أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد بلغربي - معالم التطور الأدبي في المجتمع الأمازيغي القديم















المزيد.....

معالم التطور الأدبي في المجتمع الأمازيغي القديم


سعيد بلغربي

الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 16:18
المحور: الادب والفن
    


المكتبات الأمازيغورومانية:

احتفظت العمارة الرومانية بنماذج من رفوف مكتبة قديمة يقول عنها الكسندر. س: «إن أفضل مكتبة حفظت إلى اليوم من العصر الروماني هي تلك التي اكتشفت في آثار المستوطنة العسكرية ثاموغاد (تيمگاد اليوم في الجزائر) في نومديا بأفريقيا الشمالية».
ويعتبر هذا المَعلم المصنّف من طرف علماء الآثار كأفخم هيكل يتوسط مدينة «ثاموگادي» بمسرحها القديم وساحة الفوروم الممتدة، وتنفرد مكتبة تيمقاد بين المكتبات الرومانية الأخرى ذات الزوايا المتقاطعة عموديا، بقاعة مطالعتها ذات الشكل النصف دائري بقطر يصل إلى12 مترا.. ويعتقد الخبراء أنّ المكتبة كانت تتسع لحوالي3000 مخطوط، وأخذت في الزمن القديم؛ هيئة قراطيس ملفوفة كانت ترتب على رفين محفورين داخل جدار القاعة (كامل الشيرازي، إيلاف)، التي «أحيط فناؤها الأمامي بصف من الأعمدة أعاد علماء الآثار المحدثون ترميمها.
أما باب المكتبة الرئيسي فيقود إلى صالة واسعة نصف دائرية يزينها إثنا عشر عمودا من الرخام، تحمل قبو المكتبة وخلال هذه الأعمدة كانت توجد كوات حفظ الكتب.. يتوسط الصالة تمثال للآلهة آثينة وقد بنيت هذه المكتبة في عهد الإمبراطور (تراجان) حوالي عام 100 ميلادية» ( أبو العطا: 274).
ومن أبرز الأحداث التي يذكرها التاريخ الأمازيغي القديم، اهتمام الأسرة الملكية النوميدية بالكتب والكُتّاب، يحدثنا التاريخ عن قيام مكتبات في قرطاجة، أمرت روما بعد أن تمت لها الغلبة عليها وظفرت بها، بتوزيعها بددا على ملوك البربر وأمرائهم»(إيمَار: 58) وفي المعنى نفسه يشير دبوز بقوله: «فرح مصيبسا (148ـ119 ق.م) وهو إبن ماسينيسن بتلك الخزائن التي نقلت إلى نوميديا، وفرح شعبه كبيرا لحصولهم عليها، ونجاتها من الحرق والتدمير.. لقد كان البربر أكثر نضوجا من الرومان، وأعلم منهم لاختيارهم للكتب من الغنائم».
ولقد اطلع المؤرخ اللاتيني سالوست (86 ـ 35 ق.م) على خزانة هذه المكتبة بواسطة المترجمين، حينما عيّن حاكما على شمال أفريقيا الولاية الرومانية الجديدة سنة 46 ق.م. ويشير سالوست في معرض حديثه عن هذه المكتبة بقوله: «سأذكر باختصار ما قرئ عليّ مترجما من الكتب البونيقية المعزوة للملك هيمبسال»(التازي: 106). وشكلت هذه الكتب التي كانت في أغلبها مكتوبة باللغة البوينية، مرجعا أساسيا في تطور الفكر الأمازيغي. ومن حسن حظنا ـ يقول بن ميس ـ أن بعض كتب التاريخ أوردت بعض المعلومات عن بعض المؤلفات البوينية المعروفة في هذا العصر.
ومن بينها كتاب البحارة حانون (القرن 05 ق.م) تحت عنوان: رحلة حانون.. وكتاب هاملكون في الرحلات.. ومؤلفات هيمبسال في التاريخ.. وكتاب ماكون في الفلاحة. هذه المطويات لعلها هي نفسها التي كانت من بين المؤلفات التي أثثت رفوف المكتبات الأمازيغية بعدما تم نسخها وتداولها بين المهتمين.

المسارح والمدرجات الأمازيغرومانية:

تُؤكد المعطيات التاريخية على أن المسح الأركيولوجي للآثار المغاربية يُظهر وجود نظم وتطور عمراني، يبدو أنه عرف انتعاشا وتألقا كبيرين خلال الفترتين الإغريقية والرومانية، و»لا ريب أنّ الإغريق في أقصى شرق المغرب القديم قد نقلوا إلى تلك المنطقة.. مظاهر الحضارة الإغريقية وأولها المسرح، ولعلّ الملك ماسينيسا الذي تفتح على الحضارة الإغريقية وتحدثت المصادر عن استقدامه للفنانين الإغريق يكون قد شيد مثل هذه المرافق بعواصم المملكة (عقون 261).
وهي مسارح حجرية ازدهرت بشكل كبير خلال هذه العصور في ربوع شمال أفريقيا، ومازالت بقايا هياكلها وآثارها شاهدة على مظاهر النبوغ الأدبي والثقافي الأمازيغي القديم، ومن أهمها نجد مسرح قرطاج ودگة بتونس، تيمگاد بالجزائر، سبراتا بليبيا، ليكسوس بالمغرب، إضافة إلى مسرح الجمّ ـ ولاية المهدية في تونس حاليا ـ الذي «يعد في نظر القدامى والمحدثين أجمل معلم من معالم أفريقيا في العهود القديمة»( الهادي: 205). ويمثل رابع أكبر مسرح روماني في العالم.
كانت هذه المسارح مرتعا للتسلية والمبارزات الفكرية والأدبية، يجتمع فيها هؤلاء النبغاء من أدباء وفناني الأمة لعرض إنتاجاتهم الإبداعية. وتفيدنا تقنيات المسح الأركيولوجي الحديثة ذات المحاكاة والنمذجة التقريبية للعصور القديمة على أن بعض مدرجاتها كانت تسع ما بين 30 إلى 40 ألف متفرج. ويمكن أن نتخيل أنها كانت تعج بصيحات عظيمة وجلبة شديدة من كل ناحية، وأصوات الأبواق يعلن عن ترقبات بدء أو نهاية العروض، وسط تصفيق وضجيج هتافات المتفرجين، وذيوع القهقهات من سماع المستملح من القول. وكما هو الحال للمسرح البدائي عامة، حيث كان يتم تقييم العمل المسرحي بردة الأفعال لدى الجمهور، اعتمادا على عواطف السامعين وانفعالاتهم حسب تعبير أرسطو، فالعمل المسرحي القيم دائما يتم التجاوب معه بالتصفيق والتعبيرات المتمثلة في رضا المتتبعين، فتتم إعادته وعرضه بين حين وآخر، «أما المسرحيات التي لا تنال استحسان الجمهور ورضاه فتقابل بالصفير والاستنكار، فيتم حذفها من الموسم المسرحي»(ليبس: 242). ومن الواضح أن للجمهور المسرحي المغاربي القديم قوة فاعلة حقيقية ومؤثرة في توجيه السياسة الثقافية.

الحمّامات الأمازيغرومانية:

تشير الشواهد والمعطيات الأثرية إلى أن الحمّامات اكتسبت شهرة كبيرة في الحضارتين القرطاجية والرومانية، فعلى امتداد مستعمراتها سعت هذه الإمبراطوريات إلى تشييد حمّامات، تؤكد الأعمدة ومجاري القنوات المائية القائمة حتى اليوم على براعة تقنياتها الهندسية المستعملة في نقل المياه، وطريقة تسخينها وتوزيعها بين مرافقها المتعددة.
وتشتهر شمال أفريقيا بالعديد من هذه المعالم التي اكتست أهمية كبرى في حياة السكان الاجتماعية، مثل حمّامات أنطونيوس بقرطاج أو الحمّامات العموميّة بمدينة بلاّريجيا. وفي المغرب «وجد بمدينة بناصا ـ إقليم سيدي قاسم ـ خمسة حمامات وثلاثة بوليلي واثنان بلكسوس وواحد بكل من تاموسيدا (تطوان) وسلا وزيليل. ولقد تم التعارف على بعض الحمامات المعزولة في البادية، كما هي الحال بعين الحمام بطنجة، بالإضافة إلى محطتين للمياه الكبريتية بمولاي إدريس زرهون ومولاي يعقوب من سيدي سليمان (تاريخ المغرب: 127). بحيث كانت «أحب مراكز الاجتماع إليهم، ففيها كانوا يضربون مواعيد اللقاء (المدني: 103). ولم تكن الحمّامات فقط مكانا للاستحمام واللهو والترفيه والمجون، بل كانت مؤسسة للتنوير والصناعة الثقافية، كما كانت بمثابة صالونات ومراكز للسماع وأندية فكرية وأدبية، مزينة بمنحوتات ورسومات إبداعية ومحاطة بلوحات فسيفسائية غاية في الجمال والروعة. يقول د. عقون: »بعد الانتهاء من الاغتسال والتدليك يتوجّه المستحم حسب هوايته إلى متابعة النشاط الترفيهي الذي يميل إليه، كالمطالعة أو الاستماع إلى أحد الخطباء أو حضور نقاش في السياسة أو الفلسفة أو التمتع بمشاهدة التحف الفنية«.
كما كانت مرتعا تشهد يوميا عقدا للصفقات التجارية والاسترسال في الجدل وتبادل الآراء والأفكار والمعلومات بين الفلاسفة والأدباء وعامة الشعب، بحيث يشير المؤرخون إلى أن الحمامات كانت عامة مثلها مثل المسارح ومدرجات المبارزات الفكرية والبدنية. وربما استفاد منها الأمازيغ الذين «نالوا المواطنة الرومانية منذ وقت مبكر، خاصة أولئك الذين لم يبدوا أي مقاومة للاحتلال (عقون: 181).
ومن بين أشهر رواد هذه الحمامات نجد الفيلسوف الأمازيغي أغوسطين، الذي يشير من خلال اعترافاته إلى ارتياد هذه الأماكن الثقافية، بقوله: «بينما أنا في الحمامات، لاحظ والدي فيَّ ما يشير إلى أنني وطئت عتبة الشباب». ونجد كذلك الروائي الكبير أبوليوس، الذي يشير في روايته (الحمار الذهبي) وفي أكثر من موقع إلى الانتشار الواسع للحمامات في المستعمرات الرومانية. ويقول في أحد فقراتها: » ثمّ خذي ضيفي إلى أقرب حمّام، فهو تعبٌ من رحلته الشّاقة الطّويلة«، وهذا ما يفسر فرصة التقاء العامة من الشعب والاستفادة من الندوات والجلسات الأدبية التي كانت تقام بشكل روتيني.

عظمة الأمكنة تأكيد على الازدهار الأدبي:

هي معطيات لمعالم أثرية وعمرانية توحي لنا خلفياتها بوجود اجتهادات فكرية وأدبية راقية، تفاصيلها تساعدنا على تكوين صورة تخيلية لواقع أدبي مزدهر. فالمنطق السليم يدعو للتأكيد على أنه لا يمكن أن نتصور وجود صروح لمؤسسات ثقافية من مسارح ومكتبات وحمّامات مشيدة بهذه البذاخة، بدون وجود ثروة أدبية موازية وانتشار متباين للرأي واختلاف واضح في التيارات الفكرية السائدة، خلال هذه العصور الشاهدة على عظمة الحضارة الأمازيغرومانية، التي بقيت لوقت طويل مركزا مهما للحياة الأدبية والفنية. لقى وآثار مازلت الدراسات الأجنبية تربطها مباشرة بالحضارات الدخيلة التي نزعت عنها طابعها الأمازيغي، ومن الواضح جدا أنها تعرضت للتخريب والإهمال المتعمد وطمس لمعالمها، وهي أساليب ساهم فيها الأمازيغ بشكل كبير، فأمام غياب مبادارات جادة تسعى إلى ترميمها وتصنيفها وتحديث الدراسات والأبحاث التي تناولتها، فأمست تعيش في حالة تخريبية.

كاتب مغربي

سعيد بلغربي



#سعيد_بلغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -;-الأدب النسائي في المجتمع الأمازيغي القديم
- -;-إشكالية التجنيس في الأدب الأمازيغي القديم
- الأدب الأمازيغي القديم… شذرات في الأصل والبدايات
- -;-الأدب الأمازيغي والحركات الفكرية في شمال أفريقيا ...
- واقع النخبة الأدبية في المجتمع الأمازيغي القديم
- الحياة الأدبية في المجتمع الأمازيغي القديم… الموهبة في خدمة ...
- الأدب والحروب في المجتمع الأمازيغي القديم
- قراءة في كتاب:وراء باب الفناء، الحياة اليومية للنساء الريفيا ...
- شعر الشعب يريد إسقاط الأصنام
- الكتاب الرقمي الأمازيغي في الإنترنيت
- الطفل الأمازيغي و الإنترنيت
- صورة البلد وقصص أخرى
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي: مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي: مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد بلغربي - معالم التطور الأدبي في المجتمع الأمازيغي القديم