أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ماجد القوني - حوار مع المفكّرالدكتور حيدر إبراهيم:















المزيد.....



حوار مع المفكّرالدكتور حيدر إبراهيم:


ماجد القوني

الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 16:27
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


حوار: ماجد القوني
كأنه خارج للتو في سبيل تغيير جذري لمجتمعات تتبدى هشاشتها للقادم من تخوم وفضاءات ما بعد الحداثة، يحمل أزاميل نقده في مواجهة جمود الوعي والأفكار.. يصفه بعض القروسطيين من خلال مؤلفاته، بأن معول هدم لتابوهات شيدوها داخل الوعي العربي، بينما يراه مستنيرون أنه نقطة ضوء في ظلام واقع مازال يحكمه الأسياد والخارجون للتو من عصور التأريخ.. دراسته للفلسفة وعلم الاجتماع لم تجعل منه مجرد مطلع على ما يدور في الذهن الإنساني، بل سعى لنقد هذا العقل وتحريره.. حيث أن الفيلسوف ضمير أمته وقلبها النابض.. له بصمته الخاصة على جُدر الفلسفة وعلم الإجتماع.. لا يمكن أن يتوافر إلا حيث الديمقراطية والمناخات الملائمة لتطوّر الفكر الانساني.. الأنظمة الدكتاتورية لا تلائم مشروعه الفكري المعرفي الذي بدأه في العام 1993م بتأسيس مركز الدراسات السودانية.. الذي تم اغلاقه مؤخراً بالخرطوم لضيق هامش الحريات.. ليمضي شمالا لقاهرة المعز..
د.حيدر إبراهيم علي.. دبلوم في التاريخ والتربية 1966 كلية التربية أم درمان، ليسانس في علم الاجتماع القاهرة 1970، دكتواره فلسفة في العلوم الاجتماعية جامعة فرانكفورت 1978، منسق الدراسات والنشر المجلس القومي للثقافة العربية. الرباط 1990- 1993. مدير مركز الدراسات السودانية 1993 حتى الآن.. رئيس تحرير مجلة كتابات سودانية 1995 حتى الآن..
له العديد من المؤلفات، التغيير الاجتماعي والتنمية، مقدمة في علم الاجتماع، أزمة الإسلام السياسي الجبهة الإسلامية نموذجاً، لاهوت التحرير، الدين والثروة في العالم الثالث، الديمقراطية والمجتمع المدني في السودان، التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية، مواقف فكرية، المثقفون التكوين في السودان، المجتمع المدني والمجتمع التقليدي في السودان، العولمة، أزمة الأقليات في الوطن العربي (بالاشتراك مع د. ميلاد حنا)، التعليم وحقوق الإنسان، سقوط المشروع الحضاري القاهرة.. حول عدد من القضايا كان حوارنا معه..
* مركز الدراسات السودانية.. بين القاهرة والخرطوم.. هجرة البحث عن واقع ديمقراطي.. أم ماذا؟
- تأسس المركز عام1991 بين القاهرة والرباط، وقد كانت الهجرة اجبارية وضرورية. وفي 2001 افتتح المركز بالخرطوم ، وكنت قد طرحت قبلها ما أسميته ب "المساومة التاريخية" والتي طالبت فيها بعودة المعارضة للوطن بسبب لاجدوى العمل السياسي في الخارج.عدت بكثير من الآمال والطموحات، ولكن النيران الصديقة كانت سببا في الهجرة الثانية. فقد كنت أظن أن معركتي مع القوى الظلامية والنظام الفاشي، ولكن كان ظهري مكشوفا.. في مجتمع المثقفين السودانيين، واهم من يظن في نفسه القدرة علي الإنجاز والابداع دون أن تسنده عصبية من حزب أو شلة. فالاستقلالية والعصامية والثقة في القدرات الذاتية، جريمة لا يغتفرها المثقفون السودانيون أو جلهم، لمن يعلن اختلافه عن القطيع.لقد خذلني كثير من التقدميين ،والتنويريين، و"الناشطين" (لشد ما أمقت هذه الكلمة).. فقد كان أغلبهم ينتظر سقوط وفشل تجربة مركز الدراسات السودانية.. ويمكن الرجوع لكثير من الملاحق الثقافية لصحف وصحافيين "ديمقراطيين" كانت تقاطع اخبار المركز ولم اتنشر طوال سنوات وجوده خبرا عن اصدارته ونشاطه. ويكفي أن شاعرا عتيقا وصف مجلة "كتابات سودانية" التي صدر منها56 عددا ب:" النشرة التي يصدرها فلان الفلاني". وفي اليوبيل الذهبي للاستقلال 2006 حين دعا المركز محمود درويش ومارسيل خليفة وطيب تيزيني وكريم مروة ونصير شمة وغيرهم، رفض الكثيرون شراء التذاكر الاكرامية وتعرض المركز لصعوبات مالية، كما اضطر لاغلاق مكتبة (آفاق جديدة) ولم يهب لنجدته أحد ، رغم مرثية المكتبة التي نشرتها في الصحف. هذه المرة كانت الهجرة هروبا من عالم النفاق، فقد خرجت حزينا وساخطا، ولكنني عرفت لماذا جاء الإسلامويون ولماذا استمروا حتي اليوم وسوف يستمرون طالما كانت هذه طريقة مقاومتهم.
* ماهي ملابسات إغلاق المركز في الخرطوم..؟
- مع ضرورات تنفيذ السياسات القمعية والتضييق علي العمل العام، هناك جانب شخصي في إغلاق المركز.. ففي إحدي الاستدعاءات، قال لي عنصر أمني: نحن سنعمل فيك زي ما عمل المصريون في سعدالدين ابراهيم.. ولابد من القول أن النظام يخشى الكتابة والتنظيم، ويتحمل كل شئ عدا ذلك.. لم اتوقف علي المستوي الشخصي عن الكتابة والنشر بهدف فضح النظام.كما أن إصدارات المركز عملت علي توثيق فشل المشروع الحضاري.
رفع النظام اتهامات خطيرة في أجهزة الإعلام عن التمويل الاجنبي وتهديد الأمن القومي.. وهذه تهم ترقي للخيانة العظمى، ولو كان نظاما جادا وغير هزلي، لذهب ببيناته للمحاكم حماية لأمن البلاد والوطني ولردع " العملاء" و" الجواسيس".. وأكرر تحدي من يقول بهذه التهم أن يذهب بها الي القضاء، بما فيهم (علي عثمان محمد طه) الذي وقف في قلب المجلس الوطني ملوحا بملف مدعيا أن لديهم كتابا كاملا عن مخالفات المراكز.
بالمناسبة رغم أن إغلاق المركز حسب وزارة الثقافة كان لمدة عام انتهي بنهاية عام 2013 إلا أن الحاكم الغعلي تدخل ومنع الوزارة من تنفيذ قانونها وقرارها نفسه.
* أشرت في إحدى مقالاتك.. أن النخبة السودانية يلاحقها قدر إغريقي بخواتمه المأساوية.. ويضمر لها النهايات الدرامية.. هل مازال هذا القدر يلعب دوره.. إنكفاء النخب المثقفة السودانية على ذواتهم هل هو استسلام لهذا القدر؟
- يكمن ذلك القدر الإغريقي الغاشم والأعمي الذي يلاحق النخبة السودانية في مقولة هيغل: مكر أو دهاء التاريخ، والتي تذكرني احيانا الآية الكريمة:" إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهّل الكافرين امهلهم رويدا".. فقد توهمت النخبة السودانية بسبب صفويتها وامتيازاتها وتخلف مجتمعها، أنها قادرة علي صناعة التاريخ والقدر أرادويا أي وفق تصوراتها هي حتي ولو خالفت ضرورات الواقع.وقادت الضرورة الي تضخم الذات ورفعت فصائل النخبة شعارات أكبر كثيرا من حجمها العددي، ومن تكوينها الفكري، ومن قدراتها القيادية. فقد قررت العمل علي تغيير العالم وليس تطوير وطنها الصغير الفقير. فقد حذبتها شعارات الاشتراكية وياعمال العالم اتحدوا، أوعودة الإسلام والمشروع الحضاري ولا تبديل لشرع الله، أوالرسالة الثانية للإسلام لأن الأولي غير صالحة لإنسانية القرن العشرين، أوأمة عربية ذات رسالة خالدة، أو وحدة-حرية- اشتراكية. لقد ترفعت النخب السودانية- التقليدية والحديثة- عن قضايا الوطن الصغيرة في نظرها، لذلك لم تهتم بحملات محو الامية في الريف ، ولا محاربة الملاريا والبلهارسيا، ولا مكافحة العطش وتحسين وسائل الزراعة والإنتاج في الريف والبوادي. ولكن مشكلة النخب السودانية الاساسية كانت في العقلية وطريقة التفكير، فهي تصر حتي اليوم علي: بناء سوداني جديد بعقل قديم. فقد استمر مضمون علاقاتها الاجتماعية قبليا وعشائريا.فالمثقف السوداني لا يقبل النقد ولا ينقد ذاته، ويقيم علاقاته علي الاستلطاف وعدم الاستلطاف.وتحولت علاقاته الحزبية إلي علاقات انصر اخاك مهما كان موقفه. ولكن أخطر ما في سلوك النخب وثقافتها، هو تحويل الانتماء الفكري إلي ولاء أبوي بطريقة جديدة. فقد تم تحويل زعماء سياسيين إلي آباء مقدسين معصومين ولا يجوز المس بأفكارهم بأي نقد أو شك.لا اتحدث هنا عن نخب الفصائل التقليدية فقد سلّمت أمرها كاملا للأسياد، ولكن يهمني ما يُسمي بالأحزاب العقائدية وتلك الفكرية.فقد ظل التعلق بالأب مستمرا رغم أن (عبدالخالق محجوب) أعدم عام1971، كما أن (محمود محمد طه) أعدم1985. وكان من واجب تكريم الأب تطوير أفكاره وتجديدها المستمر لتواكب المستجدات العديدة.
أما النخبة الإسلاموية فقد كان قدرهم الإغريقي أعمق تراجيدية وأقرب لمأساة (أوديب) نفسها.. فقد تكفل مجموعة العشرة بقتل الأب(حسن الترابي) ولم تعرف كيف تدفنه نهائيا، وظل شبحه طائفا علي عقولهم كلهم: حكام وخوارج. فقد خلّف نظاما سياسيا إسلاميا لا يستطيعون العمل علي تغييره ولا تأييده، فهو منسوب للإسلام في النهاية. ويستحيل أن يشارك إسلاموي في اسقاط نظام يدعي تطبيق الشريعة.. ويمتد هذا الاستنتاج ليشمل حتى ( الصادق المهدي). كما أن مشكلة الإسلامويين أنهم حاولوا اجتثاث تجربة التحديث التي بدأت منذ دخول الاستعمار، رغم أنهم نتاج هذه السيرورة من خلال تلقي التعليم الحديث والاحتكاك بالغرب.. فقد تعلمنوا وتغربنوا لا شعوريا.
هذه هي وضعية النخبة السودانية المأساوية والتي توجت بفصل الجنوب وأن يرتحل ابناءها وبناتها للالتحاق بداعش رغم "حداثة" الأهل.
* من خلال مقالاتك أشرت إلى أن النخبة تحققت وحدتها مع قيام مؤتمر الخريجين عام 1938م.. ما الذي يمنع تحقيق هذه الوحدة الآن؟
- يمنعها الخوف وتجنب المغامرة الفكرية والإصرار علي حضن الأب.. كذلك استمرار علاقات القبلية في أشكال حداثية يحرمها من الموضوعية والتجديد. وهي مصابة بنرجسية وطاووسية عالية. كما أن القضية الوطنية تكون فوق الايديولوجيات، وقد كان الازهري حذرا حين قال : تحرير لا تعمير، لأن الاتفاق حول التحرير سهل.
*على عاتق من تقع مسؤولية أن يعود السودان إلى طريق التطوّر.. النخب السياسية.. أم الثقافية؟ وهل ما زلت عند رأيك بأن الانتلجنسيا السودانية سجنت نفسها في المهاترات والتنابز..؟
- في الدول النامية وبسبب عدم وجود تمايز اجتماعي واضح، يصعب الفصل بين الاثنين، حيث تتداخل الأدوار.نعم، الانتلجنسيا عاطلة وغير مشغولة بالكتابة والحوار والقراءة، لذلك تنشغل بالامور الشخصية والمعارك الذاتية وليست الفكرية.انظر لعدد الكتب المنشورة كل عام.شح في المجلات الجادة.عدد الروائين المتميزين.شعراء يعيدون نشر قصائد مضي عليها أكثر من 30 عاما ثم يكتبون نثرا عاديا باعتباره "قصيدة". ثقافة الونسة وضل الضحى تملأ القنوات. أين المسرح السوداني؟ هذا الفقر المدقع في الابداع يرمي بالانتلجنسيا في الفراغ.
* بعض الكُتاب يرون أنك تتعالى على واقعك وتبدو كمن لا يعجبه شيء؟
- هذا هو التسطيح والشخصنة عينها، مهينة أي كاتب أو مثقف حقيقي يعمل علي تغيير الواقع الموجود ثم يستمر في تغيير الواقع الجديد الذي غيره نفسه، وهكذا الي ما لانهاية، عليه أن يجري خلف مستقبل لا يثبت. ولذلك كان شعار المركز:" كن واقعيا وأطلب المستحيل".ويذكر البعض هذا الموقف بلغة أخرى، يسميها "جلد الذات"، واعتقد أن الذات التي قبلت حكم الانقاذ لربع قرن تستحق الجلد يوميا.
* أين د. حيدر إبراهيم من اليسار العريض..؟
- الساحة الفكرية والسياسة السودانية هلامية ومتناقضة ومن الممكن أن تجد شخصا يساريا حسب التصنيف الحزبي وغارقا في اليمينية في سلوكه الاجتماعي من خلال موقفه من المرأة مثلا. وقد تجد يمنيا في حزب الامة مثلا وتقدميا في نظرته للمرأة.. تقسيم اليسار واليمين من رواسب طريقة الجلوس في الجمعية الوطنية الفرنسية بعد الثورة، ولكن فقد دلالته حتي في فرنسا.فقد كان( أندريه مالرو) يمينا ولكنه كان أكثر وزراء الثقافة في تاريخ فرنسا، تقدما. وفي السودان كان صالح محمود اسماعيل وحسن بابكر في حزب الازهري ولكنهم كانوا أكثر تقدمية من الشيوعي أحمد سليمان.وكان محمد أحمد المحجوب في حزب الامة-جناح الامام، ولكنه كان من أكثر السودانيين ليبرالية وتقدما في الحياة الاجتماعية.. في الوقت الراهن افضل مصطلحات مثل مستقبلي وماضوي علي يسار ويمين.
* هل يمكن لهذه النخبة المنكسرة نفسياً والمنهزمة سياسيا وفكريا – كما أشرت - ان تتحمل عبء التغيير والقيام بإخراج الوطن من قاعه؟
- هذه دورة تاريخية خلدونية لابد أن تكتمل بسقوط كيان وأمة كان أسمها السودان.. أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى؟ وأين الاسكندر الأعظم؟ وكيف سقطت الامبراطورية الرومانية؟ وكيف إنهار الاتحاد السوفيتي العظيم؟ لقد تراكمت شروط الإنهيار للدولة والمجتمع وسوف يغرق بنا هذا المركب جميعا.
* نظرية المؤامرة في مواجهة الغرب.. إلى متى تمثل مخرجاً للأنظمة العربية من مساءلات شعوبها..؟
- قدم الاجابة المفكر الجزائري (مالك بن نبي) قبل نصف قرن.." ليست المشكلة في الاستعمار ولكن القابلية للاستعمار"..
* إغلاق عدداً من المراكز الثقافية والفكرية، آخرها إغلاق اتحاد الكتاب.. هل يمكن تصنيف ذلك في إطار صراع السلطة والمثقف.. أم أن للأمر أبعاد أخرى..؟
- مصطلح الصراع بين المثقف والسلطة غير دقيق.. إذ لا توجد سلطة حتى بالفهم الدكتاتوري.. هذا نظام اسميته (الأمنوقراطية) حيث يحكم جهاز الأمن مباشرة وليس كمعاون للحكومة.. وبالتالي تغيب أو تتداخل السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، وفي الحالة السودانية الصراع بين الأمن والكل..
* متى يتم التقارب بين المثقف والسلطة السياسية؟
- في السؤال كثير من التجاوزات لأنه يستحيل إطلاق صفة مثقف على شخص يقف مع هذا النظام مهما كانت قدراته عى الكتابة والتأليف أو الفصاحة.. لأن المثقف هو موقف منحاز للإنسان والإنسانية، ومن هنا يستحيل أن يقبل شخص التعذيب والاعتقال التعسفي والتشريد والغاء الحريات ثم نطلق عليه صفة مثقف لأن لغته جميلة مثلا.. قل عنه كاتب جيد أو شاعر مجيد أو ناظم أو سارد أو محلل، ولكن ليس بأي حال من الأحوال مثقف..
* إذا من أين تأتي الأنظمة الدكتاتورية بمثقفيها.. إذا ؟
- جاءت السلطة بمادحين وحارقي بخور يبيعون انفسهم لمن يدفع.. وتصور أن بعضهم قال نفس كلامه للنميري.. النظام الحالي لم يقف لجانبه مثقفون حقيقيون لذلك قام بتصعيد وحشد عدد من عديمي الموهبة في المؤسسات الإعلامية والثقافية.. ألبسها البدل الكاملة والكرافتات، وأركبهم السيارات الفارهة، وأسكنهم المنازل الفخمة.. ملأ بهم الصحف والقنوات الفضائية، ليقوموا بتزييف الوعى ونشر الاكاذيب. جاءوا برؤوساء تحرير صحف تخرجوا من خلاوى أطلق عليها تسمية (جامعة).. كما أنهم نشأوا في فترة دكتاتورية النميري:" أبوكم مين؟" ومن كان أبوه نميري فحدث ولا حرج.. ثم تدربوا علي الاسفاف والمهاترة والانحطاط ، لإي أزقة صحف "ألوان" و "الراية"، وتخرجوا في زمن الإنقاذ.هذه عينة من الذين تسميهم " مثقفي السلطة. وهم بلا تجاوز أو ظلم، أقرب لفتوات "الانادي"، فقد أغلق نظام الانقاذ الانادي ومنعها وفتح صفحات الجرائد.تعرضت شخصيا لتجربة اعتداء من قبل هؤلاء: إذ أعلن رئيس تحرير صحيفة كبرى لقرائه أنه سينشر فضائح تخص شخصي، ولكن لم يفعل ولم يعتذر لقارئه ولا للشخص الذي أساء له.. أنهم لا يتحلون بأي نوع من الشجاعة الأخلاقية.اتصلت بمحامين لمقاضاته، فنصجوا بعدم اضاعة الوقت لأنه "مسنود".
* إلى أي جهة يجب أن ينحاز المثقف والمبدع السوداني.. تلك التي يشكلها عبر إبداعه، أم إلى جهة الأنظمة؟
- المثقف الحقيقي لا يحتاج للارتباط بأي سلطة مهما كانت: سياسية أو دينية أو غيرها، لأنه في حد ذاته سلطة معنوية أقوي من كل هذه السلط، لو كان ملتزما وصادقا. فالحكام يجب أن يذهبوا للمثقف وليس العكس. فالمثقف – كما عرفه سارتر- هو الضمير الشقي لشعبه. فالمثقف يجب أن يكون أمام أي سلطة لتهتدي بافكاره، وليس خلفها يبرر لها ما تفعل.
* كيف يبدو غيابنا عن فضاءات الحداثة وما بعدها؟
- نحن حسب الزمن الحضاري وليس الفلكي، بالضبط في عام 1504م حين التقي عمارة دونقس بعبدالله جماع، وقررا التحالف وتكوين سلطنة الفونج أو السلطنة الزرقاء.
* المبدع السوداني مازال يخشى النقد..
- بسبب عدم النضج، والنرجسية وعدم الرغبة في التطور والتجديد.
* بين لفظتي (العتاب) و(الجحود).. العلاقة بين مركز الدراسات السودانية واتحاد الكتاب السودانيين.. إلى أي خصام مضت..؟
- كانت حادثة مؤسفة أن تقوم مجموعة تدعي الديمقراطية والتقدمية باستغلال نقابة أو اتحاد لتصفية خلافات شخصية وأن تقوم بابتزاز وتخويف شباب ليسوا طرفا في الخلاف لتمرير بيان باسم إتحاد الكتاب.. ولكن الآن علي رأس الاتحاد مثقف جاد ومحترم وموضوعي، جدير بالاحترام هو د.أحمد الصافي. فقد انتهي الخصام مع الاتحاد بذهاب من أرادوا الفتنة والاستفزاز.
* يرى هربرت ماركيوز أن البروليتاريا فقدت ثوريتها بعد اندماجها في النظام الرأسمالي.. من سيتولى مهمة التغيير في دول العالم الثالث؟
- يعتبر ماركوزة الاب الروحي لليسار الجديد عقب ثورة الشباب في عام1968، وكان يري أن البروليتاريا قد فسدت بسبب اندماجها في المجتمع الاستهلاكي- الرأسمالي، وبالتالي لن تثور عليه بل صارت مستفيدة من ثماره.ومثلت أفكار ماركوزة بعض ملامح حقبة ما لعد الحداثة، فقد شكك في نتائج عصر التنوير واعتبر أن العقلانية والتكنولوجيا قد قادت لل"إنسان ذو البعد الواحد". فقد عوّل كثيرا علي الطلاب باعتبارهم طبقة أو فئة " نقية" يمكن ان تقوم بالثورة ولكنها لا تملك قوى الانتاج. وبالمناسبة شهدت تلك الفترة ظهور الجماعات اليسارية الارهابية، مثل جماعة بادر-ماينهوف في المانيا، والجيش الأحمر في اليابان، والطريق المضئ،والعمل المباشر، والألوية الحمراء.ولكنها أندثرت مه نهاية سبعينيات القرن الماضي. وتخلت اوربا أو الغرب، عن أفكار الثورة، متحدثة عن " الطريق الثالث" صار أعلي سقف هو التوجه الاشتراكي-الديمقراطي أو النموذج الاسكندنافي أو تخل الدولة في الرعاية الاجتماعية.وفكريا، ساد فكر النهايات: نهاية التاريخ، وموت الإنسان أو الإله، ونهاية الايديولوجيات.
* قلت أن التنوير مهمة المثقفين في زيادة الوعي من خلال انتاج الافكار ونقدها دون إدعاء زعامة سياسية.. هل يعني عدم إيمانك بالمثقف المنتمي؟
- أؤمن بلا حدود بالمثقف المنتمي والملتزم جانب شعبه ووطنه وفكره.. المثقف مطالب بانتاج الأفكار ونقدها وليس بتهييج الجماهير وحشدها كما يفعل الزعيم السياسي الذي يحركها بحنجرته وصوته وليس بافكاره.. فالعمل السياسي عندنا ديماغوغي بامتياز ولا يحتاج للعقل كثيرا بل ميدانه العواطف والمشاعر الخام.. قصدت ألا يجاري المثقف السياسيين في اسلوبهم وطريقة عملهم، وهذا لا يعني العيش – كما يقال- في ابراج عاجية. ولكن التعامل مع الجماهير باحترام وصدق والعمل علي محو اميتها الابجدية والفكرية والسياسية.
* كيف تجد تطور موقف وخطاب تيار ما يعرف بـ "الإسلام السياسي".. التطور في فكر وخطاب التيار الإسلامي والمشروع السياسي، وإلى مراجعة وتطوير رؤية الإسلاميين للعديد من القضايا الملحة؟
- ظل كسب الاسلامويين الفكري ضعيفا وضحلا ، واكتفوا ب"التشعلق" علي أفكار الأب، واعتبروا التفكير والكتابة فرض كفاية إذ قام به البعض سقط عن الباقين.فقد بقي تيار الإسلام السياسي مشغولا بالامور التنظيمية والحزبية فقط.. فهم لم يصدروا مجلة فكرية خاصة بهم غير مجلة "المنار" النسائية. ورغم الامكانيات المادية الهائلة توقفت مراكز ودور نشر ومجلات، حاولت خلق حركة فكرية إسلامية في حجم أو مماثل للتضخم التنظيمي والحزبي.فقد نشأت الحركة الإسلامية عالة علي الفكر القادم من الخارج ثم اقتنعت باجتهادات شيخ حسن- كما يفضلون.كانت بداية البحث عن بناء حركة فكرية قد تبلورت في تأسيس"جماعة الفكر والثقافة الإسلامية" في مارس1981 .وجاء في أسباب التأسيس:" فقد كانت أقوى البواعث المحركة لتكوينها وإنشائها هذا الاحساس العميق الذي استشعره ومازال يستشعره الكثيرون منا كل يوم ببؤس الحياة الفكرية والثقافية عامة وركودها في بلادنا".اصدرت مجلة الفكر الإسلامي والتي لم تستمر طويلا.لم يزد نشاط الجماعة عن المؤتمر الأول في نوفمبر1982 والذي نشرت وقائعه في كتاب:"الإسلام فس السودان".وعجزت الحركة الإسلامية السودانية عن تأسيس تيار فكري متميز قبل وبعد استيلائها علي السلطة.وتهاوات كل مؤساتها الفكرية قصيرة العمر: معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، والمركز القومي للانتاج الاعلامي،وتوقفت سلسلة رسائل التجديد الحضاري/ والبعث الحضاري.. ولم تستمر هيئة الأعمال الفكرية منذ أن تركها (المحبوب عبدالسلام)، ولا نسمع عن إصدارات مركز الدراسات الاستراتيجية منذ أن غادره (بهاء الدين حنفي).. ومات بيت الثقافة بقيادة (عادل الباز) وتوقفت صحف (محمد محجوب هارون) التي استنزفت العملات الصعبة في الخارج.. وكان المستفيد الوحيد من الهوجة الإعلامية، التونسي (محمد الحامدي الهاشمي) الذي اغتني من أموال الشعب السوداني لدرجة الترشح لرئاسة الجمهورية وتملك قناة (المستقلة).. وتوقفت مجلة ( التأصيل) التي كان تصدرها إدارة التأصيل بوزارة التعليم العالي، ومجلة (أبحاث الإيمان) عن المركز العالمي لأبحاث الإيمان، و(البرلمان) مجلة فكرية ثقافية دورية تصدر عن المجلس الوطني، ومجلة (دراسات إفريقية) ومجلة (أفكار جديدة).. ويوجد الآن (مركز التنوير المعرفي) وإصدارات وزارة ثقافة ولاية الخرطوم.. ولكن مشكلة الإسلامويين أنهم يتوهمون قيام ثقافة مع غياب الحرية واقصاء الآخرين وعد السماح لهم بالتعبير في الوسائل التي ينفق عليها الشعب السوداني.
لم اقتنع بمراجعات الإسلامويين خاصة تفسير مواقفهم في الأيام الأولي التي عرفت بيوت الاشباح والتعذيب والتشريد.لم يوضح لنا: الطيب زين العابدين،وعبد الوهاب الأفندي، والتيجاني عبدالقادر،وخالد التيجاني، والمحبوب عبدالسلام،وخضر هارون وغيرهم من المراجعين كيف كان موقفهم وشعورهم؟ هذا جانب هام حول جديتهم في خيار الديمقراطية وحقوق الإنسان.
* يتحدث إسلاميون في النظام الحاكم عن فشل مشروع الدولة الاسلامية.. هل هذا يعني فشل نظرية الدولة الدينية.. أم التجربة؟
- فشل الاثنين معا، فالتاريخ الإسلامي لم يعرف ما يسمي بالدولة ولكن عرف الخلافة الإسلامية.. ووجود مفهومين مستقلين يعني بالضرورة اختلافهما وتمايزهما في الفلسفة والمؤسسات.. وقد أخذت الخلافة أسم الأسر التي حكمت من أمويين وعباسيين وايوبيين واخشيديين وبويهيين ومماليك.. الخ. وكانت كلها ضمن الملك العضوض ولم تترك أي تراث لنظرية سياسية إسلامية.. مشروع الدولة الإسلامية مجرد يوتوبيا أي توجد في اللامكان تحولت بعد التطبيق الي(دستوبيا) أو مشرع الكارثة واليأس.
* المجتمع المدني السوداني هل ينجح في ملء الفراغات التي خلفها غياب السلطة والمعارضة؟
- تحول المجتمع المدني لأنه سوداني، إلي ثالثة الأثافي المكملة للحكومة والمعارضة، فالنخبة السودانية لديها قدرة رهيبة في تحويل الوعود والآمال الي كوارث: كلما انبت الزمان قناة ركّب السوداني في القناة سنانا. فقد تحولت كثير من منظمات المجتمع المدني الي وكالات إعاشة لبعض المتعطلين ومصدر للترفيه والرحلات للخارج دون تقديم أوراق أو مساهمات فكرية للفسحة والمظهرية فقط.أين هذه المنظمات ورئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني(أمين مكي مدني) معتقل منذ 6 ديسمبر الماضي؟
* إحتماء السودانيون بنار الغربة من رمضاء الاغتراب الداخلي.. هل يقلل من احتمالات تغيير مرتقب؟
- لم يلاحظ السودانيون أنهم أعادوا تجربة اليهود التائه والخروج الكبير(exodus) بعد عام1989 وعليهم ألا ينزعجوا لو انقطعت صلة ابنائهم وبالذات بناتهم بالوطن وصاروا غربيين، جيلنا المهاجر عليه الا يتباكي بدموع النساء علي وطن لم يبنيه- خارج الاناشيد والأغاني- بطريقة تضمن مستقبل الاجيال القادمة .فقد فرّط ومازال يفرط في استرداد الوطن الذي قال أنه يحلم به يوماتي. فقد تركه مستباحا للتتار والظلاميين لربع قرن كامل، وظل يتلذذ بحلم اسقاط النظام في المواقع الاسفيرية وتكوين الجبهات والائتلافات وإطلاق النداءات التي ما قتلت ذبابة.أكرر لو استمرت الأحوال بهذا المنوال، فما علينا إلا التفكير في طريقة دفن الوطن بطريقة لائقة فقط.
* سعى محمد عابد الجابري من خلال مشروعه الفكري، لتجديد العقل العربي من داخل تراثه.. في رأيك هل مازال الفكر العربي يحمل في داخله بذرة التجديد من داخله؟
- لايسمح المجال بمناقشة موضوع العقل والعقلية، ولكن لقد أخطأ (الجابري) حين اعتبر أن مشكلة المسلمين في رؤوسهم فقط ولم يعط بطونهم بعض الاهتمام.. فهم يعيشون في مجتمع راكد لأكثر من 14قرنا لم تتغير خلالها وسائل الانتاج ولم نشترك في صنع التكنولوجيا التي نستهلكها وبالتالي لم نساهم في انتاج العلوم.
اختلاف التراث عن الحضارة المعاصرة في النوع والكيف وليس اختلاف درجة وكم. وكأنك تتوقع أن تتطور الشجرة إلي الإنسان. وبسبب تمسك (الجابري) بالتراث انكر دور العلمنة مع أنه هو نفسه نتاجها المباشر. وبسبب التركيز علي الخصوصية أهمل العام والإنساني في أوضاع كثيرة.. لقد بدأ (الجابري) ناقدا وثائرا وانتهي توفيقيا خائبا بمعني ضمور مشروعه ولم يجد الانتشار رغم أنه كان مكثرا في الكتابة.
* كيف يمكن أن تصف الأزمة التي يعيشها المستبدون العرب..؟
- من الذي قال لك أن المستبدين العرب يعيشون أزمة؟.. فهم يحكمون عقوداً من الزمن وليس سنين.. وهل عبّر(بشار الأسد) عن الشعور بأزمة؟ طالما حيدوا وهمّشوا شعوبهم، فهم في راحة..



#ماجد_القوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الدكتورة آمال جبر الله
- مجموعة عقد الجلاد.. أصنام في مَعّبدِ التَأرِيخْ.. أمْ نِسور ...
- (الشبابوفوبيا).. الزلزال القادم من المستقبل
- تاج السر عثمان بابو السكرتير الثقافي للحزب الشيوعي السوداني ...
- المرأة السودانية.. بين قهر القوانين.. وسماحة التقاليد!!
- حزب التحرير.. العودة للجذور
- دستور السودان القادم.. جدل الديمومة
- حوار مع سكرتير اتحاد العمال السوداني (المعارض)
- السودان الشمالي.. هل يبقى دون جنوب جغرافي؟
- الخالة (بخيتة)..
- القيادات الشابة وسط الاحزاب السياسية..
- الدستور السوداني..
- إنفصالات الروح (2)
- مسلسل إنفصالات الروح (1)
- جعفر إبراهيم عبدالله..النقابي السوداني..
- حوار مع المغني السوداني سيف عثمان
- الانقاذ.. ومأزق السياسة السودانية
- سيناريوهات الوحدة والانفصال
- حقل زنجبيل إلى -سامية-


المزيد.....




- شاهد.. فلسطينيون يتوجهون إلى شمال غزة.. والجيش الإسرائيلي مح ...
- الإمارات.. أمطار غزيرة وسيول والداخلية تحذر المواطنين (فيديو ...
- شاهد: توثيق الوصفات الشعبية في المطبخ الإيطالي لمدينة سانسيب ...
- هل الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد عرض عضلات؟
- عبر خمسة طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- حماس تؤكد نوايا إسرائيل في استئناف الحرب على غزة بعد اتفاق ت ...
- أردوغان يبحث مع الحكومة التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران
- واشنطن وسعّت التحالفات المناهضة للصين في آسيا
- -إن بي سي-: بايدن يحذر نتنياهو من مهاجمة إيران ويؤكد عدم مشا ...
- رحيل أسطورة الطيران السوفيتي والروسي أناتولي كوفتشور


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ماجد القوني - حوار مع المفكّرالدكتور حيدر إبراهيم: