أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - بوش...و...كاترينا...وسلاطين العربان















المزيد.....

بوش...و...كاترينا...وسلاطين العربان


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1330 - 2005 / 9 / 27 - 11:06
المحور: حقوق الانسان
    


لست من المعجبين كليا بالرئيس الأمريكي جورج بوش,ولا بمجمل سياساته التي وصمت بالكاوبوي والطيش والتهور أحيانا,ولا بتحيزه الفاضح والصارخ,ومحاباته لهذا الجانب أو ذاك ,ولا بمعاييره المزدوجة,أو حتى لاستجاباته الغامضة ,والمحيرة للكثير من المشاكل والأزمات الماثلة على المسرح العالمي,أو لدعمه اللامحدود لنظم الاستبداد. وأعتقد أنه يبادلني نفس الشعور,بما أنني واحد من المنكوبين بأعاصير الطغيان,هذا إذا كان له "الشرف" بأن يسمع باسمي في يوم من الأيام, وبعد الانتهاء ,طبعا,من مشاكله في العراق,ومع كاترينا ,وريتا,وربما إعصار "لورا الجامح"الذي يلازمه على الدوام, أو بقية الأعاصير التي تحمل كلها أسماء الإناث, والنساء الناعمات الجميلات, اللواتي يضربن شواطئ أمريكا بلا هوادة هذه الأيام ,ويحدثن كل هذه الأضرار البالغة.ولا يدري المرء فعلا سبب نزوع الأمريكان لإطلاق أسماء أنثوية على قوى الطبيعة الخارقة التي تلحق كل هذا الخراب والدمار . فما بالك لو حملت هذه الأعاصير أسماء مثل دراكيولا,أوشاوشيسكو,أوعيدي أمين,أو صدام ,أو بقية "النجوم" المعروفين في غابة الطغيان,وماذا ستكون الحصيلة وقتذاك ؟إننا وبلا شك, كنا سنترحم عندها على قارة فتية اسمها أمريكا لم تزل في عمر الورود, حيث أنها لم تكمل قرنها الخامس في عالم السياسة حتى الآن.لكن تفاعل بوش,واستنفاره,واستجاباته اللافتة مع المنكوبين من أبناء شعبه ,الذين أصابهم غضب الطبيعة,وليس الله,يستأهل التوقف والتمعن,وربما الإعجاب,مع أن الموضوع برمته شأنا أمريكيا داخليا,لكننا لن نستطيع,بحال من الأحوال, أن ننزع عنه ذاك البعد الإنساني الواضح.

لأن الرجل المنتخب ديمقراطيا لفترتين رئاستين,ومهما كان الكلام عن طبيعة هذا الفوز وخلفياته,وبعد فشل مبدئي مريع,ونقد لاذع ,في معالجة تداعيات إعصار كاترينا الغاضب ,الذي فاقت خسائره كل التوقعات,وجد نفسه مجبرا على التصرف بطريقة سريعة ومغايرة مع اقتراب إعصار ريتا من خليج المكسيك,بعد أن أدرك هول الفاجعة ,وحجم المأساة اللذان خلفهما إعصار كاترينا وبعد اتهامات كثيرة له ولإدارته بالتقصير في معالجة تداعيات وتفاعلات الإعصار.فقد أجبرت هذه الظاهر الطبيعية التي لا حول ولا قوة لأحد بها على الإطلاق الرجل على الخروج من صومعته الإمبراطورية في المكتب البيضاوي التي يتحكم من خلالها بـ"ولاياته" المنتشرة في أصقاع الأرض واتجه إلى أرض الواقع,ومكان الحدث,وعين العاصفة ,وقلب الإعصار,ليلتقي مع الناس في الشوارع,وليصافح عجائزهم,ويلقي عليهم النكات ,وليطمئن على المشردين,والتضامن مع المنكوبين الذين أصبحوا في العراء,علما بأن الرجل غير مهدد بالعزل ,أو الانقلاب كما حدث مع صديقنا ولد الطايع ,أو خائف من مؤامرات الشعب عليه,وسيذهب فور انتهاء ولايته إلى مزرعته في ولاية تكساس,كما أنه لن يسعى لتعديل الدستور الأمريكي ليتناسب مع ذوقه ,ويأتي على مقاسه ,وطموحه,ويطوّعه لرغبته ومشيئته. كما أن سلوك بوش يعتبر, وبرغم ما يحتويه من هوس مسرحي,واستعراض إعلامي يهواه عموما الأمريكان,استجابة طبيعية مطلوبة , في أية لحظة,من حاكم أقسم اليمين على حماية الدستور والأمانة ,وخدمة شعبه بما يمليه عليه الواجب ,وأمانة المنصب,و"الأخلاق",حتى ولو كانت النتائج مخيبة للآمال أحيانا,والتي تبدى جزء منها في كاترينا الإعصار.وفي الحقيقة ليس ثمة من حسابات سياسية,أو أي وازع آخر ضاغط,أو أية اعتبارات انتخابية قادمة وملحة تجبره على الذهاب بعيدا في الاستجابة بهذا الشكل المفرط بالتواضع والاهتمام.

وفي الحقيقة ,هناك الكثير من المناطق المنكوبة ,والمسائل المستعصية,والمشاكل الحاضرة ,والخسائر الفادحة,والبؤر الساخنة والمشتعلة التي سببتها سياسات التجاهل ,والقصور, والاستعلاء,وما انفكت,حتى الآن, أعاصير الفقر,والأمية ,والجهل,والتخلف,والجوع,والاستبداد,والطغيان تضرب وبدون هوادة كل شارع,وقرية ,ومدينة,وزقاق في عالم العربان, دون أن يتجشم أحد ما من سلاطينهم وأباطرتهم "المستألهين" بالتفرغ ولو لخمسة دقائق لإحصاء ضحايا هذه الأعاصير التي صنعتها يد البشر ,والبغي ,والتطاول والعدوان,ولا علاقة لقوى الطبيعة ,أو لأية قوى خفية أخرى فيما يحصل من مجازر ,وكوارث ,وبؤس وويلات.ولم يترجل ,يوما,أحد من برجه العاجي للاطلاع عن كثب على ما يحدث على أرض الواقع,ولو حدث, وصار شيء من هذا القبيل لأحيط بجيوش جرارة من العسس ,والمخبرين,ورجال الأمن الذين يحولون بينه وبين الواقع,وبمجلدات من أدب النفاق ,وبأطنان من معلقات الكذب والتزوير والبهتان.وهاهي إحصائيات الفقر,والمرض ,والإملاق تفقأ العين ,وتبهر الأبصار دون أن يقدم أحد تبريرا ,أو اعتذار,ودون أن تتحرك أي من تلك الهياكل الصورية المتهالكة لمنع تدهور الأوضاع نحو الأسوأ,وإنقاذ المزيد من الغرقى في بحور الشموليات.

ولازالت,في الحقيقة,هناك هوة عميقة,وفجوة كبيرة تفصل بين الحاكم العربي وشعبه,وصلت حد القطيعة والجفاء التام.فيما لا زالت تلك الرؤية الميتافيزيقية الطاغية ,التي تحيط الحاكم الشرقي بهالة من القداسة ,والسحر,والغموض,و ما على التابعين ,والرعايا الأجراء في مزارع السلطان معها سوى الخضوع,والركوع أمام الأصنام ,والتسليم بأمر الله.وعلى العكس من ذلك فإنه يتم تحويل الكوارث إلى إنجازات,والمصائب إلى مناسبات قومية تعطل فيها مصالح الناس والعباد,والهزائم المنكرة إلى انتصارات ,وفتوحات كبرى,ومهازل وضع حجر الأساس لمشاريع النصب والاختلاس ,إلى أعياد وأفراح يردد هتافاتها المحرومون الجياع من ضحايا أعاصير القمع والمخابرات.علما بأن الحاكم القادم من أساطير "تأليه" الرجال ,وحكايا إظهار القوة والمعجزات ,ومن فوهات البنادق,وحبائل المؤامرات,وظهور الدبابات ليس بحاجة لأي صوت من هذه الأصوات المكبوتة التي بحتها الهتافات ,وترديد الشعارات,لا بل هناك إمعان مقصود بتجاهل كل ما يصدر من آهات ,وصرخات ,وحشرجات النزع الأخير بسبب أعاصير القهر والأحزان.

ليس مطلوبا من بوش,بالطبع, أن يكون لطيفا معنا,أو أن يشملنا بعطفه ورعايته,ومهما قيل فيه وعنه,إلا أن انخراطه بهذا الشكل الجامح في أزمة وطنية ,ناجمة عن ظروف طبيعية خارقة ,لا يمكن التحكم بها, يظهر بشكل طاغ وبيّن معنى أن يكون المرء زعيما سياسيا لشعب .



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممنوع عليكِ الحب
- أسواق العرب السوداء
- أذكياء السوريين
- جرائم بلا عقاب
- الدم السوري الرخيص
- هل فقد العقل العربي صلاحيته ؟
- وزير الإمتاع ,والمؤانسة
- سوريا والرهان العربي
- قصة من هذا الزمان
- لعنة الشعوب المقهورة
- ميليس:مالئ الدنيا,وشاغل العربان
- دوام الحال من المحال
- هذا من فضل ربّي
- كاترينا ...وجهلاء العربان
- ابراهيم اليوسف والسياحة الداخلية
- ألف كلمة جبان ,ولا كلمة الله يرحمه
- فقهاء الدولار
- موناليــزا من بلادي
- لعبة القاعدة وقواعد اللعبة
- الاستبـداد الجميـل


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - بوش...و...كاترينا...وسلاطين العربان