق على الحق في الخصوصية فقد يسمى الحق في الفردية أو الحق في العزلة أو الحق في السرية أو الحق في الألفة وكل هذه التسميات تعكس جوانب متعددة لحياة الإنسان الخاصة الأمر الذي يجعلها متداخلة مع بعض الافكار أو متداخلة معها أو شبيها لها .
نصت المادة 12 من ألاعلان العالمي لحقوق الانسان على (( لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو أسرته ، ولا لحملات تضمن شرفه وسمعته ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات )) أما المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نصت على هذا الحق بفقرتين ((
1 ـ لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته ، ولأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته .
2 ـ من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس ))
ونصت على حق الانسان في الخصوصية المادة الثامنة من الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان ولكنها أعطته تسمية مختلفه وهي عدم التدخل في الحياة الاسرية والخاصة للانسان أي في مسكنه أو مراسلاته وعادت الفقرة الثانية من ذات المادة لتستتني من عدم التدخل جواز التدخل في الاوقات التي يتطلبها القانون أو الضرورة للمحافظة على المجتمع الديمقراطي و ألامن العام أو النظام العام أو الوضع الاقتصادي أو للتصدي للجرائم أو الحماية الصحة العامة والاخلاق العامة أو لحماية حريات وحقوق الاخرين ونص عليه ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي في المواد 7 و 8 و 9 وجعل الحق في الزواج وتكوين ألاسرة ضمن الحق في الخصوصة ونص عليه ألاعلان ألامريكي لحقوق وواجبات الانسان في المواد 5 و 9 و 10 وعددت هذه المواد جزيئيات الحق في الخصوصة ونصت عليها صراحة مثل الحق في الشرف والحق في الشخصية والحق في الحياة الخاصة والحياة الاسرية وعادت بقية الفقرات لتتوزع بين خصوصة المسكن وسرية المراسلات ونصت عليه المادة 11 من الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان بصياغة تقترب كثيرا من صياغة العهد الدولي ونصت أتفاقية دول الكومنولث لحقوق الانسان وحرياته الاساسية بصياغة تحدد الحالات التي يجوز فيها التدخل في الحياة الخاصة كما شرحتها الاتفاقية الاوربية وأخيرا نص عليه التعديل الرابع والخامس والتاسع والرابع عشر للدستور الامريكي .
ويعني الحق في الخصوصية حق الانسان في ممارسة شؤونه الخاصة بمناى عن تدخل الاخرين كذلك كان له الحق في ان يخلو الى نفسه وله الحق في حرمة حياته الخاصة وسريتها . ومجال هذه السرية هو شخص الانسان او مسكنه فالانسان بحكم طبيعته له اسراره الشخصية ومشاعره الذاتية وصلاته الخاصة وخصائصه المتميزة ولا يمكن للانسان ان يتمتع بهذه الملامح الا في اطار مغلق يحفظها ويهيأ لها سبيل البقاء .
ويمكن القول أن الفكرة الخصوصية تمتد جذورها إلى العهد الأعظم ( الماجنا كارتا magna carta ) في عام 1215 ، وتجد صداها في مبدأ الحريات corpus habeas الصادر بقانون سنة 1629 ، وكانت ملامح الخصوصية في التعديلات الدستورية العشرة الأولى الواردة على الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأمريكية ، والتي يطلق عليها وثيقة الحقوق ، والتي تقضي أن سلطات الحكومة ـ ولا سيما في مجال الحرية الفردية ـ ليست بغير حدود .
وفي قضية من القضايا الإنجليزية القديمة ذهبت المحكمة فيها إلى تحريم تفتيش المنازل بغية الحصول على دليل إثبات ، وتوسلا بتراخيص عامة لا تعدو أن تكون ممارسة تحكيمية للسلطات التنفيذية . وهكذا كانت الحماية الدستورية واردة أيضا بالنسبة للحق في الخصوصية ، والتحرير من ضبط الشخص ومتعلقاته . ولكن ليس بمفهوم حماية الحياة الخاصة ولكن بمفهوم حماية الملكية ، وهو حق نص عليه التعديل الدستوري الرابع في شكل حماية من التفتيش والضبط غير المعقول .
ويذكر ان المحاكم البريطانية رفضت الاعتراف بالحق بالخصوصية مدعية ان هذا الحق غير موجود في القاتون العام الانكليزي كما انه لم يذكر في تعليقات بلاكستون او كينت او أي من المعلقين او الشراح العظام وبناء على ذلك ردت المحكمة الدعوى التي تقدم بها الدفاع للحصول على تعويضات لموكلته التي نشروا لها اكثر من خمس وعشرين الف بوستر بدون رضاها وهي القضية المعروفة باسم روبرستون ضد ريكستور لسنة 1902 .
وفي سنة 1881 قضت محكمة ( ميشيجان ) بتعويض ألزمت به طبيبا ، لأنه اصطحب معه شخصا أعزب من خارج المهن الطبية إلى عنبر الولادة ، وبدون علم المريضة . وتعتبر هذه القضية ، القضية الأولى التي يتم بها الاعتراف بالخصوصية كمصلحة واجبة الحماية قانونا .
وعلى الرغم من أن الحق في الخصوصية لم يرد صراحة في الدستور الأمريكي ، إلا أن الاستقلال الشخصي ، والتحرر من التطفل الحكومي تعتبر قيما متأصلة الجذور في التاريخ الدستوري الأمريكي . ويمكن القول إن لفظة الخصوصية قد استخدمت على الأقل بدءا من القرن الخامس عشر وحتى مطلع القرن العشرين , وإذا أردنا الدقة فإن هذا الاستعمال كان في اواخر القرن التاسع عشر ، حيث كان الفكر الدستوري الأمريكي قد اختمر ، واستقر ، وأصبحت الخصوصية تمثل مسالك عريضة متشعبة للمصالح المرعية بموجب مختلف نصوص وثيقة الحقوق أي التعديلات العشرة الأولى التي وردت على الدستور الاتحادي للولايات المتحدة .
وإذا تركنا القانون الانجلو أمريكي واتجهنا صوب فرنسا فإن تشريعها يتضمن نصوصا تستهدف حماية أسرار الحياة الخاصة ، وذلك منذ فترة مبكرة ربما سبقت في ذلك الاتجاه الأمريكي ، فهناك المادة 11 من قانون 18 مايو سنة 1868 ، وقد أدخل عليه تعديل يتعلق بالصحافة في سنة 1868 نص على حظر التعدي عن طريق نشر مواد تتعلق بالحياة الخاصة ، ونص القانون على فرض عقوبة في حالة المخالفة تصل إلى خمسمائة فرنك فرنسي ولكن هذا النص عدل عنه بعد ذلك بسنوات قليلة ، وذلك بموجب قانون صدر في 29 يولية سنة 1881خاص بالصحافة ، وفيه حظر لإفشاء الحقائق الخاصة ، والتي تتعلق بالمجال الخاص ، ولم يتسن وضع هذا النص موضع التنفيذ العلمي .
وهكذا نجد أن للخصوصية ملامح وجذورا في النظام الفرنسي بل إن ( وارين وبرانديز warren g brandeis ) يشيران في معرض دفاعهما عن الخصوصية إلى ان القانون الفرنسي قد اعترف بحرمة الحياة الخاصة ، ولكن إذا نظرنا إلى الأمر في حقيقته فإنه لم يكن في فرنسا ـ حتى وقت قريب ـ نصوص تعاقب على إفشاء أسرار الحياة الخاصة بالمعنى الدقيق .
وفي الحقيقة فإن نقطة الانطلاق نحو تطور الحق في الخصوصية ، تبدأ من مقال شهير لكل من ( وارين وبرانديز ) ، ذلك أنه حدث في سنة 1890 أن قامت بعض الصحف الأمريكية بنشر قصص عاطفية ، وإماطة اللثام عن تفاصيل شخصية تتعلق ( بصمويل و. وارين ) ، وهو محام كبير سابق ، اعتزل المحاماة وأصبح من رجال الأعمال ، وعن زوجته ، وهي ابنة أحد أعضاء مجلس الشيوخ ، وأشارت هذه الصحف على وجه الخصوص إلى مسألة زواج ابنتهما ، فاستغل وارين هذا الاعتداء واتجه إلى شريكه السابق لويس برانديز الذي أصبح فيما بعد واحدا من أشهر قضاة الولايات المتحدة وكتبا معا مقالا في مجلة هارفارد للقانون بعنوان ( حق الحرمة الشخصية ) ، ومن هنا ظهر تعبير الحق في الخصوصية كنمط من الحقوق التي يفترض أن تتمتع بالحماية بنص القانون .
وقد تتبع الكاتبان تطور الحقوق المادية الصرفة إلى حقوق معنوية بطبيعتها ، وكان من رأيهما ضرورة المحافظة على الخصوصية إزاء تطور الاتصال والتي أصبحت أكثر فعالية في مجالات عديدة مثل الصور الفوتوغرافية وكثافة المعيشة وتعقد الحياة ، فكان له أثره على الحضارة وتقدمها ، وجعل من الضروري على المرء أن ينسحب نوعا ما من العالم ، وأصبح الإنسان المثقف أكثر حساسية للنشر ، وأصبحت العزلة الخصوصية لازمة أكثر للفرد .
ومع ذلك كان لا بد من الجدل لأنه كان من الضروري التدليل على الحاجة إلى هذا الحق من جهة ، والتدليل أيضا على أن بعض أسس الخصوصية موجودة بالفعل في القانون العام من جهة ثانية .
وفي سبيل التدليل على ما تقدم عمد الكاتبان إلى دراسة عدد من القضايا التي رأت المحاكم فيها علاجا ؛ وذلك تأسيسا على حق الملكية ، أو حق بموجب عقد أو خيانة الأمانة ، أو الثقة ، أو على أساس التشهير . وانتهى الكاتبان إلى أن تلك القضايا إنما هي في الأصل تستحق أن تكون مبدأ مستقلا يعترف به . ويرى الكاتبان أنه ليس هناك ما يمنع القانون العام من أن يحمي الفرد من إفشاء الأسرار طالما أن هذه الأسرار قد تم التهامس بها في خصوصية تامة ، ووسيلة القانون العام في الاعتراف بهذا الحق هو أن القانون العام نفسه قد حمى الفرد قبل النشر حسب نصوصه الحرفية .
وفي الحقيقة إن سبب نمو الخطأ المدني في مجال الخصوصية يرجع بالتأكيد إلى مقال " وارين وبرانديز" . وكما أوضح أحد كتاب القانون أن مقالها " يتمتع بتميز مرموق وقد أنشأ المقال نظرية جديدة في مجال الفقه القانوني . وهكذا أسهم " وارين وبرانديز " في تطور هذا الحق ونموه توسلا إلى الاعتراف به .
وتشير التشريعات العقابية الى ان هناك جرائم تمس الحق في الخصوصية منها جرائم المسارقة السمعية والبصرية وجريمة ألافشاء أو التهديد بأفشائها وهناك أيضا وسائل أثبات تؤثر في خصوصية الفرد منها أستعمال جهاز كشف الكذب ( البوليجراف ) واستعمال العقاقير المخدرة ( مصل الحقيقة ) و أستخدام أجهزه التسجيل الصوتي وأجهزة الأتصال ومراقبة المكالمات الهاتفية و فتح المراسلات البريدية
ويضيف جانب من الفقه صور أخرى للحياة الخاصة : ـ
1 ـ التجسس على الخلوة الشخصية وتشمل الحياة العائلية والجوانب العاطفية وأي أوضاع أخرى تأملية يتخذها الإنسان بمعزل عن الآخرين .
2 ـ نشر الوقائع الخاصة بما تتضمنه من خصوصيات فردية كالرسائل والبرقيات والاحوال المهنية .
3 ـ نشر الوقائع المشوهة بالشكل الذي يسيء لأصحابها وأختلاف مثل هذه الوقائع كأجراء عملية مونتاج الصوت أو الصورة لأظهار موقف مخالف للحقيقة .
4 ـ أساءة استعمال العناصر الشخصية لغرض الحصول على الربح كاستعمال صوت شخص أو صورته أو وقائع حياته للدعاية التجارية وبدون موافقته .














المبحث الثاني
التطبيقات القضائية لحق الانسان في الخصوصية

التطبيقات القضائية لحق الانسان في الخصوصية ساهمت الى حد بعيد في تحديد نطاق هذا الحق وفي الكشف عن مضمون هذا الحق وما يعد من الحياة الخاصة عن غيره وسواء اصدرت تلك التطبيقات من المحاكم ام من لجان حقوق الانسان .
فمن التطبيقات القضائية للحق في الخصوصية وجدت اللجنة الامريكية لحقوق الانسان في قضية كارسيا ضد حكومة بيرو لسنة 1995 أن مبررات أستخدام مختلف الطرق في سبيل الوصول الى الحقيقة يعتمد على أتباع الاجراءات التي حددها القانون ، وبالتالي فليس كل طرق ألادلة وفقا لما هو مقرر في القوانين الاجرائية مبررة وكانت الدكتورة كارسيا ببيرز قد أدنيت بحيازة اسلحة بشكل غير شرعي ضبطتها قوات الجيش في منزلها ولكنها طعنت بأن مجمعات مسلحة من الجيش بأمرة الفريق هارموز قد أقتحمت منزلها في 5 أبريل 1992 وهو منزل رئيس بيرو السابق وأستولت بشكل غير قانوني على أوراق خاصة بالعائلة مثل الوثائق الثبوتية ( جوازات السفر ، وثائق التملك أعلانات الضرائب ، الوثائق القانونية ، ) والتي تستخدم في الدفاع عن الرئيس السابق في الدعوى المقدمة ضده وأن المادة 11 من الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان تحظر مثل هذه الاعمال التي تعدها تدخلا في حياتها الخاصة ، وقد أقرت اللجنة هذا الطعن وأعتبرت تلك الاعمال أنتهاكا للحق في الخصوصية . وكذلك حكمت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان في قضية كيرموس ضد فرنسا سنة 1993 أنها ذكرت الدول الاطراف في الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان مروا وتكرارا أن عليها أن تبدي تفهما معينا للحاجة الى التدخل في الحق في الخصوصية وأن ألاستثنأات المنصوص عليها في المادة الثامنة الفقرة الثانية من الاتفاقية يجب أن تفسير بشكل مقيد لا يجوز التوسع فيه .
وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية أحتجت ووافقتها في ذلك لجنة حقوق الانسان أن المادة 64 من تشريع الضرائب تمنحها الصلاحية لتفتيش المنازل التي تعرف بأنها محكمة الغلق وأن هذا التشريع حل محل تشريع الضرائب والتعليمات المالية التي تتعامل مع الاقطار الاجنبية والتي تمنح صلاحية التفتيش المنصوص عليها في قانون أصول المخالفات الجزائية والمشرع في 16 أب 1791 والذي عدل بالمرسوم المؤرخ في 12 تموز 1934 والذي توسع في عام 1945 ليشمل التحقيق بتبادل المراقبة على تنفيذ الاحكام . وفي قضية تونين ضد الحكومة الاسترالية أدعى السيد تونين أن هناك نصين هما المادتين 122 و123 من قانون العقوبات الخاص بولاية تسمانين يجرمان أشكال مختلفة من التصرفات الجنسية بين الشواذ أو بالاحرى كل أشكال الاتصال الجنسي بين الشواذ البالغين أذا تمت أو أتخذت شكلا سريا . ولذلك فالمدعي يرى أن المادتين أعلاه ينتهكان المادة الثانية والفقرة الاولى من المادة 17 والمادة 26 من العهد الدولي لأن جميع هذه المواد لا تميز بين التصرفات الجنسية السرية أو العلنية وتحظر التدخل في الحق في الخصوصية الذي تنتهكه المادتان 122 و 123 لأنهما يمكنان قوات الشرطة من أقتحام المنزل لمجرد الشك أن رجلين يمارسان برضاهما التام نشاطا جنسيا مثليا قد يشكل فعلا جرميا . وأن هذا يلحق سمعة سيئة بمثلي الجنس في أستراليا وبشكل خاص في تسمانيا . وأن أنتهاك الحق في الخصوصية قد يقود الى حملات غير قانونية على شرف وسمعة هولاء الافراد . وقد أقرت الحكومة الفدرالية أنها وبموجب ألتزاماتها المقررة في المادة الرابعة الفقرة الثانية من البروتوكول الاختياري لسنة 1995 أن المدعي كان ضحية تدخل تعسفي في حياته الخاصة وأن ما ذكرته حكومة الولاية من نصوص تشريعية في مواجهته لتبرير الحق في التدخل في الحياة الخاصة لا يستند الى مبررات الصحة العامة أو الاسس الاخلاقية ولكن الحكومة الاتحادية علقت على المادة السابعة عشر من العهد الدولي قائلة أنها لا تنشأ حقا بالخصوصية ولكنها تعطي الحق بالحرية للحماية من عدم التدخل التعسفي أو الغير قانوني بالحياة الخاصة كما أشارت الحكومة الفدرالية الى أن المقصود بكلمة (( الخصوصية )) هو (( المسائل الشخصية المحاطة بدرجة من الكتمان وتؤمن لها أن لا تكون في متناول الجميع )) وأن التصرفات الرضائية الجنسية وفق لهذا التعرف تتدرج في أطار الخصوصية . وعلى كل حال ، فأن الحكومة الاسترالية الفدرالية أقرت أن الحجج التي قدمتها حكومة الولاية من أن هناك معايير أخلاقية خاصة بمجتمع الولاية تبرر أجراء مثل هذا التدخل في الحق في الخصوصية هي حجج واهية وأن ما قامت به يعد أنتهاكا لحق المدعي بالخصوصية وكذلك فعلت لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان في رأيها الصادر في 31 أذار 1994 حين ردت المبررات التي قدمتها حكومة تسمانيا لتبرير التدخل في الحياة الخاصة للمدعي والمقامة على أساس أسباب صحيحة هي حماية المجتمع من خطر عدوى مرض الايدز وأعتبرت اللجنة أنه ليس هناك من علاقة بين تجريم التصرفات المثلية والرقابة الفعالة على أنتشار فايروس الايدز . وتذهب المحاكم البريطالية على العكس من ذلك الى أن الدولة مخولة ، وفق أجراءات جنائية ، بتنظيم النشاطات والاعمال والتصرفات التي يمكن أن تتضمن أنتشار عدوى مرضية سواء أكانت هذه التصرفات تقع ضمن التصرفات الجنسية أو أي تصرفات وأعمال أخرى وقضت المحاكم البريطانية أن مبررات التدخل في الخصوصية يمكن أن يكون لحماية الصحة العامة أو الاخلاق وعلى السلطات العامة في الدولة بما في ذلك المحاكم أذا ما رغبت في أنتهاك هذا الحق أن تتأكد فيما لو كان أطراف مثل هذه التصرفات قد أقدموا على هذه التصرفات بملء أرادتهم وهنا بالتحديد رفضت المحكمة دفوع المدعيين بأن تصرفاتهم تشكل جزء من أخلاقهم الخاصة والتي هي بمنأى من تنظيم الدولة كذلك أعتمدت محكمة الاستنئاف على الرضا المتبادل بين الاطراف والذي يمنع الدولة والسلطات العامة من التدخل في خصوصيتهم وذلك عندما اقرت ان رضا الزوجة على الوشم الذي وضعه في عجزها يبدد أي امكانية للتدخل من قبل السلطات العامة ويخرج القضية من دائرة الاختصاص الجنائي . وفي قضية كودون ضد المملكة المتحدة في عام 2002 وجدت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان أن من حق المدعية أن تغير جنسها من ذكر الى أنثى على الرغم من أنها مقيدة في سجلات الولادة في صحيفة ولادتها بأنها ذكر وأنها أجرت بعد ذلك عملية جراحية لتحويل جنسها من ذكر الى أنثى وألزمت المحكمة جميع الدوائر ذات العلاقة والسلطات العامة في أنكلترا بالتعامل مع المركز الجديد للمدعية بوصفها أنثى على الرغم من أن القانون ألانكليزي يعرف عقد الزواج بأنه عقد بين رجل وامرأة وأن قوانين العمل والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية تميز بين الرجل والمرأة وعدت المحكمة أن الحق في تغير الجنس عبر العمليات الجراحية ما دام لا يؤثر في المصالح العامة للمجتمع يعد جزء من الحق في الخصوصية لا يستوجب الحصول على أذن قبل القيام به من السلطات العامة وأذا ما تم على جميع السلطات العامة التعامل مع الوضع الجديد . ومن تطبيقات أحترام الحياة الاسرية المشار أليها في المادة الثامنة من الاتفاقية الاوربية والمشار لها أيضا في المادة 17 الفقرة 1 تحت عنوان (( شؤون أسرته )) ما قررته لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في قضية فياي ضد كولومبيا بموجب الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من أن الحكومة الكولومبية بمنعها الام الكولومبية بجنسيه الولد والايطالية بجنسية الاقامة من رؤية ولديها بعد أنفصالها عن زوجها الكولومبي ومنع هؤلاء الولدين من الالتقاء بأمهم وأختهم المقيمة في أيطاليا تعد منتهكة للمادة 14 الفقرة 1 والمادة 23 الفقرة 4 بألاشارة الى المادة 17 الفقرة الاولى من العهد الدولي وأن على الحكومة الكولومبية وفقا للمادة الثانية الفقرة الاولى ( أ ) من العهد الدولي أن تدفع تعويضا لوالدة هؤلاء الولدين ولأختهم لأنهم ضحايا أنتهاك حق الانسان في سرية حياته الاساسية وكذلك تدخل تعسفي وغير قانوني في جميع المراسلات التي أجرتها مع طفلها والحقيقية أن اللجنة الاوربية لحقوق الانسان قد أكدت في قرار أخر أن عبارة الصحة وألاداب المنصوص عليها في المادة 8 / 2 لاتشمل الحماية العامة لصحة أو أداب المجتمع بل يراد بها كذلك حماية صحة وأداب أفراد المجتمع ويقصد بها الرفاهية النفسية والمادية للفرد وحماية كيانه النفسي عن كل خطر قد يهدده
ولعل أهم وأخطر إجراء يمكن أن ينتهك حق الإنسان في الخصوصية هو التفتيش بشقيه تفتيش الأشخاص وهو الإقل وطأه وتفتيش المسكن ولم تورد التشريعات الجنائية أو الدستورية أو الدولية المقصود بالتفتيش فتعرفه بعض التشريعات بأنه إجراء من إجراءات التحقيق يهدف الى ضبط الإدلة وليس الأستدلال عليها ويرجح جانب من الفقه هذا التعريف حيث يعرفه بأنه إجراء من إجراءات التحقيق تقوم به سلطة حددها القانون يستهدف البحث عن الادلة المادية لجناية أو جنحة تحقق وقوعها في موقع خاص يتمتع بالحرمة بغض النظر عن ارادة صاحبه وأذا كان القانون لا يميز من حيث النتيجة بين إجراء استدلالي وأخر تحقيقي فأن النتيجة المترتبة على كل منهما واحدة وهي تكوين قناعة لدى قاضي الموضوع بالعناصر المطروحة أمامه وأذا كانت التشريعات والقوانين لم تعرف المقصود بالتفتيش فأنها أيضا لم تعرف المقصود بالمسكن على وجه التحديد ألا أن المادة 75 الفقرة أ والمادة 73 الفقرة أ من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 أوضحت أن المقصود بالمسكن هو المكان الذي يسكن فيه الشخص تحت حيازته ، ويذهب الفقه الى أعتماد تعريف موسع للمسكن يشمل كل مكان يقيم فيه الشخص ويتخذه مستودع لأسراره وسواء أكانت هذه الأقامة مستمرة أو متقطعة ويغض النظر من العلاقة التي تربط المقيم بالمكان كونها مثلا إيجار أو هبه أو تملك أو حتى علاقة غير قانونية وبغض النظر عن هيئة وشكل المكان والمواد الأنشائية التي دخلت في بناء وحجمه ومساحته وموقعه وبناء على ذلك فقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه (( يقصد بلفظ المنزل كل مكان يتخذه الشخص مسكنا لنفسه على وجه التوقيت أو الدوام بحيث يكون حرما أمنا لا يباح لغيره دخوله الأ بأذنه )) في حين قضت محكمة أستئناف أبو ظبي (( أن دخول رجال الشرطة الى حجرة المتهم في الفندق ليس فيه ما يعارض القانون فلم يثبت أن المتهم اعترف أو لم يأذن ، ولم يتحقق أن غرفة في فندق هي سكن له حرمة )) .
وفي ذلك فيمكن أن تعرف تفتيش المسكن بأنه (( الدخول في مكان يتمتع بالحرمة بأعتباره مستودعا لأسرار صاحبه ، للبحث فيه عن الأدلة المادية التي تفيد في كشف الحقيقة في جريمة وقعت )) .
وينبني على ماتقدم أن التفتيش بالمفهوم السابق لا يشمل الأعمال الآتية :
1 ـ أعمال الحفر في العقار بحثا عن الأشياء المراد ضبطها ، وإلا تعرضت الأمكنة لاحتمالات الهدم ، كما لو قام القائم به بالحفر في حائط أو سقف أو أرضية الحجرة مما يعرضها للانهيار . لأنه في مثل هذه الحالة يكون العمل ( الحفر أو الهدم ) مما لا يدخل في اختصاص القائم بالتفتيش أو الآمر به ، ولا يكون ثمه مانع يمنع المتهم أو صاحب المكان من دفع العدوان ، لأن مالا يبيح مقاومة مأمور الضبط القضائي أثناء قيامه بأمر بناء على واجبات وظيفته مع حسن النية ولو تخطى حدود وظيفته ، أن يكون العمل الذي يقوم به الموظف داخلا في اختصاصه .
2 ـ مراقبة المحادثات التليفونية أو الأحاديث الشخصية ، أو ما يسمى مجازا (( التفتيش الالكتروني )) الذي يتم باستخدام الوسائل العلمية الحديثة كأجهزة التنصت أو التسجيل على شرائط أو التصوير ، لكشف أدلة الجريمة . وهذه الوسائل يتطلب استخدامها عدم اخطار صاحب الشأن ، بل تستلزم السرية في استخدامها لكي يمكن الحصول على دليل الاثبات من الحديث الذي يتم تسجيله سرا ، وهذا الاجراء لا يتطلب ـ بطبيعته ـ انتهاكا ماديا للمكان . لأن هذا اجراء من نوع خاص القصد منه الحصول على دليل قولي يفيد في كشف الحقيقة . ومعنى ذلك أن استخدام الأجهزة الالكترونية في التنصت على المحادثات وتسجيل الأحاديث الخاصة أو التصوير في مكان خاص ، وإن كان يتضمن اعتداء على حرمة المكان ومساسا بالحق في السر ، إلا أنه لا يدخل في مفهوم التفتيش التقليدي ، وانما يخضع لاجراءات خاصة به ، باعتباره وسيلة للحصول على دليل قولي يفيد في كشف الحقيقة ، ومن ثم فان الاذن بتفتيش المسكن لا يبيح للقائم به التنصت أو التسجيل أو التصوير ، وإلا بطل الدليل الذي يتم الحصول عليه ، ناهيك عن جواز مساءلة القائم به جنائيا وتأديبا .
ٍوغني عن البيان أن (( التفتيش الالكتروني )) يختلف عن استخدام الأجهزة الالكترونية في البحث عن الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات أو غيرها ، وكذا الاستعانة بالكلاب البولسية المدربة للكشف عن المخدرات أو اقتفاء الآثار ، داخل أجزاء المنزل محل التفتيش ، ذلك أن الاستعانة بهذه الوسائل يدخل في نطاق الكيفية التي يتم بها التفتيش ، وهي أمور يترك تقديرها للقائم به طالما أن استخدامها لاينطوي على مساس بحرية الشخص أو بالآداب العامة . ولذلك تجيز بعض التشريعات صراحة الاستعانة بالمتخصصين من أصحاب المهن أو الحرف شريطة أن يكون عملهم تحت اشراف ومسؤولية القائم بالتفتيش . وهذا ما استقرت عليه أحكام النقض المصري في شأن مساعدي أو معاوني مأموري الضبط القضائي .
3 ـ دخول المنازل لغير التفتيش : ـ التفتيش ودخول المنازل أمران مستقلان ، لايجمعهما إلا أن التفتيش يسبقه دخول . فالتفتيش بطبيعته يفترض بالضرورة الدخول في المكان يعقبه فحص محتوياته لضبط الاشياء التي يستخلص منها الدليل في الجريمة التي يجري التحقيق فيها ، أما دخول المكان فيقتصر على مجرد تخطي حدوده والظهور فيه ، وما يرتبط بذلك من القاء النظر على محتوياته أو معاينتها أو فحصها ، ومن ثم فهو ليس إلا عملا ماديا يرمى إلى غاية أخرى غير التنقيب عن الأدلة .
ودخول المنازل لغير التفتيش يكون في أحوال ثلاثة . أولها : الدخول برضاء أصحابها أو حائزها ، وهذا هو الأصل . وثانيها : الدخول استنادا إلى حالات الضرورة وهي حالة طلب المساعدة من الداخل أو حدوث حريق أو غرق أو ما شابه ذلك . وهذه الأحوال ليست واردة على سبيل الحصر ، لذلك استخدم المشرع عبارة (( أو ما شابه ذلك من أحوال الضرورة )) .
واستظهار هذه الأحوال يقتضى الرجوع إلى قواعد القانون المختلفة .
والدخول في هذه الأحوال وان كان بدون إذن أصحابها إلا أنه مقرر لمصلحتهم وبهدف حمايتهم . ومن ثم يكون مشروعا ، ولأنه لا يهدف إلى جمع الأدلة ، فهو ليس عملا اجرائيا ، وانما هو عمل مادى ليس إلا . ومن حيث قانون العقوبات فان حالة الضرورة قد تكون متوافرة مما يجوز معه التضحية باحدى المصالح في سبيل حماية مصلحة أخرى أجدر بالحماية يهددها خطر جسيم .
وثالث هذه الأحوال الدخول : ـ لتنفيذ أمر القبض ، وما يقتضيه من الدخول للبحث عن الشخص المراد القبض عليه ( 93 / 4 أردنى ، 30 صومالى ، 50 كويتي ، 20 بحريني ، 23 قطري ) . وهو إجراء اداري يتعلق بتنفيذ أمر قانوني صادر من سلطة مختصة ومن ثم يجري التنفيذ في كل مكان ، وبالوسيلة التي تحقق الغرض منه . وقد استندت محكمة النقض المصرية إلى حالة الضرورة لتبرير دخول المنزل بقصد تعقب متهم لا لقاء القبض عليه باعتباره عملا ماديا تقتضيه هذه الحالة ( الضرورة ) .
فأثار هذا القضاء خلافا في الفقه . حيث يرى البعض أن القضاء السابق محل نظر لأن نظرية الضرورة تفترض أن يكون الفعل هو الوسيلة الوحيدة لدرء الخطر وهو شرط لا يتوافر عند انتهاك حرمات المنزل من أجل القبض على من يختفون بداخله ، إذ عليه تحقيق ذلك بغيره من الوسائل أو بعد مراعاة الضمانات التي أوجبها القانون لدخول المنزل . بينما الرأي الغالب في الفقه يؤيد الاتجاه السابق لقضاء النقض لأن تعقب المتهم داخل مسكن بقصد تنفيذ أمر القبض عليه سنده الضرورة الاجرائية التي أقرها الشارع . فالدخول في هذه الحالة لا يعد تفتيشا ، والقول باعتباره هذا الدخول تفتيشا غير جائز ، لأنه يؤدي إلى تمكين المتهم من تعطيل مفعول الأمر بالقبض باختفائه في منزله ، أما اذا اشتبه القائم بتنفيذ الأمر في اختفاء المتهم في منزل شخص آخر فانه لا يجوز دخوله إلا إذا ندب لذلك من سلطة التحقيق .
والذي يبدو أن مجرد الدخول للبحث عن المتهم والقبض عليه وإن كان لا يعد تفتيشا ، إلا أنه تتعين التفرقة بين حالتين : الحالة الأولى : وهي التي يصدر فيها أمر من سلطة التحقيق بالقبض والاحضار عندما يكون المتهم غائبا ، اذ أن تنفيذ أمر القبض والاحضار ـ اذا توافرت شروطه القانونية ـ يقوم به سبب الاباحة في قانون العقوبات المصري ( المادة 63 عقوبات مصري ) . وهنا يقع على عاتق السلطة المكلفة بالتنفيذ الالتزام بالقيود التي يضعها المشرع لدخول المسكن حماية لحرمته ، ومنها القيد الزمني ( في التشريعات التي تضع مثل هذا القيد ) ، لذلك جاء في الفصل ( 151 ) من قانون المسطرة المغربية أنه (( لا يجوز للعون المكلف بتنفيذ أمر القبض أن يدخل منزل مواطن ماقبل الساعة الخامسة صباحا وبعد التاسعة ليلا ) . أي أنه أخضع تنفيذ أمر القبض للقيد الزمني الذي يخضع له تفتيش المنزل المنصوص عليه في الفصل ( 64 ) ، ودون أية استثناءات وعلى ذلك أيضا جاءت المادة 44 / 2 من قانون الاجراءات الصومالى حيث تنص على أنه (( لا يجوز تنفيذ الأمر بالقبض داخل مكان هو مسكن خاص ، فيما بين الساعة السادسة مساء والسابعة صباحا إلا في حالة الضرورة )) . وعلة ذلك أن تنفيذ أمر القبض على متهم غائب يقتضى تعقبه والبحث عنه في كل الأماكن التي يحتمل وجوده فيها .
والحالة الثانية : ـ هي حالة مطاردة متهم حاضر في الأحوال التي يجوز فيها القبض ـ كما في حالة التلبس ( الجرم المشهود ) ـ سواء من جانب مأمور الضبط القضائي ، أم من جانب رجال السلطة العامة أم من جانب الأفراد العاديين ، فهذه الحالة تختلف بطبيعة الحال عن الحالة السابقة ، ومن ثم فان دخول المنزل فيها يستند إلى حالة الضرورة ، لأن فرار المتهم ودخوله المنزل قد يخشى هروبه أو قيامة بالعبث في الأدلة التي تفيد التحقيق ، ولأن القبض ذاته مقرر في هذه الأحوال للمحافظة على الأدلة التي توافرت فلا ينالها الاتلاف أو التشوية ومن ثم يكون الدخول هو الوسيلة الوحيدة لعدم تفويت الفائدة من إجازة القبض في هذه الأحوال .
والخلاصة مما سبق أن دخول المسكن في الأحوال التي عرضنا لها ، وإن كان دخولا مشروعا ، إلا أنه لا يعد تفتيشا ، لأنه لا يهدف إلى البحث عن أدلة الجريمة ، ومن ثم لا ينطوي على مساس بالحق في الخصوصية ، ولا يلزم له إذن من سلطة التحقيق . وينبني على ذلك أنه يتعين الالتزام بالغرض المحدد للدخول ولا يتعداه إلى البحث في محتوياته عن أوراق أو أشياء تعد حيازتها جريمة ، ما لم تظهر عرضا جريمة في حالة تلبس فله أن يتخذ بشأنها الاجراءات التي نص عليها القانون . فضلا عن ذلك فانه في غير حالات الضرورة والاستعجال يتعين الالتزام بالقيود التي يضعها المشرع لدخول المنازل ، ومنها منع دخوله في أوقات معينه ، ذلك لأنه إذا كانت أحكام التفتيش تهدف إلى حماية مستودع السر ، فان أحكام الدخول تهدف إلى المحافظة على حرمة المساكن التي تكفلها الدساتير .
ويذكر ان المحكمة الدستورية العليا في مصر قد قضت في 2 ـ 6 1984 بعدم دستورية المادة 47 من قانون الاجراءات الجنائية التي تنص على ((لمامور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية او جنحة ان يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الاشياء والاوراق التي تفيد في كشف الحقيقة اذا اتضح له من امارات قوية انها موجودة فيه )) وعده منسوخا بنص المادة 44 من الدستور النافذ التي تنص على (( للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها الا بامر قضائي مسبب وفقا لاحكام القانون )) .
أضف إلى ذلك فإن افشاء السر المحتمل عن التفتيش جريمة تعاقب عليها قوانين العقوبات وهي جريمة قائمة بذاتها حتى ولو كان التفتيش صحيحا ، لأن التفتيش ينطوي على مساس بحق السر دون ارادة صاحبه ، فلا أقل من أن يظل هذا المساس في نطاق ضرورات التحقيق . لذلك حرصت بعض التشريعات الاجرائية على أن تتضمن نصوصا تحدد العقوبات التي يجوز توقعيها على من يفشي مستندا ناتجا عن التفتيش أو يطلع عليه شخصا لا صفة له قانونا في الاطلاع عليه وذلك بغير اذن من ذوي الحقوق أو من الموقع على هذا المستند أو من المرسل إليه ، وكذلك من يستعمل ماوصل إلى علمه منه . . . سواء كان مرتكب المخالفة المحقق أم احد مأموري الضبط القضائي ومن ناحية ثانية فان مخالفة القواعد المقررة في قانون الاجراءات يعد اخلالا بواجبات الوظيفة تنطبق عليه قواعد المسؤولية التاديبية سواء كان مرتكب المخالفة قاضيا أو احد اعضاء النيابة العامة أو احد مأموري الضبط القضائي


ولقد تفاوتت أراء الفقهاء وأجتهادات القضاء في تحديد أطار خصوصية الانسان الجديرة بالحماية القانونية . ويمكن أن نجمل أهم تلك الاراء والأحكام في ثلاثة أتجاهات على النحو التالي :
أولا : فقد ذهب مؤتمر رجال القانون في ستوكهولم في مايو 1967 إلى أن الحق في الحياة الخاصة يعني حق الفرد في أن يعيش حياته بمنأى عن الأفعال الآتية :
1 ـ التدخل في حياة أسرته أو منزله .
2 ـ التدخل في كيانه البدني أو العقلي أو حريته الأخلاقية أو العامة .
3 ـ الاعتداء على شرفه وسمعته .
4 ـ وضعه تحت الأضواء الكاذبة .
5 ـ إذاعة وقائع تتصل بحياته الخاصة .
6 ـ استعمال إسمه أو صورته .
7 ـ التجسس والتلصص والملاحظة .
8 ـ التدخل في المراسلات .
9 ـ سوء استخدام وسائل الاتصال الخاصة المكتوبة أو الشفوية .
10 ـ إفشاء المعلومات المتحصلة بحكم الثقة والمهنة .
ثانيا : اما في فرنسا فقد أوضح جانب من الفقه الفرنسي أن الأمور التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة هي الأمور التي تتعلق بالحياة العائلية ، كالبنوة والزواج والطلاق والحياة العاطفية والصورة والذمة المالية وما يدفعه الشخص من ضرائب وكيفية قضاء أوقات فراغه .
ويضيف البعض إلى ما سبق ذكره الحق في الإسم وفي الصوت والشرف والاعتبار وفي سيرة حياته وفي الألفة وجوانب الحياة الحرفية غير العلنية وحياته الداخلية والروحية ، أي الحياة الى يعيشها الشخص عندما يغلق على نفسه باب منزله . وقد أصدر القضاء الفرنسي أحكاما عديدة لحماية الحق في الخصوصية ، إذ قضى بما يلي :
1 ـ عدم جواز نشر المغامرات العاطفية لفتاة صغيرة السن أو نشر أخبار حقيقية أو مزعومة عن خطبة أحد الأشخاص أو علاقة الرجل بزوجته .
2 ـ وأن نشر كل ما من شأنه الكشف عن الذمة المالية للشخص يعتبر من قبيل المساس بالحق في الخصوصية .
3 ـ أن صحة الشخص وما به من أمراض تعتبر من دقائق الحياة الخاصة فلا يجوز نشر ما يتصل بصحة الشخص إلا بعد الحصول على إذنه .
4 ـ وأن الآراء السياسية للمواطن ، والتي يحميها القانون عن طريق سرية التصويت ، تعتبر من المسائل التي تدخل في نطاق الحياة الخاصة للشخص ، ومن ثم لا يجوز الكشف عنها بدون موافقة .
5 ـ وأنه لا يسوغ أقتحام خصوصية الإنسان وهو يقضي أجازته أو أوقات فراغة ، ومن ثم فإنه لا يجوز نشر صورة بعض السياج وهم يتجولون في الأماكن السياحية في ملابس بسيطة غير مهندمة ، وأنه كان يجب على الناشر أن يخفي وجه الأشخاص بحيث لا يمكن التعرف عليهم والكشف عن مكانهم .
6 ـ وأنه من قبيل المساس بالحق في الخصوصية الكشف عن محل إقامة فنان وعنوانه والدور والشقة التي يقطن بها وإسمه الحقيقي وعنوان المنزل الذي يقضي فيه أجازته في الريف ، إذ أن الفنان كان يحرص حرصا كاملا على إخفاء هذه الأمور عن الناس .
7 ـ وأنه لا يجوز إلزام الشخص بأن يبين ديانته في سجل الفندق باعتبار أن من حق الشخص أن يحتفظ بعقيدته لنفسه .
8 ـ وتفرق بعض المحاكم الفرنسية بين الجانب العلني والجانب غير العلني للحياة الحرفية ، وتعتبر الأخيرة من قبيل الحياة الخاصة .
9 ـ وأنه يعتبر من قبيل المساس بالحق في الخصوصية الكشف عن الإسم الحقيقي لأحد الفنانين الذي يمارس حياته الفنية تحت إسم مستعار .
ثالثا : اما في الولايات المتحدة فيسوق الفقه والقضاء صور مختلفة لانتهاك الخصوصية في الولايات المتحدة الأمريكية على النحو التالي :
1 ـ التدخل غير المعقول في عزلة الغير :
نصت على ذلك المادة 652 ( ب ) من المدونة الثانية للأفعال الضارة الصادرة عام 1977 وقضى بناء عليها بتوفر فعل انتهاك الخصوصية من جانب مالك عقار قام بوضع جهاز تسجيل في حجرة نوم زوجين حديثي الزواج قبل أن يؤجر المسكن لهما .
2 ـ استخدام إسم أو صفة الغير :
المادة 652 ( ج ) من المدونة الثانية للأفعال الضارة . وقد حكم لصالح الملاكم المعروف محمد علي كلاى ضد مجلة ( بلاى جيرل ) التي نشرت له صورة عادية دون إذنه مع الإشارة إليه بلقبه المعروف ( الأعظم ) .
3 ـ إفشاء الحياة الخاصة للغير :
المادة 652 ( د ) من المدونة سالفة الذكر . وقد قيل أنه إذا أصيبت سيدة في حادث سيارة ونشرت صحيفة خبرا عن الحادث يتضمن إشارة إلى أنها تعيش مع رجل ليس زوجها ، فهذا أمر لا داعى لذكره ويمثل اعتداء على خصوصيتها .
4 ـ إظهار الغير بمظهر كاذب :
المادة 652 ( ه ) من المدونة سالفة الذكر . وقد قضى بأنه إذا اتهم المدعي بالسرقة وقبض عليه وأخذت بصمات أصابعه وحبس ثم أفرج عنه عندما اكتشف خطأ في ذاتيته وأدين أخر بدلا منه ، ومع ذلك صمم رجال الشرطة على أن تبقى صورته وبصمات أصابعه في سجل المجرمين ، فقد تم الاعتداء على خصوصيته .
5 ـ وفضلا عن هذه الصور الأربعة لانتهاك الخصوصية الواردة في القانون الأمريكي فإن القضاء الأمريكي وسع من مجال حماية الحق في الخصوصية ، إذ أصدرت المحكمة العليا الأمريكية أحكاما هامة تناولت مدى مشروعية التدخل الحكومي في مجال الحقوق الشخصية .
ففي عام 1965 ألغت المحكمة تشريعا يحرم استخدام وسائل منع الحمل ويحرم تقديم أية استشارة بشأنها ، وذلك بمناسبة اتهام مدير مؤسسة طبية بإعطاء استشارة للمتزوجين وباعتبار أن مسائل الحمل من الخصوصية الزوجية .
وفي عام 1973 قضت المحكمة العليا بعدم دستورية تشريع يمنع المرأة من ممارسة الإجهاض ، وأيدت هذا الحكم مرة أخرى بحكمها في عام 1983 باعتبار أن الحق في الخصوصية يتضمن حق المرأة في تحديد ما إذا كانت تريد أن تتخلص من جنينها .
وقد نهى الاسلام عن التدخل في خصوصية الغير أذا قال تعالى في سورة النور ألايتين 27 ـ 28 ] ياأيها الذين أمنوا لاتدخلوا بيوتا غير غير بيوتكم حتى تستانسوا وتسلموا على أهلها ذالكم خيرا لكم لعلكم تذكرون فأن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم ، وأن قيل لكم أرجعوا فأرجعوا هو أزكى لكم ، والله بما تعملون عليم [ وقال تعالى أيضا في سورة النور ألاية 58 ] ياأيها الذين أمنوا ليئاذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل الصلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء [ وقال تعالى في سورة الحجرات ( ألاية 6 و 12 ) ] ياأيها الذين أمنوا أجتنبوا كثيرا من الظن أن بعض الظن أثم ولاتجسسوا ولايغتب بعضكم بعضا [ ] ياأيها الذين أمنوا أن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين [ وقال تعالى في سورة النور ألايتين ( 3 و22 ) ] أن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والأخرة ولهم عذاب عظيم [ ] والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون [و وردت في السنه النبوية المطهرة أحاديث كثيرة تشير الى حق الإنسان في الخصوصية فيها ] لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فأن من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه الله في بيته [ وفي حديث أخر ] من أطلع في بيت قوم بغير أذنهم ففقأوا عينيه فلا دية له [ وفي حديث أخر ] أذا أستأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف [ .
ونصت المادة 17 من الدستور العراقي على حق الإنسان بالخصوصية يقولها (( لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق ألاخرين والأداب العامة )) وفي فقرتها الثانية ركزت المادة ذاتها على حرمة المساكن بقولها (( حرمة المساكن مصونة ولا يجوز دخولها أو تفتيشها أو التعرض لها ألا بقرار قضائي ووفقا للقانون )) ونصت المادة 40 على ] حرية الأتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والألكترونية وغيرها مكفولة ولا يجوز مراقبتها أو التصنت عليها ، أو الكشف عنها ، ألا لضرورة قانونية وأمنية ، وبقرار قضائي [ .









الخاتمة
على الرغم من النص صراحة على الحق في الخصوصية في المادة 12 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الا ان هناك جدلا فقهيا وتشريعيا محتدما حول نطاق هذا الحق , واذا كان هناك قدر من الاختلاف حول التسمية التي تطلق على هذا الحق , من الحق في العزلة او الفردية او السرية او الالفة فان الاختلاف حول تحديد نطاق هذا الحق اخذ بعدا واسعا لم ينحصر في صيغة الايجاز والتفصيل المتبعة في الاعلان والعهد الدولي بل شمل الاتفاقيات , والاتفاقيات الاقليمة خصوصا الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان التي اسمته بالحياة الاسرية والحياة الخاصة وعالجته معالجة مقتضبة ولكن التفصيل جاء في المواد 7 و 8 و 9 من ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي حيث شمل الحق في الزواج وتكوين الاسرة واشار إلى القيود التي يمكن ان تفرض على هذا الحق وهي المتطلبات التي يفرضها القانون او تقتضيها الضرورة للمحافضة على المجتمع الديمقراطي والامن العام والنظام العام والصحة العامة والوضع الاقتصادي والتصدي للجرائم ولحماية حقوق الاخرين وحرياتهم او لحماية الاخلاق العامة .
واذا كان من مميزات هذا الحق ان الاعتراف به كان مثار جدل بين المحاكم الانجليزية والفرنسية والامريكية فان الدساتير هي الاخرى لم تشر له صراحة فالدستور الامريكي خلى من النص على هذا الحق صراحة كما انه ظهر في التشريعات الفرنسية قبل ظهوره في الدساتير اذ ورد النص عليه اول مرة في المادة 11من قانون 18 مايس 1968 حيث ادخل عليه تعديل بعد ذلك يتعلق بالصحافة نص على حظر التعدي على الحياة الخاصة عن طريق النشر وقرن ذلك بفرض غرامات مالية .
لقد كانت معضم الاجراءات التي طرحت امام القضاء تتعلق بمبررات استخدام مختلف الطرق في سبيل الوصول إلى الحقيقة حيث ان هذه المبررات تعتمد على اجراءات حددها القانون وبالتالي فليس كل طرق الادلة وفقا لما هو مقررفي القوانين الاجرائية مبررة , اذ قد تتضمن هذه الاجراءات الاستيلاء بشكل غير قانوني على اوراق خاصة بالعائلة مثل الوثائق الثبوتية ( كجوازات السفر ووثائق التملك واعلان الضرائب والوثائق القانونية ) والتي يمكن ان تستخدم اثناء مرحلة الدفاع , كذلك حرص القضاء على تذكير السلطة التنفيذية بان الاستثناءات المنصوص عليها والتي تبرر التدخل في الحياة الخاصة انما وردت على سبيل الحصر وانها يجب ان تفسر بشكل مقيد لايجوز التوسع فيه خصوصا فيما يتعلق بالاجراءات المتخذة لتفتيش المنازل وما يمكن ان يعد منزلا ينطبق عليه وصف المنزل من غيره . كذلك كانت مبررات الحفاظ على الصحة العامة والاخلاق العامة بما في ذلك العلاقات الجنسية الشاذة ميدانا خصبا للقرارات القضائية حيث قرر القضاء بشانها ان المقصود بالحق بالخصوصية هو الحماية من عدم التدخل التعسفي او الغير قانوني بالحياة الخاصة ذلك ان الخصوصية في مواجهة هذه الاجراءات تعني المسائل الشخصية المحاطة بدرجة من الكتمان تؤمن لها ان لا تكون في متناول الجميع .
ان دراسة الحماية القانونية والقضائية لحق الانسان في الخصوصية يمكن ان تشير إلى جملة من الاستنتاجات اهمها :-
1- ان الحماية القانونية والقضائية لحق الانسان في الخصوصية هي حماية حديثة نسبيا , بل ان الحق برمته حديث نسبيا وقد يكون مرد ذلك ارتباط انتهاكات هذا الحق بالتقدم العلمي والتكنولوجي وتطور وسائل النشر والاعلام التي بدات تفترس الانسان وتقطع صلته بذاته وبما يدور من حوله من الاشياء والاشخاص .
2- ليس من السهل تحديد نطاق هذا الحق كما انه ليس من السهل ايضا حصر المبررات التي تبيح التدخل في خصوصية الانسان بل ترك الامر للقضاء وهذا مايفسر اختلاف وجهات النظر بين المحاكم البريطانية والفرنسية والامريكية .
3- يميل الفقه الاوربي و الفرنسي بشكل خاص إلى تحديد الخصوصية بالحياة الاسرية أي الامور التي تتعلق بالحياة العائلية كالبنوة والزواج والحياة العاطفية والصور والذمة المالية وما يدفعه الشخص من ضرائب وكيفية قضاء الشخص لاوقات فراغه . في حين يميل الفقه الحديث إلى اضافة الاسم والصوت والشرف والاعتبار والحياة المهنية والحياة الروحية أي الحياة التي يعيشها الانسان عندما يغلق عليه منزله إلى مضمون حق الخصوصية .




































الهوامش




#محمد_ثامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتراف
- في الثامنة الا ربع
- :حق الانسان في التنقل والاقامة واللجوء في القانون الدولي وال ...
- عقد الزواج بين القانون والشرع وةالقضاء والدستور
- اجراءات الاصلاح الاقتصادي بعد اقرار الميزانية
- - النطيحة والمتردية في عقود التوريد
- نقص فيتامين وطن
- نحن الدولة
- استفتاء تنظمه البغدادية
- الحرم الحسيني..... هو العراق..
- جهاد المال ...دعوة البغدادية...وفزعة الخيرين
- النساء ورود فكيف تتجرء على القتل
- استاذي اكرم الوتري
- حق الانسان المعاق
- ادب التعامل مع الحيوان
- الديمقراطية والثيوقراطية
- ادب تحمل المسئولية
- استاذي جبار اسماعيل عبيد
- الصالة المستطيلة
- انت سني لو شيعي


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ثامر - حق الانسان في الخصوصية