أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - الانسحاب المصيده















المزيد.....

الانسحاب المصيده


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1295 - 2005 / 8 / 23 - 13:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


ينطوي الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزه علي ملامح مشتركه مع انسحابات اسرائيليةاخري مثل اخلاء مستعمرة ياميت في سيناء عام 1982حيث تابع المهتمون بالصراع العربي ـ الاسرائيلي في مختلف انحاء العالم مشهدا لم يكن مالوفا من قبل ، والانسحاب من جنوب لبنان عام 2002الذي رسخته الفضائيات في الذاكره وتعاملت معه البعض باعتباره مفصلا في التفكير الاستراتيجي الاسرائيلي، ولا بد ان هناك اوجه شبه مع انسحاب سابق من القطاع بددت ملامحها عودة الاحتلال عام 1967 .
وتتجاوز اوجه الشبه بين هذه الانسحابات ما يخلفه الصخب والتعليقات السريعه التي تبثها الفضائيات الي ما هو اعمق من ذلك بكثير .
فهناك قاسم مشترك بين اخلاء المستوطنين من القطاع واخلائهم من ياميت يتمثل في تكريس الحالتين امكانية التعامل مع التوسع الاستيطاني الاسرائيلي من منظور بعيد عن منطق التسليم بالامر الواقع .
وعند اجراء مثل هذه المقارنات لا يمكن تجاهل الحقائق التي اوصلت صانع القرار الاسرائيلي الي خطوة الانسحاب لان جميع المؤشرات تؤكد ان جنوب لبنان وغزه تحولا الي جحيم يصعب علي قوات الاحتلال التعايش معه .
والي جانب اوجه الشبه هناك قدرا من اللبس يستحق التوقف بعض الوقت للخروج بتصورات واضحه حول ما يمثله الانسحاب من القطاع لمنطقه ملتهبه مثل منطقتنا .
ففي السياق العام يمكن التعامل مع اخلاء مستعمرات غزه ومستعمرة ياميت باعتباره جزء من افرازات لتسويات حذره حينا ومتعثره في معظم الاحيان .
ولكن التعاطي مع هذه المساله باعتبارها حقيقه مطلقه دون الخوض في التفاصيل مشوب بقدر كبير من الوهم .
فلا يوجد ما يوحي بان اخلاء مستعمرات غزه من المستوطنين جزء من توجه اسرائيلي لانهاء احتلال الاراضي الفلسطينيه تمهيدا لاقامة الدوله .
وحين يتحدث شارون عن خطة خارطة الطريق لا يعني الخطه التي طرحتها الاداره الامريكيه ، وتعامل معها الفلسطينيون باعتبارها الحد الادني لطموحاتهم ، ففي ذهنه الخارطه المشروطه بتحفظاته الشهيره ، والمحكومه باللاءات التي اعلنها مع بدء اخلاء مستعمرات القطاع .
وبتحفظاته ولاءاته صادر رئيس الوزرا الاسرائيلي مفاوضات الحل النهائي كما تنكر لحق الفلسطينيين في التفاوض حول حقوقهم .
وكان شارون اكثر وضوحا عندما اعلن عدم استعداده للتفاوض مع العرب وانه بصدد التفاوض مع الجانب الاميركي للتوصل الي تسويه .
ولا شك في ان جنوح رئيس الوزراء الاسرائيلي للبحث عن مثل هذا الشريك ـ الامريكي ـ يهدف بالدرجه الاولي الي رفع سقف المفاوضات " بالمفهوم الاسرائيلي " وخفضه بالمفهوم العربي والفلسطيني .
وقد تصل طموحات شارون حد السعي لترتيب اوضاع المنطقه مع الاداره الاميركيه وليس تسوية الملف الفلسطيني وحده .
فما زال حلم حل القضيه الفلسطينيه علي حساب الدول العربيه المجاوره وفي مقدمتها الاردن يراود قادة الليكود ويحظي بهامش واسع من تفكيرهم .
وفي جميع الاحوال لن تراعي التسويه التي يمكن ان تحدث بمعزل عن الفلسطينيين الحد الادني من طموحاتهم الوطنيه الامر الذي يعني شطب ما راكمته حركتهم السياسيه علي مدي العقود الاربعه الماضيه.
وينسجم نسق التطورات التي يدفع شارون باتجاه حدوثها مع طريقة تفكيره التي لا يكلف نفسه عناء اخفائها ويصر النظام الرسمي العربي علي تجاهلها حتي لا يفقد قدرته علي تجنب الدور المطلوب منه والذي لا يستطيع القيام به .
فلم يخف رئيس الوزراء الاسرائيلي يوما رفضه للانسحاب من الضفه الغربيه ، ولم يوقف التوسع الاستيطاني فيها ، واصر علي اكمال بناء الجدار العازل متحديا الاراده الدوليه .
ولا يترك انسجام الخط البياني لسياسات شارون مع آفاقه النظريه مجالا لاغفال التوقعات التي تدور حول مايمكن ان يقود اليه افقه السياسي .
ولعل ابرز ما يمكن التقاطه في هذا السياق حل الدوله المؤقته الذي يطرحه رئيس الوزراء الاسرائيلي و يتضمن حشر الفلسطينيين في بانتوستانات الضفه الغربيه الي مالا نهايه .
وقد يري بعض اصحاب الرؤي الاستراتيجيه ان البانتوستانات لن تقف حائلا امام انفجار القنبله الديموغرافيه الفلسطينيه في الضفه الغربيه وقطاع غزه ومناطق الخط الاخضر .
ومثل هذه الرؤيه لا تفتقر للحكمه عندما تقترن بمعدلات النمو السكاني لدي الفلسطينيين التي تفوق مثيلاتها لدي الاسرائيليين ، والعقبات التي تواجهها محاولات الوكاله اليهوديه جلب مستوطنين جدد ، ولكنها تصطدم بالاساليب المرجح ان تتبعها حكومة شارون والحكومات الاسرائيليه المقبله لنزع فتيل هذه القنبله .
وهناك سيناريوهات عديده يمكن اتباعها لنزع هذا الفتيل مثل اعادة انتاج حرب الترويع التي مورست في القطاع من قبل واثبتت فشلها في دفع الفلسطينيين الي الرحيل ، والبحث عن تبعيه اخري للفلسطينيين تفقدهم هويتهم الوطنيه وتحولهم الي جاليه في وطنهم .
وفقدان الهويه في مثل هذه الحاله لا يقتصر علي الانسان فمن الممكن ان تفقد الارض هويتها ايضا .
وفي مثل هذه الحاله يتحول حفاظ الفلسطيني علي هويته الي هدف تتراجع امامه اهداف اخري مثل تقرير المصير والدوله المستقله وعودة اللاجئين .
وتكرس هذه المعطيات حالة الفرز التي تشهدها الساحة الفلسطينيه مع تراجع احتمالات قيام الدوله المستقله التي بقيت عنوانا لنضال الشعب الفلسطيني لما يزيد عن ثلاثة عقود .
ولا يخفي علي متابعي الحياه السياسيه الفسطينيه ان هناك ثلاث رؤي يمكن التعامل معها باعتبارها محاور وتتمثل اطروحاتها في :
· القتال حتي رحيل الاحتلال عن كل الارض الفلسطينيه بما في ذلك مناطق الخط الاخضر .
· القبول بما يمكن ان تعطيه اسرائيل للفلسطينيين حتي لو كان فتاتا لا يرتقي للحد الادني من المطالب .
· الجمع بين المفاوضات والمقاومه المسلحه لتحسين شروط التفاوض .
واللا فت للنظر ان السياسات الاسرائيليه تلعب دورا كبيرا في حالة الاستقطاب التي يشهدها الشار ع الفلسطيني .
فلم تترك سياسة الاغتيالات ، واعتقال القاده ، والاذلال اليومي الذي يمارس علي الحواجز ، واغلاق افق التسويه السياسيه مجالا لخط الاعتدال السياسي .
ومع تراجع ثقافة الاعتدال والتعايش تطفو علي السطح الاطراف الاكثر تشددا و التي تتعامل مع المستحيل باعتباره ممكنا .
فلا يوجد بديل للغة العقل سوي لغة الشعارات ذات القدره الهائله علي التضليل السياسي .
ولذلك من غير الممكن التعامل مع هذه المحاور باعتبارها حاله ثابته بقدر ماهي تعبير عن ظواهر محكومه بظروف متحوله .
ففي الوقت الذي كان الجيش الاسرائيلي يقوم باخلاء المستوطنين من مستعمرات غزه اتسعت دائرة الدعوه الي نقل هذا النموذج الي الضفه الغربيه .
ولم يكن الاغراء الذي يمثله مشهد الانسحاب وحده الذي وسع دائرة هذه الدعوات فقد كان لتصريحات شارون مساهمتها في هذا التطور الذي يقود الي تسريع دوامة العنف .
وتكاد الروافع السياسيه التي يراهن عليها تيار الاعتدال الفلسطيني ان تنحسر في دور اردني ـ مصري يقنع الاداره الاميركيه بخطورة السياسه الاسرائيليه علي استقرار المنطقه .
واذا اخذت بعين الاعتبار التحولات الكونيه التي تحد من التاثير الاقليمي في توجهات القطب الكوني الوحيد يتضح حجم النتائج التي يمكن ان يحققها تيار الاعتدال الفلسطيني المدعوم من الاردن ومصر .
وفي المقابل عكفت حكومة شارون علي استثمار الانسحاب من القطاع قبل اتمامه ، فلم تكن قوات الجيش الاسرائيلي قد انتهت من اخلاء المستعمرات عندما اعلن وزير الخارجيه سلفان شالوم عن قرب تطبيع العلاقات مع 10 دول عربيه علي الاقل .
وما حصل عليه شارون من مديح اميركي واقليمي وعربي يفوق حجم الانسحاب من المنطقه الاكثر كثافه سكانيه في العالم ، والتي تردد ساسة اسرائيل في احتلالها عام 1967 ،وتمني رئيس الوزراء الاسبق اسحاق رابين ان يصحو يوما فيجدها قد غرقت في البحر ، ورفض الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات تسلمها وحدها حتي لا يخلص الحكومه الاسرائيليه من اعبائهافيها دون ثمن ، و لا تكون غزه اولا واخيرا .
والاهم من ذلك ان غزه لا تندرج في اطار منظومة المفاهيم التوراتيه التي تعيق الانسحاب من الاراضي الفلسطينيه .
والمعلومات التي جري تداولها مطولا ولم يتوقف عندها المحللين العرب الذين يتعاملون مع الانسحاب من منظور استشراقي تفيد بان الحكومه الاسرائيليه كانت وراء تظاهرات الاحتجاج اليهوديه الرافضه للانسحاب من القطاع .
فلم يكن ممكنا ان يحصل شارون علي دعم اميركي واقليمي غير محدود لخطته لولا تضخيم صورة الصعوبات التي واجهها اخلاء مستعمرات القطاع من المستوطنين .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - الانسحاب المصيده