أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عابدين - مفقود بين العظماء















المزيد.....

مفقود بين العظماء


عصام عابدين

الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 13:48
المحور: الادب والفن
    


في الجحيم أفقتُ على جمع مِن الناس يُفِعِمون الاجواء بضجة عَويلهم , ولما أقبلت عليهم لأكتشف الامر اشهر هيمنجوي بوجهي سلاحاً , أقسمت له بالالهه انني لستُ العدو الذي يترقب , طالبني بألا أقسِم فلا حاجه مِن هذا الآن , وإصتحبني فى جوله فيما يسئلني إن كنت انتمي اليهم ... لم افهم . تمتمت بالجهل وعدم الثقه وهذا ما لم يروقه فتركني جوار رجل هَرم ورحل , وقد كان شيخ طويل الذقن مُتكِئ على مقعد يظهر عليه ملامِح التاريخ ,اما وجهُه فقد كان مُتهدلاً بعض الشيء , وإن رفعُه تذكرته على الفور , فهرعت اقترب مِنه فى شدوه , ورحت أطنب فى الحديث عن امجاده " سيد جاليلو العالم مُصدق تماماً الآن فيما كُنت تأكد عليه الخ .. " وبعد ان استقبل الكثير مِن ثرثرتي مال بوجهِه مُجدداً ليشيح به عَني وشيئاً لم يلفُظُه ابداً . تعجبت لتلك ردة فعل , ويبدو انني لم اكن الوحيد الذي تعجب , فثار جيوردانو برونو يصرُخ فيه " هيا يا رجل , هيا بنا نعود ونثأر مِن العالم .. " وكل تلك الضجه لم تهز شيئاً فى جاليلو او تجسه على قول حرف . لكنها حَسَّت بيتهوفن على الكلام , فوجدته يصرخ الى نفسه " يالهي , لماذا اعدت لي سَمعي ! " وصمت قليلاً ثم أردف " آهَ فهمت ... لأتعذب مِن نعاق برونو " , وفور ان لاحظ برونو ما صدر عن بيتهوفن , ترك ما بيده وأوجه الصُراخ صوبه " الرب لم يسلب مِنكا شيئاً ... البشر هم مَن أفقدوك سمعك ايها الابله " . تساؤل في صورة اندهاش يُطرح مِن مكانٍ ما " ماذا " . برونو يستدير ليُكرر ما قال , فيسمع " الابله ليس بيتهوفن ... البلاهه ليست شخصاً واحد , البلاهه مِن أسهل ما يمكن ان تصل اليها فى العالم , يكفي ان تكون انسان حتي تستحق هذا اللفظ " ثم سكت دوستوفيسكي حيناً حتي تدخل نيتشه وهو يستعدل شاربه بأنامِله " البُلهاء يتم حرقهم " وضحك ضحكه تُنم عن سُخرية . برونو ينفعل مُحذراً نيتشه ان يسخر مِنه مُجدداً . نيتشه يُتمتم فى صوت مُنخفض " كُل ما تستحقه كان الحرق " . سلفادور دالى يشارك برأيه " أري فى شارب نيتشه حقيقة " . برونو يسئل في إزدراء " الن تتوقف عن غموضك وتتحدث بشكل مُباشر ولو لمره ! " . فرويد يُشعِل غليونه " دالى يقصد ان يدعم نيتشه .. هو يميل الى كفّتُه " . برونو يصرخ وانا مَن يميل الى كفتي مِنكم يا معشر الاشرار ! .
الاجابه عند ايميل سيوران " وما فائدة ان يميل احدهم الى كفتك او يدعمك . هل سيغير هذا مِن الوضع ؟ ! " . برونو يكمل صُراخه وكأنه لم يسمع سيوران الذي يُتابِع فى هدوء " الامرين سواء ... بل كل الامور " . بدي ان احداً لم يسمعه إذ لم يعقب على كلامه احداً . بيتهوفن يتذمر مِن جديد " يالهي ... الرحمه " . سُقراط يتدخل ليحل الامر بالقليل مِن الحكمه " انا صاعد الى الجبل , مَن يريد المُشاركه فلينضم " . نيتشه " انتظرني يا سُقراط " . برونو ساخراً اها اذهب , وأبحث عن ذرادشت ربما أعادك الى صوابك . هوميروس يتعجب " جبل فى الجحيم ! لم يحدثني هيدز عن هذا " . أرثر رامبو مُعجباً بالفكره " جبل فى الجحيم .. هه " . لينين وكأنه يُلقي خُطبه " ربما كانت مؤامرة ... فلا يوجد جبل فى الجحيم . اخشي انهم يدبرون لشيءٍ ما " . جيفارا بحماس رافعاً ذراعه فى الهواء " هيا بنا ... خلفهم يا رجال " . وفي الوقت المناسب يتدخل ديفيد هيوم ليفض النزاع بتعقُل " عن اي مؤامرة تُثارثروا ... واي جبل وجوده لا معقول فى جحيم ! ... و وجودكم هنا علي وجه الاجمال , لا معقول اساساً " . برونو وكله ايمان فى العلم " كلا . اعتقد ان برتراند راسل يستطيع ان يُبرهن على صحة وجودنا هنا بالرياضيات " راسل فى خجل " اخشي أنِ لست واثق مِن هذا يا برونو ... مازلت أشك فى ان جمع واحد على آخر يكون اثنان ... امنحني بعض الوقت ارجوك " .
اينشتاين " انا افعلها . رغم اني مُتفق مع هيوم فيما يقول " . رامبو ساخراً " بالله يا اينشتاين . مَن يكترث لإثباتاتك ونظرياتك ! " . صمويل بيكت ينحني نحو رجل مُستلقي على الارض يتأمل الفراغ " لما لا يكون كل هذا مِن ابداعك يا تاركوفيسكي ... فيلم مِن افلامك ! " .. شكسبير يدعم الفكرة " اعتقده انتاجك فعلاً يا تاركوفيسكي ... ما فهمت الوجود يوماً , ولا افلامك " . يكَد تاركوفيسكي ان ينطق فتتحرك شفتاه ببُطء شديد ولايزال فكه يسجن لسانه فى جوفِه . واحداً لم ينتظره حتي يُنهي , فيَنتصب رامبو راحلاً وهو يدمدم " هه لم يفهم الوجود ! يظن بأنه مِن الممكن ان يفهم شيئً مِن غير ان يفكر فيه – عليك ان تُفكر اولاً ايها المعتوه " . بينما يُردف شكسبير " او لعلها لوحه لفان جوخ او دالى ... فان جوخ ! . صحيح اين هو ؟ " . برونو يجيب " فان جوخ مغترب فى حجرته يرسم , مُنذ فتره بعد ان سخر نيتشه مِن بول جوجان وهدد فان ان يقطع له إذنُه الاخري إن لم يتوقف عن إثارة شفقتُه " . تاركوفيسكي يتحدث اخيراً " انا لا اصنع الافلام السيئه " .
صمويل بيكت فى تواضع " اشك فى اننا موجودين " . ديكارت يتدخل بعد ترقُب طويل ... " ها انت تؤكد لنا الآن اننا موجودين ... لقد بدأت بالشك وهذه خير بدايه يا صديقي " . كانط يشرح الموقف " هناك تباين واضح بين الواقع وغيره ... لو كُنتم تقرأون لعرفتُم " . كلب بصوت مروع يأخذ بالنباح حتي يُثير بيتهوفن من جديد " شوبنهاور اسكت كلبك .. هذا لا يحتمل " . شوبنهاور فى رصانة يمسح بباطن يده على ظهر الكلب وهذا ما لم يوقف الكلب عن النُباح . هرعت نحو شوبنهاور في عفوية اقول " انت شوبنهاور " اجاب " نعم . وانت مَن تكون " . ولما لم تكن لدي اجابة واضحه عن سؤاله تراجعت فى خجل ووجهي يتدلي الى الارض . برونو ينصح " لحسن حظك ان نيتشه قد رحل , انه يحب ان يسخر من امثالك " . رفعت وجهي محاولاً الخوض فى ميدان اخر مِن الحوار " العالم قد عرف قيمتك يا سيدي , هيجل لا يُحلق وحيداً الآن " ... يجيب شوبنهاور " هيجل يحلق وحيداً فى الجنه الآن . لكن أ أنت واثق مما تقول ؟ العالم يؤمن بي حقاً اليوم ؟ " ... تذكرت ان العالم الذي اتحدث عنه يتراوح بين المئات وربما القليل مِن الآلاف من الاشخاص . والبقيه لا يسمع لأحد سوي التلفاز وموسيقي البوب المُبتذله . قُلت فى حرج " لقد ساء الحال كثيراً يا سيدي . لكن الا تريد تعود معي " أجاب " كلا , لا اريد بكل تأكيد " . فرانسيس بيكون في شدوه يسئل " أتعرف سبيل للعوده فعلاً ؟ " ...اعتقد ذلك يا سيدي . يُكرر السؤال " وهل ستعود فعلاً ؟ " لا ادري يا سيد بيكون ...
سارتر يتدخل هُنا بلهجه مُريبه " إنه اضعف مِن أن يعود ... او يظل " . نيتشه قد عاد وحيداً وعلى ما يبدو انه قتل سقراط , يسمع كلام سارتر فور وصوله فيعلق بسخرية " ها قد عدت لكم ايها الضعفاء " . سارتر يلفُظ نفساً اخير ويرحل بينما يردد فى حِنق " انتَ تُشعرني بالاشمئزاز يا نيتشه ... انتم جميعاً تُفجِروا بي شعور الغثيان " .



#عصام_عابدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع مع الانا
- أزمة التحرش
- عوائق وهمية
- شُحنات مَنبوذه
- عن دحض الواقع والانا المثالي
- نرجسية غريزة الموت
- الاديان التوحيديه والثقافه الهيلينيه


المزيد.....




- رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري
- على طريقة الأفلام.. فرار 8 أشخاص ينحدرون من الجزائر وليبيا و ...
- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عابدين - مفقود بين العظماء