مرة اخرى , كفري مدينة بحجم العالم ولكن !!

عمر الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 4782 - 2015 / 4 / 20 - 00:32
المحور: القضية الكردية
    

بناية المستشفى القديم الذي كان دارنا القديم يقع خلفها والتي كانت تقع بجواره بناية سكن الأطباء قرب بيت الحاج (علي قدو) ,كانت تعج بالأطباء الهنود الذين كان بعضهمم رجالا ويرتدون ذلك القماش على رؤوسهم وطبيبات هنديات كنّ يرتدين الزي الهندي النسائي وسمرتهم جميعا بأسنانهم الناصعة البياض وابتساماتهم المفعمة بالحياة دواء مضاف للأدوية التي كانوا يصفونها للمرضى ,, لازلت الى اليوم افتقد لذة دواء السعال او ال(كحة) الذي كانوا يعطونها للمرضى في صيدلية مستشفيات كفري ,, كان شبيه الطعم بالعرق كما كان يصفه احد اقاربي ولكنه يقضي على الكحة في ضرف ساعات !! , وكان شرابا في عبوات كبيرة ويجب على المريض جلب قنينة معه حين الذهاب للمشفى كي يعبؤوها له بتلك المادة السائلة !!,, مماذا كانوا يصنعون دواء الكحة ؟! كان نافعا نفعا محضا وليست كأدوية زماننا هذا ,,هذه البناية اليوم هي مهجورة وهناك الف عين وعين عليها كي يهدموها ويبنوا سوقا مركزية مكانها !! كل شيء اضحى مركزيا في زماننا هذا ,, زمان السلع الصينية والديمقراطية التي نسمع بها وننتظرها انتظار قيس ل ليلى او انتظار كودو !!,, لعنة الله على السياسة دون الساسة , كلما ولجت في موضوع ارى نفسي وقد استدرجني القلم للسياسة من دون دراية مني او ارادة !!,, هذه البناية فقدت بريقها يوم قتلت واستشهدت (نصرت خان) زوجة (الشيخ عطا) مدير البلدية ,, اواخر الثمانينات وفي ليلة كليالي الأشتباكات الكثيرة التي كانت تحدث كعادة معادة دائما في تلك المدينة انطلقت رصاصة حاقدة لتردي سيدة فاضلة ما رآى الناس منها الا كل خير هي وزوجها الشيخ عطا ,, اليوم يذكر الناس في المدينة الشيخ بكل خير بعد ان وصلت اثمان عقارات العمال الفقراء الى خمسين دفتر !! ,, اي خمسمائة الف دولار ! ,, الشيخ كان يمنح العمال الفقراء قطع الأراضي الواقعة على الشارع العام ولم يملك هو سوى بيت واحد ولم يعد هناك من يسكنه احد اليوم بعد ان توفي الشيخ ايضا وهجر الابناء والبنات البلدة ,, اريد ان اكتب عن ابنهما دكتور (كوران) الذي كان الأول على العراق في الأعدادية في السبعينات او مطلعها ليصبح لاحقا من اشهر اطباء العراق وبريطانيا , اريد ان اكتب عن ابنهما الآخر (شيخ آشتي) ,ثعلب السياسة الصامت والجالس بهدؤ اليوم وبين الحين والحين يهاتفني كي يقول لي بأنه رآى والدي في المنام !!,, ولكن الموضوع ليس عنهم ولا عن حلم خاص بل عن حلم من أحلام عامة لطالما حلموا بها أجمعين ,, حلم صيرورة كفري محافظة ,, حلم جميل ولكنه بعيد المنال على ما يبدو ,, سمعت مرة من صديق بأن الجيش العثماني كان عبارة عن بضعة فيالق وان احد قادة تلك الفيالق وهو ع(لي احسان باشا )كان قد اتخذ من كفري مقر قيادة له اثناء الحرب العالمية الاولى !!,, حيث يُقال بأن المدينة كانت تغطيها غابات اشجار الحمضيات واشجار النخيل !! ,, (وينها ؟ مده اشوف غير جم نخلة )وهي لا تثمر اليوم وان ثمرت وآتت أُكُلها فالناس في غنى عنها فالتمر الأيراني والسعودي العديمتي الطعم يملئان السوق !!,,ربما كان سبب أختيار كفري كمدينة ومقر للقائد العثماني هو سبب استراتيجي وجوهري آخر وهو ان هذه المدينة تقع وسط ثلاثة من اشهر واكبر مدن العراق , وبنفس مسافة تقريبا ,فهي تبعد عن سليمانية وبغداد واربيل مبعد ساعتين ونصف ان سارت السيارة بسرعة 100 كيلومتر في الساعة واذا ما جرى شق طرق جديدة للوصول منها الى المدن الثلاث المذكورة فستصبح اقرب لها أكثر من ذي قبل , فأن شُق طريق معبد من كفري الى بغداد عبر حمرين كأزاحة بعيدا عن الطريق الحالي المار( عبر سليمان بيك وعظيم )فستصبح المسافة ساعتين فقط بل وأقل !!, واذا ما تم شق طريق مُعبد من كفري الى اربيل عبر (سنكاو) او عبر مناطق منطقة (الداوودة )وايضا ازاحة عن الطريق السابق فستصبح المسافة بينهما اقل من ساعتين !!, وكذا الحال مع اختلاف بسيط ,في حال شُقّ طريق عام بين كفري وسليمانية وهو طريق موجود بالفعل دون تعبيد( وهو متعمد !,) اذ انه لو تم تعبيد بضع كيلومترات اخرى فسيتم الأتصال والوصول من كفري الى سليمانية في ظرف ساعة واحدة فقط !!,, لو تم كل ذلك او واحدة منها على الأقل فستعود كفري كما كانت في ماضيها .,,مدينة زاخرة وحية وتبث بالحياة والحيوية لا لأهلها فقط بل لكل المدن الأخرى المجاورة وستبتعد عن خطر الهبوط الى درجات ادنى وستنجو حتما من خطر التحول الى قرية وهو الخطر الحال المحدق بها حاليا !!,, كثيرا ما اتابع واشاهد في بعض الفضائيات خروج شباب ومثقفين من اهل المدينة ليقدموا طلباتهم لجكومة اقليم كردستان واستغرب من مضمون تلك المطالب نظرا لبخسها وضآلتها وعدم أهميتها ,, اذا غالبا ما تنحصر المطالب في طلبات تعيين الخريجين او انشاء مراكز للشباب لأنهم لايجدون مكانا ترفيهيا يقضون فيه اوقاتهم !!, ويسمونها بألأسم ب(قاوه خانه) !!,, الشباب اذا لم يعملوا ولم يكافحوا في شبابهم فمتى يكافحون ؟! هم بحاجة الى عمل وليس لملاعب ومقاهي ومراكز لقضاء الوقت ,, منذ عام 1991 والى اليوم مرت اربعة وعشرون سنة , اي ربع قرن تقريبا و كفري في تقهقر حاد الى الوراء , كل الذي نالته المدينة واهلها هو الكلام الجميل وبعض مشاريع غير هامة (عدا انشاء السد الذي اراه معلما عملاقا) وحتى هذا السد لم يجر استثماره بشكل سليم اذ طغى الجانب السياحي والترفيهي على الحكمة الأساسية من انشاء السد وهي توفير الماء للزراعة ,,اهمية كفري لاتبرز للكثيرين لأنهم لاينظرون اليها بعين العقل , والغريب كل الغرابة هو ابناء المدينة ان تحسنت احوالهم المالية فأولى الأولويات هي هجرة المدينة لشراء بيت في سليمانية او اربيل او كركوك او حتى تركيا ومغادرة المدينة !!,,ومن ثم عدم العودة الا في مناسبات وطقوس اقامة مجالس العزاء والفواتح او لدفن الميت الذي يكون في الغالب ممن هجر كفري ولم يتذكرها الا وهو على فراش الموت ليحن الى النوم والرقود في احضان (باوه شاسوار) كمهجع أخير !!!,, هذه المدينة التاريخية والحضارية المفعمة والممتلئة بعبق التاريخ والثقافات تتنفس اليوم صناعيا ويجب على ابناءها تغيير مطالبهم الى مطالب تتناسب وحجم ما يعانونه من مشاكل الفقر والبطالة , وان اولى المطالب يجب ان تنصب على انشاء طريق مبلط يمد المدينة بمدينة سليمانية ,, ذلك الطريق القديم الذي رسمه العثمانيون وجاء الأنكليز في اعقاب الحرب العالمية كي يبلطوه تبليطا بسيطا وهو ذات الطريق الذي رسمه البريطانيون وخططوا لمد سكة حديد عليه بين سليمانية وكفري ,, ولا يُعقل ان يُقال بأن (ابو ناجي مايفتهم),, طالبوا بذلك الطريق وستتحول المدينة في ظرف ثلاث سنوات الى محافظة من تلقاء نفسها وسيعود الأطباء والطبيبات الهنديات وسيعود المهاجرون من اهل المدينة والا تفعلوا فستتحول المدينة او ما تبقى منها الى قرية خاويه لا ماء فيها ولا شجر وستتحول الى مقبرة كبيرة جدا .

#عمر_الداوودي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل