أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)















المزيد.....

تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 20:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية

تنص المادة 15 من الفصل الثاني على أن (لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية). و المادة 17 من نفس الفصل تنص على أن (لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية). و الفقرة الثانية من المادة 19 من الفصل نفسه تنص على أن (لا جريمة ولا عقوبة ألا بنص) و الفقرة أ من المادة 35 من الفصل الثاني تنص على أن ( حرية الإنسان وكرامته مصونة). و المادة 35 تنص في واحدة من فقراتها على أن ( الدولة تكفل حماية الفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني). و المادة 36 من نفس الباب تقول: (تكفل الدولة حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل). و المادة 40 من نفس الباب تقول (لكل فرد حرية الفكر و الضمير والعقيدة). و المادة 14 في الباب الثاني تقول : (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي).

ليبرالية متسامحة في الاقتصاد وتوليتارية في السياسة !

يفرق أساتذة العلوم السياسية و منظرو الديمقراطية وأنصارها بين (اللبرلة LIBERALIZATION) وبين (الدمقرطة DEMOCRATIZATION). ففي الأنظمة الغير ديمقراطية قد تستلزم اللبرلة مزيجا من السياسة والتغيرات الأجتماعية. وهذه التغيرات تشمل تخفيف الرقابة على الإعلام، خلق فضاء للتنظيم الذاتي للمنظمات الاجتماعية المدنية، خلق مساحة ولو محدودة لممارسة الحريات الفردية، أطلاق سراح السجناء السياسيين وإرجاع حقوقهم، عودة المنفيين وتعويضهم، زيادة دخول الأفراد بطريقة عادلة، التسامح إزاء المعارضة.
أما عملية التغيير الديمقراطي (الدمقرطة) فأنها أوسع من ذلك بكثير. فهي تشمل التغيرات الاجتماعية لكنها لا تكتفي بها وإنما تركز بشكل خاص على الجوانب السياسية، كالانتخابات وما ينتج عنها من حكومات منتخبة والفصل بين السلطات الثلاث... الخ. ولهذا فأن عملية التحول الليبرالي بإمكانها أن تحدث دون أن ترافقها عملية تحول ديمقراطي.
لمن يرغب بالتفصيل راجع:
Juan j. and Alfred Stepan :(Problems of Democratic Transition and Conslidation) . Baltimore: Jhons Hopkins University Press. 1996


وهكذا ، فأن المواد التي ذكرناها آنفا في الدستور العراقي لا تتوقف عند عملية التحول الليبرالي وحدها. إنها مواد ديمقراطية سياسية, وهي تعتبر الركائز الأساسية التي بدونها لا يمكن بناء نظام سياسي ديمقراطي ليبرالي. نعم، بدون تطبيقها وبدون ضمانها و بدون احترامها يصبح الحديث عن دولة مؤسسات وعن قيام نظام ديمقراطي سفسطة وعبث، لا أكثر ولا أقل.
هذه المواد هي التي تحدد الفرق بين النظام الديمقراطي الليبرالي ، والنظام السياسي التوليتاري في أي مكان من العالم. النظام الديمقراطي يضمن للفرد حريته وأرادته وسلطته ، أيضا. أما النظام التوليتاري فيحول الفرد إلى (رقم) أو (أداة) تنفيذية عليه أن يطيع ، وأن يقبل بما يقال له ويؤمن به ويصدقه ، وأن يقاتل بطريقة عمياء ، ليس دفاعا عن مصالحه ، إنما دفاعا عن مصالح الآخرين.
فهل تم تطبيق واحترام هذه المواد الديمقراطية (الليبرالية) السياسية / الاجتماعية / الثقافية خلال السنوات الماضية في العراق، أي طوال فترة الانتقال إلى الديمقراطية التي بدأت عام 2003 ؟
من الصعب جدا الإجابة ب(نعم) مطمئنة. ما تم تطبيقه ، هي إجراءات ليبرالية، مثل إرجاع المفصولين السياسيين لوظائفهم، عودة المهجرين، الحريات الاقتصادية... الخ. وحتى هذه الانجازات تم تطبيقها وما يزال بأساليب فيها الكثير من اللاعدالة.
الميدان الوحيد الذي تم فيه تطبيق الليبرالية و بوتيرة متسارعة ، وبشكلها المنفلت المتوحش ، هو المجال ألاقتصادي : أطلاق الاستيراد ، إنشاء شركات تجارية وهمية أو برأسمال لا يتناسب مع الأرباح التي تجنيها ، تسهيل عمليات تبييض الأموال ، إنشاء مصارف خاصة بدون ضمانات حقيقية ، السعي المتواصل لبيع الشركات والمؤسسات المملوكة للدولة ، أطلاق حرية التجارة بدون قيود ، منح فرص استثمارية لأشخاص طفيليين اقتصاديا ، منح قروض مصرفية ضخمة بطريقة عشوائية وبدون نتائج تنشط الدورة الاقتصادية... الخ.
لقد طبقت الليبرالية الاقتصادية (اقتصاد السوق) بأسلوبها الفوضوي المتوحش الأكثر بشاعة وقسوة.
والملاحظ هو أن (الحريات) الاقتصادية يتم تطبيقها بطمأنينة و باسترخاء وبدون فرض ضرائب كبيرة، حتى تحول العراق إلى (ملاذ ضريبي أو جنة ضرائبية PARADIS FISCAL ) عراقية. و هذه (الحريات) الاقتصادية يتم يتطبيقها بأمان ولا يمارس ضدها أي نوع من أنواع العنف ، لا من قبل السلطات الحكومية ولا من قبل الجماعات المسلحة الناشطة خارج القانون ، كما حدث وما يزال يحدث مع النشاطات الليبرالية السياسية / الثقافية/ الاجتماعية التي تقيمها وتنفذها جماعات وناشطون في المجتمع المدني.
والغرض من ذلك ، كما أثبتت تجربة السنوات الماضية ( وهذا وجه واحد من وجوه الفشل والخراب و الفضائح التي يتحدثون عنها من قادوا التجربة السياسية) ، هو نهب المال العام وتوفير مصادر تمويل مالية للأحزاب وللجماعات الحاكمة.

الدستور العراقي بين القوة الناعمة و قوة الكلاشنكوف.

في الواقع اليومي وفي التطبيق العملي بدت الأمور ، طوال السنوات الماضية ، وكأن هناك محاولات لفرض دستور آخر يتعارض تماما مع دستور الدولة الديمقراطي الذي ارتضته أكثرية الشعب. وبدت الأمور كما لو أن هناك محاولات لبناء "حكومات ظل" تتحكم في شؤون الحكومة المنتخبة ديمقراطيا.
بالطبع ، نحن نتحدث هنا عن دستور (مجازي) غير مكتوب لكنه ، في الواقع التطبيقي اليومي ، أشد تأثيرا من دستور الدولة ، و (مواده) تُفرض فرضا ، سواء بقوة السلاح الفعلي (الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون) أو السلاح المعنوي ( الأوامر والنواهي "الدينية" المفروضة من قبل أفراد و جهات سياسية ليست لها صفة قانونية حكومية) ، أو بقوة السلاحين كليهما.
والأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تحصي.
فبالإضافة للفضائح المالية والإدارية التي يتحدث عنها الجميع ، هناك خروقات دستورية كبرى من نوع أخر لا يتم الحديث عنها كثيرا. لا يتم الحديث عنها لأنها تتم تحت غطاء (مقدس) ديني ، وغطاء اعتباري أخلاقي يراد له أن يكون أيضا مقدسا. بينما هي ، في الجوهر ، ممارسات سياسية آيدولوجية هدفها تعبيد الطريق لقيام نظام سياسي توليتاري مضاد للنظام الديمقراطي الذي نصت عليه مواد الدستور. وأي مواطن ينتقدها سيتهم فورا بتهم ردعية صاعقة ، تبدأ من التحلل الأخلاقي والتشبه بالغرب و بالكفر والشرك بالله.
وإذا كانت هذه الممارسات تنفذ ب(قفاز مخملي) أو بأسلوب (القوة الناعمة) فأن هناك ممارسات أخرى يتم تنفيذها بقوة الكلاشنكوف. ولولا تدخل المرجعية الدينية لاتسعت وتنوعت هذه الممارسات وازدادت الأمور تدهورا. ويكفي أن نذكر مثالا واحدا هو ، ذبح مراهقين أبرياء من قبل جهات مسلحة مجهولة / معلومة ، بحجة مخالفة هولاء المراهقين للأخلاق الإسلامية ، كما حدث مع (الأيمو) عندما كادت تحدث مذابح واسعة بحق مراهقين أبرياء ، لو لم تتدخل المرجعية الدينية في اللحظة الأخيرة فتطالب بوقف تلك الانتهاكات.
إن من ينفذ هذه الأفعال هم أفراد وجماعات متنفذة ليست غريبة للنظام السياسي القائم ولا بعيدة عنه ، إن لم تكن في صلب قياداته. و أوامر هذه الجماعات لها قوة القانون الرسمي ، وأكثر ، بدليل أن مرتكبي هذه الممارسات العنيفة يفلتون دائما وأبدا من العقاب القانوني ولم يتم تحديد هوياتهم حتى ولو مرة واحدة.
إن هذه الممارسات العنيفة ، ونحن لم نذكر إلا القليل والبسيط منها ، ليست أفعال معزولة ولا صبيانية و لا عشوائية ، ولا هي ردود أفعال عفوية.
وهدف هذه الممارسات ليس الحفاظ على المذهب أو الدين. أبدا أبدا. فالممارسات الدينية والطقوس المذهبية ومحلات دور العبادة لم يمسسها أحد ، بل هي في حال ازدهار غير مسبوق . وهذه الممارسات ليس هدفها حماية الأخلاق الحميدة ونشر الفضيلة. فلو كان الأمر كذلك لتم استهداف لصوص الدولة الكبار و المرتشين وسراق المال العام.
والجهات المستهدفة الحقيقية ليسوا ، كما يبدو لأول وهلة ، المراهقين والفتيات البائسات اللاتي قادهن حظهن العاثر لبيع أجسادهن ، وباعة الخمور. هذه ممارسات سياسية آيدولوجية ممنهجة ، و المستهدف هو الشعب العراقي بأسره. و الهدف هو ترويع المجتمع المدني وتركعيه وبث الرعب في أوصاله ، و إفهامه أن هناك (دستور) ، موازيا ومغايرا للدستور الديمقراطي الرسمي المعمول به ، هو الذي يجب التقيد به وتطبيقه.
وهذه الممارسات كلها ليست منفصلة عن الفهم (الخاص) للديمقراطية من لدن قادة الدولة. إنها تطبيق لديمقراطية ( ما ننطيها ).
يتبع



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)
- ( النجف. الذاكرة والمدينة ) : مسح بانورامي للمدينة
- إيران تفجر قنبلة سياسية في العراق
- ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟
- مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة ...
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...
- شيعة الحياة وشيعة القبر
- هل أن أغنية لزهور حسين ، مثلا ، تُلهي عن ذكر الله ؟؟؟
- هل دخلت داعش مرحلة الموت السريري أم أن (الذئب) ما يزال ينتظر ...
- ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الح ...
- الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين
- ( الطيور الصفراء) : رواية أميركية عن الحرب الأميركية في العر ...
- هل يتحول البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي لإياد علاوي عا ...
- همس المدن أم صراخها ؟
- المثقف العراقي والانتخابات
- العلمانية بين التهريج السياسي والحقيقة
- الصكار ينهي رحلته ويعود ليتوسد تراب العراق
- ألصاق تهم المخمورين وزواج المثليين بمن يعارض من العراقيين !!
- رأيتم (قطر) المالكي لعد اعتزال الصدر، انتظروا كيف ( ينهمر ال ...


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)