أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - قصة قصيرة : -العصفور الرمادى-














المزيد.....

قصة قصيرة : -العصفور الرمادى-


محمد عبد المنعم الراوى

الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 20:53
المحور: الادب والفن
    


بدأ البيض يفقص..العصفورة ترقب خروج الأفراخ بشوق..
ثلاثة أفراخ تبدو كأمها ذات الريش الملون وفرخ يبدو كأبيه ذى الريش الرمادى.
الأم تضرب بجناحيها..تصعد..تهبط..تغرد..تحوم حول صغارها..تلاغيهم..كأنها تريد أن تحكى لهم قصتها مع حبيبها الرمادى..الصغار تمط رقابها فى شوق لتسمع من أمها ما ترويه من حكايات عن الأب المفقود.
حكت لهم أول ما حكت عن قصة اللقاء الأول الذى جمع بينهما..حين شرعت تطير بمفردها..فضلت طريق العودة لعش أبيها وأمها..فاختبأت فى شجرة..وقبعت فوق غصنٍ بعيد..ترتعد خوفاً من مصيرٍ مجهول..كان ذلك العصفور الرمادى يمكث فوق غصن قريب..يستمع بإنصاتٍ لشكواها..وأنينها الذى صار نحيباً من شدة شعورها بالجوع واليأس من الرجوع..اقترب منها..جمع كل ما التقطه من حبوب..وضعه تحت قدميها..ظلت تلتهم بنهم..حبة تلو الحبة..أخيراً رفعت رأسها والتفتت إليه وفى فمها آخر حبة..اقتربت منه..رفعت رأسها..وضعتها بين منقاريه..فقبلها وأعادها إليها..انتفضت بين جناحيه..ففردهما..وضمها إلى صدره..حينئذٍ تذكرت أباها وأمها حين أطعمها وأشعرها بالدفئ والأمان المفقود..نظرت إليه..نظر إليها..سقطت الدموع السخينة من عينيها..فضمها أكثر بين جناحيه..فاختفى رأسها وغابت فى نومٍ عميق.
من يومها صار حبيبها الذى سرعان ما ألفته..ودنياها التى ملأها حباً وفيضاً من حنان.
لذلك نسجا معاً ذلك العش الجميل..عشاً كل قشةٍ فيه بنجوى..وكل غزلةٍ فيه بقبلة..وكل استدارة فيه بعِشرةٍ ولقاءٍ حميم..فصار العش القديم الذى نشأت وكبرت فيه ذكرى لماضٍ بعيد..حتى أنها لم تعد تفكر فيه ولا ترغب فى أىّ طريقٍ يهديها إليه..يكفيها من الدنيا حبيبٌ كحبيبها وعشٌ كعشها..والآن أفراخٌ كأفراخها.

حطّ على الغصن المقابل عصفور ملون..يزهو بريشه الأخضر والأصفر والأزرق..يغرد تارةً..ويلاغيها تارةً..ويغريها بما يحمله بمنقاره من طعامٍ شهىّ تارةً أخرى.
حينئذٍ تذكرت حبيبها الرمادىّ حين عاد يوماً وهو يحمل لها ما اشتهت من طعام..وكان يطعمها فى فمها وهى تلقف ما يناولها وكأنها فرخ صغير..فتضحك..لكنه لم يكن يضحك كعادته..لم تكن تعلم أنه يدارى ألماً وجرحاً ينزف دماً..حتى إذا ما انتهى من إطعامها سقط على الأرض ميتا.
نظرت العصفورة إلى ذلك العصفور الملون الذى يزهو بنفسه ولا يعلم عن حالها شيئاً..نظرت إليه متعجبةً..كيف لم ير صغارها؟..كيف لم يلمح كل ذلك الحزن على حبيبها المفقود؟..لماذا لم يقدر جوعها وجوع أفراخها؟.
ظل العصفور الزاهى يقترب ويقترب..تأمل صغارها..لمح الفرخ الرمادى..نظر إليها متعجباً..أعاد النظر نحو الفرخ الرمادى..ضحك..سخر منها..نفش ريشه الزاهى..تظاهر بالإشفاق عليها..فنظرت إليه بأسى واسستنكار..وضع ما فى منقاره تحت قدميها..لكنها ركلته..اغتاظ العصفور الملون..ظل يأكل أمامها..والجوع يشتد عليها وعلى أفراخها..تريد أن تطير لتأتى بالطعام لكنها لا تأمن تركهم.
فجأة طار العصفور الزاهى هرباً..تعجبت..ظلت تتلفت فزعاً..لمحت صقراً..سرعان ما حطّ بجسده..حاولت أن تحمى صغارها لكنه أصابها بمخالبه..نجح فى أن يقبض على العش وصغارها..طار بهما بعيدا..ظلت تنظر إلى أعقابه متحسرةً وهى تنزف دمعاً ودماً على العش وصغارها وتقول لنفسها:
ليته أكل العصافير الملونة وترك لى ذلك العش والعصفور الرمادى!

"تمّت"



#محمد_عبد_المنعم_الراوى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوعى تنكزنى جوزى جاى ورايا
- كوب شاى
- محاكمة المعلم ساطور
- قصة قصيرة: -بلوتوث-
- قصة قصيرة: -كلاكيت آخر مرّة-
- طاقية فى العِب
- رهين المحبسين
- -تحيا الوِحدة العربيّة-
- قصة فصيرة
- قصة قصيرة: كل حاجة قديمة للبيع


المزيد.....




- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم الراوى - قصة قصيرة : -العصفور الرمادى-