أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - الاستثمارات القطرية تعزز الاستقرار في العراق















المزيد.....

الاستثمارات القطرية تعزز الاستقرار في العراق


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 20:02
المحور: مقابلات و حوارات
    


الاستثمارات القطرية تعزز الاستقرار في العراق
ميثاق الجامعة العربية في الأدراج ويحتاج إلى عصرنة
نحتاج تصفير المشاكل البينية




وصف زيارة الرئيس محمد فؤاد معصوم رئيس جمهورية العراق إلى الدوحة، بأنها كانت مهمة وجاءت في إطار رسائل التطمينات التي تحاول أن تبعث بها بغداد إلى دول الجوار العربي خاصة والدول العربية عامة، بأن بلاد الرافدين أحد مؤسسي جامعة الدول العربية، وطوت صفحة الماضي وتمد يدها اليوم من أجل بناء علاقات أخوية تعزز المصالح المشتركة، وتواجه التحديات الراهنة التي تتعرض لها الأمة والمنطقة بسبب ظاهرة الإرهاب، وتزايد خطر ما يسمى بتنظيم «داعش»، كما تحدث عن الفرص الاستثمارية التي تنتظر المستثمر القطري، بالإضافة إلى دعوته لضرورة إعادة النظر في ميثاق الجامعة العربية، وتأكيده على أن الإرهاب إفراز طبيعي لخلل العدالة الدولية، وعدم حل القضية الفلسطينية حتى الآن.. هذه بعض القضايا التي تضمنها حوار الوطن مع الأكاديمي والمفكر العراقي الدكتور عبدالحسين شعبان، وفي ما يلي تفاصيله.

بداية.. كيف قرأتم توجهات الحكومة العراقية الخارجية تجاه الخليج في ضوء زيارة الرئيس العراقي للدوحة؟

-دعنا نتحدث عن التوجهات الجديدة للحكومة العراقية، بعد استلام الدكتور حيدر العبادي لرئاسة مجلس الوزراء، والدكتور محمد فؤاد معصوم لرئاسة الجمهورية، والدكتور سليم الجبوري لرئاسة البرلمان، إذ من الملاحظ بأنها توجهات مختلفة عن مثيلاتها إبان الحكومات السابقة خلال فترة ما بعد الاحتلال، لاسيما وأن العلاقات العراقية – العربية قد أصيبت بالتصدع في السنوات الماضية، ومن ثم فإن رغبة الحكومة الحالية هي السعي لرأب الصدع، ومد الجسور على أساس المصالح المشتركة، والمنافع المتبادلة، والقضايا التي تحظى باهتمام من كافة الحكومات العربية، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، ومن هذا المنطلق جاءت أهمية وإيجابية هذه الزيارة إلى دولة قطر، والتي قد سبقتها زيارة لوزير الداخلية العراقي محمد سالم الغبان، وزيارة مماثلة لرئيس البرلمان العراقي، وكلها جاءت في إطار فتح قنوات جديدة، ورسائل تطمينات للجانب العربي عبر الدوحة بأن هناك توجهات جديدة في العلاقات لدى الحكومة العراقية، ومن ثم إثبات حسن نوايا العراق، ومد يد التعاون، وخاصة في القضايا المهمة من قبيل مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، وتحسين علاقات بلاد الرافدين مع دول الجوار الخليجي، وتنقية الأجواء العربية – العربية، بل والإسلامية بشكل عام.

أهمية ودلالات الزيارة التي قام بها الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى الدوحة في هذا التوقيت؟

-هذه الزيارة لها كثير من الدلالات، وأهمها أن هناك توجها جديدا من جانب العراق للانفتاح على قطر، وعلى البلدان العربية الأخرى، لاسيما وأن الفترة الماضية قد شهدت توترا في العلاقات البينية، ومن ثم كان لابد من السعي إلى إيجاد السبل اللازمة لتسوية كل ذلك عن طريق التفاهم المشترك، ليس عبر وسائل الإعلام فحسب، وإنما من خلال اللقاءات المباشرة، والاجتماعات لاختصاصات مختلفة، أمنية، وعسكرية، ولوجستية، وسياسية، وتجارية، وغير ذلك، وهذا يبرهن على أن العراق يستطيع حال أنه انتهج سياسة إيجابية أن يلعب دورا على الصعيدين الإقليمي والعربي.

ماذا ينتظر المستثمر القطري في العراق بعد هذه الزيارة؟

-العراق بلد غني جدا، وفيه كفاءات هائلة وأشياء كثيرة، ومنها الموارد الطبيعية وعلى رأسها النفط، وأنهار تشق بلاد الرافدين من أقصاه إلى أقصاه مما يعني توافر المياه، وهناك أرض شاسعة يمكن استثمارها زراعيا على نحو كبير جدا، ولكن على الصعيد الآخر فإن لجذب المستثمر القطري فإنه لابد أولا وقبل كل شيء من تحقق وتوافر الأمن والأمان، ثم القضاء على الإرهاب، إقامة نظام يتسم بالمساوة والعدالة والمشاركة من جميع الفرقاء، أي إقرار بالتعددية وبالتنوع خارج نطاق الطوائف والاثنيات والمذهبيات وغير ذلك، وهذا الأمر يساعد على تقديم ضمانات وطمأنة المستثمر العربي بشكل عام، والمستثمر القطري بشكل خاص، وأظن أن الاستثمارات القطرية تأمين هذه البيئة المستقرة.

كيف يمكن توظيف مسألة الانفتاح العراقي على الدول الخليجية؟

-بالتأكيد الجميع يعلم أن العراق قد بدأ خطوة الانفتاح على دول مجلس التعاون من خلال التقارب الكبير مع المملكة العربية السعودية، والتي لها من الثقل الخليجي، وكذلك للدور الذي تلعبه على الساحة العربية والإقليمية بل والدولية، وذلك بهدف تخفيف حدة التوتر، وإخماد المشاكل البينية، ثم جاءت الخطوة التالية للتقارب مع قطر، من أجل تعضيد الجهود نحو مكافحة الإرهاب، الذي أصبح كالفيروس، الذي ربما ينتقل من العراق إلى بلدان الخليج كما هو الحال في انتقاله إلى سورية وبلدان أخرى، مما يعني بأنه لم يعد هناك أي بلدان أخرى في المنطقة العربية أو الشرق الأوسط بمعزل أو بمنأى عن تفقيس البيضة الإرهابية، وهذا تدركه الحكومات الخليجية، كما أدركته مصر ودول غيرها حتى ولو بعد فوات الأوان، الأمر الذي يتطلب توظيف ما هو مشترك من إمكانيات، وتبادل معلومات، وتهيئة الأجواء، وتنقية ما شاب العلاقات من شوائب خلال السنوات الماضية في الاتجاه الإيجابي، خصوصا وأن هناك مصالح متبادلة، ومنافع مشتركة تجمع ليس فقط العلاقات العراقية القطرية خاصة، بل العراق مع كل العرب، باعتباره دولة مؤسسة في جامعة الدول العربية، ومن ثم فقد حان وقت تصفير المشاكل البينية.

ما هو المطلوب حتى يتم تصفير المشاكل العربية؟

-الشيء الأول، لابد أن يكون هناك إعلان رغبة من الأطراف بأنها على استعداد لإعادة العلاقات على نحو سليم وإيجابي، ينسجم مع مبادئ ميثاق جامعة الدول العربية، ثم إبداء الرغبة العلنية، أو حتى من خلال توقيع برتوكولات أو اتفاقيات تأخذ بعين الاعتبار المستجدات والمتغيرات الدولية والعربية والإقليمية، لتنسيق الجهود في مواجهة الإرهاب، واتباع سياسة أساسها التعاون، والمصالح العربية المشتركة، والشيء الثالث أنه لابد من تشكيل جبهة عربية من دول الخليج بالإضافة إلى الأردن والعراق، ومع مصر، يكون لها جوانب فكرية، وسياسية، وتربوية، واقتصادية، واجتماعية، للوقوف في مواجهة تمدد الدولة الإسلامية «داعش»، وأيضا دعم وتقوية المجتمع المدني لكي يقوم بدوره كراصد ورقيب وشريك للحكومات في القضاء على الإرهاب وفي تحقيق التنمية.

هل أصبحت «داعش» فزاعة للعراق؟

-«داعش» إن عاجلا أو أجلا سينتهي خطرها من العراق، ولكن الاشكالية الحقيقية ما بعد ذلك، لأن ميكروبها الذي امتد إلى سوريا قابل أن يصيب عموم بلدان المنطقة.

لماذا؟

-لأن ظاهرة الإرهاب، لها أبعاد اقتصادية واجتماعية، ودينية، وطائفية ومذهبية، لاسيما في ظل الأوضاع العربية السائدة، وعدم تأمين موضوع الحق في إقامة الجمعيات، النقابات، الاتحادات، وضعف المشاركة السياسية، والجوانب المتعلقة بحريات الضمير، والاعتقاد وغير ذلك، وكلها تشكل بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية لكي تنمو وتتغلغل، أضف إلى ذلك عدم عدالة السياسة الدولية إزاء الحق العربي، وعلى وجه التحديد عدم حل القضية الفلسطينية، حيث يتم البناء عليها سلبيا من جانب الجماعات المتطرفة تحت مبررات ومزاعم شتى.

هل هناك علاقة بين كبت الديمقراطية والبيئات المفرغة للإرهاب ؟

-بالتأكيد، فإن شح الحريات أو عدم القدرة على التعبير، أو الحق في تشكيل الجمعيات، وضعف المشاركة السياسية، كلها عوامل تؤدي إلى سيادة ظاهرة الإرهاب.

ما هو الحل؟

- يتمثل في مزيد من الديمقراطية، والحريات، وقبول التعددية والتنوع الديني والأثني، والاجتماعي، وغير ذلك، فكلها تساعد على استئصال الإرهاب، ثم إن البيئة التي تنمو وتنشأ وتترعرع فيها الظاهرة الإرهابية هي الدول الديكتاتورية.

إذا بما تفسرون ما تشاهده المجتمعات الديمقراطية من ظواهر إرهابية؟

- بما أن الإرهاب بلا دين، أو جنسية أو لغة، ولا مذهب له، فهو من الممكن أن يتواجد في جميع البلدان، ولكن إذا وجدت هذه الظاهرة الإرهابية في الدول الديمقراطية ستكون معزولة من جانب المجتمع، بعكس غيرها من المجتمعات الأخرى التي تكون بيئتها خصبة لترعرع التطرف.

إذا كانت مواجهة الإرهاب تتطلب اللحمة العربية، إلا أننا نجد هناك الكثير من المشاكل البينية.. فما هي الأسباب الحقيقية وراء تصدع جدران البيت العربي؟

- أولا، بالتأكيد هناك خلافات عربية– عربية قديمة، وهي التي نشأت وتطورت في ظل نظام سياسات مغامرة أحيانا، ومنها على سبيل المثال ما تسبب عنه تصدع التضامن العربي بحده الأدنى عند غزو القوات العراقية للكويت في عام 1990، ثم ازدادت تلك الفجوة حينما حدث احتلال العراق في عام 2003، وهذه جوانب أساسية، وأغلب الظن أنها ساهمت في هذا التصدع، أضف إلى ذلك وجود نوع من الحساسية بين العديد من النظم العربية، ومنها على سبيل المثال ما بين سوريا والعراق، فبالرغم من أنهما دولتان يحكمهما حزب واحد هو «البعث»، وينتميان إلى أمة واحدة، ولغة واحدة، وأديان واحدة، لكنهما مع ذلك ظلا لعشرات السنين في حالة من التباعد.

ما هو السبب في ذلك؟

-ربما قد يكون وراء ذلك عنصر خارجي قد لعب دورا في ذلك، ووضع خطا أحمر يحول دون إقامة أي تقارب بين البلدين، وهذا الذي يفسر أن سوريا منذ عام 1946، وإلى اليوم في حالة تباعد مع العراق باستثناء فترات محدودة جدا، ومهما اختلف النظام السياسي فقد ظلت العلاقات متصدعة بين السوريين والعراقيين، حتى انها انقطعت خلال الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثماني سنوات، وهناك اتهامات متبادلة، وحتى الآن مازالت الاتهامات قائمة بالرغم مما تتعرض له سوريا حاليا، وهذا نموذج مما عليه علاقات بعض الدول العربية مع بعضها البعض.

هل من تفسير لذلك؟

-أحيانا قد يتعلق هذا بعدم وجود حد أدنى من الرغبة المشتركة، لا من القاعدة الشعبية، ولا من الحكومات نفسها، بجانب النقص الفادح في ميثاق جامعة الدول العربية، ويضاف الى ذلك النخب السياسية والفكرية سواء كانت في السلطة أو المعارضة التي ما زالت قاصرة من أن تلعب الدور المهم، وان تأخذ بعين الاعتبار مصالح العرب ككل، وليس مصالح هذا الحاكم أو ذاك على حساب قضية المواقف العربية الموحدة.

على ذكركم ميثاق الجامعة العربية.. كيف ترى أداء الجامعة في العمل على تقريب وجهات النظر في المصالحات بين الدول الأعضاء ؟

-أولا، جامعة الدول العربية قد وضعت ميثاقها في الادراج، وما تتصرف به حاليا هو خارج هذا الميثاق، وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة مثل هذه المواقف، والتي قد يكون بعضها ايجابيا، ولكن تبقى بأنها ليس لها أي علاقة بالميثاق، فعلى سبيل المثال فإن ميثاق الجامعة العربية لا يقر بالتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، في حين نرى ان جامعة الدول العربية خلال السنوات الاخيرة، بدأت تلعب دورا في عملية التدخل بل تستدعي دولا خارجية بما فيها الامم المتحدة، للتدخل في شؤون هذا البلد العربي أو ذاك، بغض النظر عن حقوق الانسان في هذا البلد العربي، وبغض النظر عن الانظمة التى حكمت هذه الدول العربية، ولكن من الناحية الموضوعية فإن هناك تجاوزا لمبادئ الميثاق، والشيء الآخر فإن ميثاق الجامعة العربية أصبح قديما عتيقا وعفا عليه الزمن، وبحاجة إلى التحديث والعصرنة، وبحاجة أن تبث به روح تتعلق باحترام حقوق الإنسان، وبالتأكيد على مبادئ الحريات وعلى المجتمع المدني، وعلى القضايا ذات الجانب الانساني، وكل هذه غائبة عن ميثاق الجامعة العربية، ثم هناك مسألة التصويت، والتي هي في الميثاق تحتاج الى الاجماع، وهذا لا يمكن تحقيقه لا في القضايا الشكلية ولا في الموضوعية، ولذلك ترى ان ميثاق الجامعة العربية، ومن الناحية العملية معطل حتى من ناحية القضايا الجزئية، التي تتعلق بالوظائف العامة ودور الموظف العمومي وتعيين هذا، واتخاذ موقف من ذلك، وكل هذه الامور دفعت بالجامعة العربية على الرغم من ايجابياتها، خصوصا ما يتعلق بقضايا للصحة والتعليم، وبعض القوانين والمواصلات وغير ذلك من قضايا الزراعة، وفيما عدا ذلك فشلت الجامعة في حل القضايا العربية العربية، ولم تنجح في وقف الحروب البينية.

دعنا نتوقف أمام محطة الربيع العربي.. من وجهة نظركم هل كان نعمة أم نقمة على المجتمعات العربية؟

- الربيع العربي الذي جاء مفاجأة للعالم بما فيه الغرب كان ضرورة لابد منها لأن الأوضاع العربية وصلت إلى طريق مسدود، وأن كثيرا من الحكومات العربية لم تستطع مواصلة مشوارها في إدارة شؤون هذه البلدان، ولهذا السبب توسعت حركة الاحتجاج حتى اطاحت بالعديد من أنظمتها، وهذا حدث في تونس، مصر، اليمن، وفي ليبيا، وجرت محاولة بالنسبة للثورة السورية، ولكنها لم تنجح حتى الآن، ومازالت هناك عقبات جدية تقف في طريقها، وخاصة حينما جنحت نحو اتباع الوسائل العسكرية واستخدام العنف.

لماذا تعثرت خطوات الربيع العربية ؟

- ربما يكون السبب في ذلك وجود بعض القوى الخارجية من جهة، بجانب القوى المخلوعة من جهة ثانية، بالإضافة إلى القوى المحافظة داخل هذه المجتمعات التي حاولت أن تستعيد الكرة بشكل أو آخر لكي تلعب بمفردها أو بالتعاون مع قوى أخرى لمنع الشباب العربي، والذي لديه طموحات كبيرة للتحرر والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية ولمزيد من الحريات، وهذا الأمر كان له تأثير مزدوج على الشبيبة العربية، ولهذا فقد أصيب البعض بالخيبة.

ولكن هناك من رأى أن هذه الثورات كانت واعدة.. فما تعليقكم؟

-نعم كانت هذه الثورات واعدة، ولكن هذا لا يمنع من الاعتراف بأنها حملت في طياتها شيئا من الخيبات، والسبب في ذلك الانقسامات التي حدثت في صفوف قوى الثورة، وانحياز بعضها أو تعاونها مع الماضي، ودعم القوى التقليدية التي أدت إلى انقسامات وانشطارات، وأثرت على العديد من المسارات التي كانت تريدها قوى الثورة، وبهذا المعنى فهي تحمل الوجهين، أحدهما وجه إيجابي، ومهم وواعد، ولابد من أن يتم بناء التراكم عليه، وهناك وجه آخر سلبي أدى إلى مزيد من التصدع ومن تدخل بعض القوى التقليدية والمحافظة، لاسيما وأن التيار الإسلاموي كان له حظوظ كبيرة سواء في السلطة أو لدى المجتمع والشارع، الأمر الذي أخاف كثيرا من الأوساط، ومنها الثورية الجديدة أو بعض التقليدية، تلك التي تجمعت ها وهنا وأدت إلى إزاحة التيار الإسلاموي، عبر الحركة التي قادها السيسي في مصر، أو عبر انتخابات جرت في تونس، ولكنه يتأرجح في ليبيا واليمن، بالإضافة إلى أن التيار الإسلاموي تمدد في سوريا وفي العراق وأفرز نظام «داعش»، الذي أصبح يشكل خطرا ليس على البلدين فحسب، وإنما على باقي بلدان المنطقة، الأمر الذي جعل الربيع العربي يتحول من حالة «زخة» المطر الخفيفة في الصيف إلى عاصفة رملية في عدد من البلدان غطت على الأخضر واليابس، مما يحتاج إلى فرز الألوان، وإلى تعزيز التوجه الإيجابي، الذي كان سببا في اندلاع الربيع العربي.

هل تم وأد الربيع العربي؟

-لا يمكن وأد الربيع العربي لأنه حركة متواصلة، وهو مسار تاريخي بعيد المدى يتلكأ، وينكسر، وينحرف عن اتجاهه ولكن دورة الحياة ستأتي بالربيع العربي لا محالة، بدليل حينما ننظر مثلا إلى أوروبا الغربية التي استعصت فيها ثلاثة بلدان للربيع العربي لسنوات كما حدث في اليونان، البرتغال، وأسبانيا، إلا أن هذه البلدان توجهت بعد حين نحو الديمقراطية في أواسط السبعينيات، وكذلك دول أميركا اللاتينية، فهناك الكثير منها التي حكمتها ديكتاتوريات عاتية على أن تتوجه نحو الديمقراطية، وإذ بها تنتقل من الكفاح المسلح إلى رفع شعار الثورة في صندوق الاقتراع، وبهذا المعنى فازت شيلي والبرازيل والأورجواي، ونيكاراجوا، وبوليفيا بالإضافة إلى وجود كوبا وفنزويلا، والإكوادور وغيرها من البلدان، وأصبحت علامة بارزة في هذه المنطقة، وقد لعب لاهوت التحرير دورا في عملية الانتقال الديمقراطي في هذه البلدان والدول الاشتراكية السابقة وبلدان أوروبا الشرقية، والتي كانت قد استعصت حقيقة في اتجاه انظمة شمولية قائمة وبايدولوجيات قوية ومحكمة، مما يعني أن القضية الديمقراطية والربيع الديمقراطي لم يكن بالإمكان إبعاده إلى ما لا نهاية، وقد كان من المفترض أن الربيع العربي يتحقق في أواخر الثمانينيات أو في مطلع التسعينيات، ولكن القوى الدولية ساهمت في تعطيل حلول فصل الربيع العربي، وإن جاء متأخرا لكنه بالتأكيد سيعود آجلا أو عاجلا لأن هذا جزء من سمة العصر، ولا يمكن للعرب أن يعيشوا خارج نطاق التاريخ هم ليسوا بجزيرة معزولة، لكنهم جزء حيوي من هذا المجتمع الدولي، ومؤثر جغرافيا واستراتيجيا واقتصاديا، وعسكريا، وثروات، وحضارة، ولا يمكن الحديث عن حضارة كونية من دون الحديث عن حضارات أشور، وبابل، ووادي النيل، والحضارة العربية الإسلامية، كل هذا جزء من حضارة بلاد، هي بحاجة إلى ربيع منعش بعيدا عن العواصف الهوجاء، التي اخذت الربيع بعيدا عما يريده له أهله وثواره.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يعني فوز اليسار اليوناني؟
- القنّاص: أبعد من جدل سينمائي
- ما بعد “شارلي أيبدو” . . الإسلاملوجيا والإسلامفوبيا!
- في بعض إشكاليات العدالة الانتقالية
- واشنطن - هافانا ونظرية بناء الجسور
- زياد أبو عين وثلاثيته الأثيرة
- عبد الرحمن النعيمي: في مسألة الهوّية وتوابعها
- شاكر السماوي والعقل النقدي
- داعش.. المشكلة في الإستراتيجية
- الأطفال على مأدبة الشياطين
- المهدي بن بركة ودائرة الضوء
- حقوق الإنسان . . بين الواقع والمفترض
- عن أية نخب عربية نتحدث؟
- زياد أبو عين.. إدوارد سعيد داخل المكان .. خارج المكان
- هل أصبحت أم الربيعين رهينة المحبسين؟
- عن الطائفية وتوابعها!!
- جيوبوليتك العلاقات العربية – الكردية
- المجتمع المدني: أزمة هوّية
- الشاعر السيّاب في اغترابه
- حقوق الإنسان .. مفاهيم خاطئة


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - الاستثمارات القطرية تعزز الاستقرار في العراق