|
صلاة المسلمين و جذورها المسيحية
موريس رمسيس
الحوار المتمدن-العدد: 4777 - 2015 / 4 / 14 - 23:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أجمع كُتاب التفاسير على فرض الصلوات الخمس بداية من ليله الإسراء (أى قبل عام و نصف من الهجرة و بعد أحدى عشر عام و نصف العام من البعثة المحمدية) ، كما انه لا يوجد فى التراث شيء يُعتبر موثق عن الصلاة من القرآن أو من الأحاديث الصحيحة المنقولة عن محمد (ص) ، يكون فيه شرح و توضيح عن كيفية ممارسة طقس الصلاة و ما يتخلله من اتيان لحركات بدنية تُؤدى من قِبل المسلم و اقوال تُردد ملزمة عند القيام بها و كما الحال بالنسبة للتوقيتات و المناسبات المختلفة ، كما انه لا يوجد شيء مذكور فى تلك المصادر عن الصلاة اللتى كانت تُؤدى فى فترة ما قبل ليلة الإسراء و ما قبل البعثة و ما بعدها حتى ليلة الإسراء و لا يعرف عنها شيء و لا عن كيفية الأداء أو عن مواقيتها و عما يُردد خلال تأديتها
يُنقل عن بعض أهل العلم أن جبريل (س) هبط صبيحة ليلة الإسراء عند الزوال فَعَلَم محمد (ص) الصلاة ومواقيتها و كان أول فرض للصلوات الخمس ركعتان ، ثم بعد الهجرة أُقرت في السفر ، وزيدت في الحضر ركعتين ، إلا المغرب فعلى حالها .. فى البخاري و مسلم عَنْ عَائِشَةَ أنها قَالَتْ / فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا ، وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأُولَى / ، كما جاء في "الموسوعة الفقهية " ان أَصْل وُجُوبِ الصَّلاَةِ كَانَ فِي مَكَّةَ فِي أَوَّل الإْسْلاَمِ ؛ لِوُجُودِ الآْيَاتِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي بِدَايَةِ الرِّسَالَةِ التى تَحُثُّ عَلَيْهَا و أَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ بِالصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ فإِنَّهَا فُرِضَتْ لَيْلَةَ الإْسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ و ذهب بعض أهل العلم (فى نفس المصدر) إلى كون الصلاة كانت مفروضة أول الأمر ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي .. قال الحافظ / ذَهَبَ جَمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْل الْإِسْرَاء صَلَاة مَفْرُوضَة إِلَّا مَا كَانَ وَقَعَ الْأَمْر بِهِ مِنْ صَلَاة اللَّيْل مِنْ غَيْر تَحْدِيد - و قال الْحَرْبِيُّ - إَنَّ الصَّلَاة كَانَتْ مَفْرُوضَة رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ / ..َ قالَ الشَّافِعِيّ / أَنَّ صَلَاة اللَّيْل كَانَتْ مَفْرُوضَة ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) فَصَارَ الْفَرْض قِيَام بَعْض اللَّيْل ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْس و قد قال أيضا / كَانَ محمد قَبْل الْإِسْرَاء يُصَلِّي قَطْعًا ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابه لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ اُفْتُرِضَ قَبْل الْخَمْس شَيْء مِنْ الصَّلَاة أَمْ لَا ؟ فقيل إِنَّ الْفَرْض أَوَّلًا كَانَ صَلَاة قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة قَبْل غُرُوبهَا ، وَالْحُجَّة فِيهِ قَوْله تَعَالَى (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا)
أنا أرى ان رأى رجال العلم لا يعدوا عن كونه مجرد "رأى شخصيا " لا يعتمد على التوثيق لكن يعتمد على التحليل و الاستنباط من القرآن و بعض الأحاديث لركن هام يعتبر ثانى أركان الإسلام بعد قول الشهادتين !
نظرا لأهمية ركن الصلاة فى الإسلام ، فقد كان ينبغى على كاتب القرآن تخصيص سورة كاملة عن الصلاة يشرح و يوضح دون أى لَبس كل شيء عنها ، و ليس كما فعل على سبيل المثال فى سورة الحج و التى اعدادها (78) ، ذكر الكاتب طقس الحج ضمنيا فى العدد (25) مع ذكره لطقس الركوع و السجود اللذان كانا يمارسا منذ / سيدنا ابراهيم فى الكعبة / ، و فى العدد (77) ذكرهما ايضا كطقس يؤدى فى الصلاة عموما و فى العددين (27/28) نبه الكاتب الى الدعوة و الأذن بالحج فى الناس ، و لا يوجد شيء أخر فى السورة عن مناسك و طقوس الحج أو عن الصلاة أو العمرة بالتفصيل
يُفهم من الشواهد السابقة ان كاتب القرآن محمد (ص) أعتمد على الموروث الثقافى الروحى لدى عرب شبه الجزيرة بما يشمل من صلواتهم و تشفعهم و تحنفهم إلى الإله و الشفعاء و إلى / الله أكبرهم / ، هذا الموروث كان يتواجد بقوة فى الثقافة البدوية الوثنية قبل الإسلام .. كما ان لا يوجد أى ذكر (*) فى السير و السنة النبوية لكون محمد (ص) قد اضطر يوما إلى تعليم الصلاة لداخلين الجدد فى الإسلام من العرب أو عن شرحه بالتفصيل عن كيفية عمل الحج أو العمرة و عن شروط صحتهما و عن كيفية و طريقة الركوع و السجود و ما يجب ان يُردد خلالهما و كما لم يتساءل احد من الأتباع عنهما مطلقا كما لو كانت تلك الطقوس جميعها من المسلمات و الممارسات العادية المعروفة لدى جميع القبائل العربية فى شبه الجزيرة
ترك محمد (ص) طقوس و مناسك الحج و العمرة بلا أى تغير كبير لضمان استمرارية الموروث الثقافى بالتالى ضمان ولاء العرب له ، فقد حرم العرى الكامل للرجال و النساء اثناء الطواف حول الكعبة و ادخل على الصلاة التشهد فى التحيات (الشهادتين) و قبل الصلاة عليه و على ابراهيم و على اتباعه مع اضافة تلاوة بعض السور القصيرة و الأعداد القرآنية .. هناك من يعتقد من رجال العلم بصحة الصلاة و اجازتها حتى لو لم يقرأ المسلم خلالها أى شيء يذكر من القرآن
لم ينفرد العرب قبل الإسلام بالركوع و السجود فى صلاتهم ، لكن المسيحيون فى الشام و مصر و اثيوبيا كانوا يفعلون نفس الشيء و مازالوا على هذا النحو فى بعض الصلوات بالكنائس و الأديرة و يطلق / الأقباط / علي عمليه الركوع و السجود فى جميع أحوالها بـ "المطانية" ، كما ان اليهود مازالوا يفعلون نفس الشيء فى معابدهم ، و مارس الفراعنة القدماء الركوع و السجود اثناء تأدية صلواتهم فى معابدهم ، بالتالى لم يأتى محمد (ص) بجديد من جهة طقس الصلاة بالذات بالإضافة الى طقوس و مناسك الحج و العمرة و الصوم
يقول المسلم اثناء تلاوة سورة الفتحة فى الوضع قائما اثناء صلاته / رب العالمين / و يقول اثناء ركوعه / سبحان ربى العظيم / و عند السجود / سبحان ربى الأعلى / ... تتمحور الدراسة الحالية حول المقصود من ترديد كلمة / رب / فى صلاة المسلمين على الرغم من عدم وجود جذور ثقافية لتلك الكلمة عند البدو العرب ، فهم لم يعرفوا أصلها و لا معناها المجازى الضمنى و لا عن كيفه ادخالها و دمجها فى صلاتهم .. لذا أرى انه من الأرجح استعمال العرب قبل الإسلام لتلك الكلمة / رب / فى الصلاة كما هو الحال و استمرارها مع محمد (ص) لاحقا دون السؤال عن مغزاها و دون اى تغير
المسيحيون هم أول من ادخل كلمة / رب / فى صلاتهم و تطلق نفس الكلمة عند اليهود على المعلم و رجل الدين / ربونى / رابينا / و مازالت تُستخدم إلى الآن ، تُترجم الكلمة فى اللغات الحية إلى / السيد / العظيم / المعلم / المدبر / ، كما الحال فى اللغات /الانجليزية /الفرنسية /الألمانية /الايطالية /الأسبانية ( لورد / سنيور / هر / سنيورى / .....) ، الكلمة تعتبر / ارامية / فى اصلها اللغوى و المتحدثون العربية يقولون رب العمل و رب العائلة و يُقصدون بذلك سيد العمل و سيد العائلة ، فالكلمة تطلق فى الأساس على / الإنسان و ليس الإله / و قد استعملها المسيحيون لدلاله على / ناسوت / السيد المسيح و على اظهار التجسد الإلهى ، فهم يقولون فى صلواتهم اليومية شاخصين الى السيد المسيح / انت رب و إله / ربى و إلهى يسوع المسيح / باعتباره الإله الخالق الظاهر فى الجسد أى انه انسان كامل و إله كامل فى نفس الوقت ، منذ ذلك الحين اصبحت الكلمة و مشتقاتها / رب / الرب / ربى / ربنا / تعنى الإله الظاهر فى الجسد عند المسيحيين و المساوي فى الحقيقة و فى الوجدان عندهم لـ / اليوهيم / يهوا / .. اتخذ العرب نفس الكلمة قبل الإسلام تقليدا عن المسيحيين بلا وعى أو بوعي كامل لمضمون و أتى محمد (ص) لاحقا و ادمج الكلمة فى القرآن و فى احاديثه لكى يستمر المسلمون فى استخدامها لدلاله على / الله / دون أى دراية بأنهم يصلون إلى السيد المسيح الإله المتجسد و يمجدونه دون علم ثلاث مرات على الأقل فى كل ركعة من ركعات صلاتهم و هم فى الحالة / قائمين / راكعين / ساجدين /
اصدق المحبة ..... موريس
ملحوظة:ـــــــــــــــــــــــــــ (*) هناك احاديث بسيطة لا تفيد الموضوع كثيرا فى متنها مثل حديث عن // ابو بكر بن أبى شيبة /.. عن ابو هريرة .// عن الرسول و قد صححه الألبانى و حديث أخر عن ابو هريرة و الشهير بالحديث المسئ
#موريس_رمسيس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ازدراء اليهودية و المسيحية في القرآن
-
مصادر التطرف و الإرهاب في القرآن
-
شادى فى الجنة - قصة صغيرة
-
حبيبة فى الجنة - قصة صغيرة
-
القرآن المبسط (الطبعة الثانية)
-
انا الفرعون
-
الهروب إلى النار - قصة قصيرة
-
الفوضى و الأضعاف و التفكيك مشروع إنسانى
-
لعبة الجن و العفريت - قصة قصيرة
-
مؤامرات الربيع العربى
-
غزوة السجون و الأقسام
-
فوضى الهوية و الحرب الأهلية
-
نعتوا ناعوت
-
الله أكبر الرجيم
-
أنا الفاعل
-
أمة
-
أبو خارى
-
داعش الإيمان
-
عار عليك
-
بَدَور عليه – (ترنيمة)
المزيد.....
-
لليوم الـ12: الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيا
...
-
“سلي طفلك الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر النايل سات و
...
-
الأزهر: من مسجد الفاطميين إلى جامعة إسلامية عريقة
-
الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور
...
-
سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
-
مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ
...
-
اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
-
الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
-
صحفي يهودي: مشروع -إسرائيل الكبرى- هدفه محو الشرق الأوسط
-
toyour el-janah kides tv .. تردد قناة طيور الجنة على القمر ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|