أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده العالبي - أجنحة المعاني. .....!؟














المزيد.....

أجنحة المعاني. .....!؟


عبد الرزاق عوده العالبي

الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 02:18
المحور: الادب والفن
    


اجنحة المعاني...!

عبد الرزاق عوده الغالبي

كلمات الحق وقحة تتأبط اجنحة كلسانها الطويل ، تحلق عاليا في اثير المعنى والتبليغ ، تستمد عقيدتها من المنابع الدافقة في جغرافية التصرف والمثل وحقول الممارسات الانسانية المترعة بالخضرة والنضارة في تشكيلات الاطياف اللونية والمزاجية لشخوص المجتمع المخططة انواعها بخطوط اجنحة الفراشات المحلقة فوق مياسم الزهور تقبلها بشهوة وتكرع بنهم رحيق التجارب والخبر الذي يثملها فتتنقل مترنحة من زهرة الى اخرى فوق اجنحة الالوان المبعثرة في اثير منهك من موجات الجمال المكثفة في حرب يشتعل اوارها بين مياسم الزهور حول احزمة الضوء الذهبية التي تنثرها الشمس بكرم يديها الناعستين في هذا الاثير السرمدي....!
تأخذ كلماتي منحى مجنح احيانا بجناحي ذبابة حين تطارد وجها دبقا يطرد الخير والخبز ويتزين بقباحة الشر العقيمة واخرى جناحي فحل نحل لسعته موجعة ، ينتفخ موطئها في الحال وهو يطارد اشرعة الخبث ، و اجنحة حمامة بيضاء تزين اكتاف حدث يكافح جبروت الفقر من اجل رمق يومي وآخر وضع صدره سدا للوطن وزندة مسندا للسلاح واصبعه ملتصقا بالزناد ذودا عن حياض موطأ الرأس والجسد ويفترش ساحة اهتمامي وجه من وجوه الانسانية المعمدة ، بالبؤس طريقا والحرمان منهجا والفقر رداء و يحمل في قيضته مصير عائلة وفي فلبه حقوق مسروفة لشريحة مسحوقه نذرت نفسها للعطاء والدفاع فقط......!
لم يتجاوز العاشرة ، يتوسد بلاط الرصيف غائبا تماما عن الواقع الصباحي المكتظ بجلبة وفوضى توقظ اهل المقابر الا جزء من حزمة نومته الصباحية قد بتر بفعل مغيب لي على الاقل حين غلبه الوسن في باب بيتي ليكملها ، تخطيت المشهد بهدوء وجسده المتهالك محشورا بين الحائط وبلاط الرصيف وراسه يتدلى فوق عتبة الباب ، غلبتني عجالة العمل والقتني بعيدا عن متناول الفضول وعبرت نحو الجهة الاخرى للشارع استوقف مركبة للذهاب لعملي و ذهني وافكاري واحاسيسي جزءا يرتع في اطار تلك المأساة التي لم تبلغ من الرشد سنا وتحمل ثقلا كبيرا وهي تواطن اثير البراءة المفترض وتصبح وتمسي تحت رفيف علم رسمي تغطي الوانه جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى التشريعية ، و اخذني عملي من كل المفترضات التي تساكن اخيلتي وغاب المشهد بقية اليوم على الاقل...!؟
وتوالى المشهد بالروتين صباحين ، اثار دهشتي وسمك فضولي لملاحقة هذه المأساة ، وفي اليوم التالي استيقظت مبكرا وجلست في باب المنزل منتظرا ، وهلت بوادر المأساة و اخرى صبية اكبر قليلا بالمقارنة ، افترقا عند باب المدرسة المقابلة وعبر الشارع نحو المعتاد ، فاجئه وجودي ولصق ظهره في الحائط ، يبعد عني مسافة المترين وقبل ان يخطفه النعاس المعتاد من وافعي ، بادرته السؤال:
" ما اسمك....؟" اجابني من اعماق نوبات التثاؤب التي تهاجمه بين حين وآخر:
" علي...!"
" وما هو عمل والديك...!؟" اجاب هذه المرة بانتباه كامل يظهر نجاحي باهرا بطرد النعاس من عينيه واختلاس انتباهه كاملا :
" لقد توفى والدي قبل سنة وتبعته والدتي بعد شهرين ....!"
" يا الله ....!" ومع من تعيش...؟"
اطرق رأسه قليلا وتحسر بعمق وبدأت عيناه تلألأ وقبل ان يتفجر بالبكاء قال:
" مع اختي التي ارافقها الى المدرسة كل يوم وانتظرها هنا حتى ينتهي دوامها.....!"
ضاق صدري قليلا وتحاملت على نفسي لالتقاط انفاسي وتفاقم الحاحي وفضولي كثيرا وقررت بلوغ نهاية المطاف من بؤس متفرد لا مثيل له ولا مقارنة فيه مطلقا فهو لباس فصل بدقة متناهية لكي يلائم اجساد اهلنا واطفالنا العراقيين فقط ويشكل موصى به ومصير محتوم ان نرتضيه قسرا شئنا ام ابينا ، مسحت بيدي على رأسه وقلت :
"لا تهتم يا ولدي ، ربك كريم ورؤوف بعباده ولا يقبل الظلم ابدا...لتكن ثقتك كبيرة به....!" هدأ قليلا عندما لاحظ تفاعلي معه واهتماني بقضيته وقال:
" ونعم بالله....!
ساد صمت بينا عند تكاثف ضوضاء المركبات المكتظة في الشارع العام ما جعل استمرار المحادثة مستحيلا وبعد انحسار هذا الموقف عدنا للحديث مجددا وقلت:
" وكيف تعيش انت واختك وهل لديكم مورد رزق ثابت....!؟" اجاب بتلعثم واحراج:
" لا والله.....!.... فانا اخرج في الصباح الباكر، قبل شروق الشمس لالتقاط الفضلات من مزابل المحلة والقناني الفارغة وعلب الالمنيوم لبيعها ثم اكمل بقية اليوم في السوق لبيع اكياس البلاستيك وما يخرج عن ذلك قوتا لنا وبالكاد يسد الرمق ...!" مسك قليلا ثم استأنف الحديث قائلا:
" احيانا تمدنا بعض المناسبات مثل المآتم والاعراس بوجبة دسمة حين املا كيسا من فضلات المدعوين ليعيننا يومين او ثلاثة ايام ونلقي ما يفسد في القمامة لعدم وجود مجمدة او ثلاجة في بيتنا في حي الصفيح المكان الذي صار علامة واضحة ومعروفة لقياس درجة العوز والبؤس في جميع محافظات العراق وخصوصا المحافظات الجنوبية...!؟"
لمحت عقارب ساعتي وهي تعدو نحو الظهيرة بشكل متسارع غطى فترة عملي لهذا اليوم وانا افكر بقضية علي و الملايين مثله من فقراء وبؤساء في بلد يطفو على بحار من ذهب...!



#عبد_الرزاق_عوده_العالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلمس نفسك ان كنت حيا.....ئ!؟
- سبايكر سر تائه فوق السنة الكذابين.....!؟
- مرض عضال اصاب قصيدة الشعر الحر منعها من اداء واجبها الوطني.. ...
- مقبرة الضمائر الميتة.....!؟
- أمنية يتيمة. ....!؟
- سنوات العمر الهاربة......!؟
- لوحة من سحر الأمس! ؟
- الم العقوق......!؟
- الثراء البنفسجي......!؟
- النوم في العسل. ......!؟
- صنع في العراق. ....!؟
- غزل في الممنوع
- مدبنتي مرض عضال لا اريد ان اشفي منه ابدا....!؟
- فرار الرفدين....!؟
- زفاف يومي. ...ز!؟
- وفاة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. .....!؟
- اصبعي خائن.....ماذا أفعل. ...؟
- عتبي اخوي ثقيل....!؟
- حكمة الخالق تسبق انتقام المخلوق....!؟
- وصية وطن جريح.....!؟


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده العالبي - أجنحة المعاني. .....!؟