أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - جدران الوهم















المزيد.....

جدران الوهم


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1328 - 2005 / 9 / 25 - 13:27
المحور: القضية الفلسطينية
    


ثمة دوامة جديده تنتظر التفكير السياسي العربي الذي اعتاد علي التفسير الاحادي للظواهر المعقده .
فالخروج من دائرة اللبس الذي خلفته خطوة اخلاء قطاع غزه من المستوطنين وقوات الاحتلال يحتاج الى ذهنيات و اليات تفكير تتجاوز الانماط المتبعه في تحليل نتائج الهزائم الكبري والانتصارات العابره علي مدي العقود الخمسة الماضيه.

وادوات القياس التي جري استخدامها طيلة سنوات الصراع العربي ـ الاسرائيلي لم تعد ملائمه للمراحل المقبله ، والحقائق التي يجري تكريسها علي الارض يصعب تجاهلها بدفن الرؤوس في الرمال ، واطلاق الشعارات الكبيره .

وتكرس الارتدادات المرجحه بعد صدمة الانفتاح العربي والاسلامي علي اسرائيل نزوعا نحو ذهول قد يطول مع غياب بوادر صحوة تتيح رؤية اوضح لتداعيات التطورات السياسيه التي تشهدها المنطقه .

وقد يكون اغفال تسلسل الاحداث التي سبقت توجه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الى نيويورك ووقوفه علي منصة الامم المتحده سببا في حالة الارتباك التي خيمت علي الشارع السياسي العربي وهو يتابع انهيار الجدران الهشه التي تفصل اسرائيل عن العواصم العربيه والاسلاميه .

فهناك عدة ابعاد سياسيه لخطة فك الارتباط احادي الجانب التي يشوبها الغموض بقيت خارج حسابات المتعطشين لانتصارات تتيح هامشا من التعويض النفسي .

وفي بعض الاحيان ـ اذا لم يكن معظمها ـ ظهرت رغبه في الاكتفاء بقراءة بعض اجزاء المشهد حتي لا يجد اصحاب القراءات انفسهم في مواجهة الاسئله الصعبه التي تحول ما اصطلح عليه بالانسحاب من غزه الي اداة لاخفائها .

وفي المحصله اعفي العقل السياسي العربي نفسه من الاجابه علي سؤال " ماذا بعد الانسحاب من غزه ؟؟ " الذي طرح علي استحياء وسرعان ما اختفي خلف شعارات فضفاضه .

وبذلك ساهمت نخب سياسيه عربيه بقصد او بغير قصد في اخفاء المخفي من خطة فك الارتباط احادي الجانب التي كانت اولي مراحلها مقدمه لاعادة انتاج صورة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وتسويق صورته الجديده في المنطقه والعالم .

وزادت هذه المساهمه من صعوبة تفكيك المعادله الجديده التي وجدت فيها بعض دوائر صنع القرارفي العواصم العربيه والاسلاميه ـ وربما القطب الكوني الوحيد ـ ارضيه مناسبه لتوسيع هوامش حركتها السياسيه والتخلص من بعض الاعباء.

فمن ناحيتها وجدت الاداره الاميركيه في المعادله قوة دفع جديده لاتفاقيات التجاره الحره التي جري توقيعها مع بعض دول المنطقه .

والتقت الرؤيه الاميركيه مع رؤي العديد من عواصم المنطقه التي تواجه صعوبه في تبرير التوقيع علي هذه الاتفاقيات .

واتاحت المتغيرات الجديده فرصه للبحث عن مخارج سياسيه لعواصم اقليميه تواجه ازمات حاده في العلاقه مع الولايات المتحده لا سيما وان هناك من يري في اسرائيل اقصر الطرق للتفاهم مع سيد البيت الابيض.

وقد يؤدي سلوك هذا الطريق الي غض الطرف الاميركي عن غياب الديمقراطيه و تجاوزالاصلاحات السياسيه .

ولا شك في ان اتفاقيات التجاره الحره وغض الطرف الاميركي عن تلكؤ العواصم العربيه والاسلاميه في القيام باصلاحات حقيقيه يتيح للنظام الرسمي العربي التهرب من متطلبات لا يستطيع الوفاء بها والحد من مظاهر بعض الازمات الاقتصاديه .

ولكن التهرب من جوهر الازمات والطواف علي حوافها لا يعني باي حال من الاحوال ايجاد حلول لها .

ويكفي تابيد استعصاء الازمات الذي تقود اليه مثل هذه السياسات للابقاء علي هامشية الوضع العربي وتكريس تبعيته والحد من فاعليته لعقود مقبله .

ويلفت النظر اختلاف ذهنية تعاطي الطرف الاسرائيلي ـ عن ذهنيات الاطراف الاخري ـ مع بدء مع التحولات التي تطرا علي علاقة تل ابيب مع العواصم العربيه والاسلاميه.
فقد اخذ اعلان المسؤولين الاسرائيليين عن هذه التحولات طابع كشف المستور من خلال الاشاره الي اتصالات مع مسؤولين عرب ومسلمين كانت تجري تحت الطاوله .

وفي المقابل لم تقلل الاطراف العربيه والاسلاميه ذات العلاقه من اهمية التصريحات الاسرائيليه مما اعطي الاعلان الاسرائيلي قدرا لا يمكن تجاهله من المصداقيه .

وتقود الية الاعلان الاسرائيلي والتجاهل العربي لانكشاف المستور الي جمله من الحقائق ابرزها ان الجدران الهشه التي كانت تفصل تل ابيب عن العديد من العواصم العربيه لم تكن سوي وهما كبيرا كرسه الاعلام الرسمي العربي وتعاملت معه بعض النخب باعتباره ورقة ضغط.

ومع الكشف عن هذه الحقيقه يصعب التعامل مع الجدران الهشه باعتبارها عنصر قوه جري التفريط به لان هذه الجدران لم تكن موجوده الا في ذهن المواطن العربي المخدوع .

ومثل هذه الحقيقه تملي عي النخب المسكونه برغبة البحث عن عناصر القوة اعادة تاثيث ذاكرتها .

ففي المنطقه دول " ليس بينها وبين اسرائيل أي نزاع مباشر" علي حد قول ليمور بندور الناطق باسم الخارجيه الاسرائيليه .

ويكفي هذا الهامش من الحياد لقيام الدول المعنيه بدور الوسيط بين الفلسطينيين والاسرائيليين .

و بين الحقائق التي لا بد من وضعها بعين الاعتبار عند اعادة تاثيث الذاكره ان الحكومه الاسرائيليه تتعامل مع مرحلة انهيار " جدران الوهم " بعقلية الفاتحين الذين يفرضون حقائق جديده علي المهزومين .

وامام هذا الواقع يتحول الاحتفال بما اعتبر انسحابا اسرائيليا من غزه الي وهم يضاف لمنظومة الاوهام التي تسكن العقل العربي المغرم بتسمية الاشياء بغير اسمائها الحقيقيه .

ففي الوقت الذي تشعر النخب العربيه ببعض الاسترخاء وهي تتابع الاستعراضات الاحتفاليه في قطاع غزه المحاصر من جميع الجهات يرتب سلفان شالوم اجندة جولاته في المنطقه لتحقق اسرائيل بانسحابها الوهمي ما لم تحققه في حروبها مع العرب علي مدي الخمسين سنه الماضيه .

وحسب الخط البياني للنجاحات التي يحققها شالوم في زياراته التي تشمل عددا من عواصم المنطقه ولقاءاته مع مسؤوليها يتحدد هامش التعويض النفسي عن الهزائم التي تجرع المواطن العربي مرارتها ولعبت دورا في تحديد ملامح سلوكه وطبيعة علاقته مع نظامه السياسي.

وطريقة التعاطي الاسرائيلي مع بدء تلاشي جدران الوهم احد مظاهر الهيمنه التي فتح الانسحاب الوهمي من قطاع غزه مجالا اوسع لتكريسها والتعامل معها كامر واقع .

فلم يحد الانسحاب المختلف علي معطياته من شعور صانع القرار الاسرائيلي بقدرته علي ترتيب الاوضاع في المنطقه.

والحديث الاسرائيلي عن بقاء خيار اعادة ما تبقي من الضفه الغربيه للاردن وقطاع غزة لمصر ـ في حال تعذر التوصل الي حل مع الفلسطينيين ـ احد مظاهر هذا الشعور .

وعند البحث في معطيات الشعور الاسرائيلي بالسطوه يطفو علي السطح ما لم يعد النظام الرسمي العربي قادرا علي اخفائه .

فالدول العربيه بهيكلياتها الاقتصاديه والسياسيه الراهنه ، وتدني مستوي الوعي الاجتماعي لدي شعوبها عاجزه عن القيام بدور فاعل في النظام العولمي المحكوم بضوابط مختلفه عما كانت عليه الامور قبل عقد من الزمن.

وهناك عوامل بنيويه واخري ذات علاقه بالتوازنات الدوليه تتيح لاسرائيل الانغماس في عملية العولمه ومن ثم القيام بما يعجز عنه النظام الرسمي العربي المنشغل في البحث عن شرعية وجوده .

وبذلك يمكن التعامل مع خطة فك الارتباط احادي الجانب وسقوط جدران الوهم باعتبارها مؤشر تحول في الدور الذي تمليه علي اسرائيل علاقتها بالقطب الكوني الاوحد .

فالتطورات التي شهدتها المنطقه العربيه خلال العقدين الماضيين وضعت نهاية لاسطورة الذراع الاميركيه الضاربه .

ولكن تراجع الدور العسكري الاسرائيلي في منظومة الرؤية الاميركيه مع انهيار الاتحاد السوفيتي لم ينه العلاقه الخدميه التي تربط واشنطن بتل ابيب بقدر ما ادخل تعديلات علي طبيعة الخدمات المقدمه .

و التحولات التي طرات علي السياسات الكونيه بعد انهيار المنظومه الاشتراكيه توحي بان مؤشر بوصلة الدور الاسرائيلي يتجه نحو تقديم خدمات في اطار العولمه .

وفي مقابل هذه الخدمات تقوم اسرائيل بدور المايسترو المحرك لاقتصادات المنطقه .

ويفتح دور اسرائيل الاقتصادي الابواب علي مصاريعها لدور سياسي يتمثل في المساهمه باعادة ترتيب العلاقات بين دول المنطقه .

وباقتراب اسرائيل من هذا الدور تعود الاضواء مجددا الي تصور الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به شمعون بيريز بعد اعلان مبادئ اوسلو واتفاقية السلام الاردنيه ـ الاسرائيليه وبدده فشل المفاوضات علي المسار الفلسطيني .

وحتي لا تعيد انتفاضات فلسطينيه محتمله التحرك الاسرائيلي الجديد الى المربع الاول هناك رغبه اسرائيليه حقيقيه في الوصول الي حل للقضيه الفلسطينيه .

وما توحي به المؤشرات الاسرائيليه يكشف عن رغبه في التعامل مع المساله الفلسطينيه باعتبارها قضية سكان يمكن تصديرها الي دول الجوار مع ابقاء الارض تحت السيطره الاسرائيليه .

واحتمالات تطبيق هذا التصور علي الضفه الغربيه ممكنه اكثرمن امكانيات تنفيذه في قطاع غزه الذي لم يخرج من دائرة السيطره الاسرائيليه .

وفي جميع الاحوال لا يؤجل صانع القرار الاسرائيلي تمدده السياسي في المنطقه الي مابعد تصفية القضيه الفلسطينيه .

فقد عمد خلال العقدين الماضيين الي اتباع سياسة تلازم خطوات "الاخضاع " و "التمدد " التي تعني بالنسبه له الاحتفاظ بهامش واسع للمناوره والمبادره حين تقتضي الضروره .

كما يوفر توسيع هذا الهامش قدره تضييق الخناق علي الفلسطينيين لاجبارهم علي القبول باملاءات لا تتناسب مع الحد الادني من طموحاتهم .

واللافت للنظر ان نتائج واثار التمدد الاسرائيلي لن تكون مقتصره علي شعوب المنطقه .

فهناك ما يوحي بانسحاب الهزيمه علي مختلف قوي مناهضة العولمه الامر الذي يملي علي النخب العربيه توسيع رؤيتها للحد الذي يتيح احداث قطيعه مع قوي الانغلاق ،والعزله ، والتفكير الاحادي ، ودعوات الدفاع البدائي عن الذات المثخنه بالهزائم .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفسير احادي....لخطوة احاديه
- منصة التغيير
- عمان..مرآة العراقيين ..ونافذتهم علي العالم
- الانسحاب المصيده


المزيد.....




- قطة تشق طريقها إلى ولاية أمريكية أخرى دون علم أصحابها.. شاهد ...
- صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد
- المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية
- الاحتجاجات تتصاعد ضد الحرب في غزة.. عشرات الطلبة يتحصنون في ...
- الولايات المتحدة: مقتل 4 ضباط شرطة في مواجهة استمرت 3 ساعات ...
- محامون حكوميون يحثون بايدن على وقف تسليح إسرائيل لإنتهاكها ا ...
- الحوثيون يهاجمون أربع سفن بالمحيط الهندي والبحر الأحمر
- اتصالات أميركية قبيل تسلم رد حماس بشأن وقف إطلاق النار بغزة ...
- قاعدة أميركية في الأرجنتين لتضييق الخناق على الصين!
- اجتماعات عربية أميركية في الرياض لبحث تطورات الحرب الإسرائيل ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - جدران الوهم