مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما٤-;-

حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 13:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما٤-;-
في الواقع حين خططت لهذا المقال كان ما اردت كتابته ينتهي في الحلقة الثالثة اذ فيها اتممت ما اردت كتابته في ابداء رايي في الفرق بين الاشتراكية العلمية كنظربة والاشتراكية كنظام اجتماعي. ولكن التعليقات التي اجراها السيد الزيرجاوي على الحلقة الاخيرة هو الذي اضطرني الى كتابة هذه الحلقة غير المخطط لها.
ابدى الزيرجاوي في الحلقة الثانية من نفس المقال دهشته من ان يعقوب ما زال ينظر بعين الجد الى السيد حسقيل قوجمان بينما هو لم يعد ينظر بعين الجد اليه. ولكن يبدو ان فظاعة وهول ما جاء في الحلقة الثالثة والاخيرة من المقال جعلتاه يتراجع عن ذلك وينظر الى السيد حسقيل نظرة جد مجددا فكتب تعليقاته الطويلة وتعليقا اخر اختفى في بطن الحوت.
وكان اضطراري لكتابة هذه الحلقة بسبب ما جاء في التعليقات من الاشارة الى جرائم القتل التي قد تستحق الاعدام المكرر لحسقيل وانجلز وستالين وبقايا الستالينية.
يبدأ الزيرجاوي تعليقاته كما يلي: "يبدوا (بواو الجماعة) أن السيد قوجمان, مع فائق أحترامي له, لا يعير أهمية للكلمة المكتوبة, ضارباً بعرض الحائط كل التراث الأنساني."
لم يشر الزيرجاوي الى اية كلمة مكتوبة لا يعيرها حسقيل اهتمامه ضاربا بعرض الحائط كل التراث الانساني. فالتراث الانساني يحتوي على مئات انواع الكلمة المكتوبة. فكان ما كتبه ماركس وانجلز ضمن التراث الانساني المكتوب وكل ما كتب ضد ماركس وانجلز هو ضمن التراث الانساني والكلمة المكتوبة. وطبيعي ان كل انسان بمن فيهم حسقيل والزيرجاوي يعير اهمية للكلمة المكتوبة التي يعتبرها صحيحة وتعبر عن وجهة نظره ولا يعير اهمية للكلمة المكتوبة التي يعتبرها غير صحيحة وتخالف وجهة نظره. فهل لا يضرب الزيرجاوي عرض الحائط بالكلمة المكتوبة التي لا يعتبرها صحيحة لمجرد انها جزء من التراث الانساني؟ هذا شانه هو وانا اختلف عنه في هذا.
"خذ مثلاً:
1. اكتشف هيغل ان الحركة، كل حركة، تجري وفق قوانين محددة، حددها بقوانينه الثلاثة التي اطلق عليها اسم الديالكتيك" وهذه اول جريمة قتل للديالكتيك اقترفها حسقيل". ولم يكلف الزيرجاوي نفسه عناء شرح السبب الذي جعل هذه العبارة قتلا للديالكتيك. فما هو السلاح الذي استخدمه حسقيل لقتل الديالكتيك؟ هل هو كلمة اكتشف، او كلمة الحركة، ام القوانين المحددة، ام القوانين الثلاثة؟ لكن بصرف النظر عن كل ذلك فان ديالكتيك هيغل تالف من ثلاثة قوانين يعرفها الزيرجاوي حق المعرفة ولا فرق بين كون هيغل اكتشف الديالكتيك ام اوحي الى فكره من السماء.
2. "فالديالكتيك في الواقع هو قوانين الحركة في الطبيعة، انه ديالكتيك مادي، انه المادية الديالكتيكية. هذه هي جريمة قتل الديالكتيك الثانية". ويبدو لي ان الزيرجاوي يضرب بالكلمة المكتوبة عرض الحائط حين يتجاهل عبارة كارل ماركس الواضحة بهذا الصدد وهو الخبير في اقتباس الكلمة المكتوبة بنصها الاصلي الالماني او الانجليزي او الفرنسي. فقد كتب ماركس رايه في الفرق بين ديالكتيكه وديالكتيك هيغل حين قال (واترك للزيرجاوي ان يقتبس النص الاصلي) ان ديالكتيكه لا يختلف عن ديالكتيك هيغل وحسب بل هو نقيضه. فديالكتيك هيغل واقف على راسه (اي انه مثالي) وان ديالكتيكه منتصب على قدميه (اي انه مادي). انصح الزيرجاوي ان يعير اهمية للكلمة المكتوبة والتراث الانساني.
3. "ان اسلوب الحركة في الطبيعة، اسلوب كل حركة في الطبيعة والمجتمع بلا استثناء، هو اسلوب ديالكتيكي سماه ماركس المادية الديالكتيكية لان الموضوع هو حركة تجري في الطبيعة في المادة، اي كل جزء من الكون)، ولان حركة المادة في الطبيعة حركة ديالكتيكية."
يبدو ان هذه العبارة هي الجريمة الكبرى في قتل الديالكتيك وتستحق اشد من الاعدام. فهي تنص اولاعلى ان في الطبيعة حركة، وتنص ثانيا على ان هذه الحركة تجري في الطبيعة باسلوب ديالكتيكي، وتنص اخيرا على ان كارل ماركس اكتشفها وسماها مادية ديالكتيكية.
اعتاد السيد الزيرجاوي سابقا ان يذكر بعد كتابة اسمه "مهندس استشاري". وهذا يعني انه مهندس استشاري. واذا تتبعنا حركة نشوء الزيرجاوي كمهندس استشاري نجد انه ولد ككل طفل بين ذويه في الازيرج. ونشا في احضان والديه وهما بشر يعيشان على الكرة الارضية وليسا في دماغ الانسان. وحين بلغ من العمر ما يؤهله الذهاب الى الروضة ثم المدرسة انتسب الى مدرسة تقع على الكرة الارضية لكي يتقدم تقدما كميا من الصف الاول حتى الصف السادس حيث يكتسب كل سنة اشياء جديدة تؤهله كميا الى الانتقال الى الصف التالي. وفي الصف السادس تجري الطفرة الكبرى الاولى حيث يتقدم الى امتحان البكالوريا الابتدائي حين يتحول كيفيا من طالب ابتدائي الى طالب متوسطة. ويتحول تحوله الكيفي الى تحول كمي في طريق الدراسة المتوسطة. وفي المدرسة المتوسطة يكدح في تعلم ما يقدم له من معلومات ثلاث سنوات حيث يحين موعد الطفرة النوعية التالية لكي يتحول نوعيا من طالب متوسطة الى طالب ثانوية لمدة سنتين يتلقى فيهما المزيد من العلوم البشرية لكي تحين الطفرة النوعية الحاسمة في التحول من تلميذ الدراسة الثانوية الى التخرج والتحول نوعيا الى شخص مؤهل الى دخول احدى الجامعات لكي يتخصص بعلم معين فاختار علم الهندسة.
وعلم الهندسة علم له تاريخ طويل يمتد كعمر الانسان على الكرة الارضية. علم ككل علم اخر مر بتحولات كمية ونوعية لالاف السنين لكي يصبح علم الهندسة بالمستوى المتطور الذي بلغه الانسان حاليا. فمن هندسة بناء الاهرام والجنائن المعلقة وسائر اعاجيب الدنيا السبع الى هندسة بناء ناطحات السحاب والاقمار الصناعية والمركبات الفضائية. كل ذلك جرى خلال تاريخ المجتمع البشري بالانفصال عن الزيرجاوي وعن دماغه. وكل ما اكتسبه الزيرجاوي هو تعلمه الجزء الصغير من علم الهندسة الذي يخوله ان يكون مهندسا. وتحول ما تعلمه من هذا العلم الى ثروة علمية في دماغه يستطيع فقط ان يستعملها دليلا له للعمل اثناء هندسة المنشآت التي يقوم بانشائها في الطبيعة بحكم علم الهندسة الذي تعلمه. ولكي يصبح مهندسا استشاريا كان عليه ان يكدح لتعلم المزيد من علم الهندسة وان يكتسب خبرة اوسع في تجربة بناء وانشاء المزيد من المنشآت في الطبيعة.
نرى من كل هذا ان نشوء الزيرجاوي كمهندس حركة جرت باسلوب ديالكتيكي له تغيراته الكمية والنوعية في الطبيعة، في المجتمع، في المدارس والجامعات، وفي الخبرات التي اكتسبها اثناء العمل في انشاء المنشآت على الارض، في الطبيعة، شاء ام ابى. وهذا ما يقصده كارل ماركس بقوله ان ديالكتيكه منتصب على قدميه لانه ديالكتيك مادي.
واذا كلف الزيرجاوي بالاشراف على مهندسي انشاء عمارة كناطحة سحاب مثلا عليه ان يتاكد من ان كل خطوة في تخطيط بناء الناطحة يجري بصورة صحيحة ودقيقة لكي لا يتعرض البناء الى الانهيار. فيجري فحص الموقع مثلا وتحديد مساحة وعمق الحفر المطلوب ومادة الاساس الصحيحة لكي تتحمل وزن العمارة التي يشرف على بنائها رغم وزنها الهائل وقوة الانواء الجوية التي توثر عليها طوال عمرها وهذه تشكل تغيرا نوعيا في حركة بناء الناطحة، بناء الاساس، وتصبح تغيرا كميا في طريق اتمام بناء العمارة تتبعه تغيرات كمية ونوعية متتالية الى ان تحل الطفرة الكبرى بان تصبح العمارة كاملة يمكن سكناها واستخدامها. وهذه حركة تجري رغم انف الزيرجاوي بصورة ديالكتيكية. وناطحة السحاب قائمة على الارض في الطبيعة لا في دماغ الزيرجاوي.
4. "فان على الانسان لكي يتعرف ويكتشف ويتعلم حركات المظاهر الطبيعية ان يسلك سلوكا ديالكتيكيا." اذا تتبعنا تاريخ البحوث العلمية كلها نرى ان تسلسل اكتشافها وتطورها والتوصل الى قوانينها هو عملية متواصلة من البحوث التي تجري باسلوب ديالكتيكي. اورد ادناه على سبيل المثال وحسب مثلين تاريخيين عظيمين على ضرورة سلوك الانسان سلوكا ديالكتيكيا لكي يستطيع ان يكتشف حركات المظاهر الطبيعية.
المثل التاريخي الاول هو داروين. فقد كان على داروين ان يسلك سلوكا ديالكتيكيا لكي يتتبع تطور الحياة على الكرة الارضية منذ نشوء الاحياء الصغيرة المنظورة المكونة من خلية واحدة وحتى نشوء الانسان وهي حركة ديالكتيكية استغرقت ملايين السنين. ولم يكن طبعا بامكان داروين ان يكتشف حركة تطور الاحياء الصغرى غير المنظورة لعدم توفر وسائل اكتشافها التي كان من نصيب باستور ان يكتشفها.
والمثل الثاني هو سلوك كارل ماركس في تتبع تطور المجتمع الانساني منذ انفصاله عن المجتمع الحيواني وحتى بلوغ المجتمع الراسمالي. وقد اوضح كارل ماركس ذلك في تذييل الطبعة الثانية من الجزء الاول من الراسمال. اقتبس كارل ماركس في هذا التذييل تعليقا اجراه كاتب روسي حول اسلوب كارل ماركس في كتابة الراسمال بنصه الكامل اقتبسته في مقال سابق يشرح الكاتب الروسي فيه رايه في اسلوب كارل ماركس العلمي الدقيق في الكتابة.
وعلق كارل ماركس على تعليق هذا الكاتب بقوله "ان المؤلف، بوصفه على هذا النحو الموفق لما يسميه بطريقتي الفعلية وبنظرته بعين الرضاء الى اساليبي الشخصية لتطبيق هذه الطريقة، لم يصف بذلك شيئا اخر سوى الطريقة الديالكتيكية." (الراسمال باللغة العربية ص ٢-;-٦-;-) وكارل ماركس لا يوافق على عبارة :"طريقتي الفعلية" بل صححها الى الطريقة الديالكتيكية لانها طريقة عامة لاي باحث علمي حقيقي. انصح الزيرجاوي بان يعير اهمية للكلمة المكتوبة ولا يرمي بها عرض الحائط.
"مسكين الديالكتيك: لقد تم قتله لحد الآن ثلاث مرات" (او اربع مرات). المسكين الحقيقي هو الزيرجاوي الذي لا يعرف شيئا عن الديالكتيك وعن المادية الديالكتيكية وعن الحركات الديالكتيكية في الطبيعة وعن انعكاس هذه الحركات في دماغ الانسان وعن كون المادية الديالكتيكية من اروع ما توصل اليه العلم البشري في تطوره. بل حتى لا يميز بين المادية الديالكتيكية والطريقة الديالكتيكية في كلام ماركس.
يبدو ان حسقيل في عرف الزيرجاوي ليس المجرم الوحيد الذي قتل الديالكتيك بل ثمة مجرمون اخرون حين يكتب. "ما يزال مسلسل قتل الديالكتيك مستمراً. فقد تم قتله ثلاث مرات (اخرى) :
1. الأولى على يد إنجلز عندما حول منطق logic هيجل الى علم." كان انجلز في عرف الزيرجاوي قاتلا للديالكتيك لانه حول منطق هيغل الى علم. وليس من داع للدفاع عن انجلز اذ قد يكون الله قد عاقبه على جريمته فالقاه في جحيم جناته.
2. "والثانية على يد ستالين و المدرسة السوفيتية و معاهدها الاجتماعية, التي تخرج منها مئات الالوف من الشيوعيين, عندما حولت الديالكتيك الى ألهه God, خالق الكون , و دين مقدس, يسبح بحمده كل ما في السماوات و الارض."
اعتقد ان الزيرجاوي قد يغير رايه اذا اعار اهتماما بالتراث الانساني المكتوب. فقد يرى ان انجلز سبق ستالين في تحويل الدياركيك الى الاه. بدأ انجلز مقاله "كلمة عن الديالكتيك" بالعبارة التالية: "ان الديالكتيك المدعو بالديالكتيك الموضوعي اي المستقل عن الانسان) يهيمن في الطبيعة باسرها اما الديالكتيك المدعو بالديالكتيك الذاتي، ديالكتيك الفكر، فليس سوى انعكاس للحركة السائدة في ارجاء الطبيعة."
الديالكتيك بموجب عبارة انجلز هذه الاه واقعي طبيعي يهيمن في الطبيعة باسرها لا تفلت من هيمنته اية حركة طبيعية في الكون وليس الاها خياليا يهيمن على الطبيعة من الخيال. والديالكتيك الذاتي، اي الديالكتيك في الدماغ البشري، ما هو الا انعكاس للحركة التي تجري في الطبيعة.
ولم يذكر لنا الزيرجاوي متى حول ستالين والمدرسة السوفييتية الديالكتيك الى الله. فسابقا علمنا الزيرجاوي ان ستالين او المدرسة السوفييتية جعلت مبدأ "الديامات" المبدا الرئيسي لها. فهل كان تحويل الديالكتيك الى الله قبل الديامات ام بعد الديامات؟ !!!
واخيرا :
3. "والثالثة على يد بقايا الستالينية, النمري و قوجمان, من خلال بعث الموتى من جديد "
فبقايا الستالينية وفقا للزيرجاوي في العالم تتالف من انسانين ستزول بزوالهما وانضمامهما الى الموتى الذين يجري بعثهم من جديد. وهنا ايضا خاب الزيرجاوي في تحديد بقايا الستالينية. فقد صوتت الشعوب الروسية التي من المفروض ان ستالين قتل عشرات الملايين منها بدون ان تشعر في الاستفتاء الذي جرى في روسيا لسنة كاملة قبل بضع سنوات باعتبار ستالين ثاني اعظم قائد في تاريخ روسيا واعتبار لينين ثالثهم ولو لم يجر تغيير طريقة الاحصاء عمدا لكان ستالين اول واعظم قائد في تاريخ روسيا ولينين ثانيهما. وعلى الزيرجاوي ان يقرر مصير بقايا الستالينية هؤلاء ولا يكتفي بالشخصين الزائلين.
ان بقايا الستالينية، اي الماركسية، هي دائمة التعاظم لانها مسيرة الى الامام. اما بقايا اعداء الستالينية، اي الماركسية، فهم الى زوال لانها مسيرة الى الوراء. وتحياتي الى الزيرجاوي.

#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات