أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد مسافير - مات الإله















المزيد.....

مات الإله


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 4783 - 2015 / 4 / 21 - 21:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن أي متتبع للساحة السياسية خلال العقدين الأخيرين، سيلاحظ تنامي الأحزاب والتنظيمات الإسلامية بشكل مثير، وزعيقها الصارخ حول المِؤامرات والتدبيرات التي ينهجها الغرب واليهود ضدا على الإسلام، ومحاولاتهم الجادة في نشر هذه الأفكار خاصة في أوساط الشبيبة.
لن أتطرق في هذا المقال إلى نوايا هذه التنظيمات، ولن يكون حتى تقييما لتجربتهم أو مدى تناقض أطروحاتهم وبدائلهم مع واقع العصر الحديث، الذي يفصل بينه وبين المجتمع والبنية الاقتصادية التي أفرزتها قرون طويلة، ولكن سأنطلق من أساسها الفلسفي المكون من صروح إسلامية خالصة، مهما اختلف تأويلها من جماعة لأخرى.
ربما عنوان هذا المقال يشير بوضوح إلى الوجهة المراد تسديد الضربة إليها، كما أعي جيدا أثر هذا المقال في نفوس أفراد مجتمعاتنا، الغارقة حد الجفون بالإيمان النفسي بالدين الإسلامي، والتي حجبت عقولهم قصرا وحوصرت بأنواع الطابوهات. ويكفي للقارئ أن يحرر نفسه قليلا ويرفع عنه الحجاب، حتى يصعق بالحقيقة.
"مات الإله" عنوان لا تربطه أية علاقة بنظرية نيتشه حول "موت الإله" فهو يناقشها من زاوية أخلاقية، أي علاقة الدين في المجتمعات الأوربية بالأخلاق عموما !
الإله مات في العقود الأخيرة أو أكثر، دفنته العلوم والاكتشافات تلوا الأخرى، دفنه العقل البشري الذي أبدعه، اغتاله خالقه ومصوره، لكن القليل جدا من يعلم بموته، لكن لماذا يتكتمون على هذه الحقيقة؟
لن أتطرق هنا إلى تناقضات الإسلام وصحيح العلم، ولا إلى محاولة دحض الإسلام بأي من الطرق، فالمادة والموضوعات وافرة في هذا الاتجاه. لكن سأجيب على السؤال الأخير، وهو السؤال المركزي لهذا المقال؛ معرفة الجهات المستفيدة من حجب الحقيقة على العامة.
هنا، سأحاول أن أربط جدليا بين المرحلة التاريخية التي نحن بصددها، التي عرفت طفرة نوعية خلال العقود الأخيرة في ميادين التكنولوجيا والبيولوجيا والفلك وباقي العلوم. والكتب الدينية، وأخص بالذكر هنا ما جاء به الإسلام، والتي هي مجرد كتب تاريخية، أي أن ما جاءت به تلك الكتب كان انعكاسا، بل ولا يمكن أن يتجاوز البدائية الاقتصادية التي كانت تعرفها تلك المجتمعات، وبالتالي بدائية في باقي المجالات، من علوم وسياسة ...
من الهين جدا في هذا العصر، دحض تسعة أعشار حجج الإسلام، اعتمادا فقط على ما تفضوا به علينا من علوم، ولكن دائما يتم لجم العلم شفقا على الدين، وخلف هذه الشفقة مصلحة، لكن لا يستفيد العلماء شيئا من هذه المصلحة، بل هي مصلحة أسيادهم، أو بالأحرى أسياد العالم، أقصد دول الغرب، هم مطورو العلوم ومحتكروها، ليس لأنهم يملكون عقولا أضخم من عقولنا كما يحاول المستشرقون تأكيده، لكن ذلك يرجع أساسا إلى الأشواط المتقدمة التي قطعتها دول الغرب في المجال الاقتصادي، وتمكنها بالتالي من الهيمنة السياسية والعسكرية، هيمنة جعلت من شعوب العالم قطعانا.
الإمبريالية العالمية، في شخص دول الغرب، تقوم بتصدير منتوجاتها، وإغراق أسواق دول الجنوب بها، هوسا في الأرباح، هي منتوجات بالتأكيد ذو جودة عالية، وبأثمان تمكنها من تحطيم الأسواق الداخلية، أسواق تعرض أحدث المنتوجات، تفرض على الدول المتخلفة هوة ساحقة بين واقع السوق وبنيتها الاقتصادية، وبالتأكيد هذا سيؤثر في جزء كبير من التقاليد والعادات المحلية، تناقض يجعل المواطنين ينشطرون إلى أنصاف، نصفهم الأول في ضفة التخلف الاقتصادي والتهميش، والنصف الثاني في الضفة الأخرى، ضفة ثقافة الغرب.
لسنا هنا بصدد تصدير عادات وتقاليد الغرب، لكن ثقافة الاستهلاك جاءت كحتمية تاريخية لتطور نظام عالمي، وقوده هو الربح، جاءت كما تأتي الطحالب مع مد البحر، لكن بعدما تبين أثرها العميق في المجتمع، بدأت تأخذ مكانها ضمن اهتمامات الغرب، سعيا لتعبيد الطريق من أجل تيسير تحقيق طموحاتها الاقتصادية.
إذن، الدول الإمبريالية تهدف إلى تصدير ثقافاتها حسب ما يخدم حاجاتها الاقتصادية، لكن ألا ترى أنه من العبث تهديم القاعدة المركزية التي بنيت عليها أبقارها التي تحلبها؟ ألا إن باسم الشرعية الدينية والدولة الإسلامية نصب حكامنا العرب؟ حكامنا الذين ما ادخروا جهدا في خدمة أسيادهم، باستنزاف ثروات شعوبهم، وتخدير هم بأشكال التغني بالوطنية، وضرورة التخلق والاحترام وغيرها من الكلمات الجميلة، والتي يجيدون صياغتها في أحسن أبهة، وإحاطتها بنفحة دينية، تسهل تغلغلها في نفوس المواطنين البريئة.
أكثر من ذلك، إنهم يجدون في أخلاقيات الدين عموما، سندا يضمن بها حكام الدول الدينية استقرارهم، ويضمن بها الأسياد سيادتهم. لذلك، رغم أن دول الغرب دول علمانية، إلا أنها لن تجدها تدافع عنها في البلدان المتخلفة، لأن العلمانية التي يستفيد منها شعوب الدول الإمبريالية، لم تأتي من فراغ، بل فرضتتها الشعوب بعد نضال مرير، أي أن العلمانية شكل متقدم لتحرر البشرية، وهي خطوة الألف ميل من أجل التحرر الشامل، وطرح دولة إسلامية هو عودة إلى الخلف في مسار حركية التاريخ. لذلك تجد أمريكا تساند الأنظمة الأكثر تيوقراطية واستبدادا، كما الشأن بالنسبة للسعودية، دركي أمريكا في الشرق.
ظاهر للعميان، أن معركة أمريكا ضد الإسلام وهم كبير، ولا يوجد إلا في عقول (الساسة) الإسلاميين، فهؤلاء هم أبناء أمريكا والأنظمة القائمة في البلدان العربية، أنجبتهم أمريكا خلال حربها ضد الاتحاد السوفيتي، حيث أن الكل يتذكر دور أمريكا في خلق الطالبان، كما أنجبتهم البلدان العربية، بعد أن استفادوا من عملية التخصيب التي قامت بها أمريكا ضد المد الشيوعي، حيث نتذكر على سبيل المثال لا الحصر، تركيا خلال الحرب الباردة، تعرضت لما يسمى ب "إعادة الأسلمة"، بعد الإنشقاق الذي قاده عدنان مندريس، في صفوف الكماليين العلمانيين، ليحقق الحزب المنشق «الحزب الديمقراطي» سنة 1950 انتصارا كبيرا، وهي مرحلة بدايات الحرب الباردة، الحرب التي استدعت إثارت العاطفة الدينية لتطويق المد الشيوعي، لهذا الغرض قام عدنان مندريس بمضاعفة ميزانية هيئة الأوقاف التركية ثلاث مرات، وأباح للمساجد الأدان باللغة العربية بعد أن حظره أتاتورك، وكذلك تم فرض إلزامية التعليم الديني على التعليم الإبتدائي ...
وعلى ضوء هذه السياسة ، أي سياسة إعادة الأسلمة، ظهر حزب العدالة، خليفة الحزب الديمقراطي، رافعا نفس الشعار، ليحقق الحزب تحالفا متينا لا تنفصم عراه، ضد صعود الأحزاب اليسارية والشيوعية.
ولن يفوتنا كذلك مثال الجزائر، فقد شجع بومدين في أواخر الستينات الحركة الإسلامية المعتدلة لمواجهة اليسار ومعارضيها القدماء داخل حركة التحرير التي حاربت المستعمر الفرنسي، فقد ضمن سيادته بعد توظيف الحساسية الدينية، خاصة بعد الحملة التي قام بها مولود قاسم، وزير الدين والتعليم، والتي استنكرت "انحطاط الأخلاق" و" التأثير الغربي" المتمثل خلف شعار " الانفتاحية " و" شرب الخمور " و" الإحساس بالدونية الذي يتمثل في اتباع الغرب دائما والملابس النصف عارية".
استغل الإسلاميون هذه الحملة لزيادة نفوذھم الخاص، خاصة بعد مناداة اليساريين بالإصلاح الزراعي، والشروع في تطبيقه بعد فرضه بقوة الجماهير، ليحصلوا على الأموال من ملاكي الأراضي المتذمرين من هذا الإصلاح، من أجل نشر الرسالة التي ی-;-مكن أن تشد معظم الشرائح الفقی-;-رة من المجتمع، وهذه الشرائح الساذجة هي الأكثر تأثر بالروحانيات، كخلاص نفسي، يلهيها عن مرارة الواقع، ويحاول تقبله كقدر محتوم، دون منذ زمان في اللوح المحفوظ. حقا إنه كلام مريح لكلا الطرفين، فالطرف المستغِل يقيه شر تمرد الشعب، والطرف الآخر يضمن له الإيمان بالقدر حياة أرقى وأسعد بعد الموت، وتعففا على ملذات الدنيا البائدة. إنه كله كلام سياسة، فلا مفر هنا لمقهور.
سيستشف المتتبع الأقل ذكاءا، بأنه كي يضمن حكامنا العرب بالخصوص، الاستقرار السياسي داخل بلدانهم، وبالتالي ليضمنوا لسيدتهم الإمبريالية سيادتها، عليهم أن يسترشدوا بعملية التلقيح، أي التخلص من ميكروب بميكروب آخر، فالشيوعيون جرثومة بالنسبة للنظام الإمبريالي، وحتما ستنخر جسده بسرعة أكبر إذا تفردت في ساحة جسمه، وللقضاء عليه ينبغي ابتكار جرثومة أخرى، ووجدت الإمبريالية في الإسلام السياسي ضالتها، لكي يسقط الاثنين في فخ الكيل، إذا تقوى الأول حاصرته وأطلقت العنان للثاني، والعكس بالعكس.
ولن نترك للقارئ مسألة محاربة أمريكا للإرهاب تثير شكوكه في نوايا أمريكا في استئصال الإسلام، لا وألف لا، لن ندخل في نقاش حقيقة الإرهاب أو افتعاله من طرف أمريكا، لوجود تنظيمات إسلامية تعلن ملأ فمها تبنيها للإرهاب، لكن أكيد انه ليست كل العمليات إرهابية فعلا، ولا أحذ يشك في قدرات أمريكا في محاصرة الإرهاب أين ما حل وارتحل، فجهازها المخابراتي يعلم جحر أبناء إبليس، بطبيعة الحال ليس همها ذلك، ولكنه كامن في إبقاء ذلك العدو الوهمي كعلة توسعها العسكري، وإغراق العالم بثكناتها العسكرية، ولكن الأغبياء الإسلاميون، بإيمانهم المتحجر بوجود صراع أديان في العالم، اعتبروا أمريكا تهاجم الإسلام، أما أذيال النظام الأكثر غباوة، يطبلون لأمريكا ضانين بحسن نواياها، في تطهير العالم من المتشددين ونشر السلام، وسقط الكل في الفخ.



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: قبيل النهاية
- قصة قصيرة: آمال مغتصبة
- نظرية إحياء الموتى
- خطاب ملكي
- اللباس هو السبب الوحيد لظاهرة التحرش!
- قصتي مع الجن
- دفاعا على ممارسة حقنا البيولوجي
- قصة قصيرة: البيداغوجيات الحديثة والتخلف الاجتماعي
- قصة قصيرة: أفول امرأة
- قصة قصيرة: رغبة مجهضة
- قصة قصيرة: من قاع المجتمع!
- اقتصاد السوق يدمر البيئة
- الدين والثورة


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد مسافير - مات الإله