أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - عن أية نخب عربية نتحدث؟















المزيد.....

عن أية نخب عربية نتحدث؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4666 - 2014 / 12 / 19 - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عن أية نخب عربية نتحدث؟
عبد الحسين شعبان
كان موضوع إخفاق النخب العربية أحد المحاور الأساسية لمؤتمر مؤسسة الفكر العربي (13) المنعقد في الصخيرات (المغرب) وهو موضوع طالما شغل الكثير من المعنيين من داخل النخب وخارجها، خصوصاً في ظل العولمة وما تحقق من تقدم علمي وتكنولوجي هائل، إضافة إلى ثورة الاتصالات والمواصلات والطفرة الرقمية "الديجيتل"؟ والصخيرات بحد ذاتها تثير تداعيات مختلفة حول النخب الحاكمة بشكل عام والنخب العسكرية بشكل خاص، ففيها حدثت محاولة انقلابية عسكرية ضد الملك الحسن الثاني في العام 1971، وقام الجنرال أوفقير وزير الداخلية حينها بإحباطها، لكنه هو الآخر حاول الإطاحة بالملك في العام التالي 1972، وعندما اكتشف أمره لجأ إلى الانتحار.

فما الذي نعنيه بالنخب؟ ولمَ لم تستطع تحقيق النجاح المطلوب؟ أهو قصور ذاتي أم ثمة جوانب موضوعية؟ وبعد ذلك كيف السبيل للتمييز بين النخب، أهو لجهة موقعها في الدولة والمجتمع والدور المطلوب منها أم لموقفها من قضية الحرية والعدالة وهي من الهموم التاريخية التي احتدم الصراع حولها على مرّ التاريخ؟.

وبالعودة إلى إخفاق النخب، فالمقصود يشمل النخب الحاكمة وغير الحاكمة، المحافظة والتقدمية، التقليدية والثورية، الدينية والعلمانية على حدّ سواء، وعلى ذلك يمكن تصنيف النخب إلى خمسة نماذج أساسية هي:

1- النخب المحافظة أو التقليدية، وهي النخب التي تميل لما هو سائد وتشعر بأن مصلحتها في الحفاظ على ما هو قائم، وعندما أحسّت بأن حركة الاحتجاج والتغيير التي شهدها العالم العربي في العام 2011، ستؤدي إلى زعزعة مواقعها، فاختارت إمّا معارضتها منذ البداية، أو فيما بعد عندما انزلقت عملية التغيير نحو الفوضى والعنف وتعطيل مؤسسات الدولة. ولعلّ بعض هذه النخب بغضّ النظر عن موقعها، شعرت بالقلق من عملية التغيير التي لا تعرف نتائجها ولا تطمئن مصالحها وربما امتيازاتها التي حصلت عليها، ولذلك اتخذت موقفاً سلبياً منها.

2- النخب الثورية الانقلابية المعارضة، وهذه تريد قلب الوضع القائم وإلغاءه لاعتقادها أن طريق الإصلاح يمرّ عبر ذلك، بل إن بعضها لجأ ويلجأ إلى العنف، بمبرّر أنها يئست من إمكانية الإصلاح والتغيير في ظل هيمنة شديدة وطويلة الأمد ومحاولة للإبقاء على ما هو قائم، ومعارضة كل حركة تغيير، بزعم لا بديل أحسن مما هو موجود.

3- النخب الانعزالية التي فضّلت عدم المشاركة سواءً في حركة التغيير أو في الدفاع على ما هو قائم، واتجهت شيئاً فشيئاً إلى القنوط وربّما إلى التشاؤم واليأس من إمكانية التغيير، بسبب الإحباط الذي أصابها وعدم قدرتها في رؤية إمكانية حدوث تغييرات في طبيعة البناء القائم في الدولة والمجتمع على المدى المنظور على أقل تقدير، وذلك بحكم القوة والنفوذ الذي تتمتع به القوى التقليدية والمحافظة وضعف وهزال معارضتها أحياناً، ناهيكم عن الأمراض التي تعصف ببعضها والتي قد تجعلها ليست بأحسن حال من السلطات التي تعمل على مناهضتها.

4- النخب التغريبية أو الاغترابية التي تميل إلى قطع خط التطور البطيء كما هو قائم بزعم، أن مشكلة العالم العربي والإسلامي هي في تراثه وموروثه التقليدي، بل ويغامر بعضها للقول إن المشكلة في تعاليمنا الدينية، إن لم يتجرأ على القول إن المشكلة في الدين، الذي يشكّل حسب اعتقادها عاملاً كابحاً لعملية التغيير والتطوّر، وإذا ما أراد العالم العربي الخروج من غلواء الماضي، فعليه فكّ ارتباط حاضر مع التقاليد والموروث بكل ما يحمل هذا من معانٍ ودلالات والالتحاق بعالم الحداثة والليبرالية، وفيهما وحدهما تكمن عملية التطوّر الحقيقي والتنمية التي نحتاج إليها، كما يبرّر.

5- النخب التنويرية النقدية، وهي التي تدعو إلى ضرورة التغيير مع الحفاظ على الدولة الوطنية وعدم هدمها تحت أية حجة أو ذريعة خارجية أو داخلية استبدادية أو اغترابية، بل إجراء تغيير في شكل أنظمة الحكم الشمولية والمحافظة، الشديدة المركزية، والمستبدّة، باتجاه أنظمة حكم تقوم على التعدّدية والتنوّع وتحترم حقوق الإنسان وخياراته الحرّة في اختيار المحكومين للحاكم، في ظلّ قوانين عصرية تستند إلى المساواة وعدم التمييز ومواطنة كاملة، وفي إطار قضاء مستقل.

وبالطبع فإن أزمة النخب هي من أزمة المجتمع، وإذا كانت النخب محبطة ومأزومة وأخفقت في بلورة وقيادة حركة التغيير المجتمعية، وذلك لأن المجتمع عانى هزيمة ماحقة، وأزمة معتّقة، وبما أنها جزء من مجتمعاتها، فإنها عانت وتعاني إشكالاته وهزائمه، حتى وإن كانت مقارباتها مختلفة أحياناً، أو إن زاوية نظر النخب مختلفة ومتفاوتة عن زاوية نظر المجتمع. وقد انعكس ذلك على إبداعها وفنّها الذي هو تعبير عن واقعها، حتى وإن كانت غير متقبّلة له أو متمرّدة عليه.

وعلى الرغم من عدم ميلي للتعميم، لأنه سيكون الصخرة التي يتكئ عليها المتعبون، لكن مثل هذا المدخل التعميمي سيكون مفتاحاً لمناقشة موضوع تراجع النخب العربية، حيث يندرج فيه سبب إحباطها ودور العوامل المختلفة الخارجية والداخلية في الوصول إلى ما وصلت إليه، وقد ساهم الغزاة في محاولة محق المجتمعات ونخبها الفكرية والثقافية والاجتماعية باستثناءات محدودة تعاونت معه، أما الطغاة فقد أذلّوا النخب وحاولوا تدجينها وكسر شوكتها لكيلا تكون أداة تحريض وتغيير لمجتمعاتها، مع مراعاة مواقع بعضها من الذين أدلجوا لها قمعها الفكري والسياسي.

وكانت نتيجة الاستلاب الخارجي والداخلي، أن وجدت بعض النخب نفسها في مواجهة الغلاة الذين تعصّبوا وتطرّفوا وأوغلوا في أعمال تكفير ضد المجتمع بشكل عام ونخبه بشكل خاص بزعم خروجها على «حاكمية الله»، وفرّخ هؤلاء عبر أدلجتهم للدين الجناة الذين لا يتورعون من القيام بارتكاب كل عمل مشين، طالما تمت عملية غسل لأدمغتهم وتوظيفهم ليكونوا أدوات بيد المؤدلِجين، ومهما كانت تسمياتهم سواء تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة "داعش" أو جبهة النصرة أو جماعات متطرفة إسلاموية وتكفيرية ظلامية، فإنهم ينهلون من منبع واحد أساسه إلغاء الآخر وتأثيمه وتحريمه.

علينا أولاً وقبل كل شيء الاعتراف بوجود أزمة لدى النخب أيضاً، بحكم ما وقع عليها من عسف مزمن ومعتق، ونكوص بعضها عن دوره التنويري، تحت مزاعم شتى، تارة باسم دفاعه عن العروبة أو الإسلام أو مصالح الكادحين أو مقاومته للامبريالية أو غير ذلك، ناهيكم عن انخراط بعضها في تبرير خطاب بعض المعارضات التي استخفت بمصالح الوطن والمواطن وأعفت نفسها من مسؤولية توظيفها لما تريده القوى الخارجية المعادية.

الاعتراف بالأزمة هو شرط وعيها أولاً، وذلك يتطلّب حواراً جاداً ومسؤولاً لتجاوز مآلاتها، وحسناً فعلت مؤسسة الفكر العربي باختيار محور مثير وإشكالي مثل هذا المحور، فلم يعد الصمت ممكناً، بقدر ما يمكن اعتباره تواطؤاً، وهدف مثل هذا الحوار هو تعزيز المشتركات الإنسانية لإحداث التغيير المنشود بأقل الخسائر الممكنة وعبر تجسير الفجوة بين النخب على اختلاف توجهاتها الفكرية وصاحب القرار.

وإذا كانت ثمة أسباب خارجية وأخرى داخلية كانت وراء تراجع النخب الثقافية العربية، سواءً في جانبها الموضوعي أو في جانبها الذاتي، فالتركة الطويلة الأمد للاستعمار شكّلت إرثاً ثقيلاً عانت منه المجتمعات العربية ونخبها، سواء في عقلها الباطن أو في سلوكها العملي، وعاظمت الاحتلالات والعدوانات المتكررة في نهب موارد الوطن العربي وتعطيل تنميته، لا سيّما بفرض الهيمنة عليه، إضافة إلى كبحها جماح الحركة الإصلاحية الصاعدة التي دعت إليها النخب العربية باتجاه الانعتاق وتحقيق الاستقلال والتحرر الوطني وحق تقرير المصير وبناء الدولة الحديثة. وبالطبع فإن الصراع العربي - الإسرائيلي ساهم في تعثّر التجارب الجنينية الناقصة والمتفاوتة في عدد من البلدان العربية، كما هي مصر وسوريا والعراق، سواءً بمحاولة مقايضة التنمية والإصلاح، بمواجهة العدو الخارجي أو بشراء وتكديس السلاح، مثلما ساهمت الحروب والنزاعات الحدودية بين البلدان العربية في تعويق تطوّر البلدان العربية.

وهناك المعوّقات الداخلية أيضاً والتي تتعلق بـ: ضعف البنى والتراكيب الأساسية للدول العربية الحديثة الاستقلال وضعف التجربة وقلة التراكم، ناهيكم عن تعطيل المحاولات التنويرية الإصلاحية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لأسباب خارجية استتباعية أو داخلية استبدادية. وقد لعب الجيش في الخمسينيات والستينيات دوراً سلبياً في قطع خط التطور التدريجي، مثلما ساهمت الغيبية والتبشيرية والخطاب الديني الإلغائي بدور تعويقي في تحجيم العقلانية والتساؤلية المفضية إلى الجدل والحوار، ولا شكّ أن عدم توزيع الثروة على نحو عادل والتفاوت الاجتماعي بين المتخمين والمحرومين، ناهيكم من الجهل والأمية قاد إلى انتشار ظواهر التعصّب والإرهاب، ولم يكن ذلك بمعزل عن مسؤولية النخب وعن الإخفاق الذي تعرضت له.

وإذا كانت النخب الفكرية والثقافية قد مهّدت للثورة الفرنسية، حيث كتاب "روح الشرائع" لمونتسكيو "والعقد الاجتماعي" لروسو وكتابات فولتير حول التسامح، تلك التي تركت تأثيرات كبيرة في تهيئة التربة المناسبة لعملية التغيير. ولكن للأسف لم يقابل ذلك عندنا مثلاً كتاب "طبائع الاستبداد" لعبد الرحمن الكواكبي، أو مساهمات الأفغاني ومحمد عبده ورفاعه الطهطاوي والتونسي والنائيني وشبلي شميّل وفرح أنطون وقاسم أمين وعلي عبدالرازق وطه حسين وغيرهم والأمر يعود إلى ضعف الاستفادة من التراث وعدم استلهام روحه، إضافة إلى اختلال معايير الهوّية، لا سيّما شحّ الحرّيات والعنف الذي استشرى في بلادنا مثلما تفشت الطائفية والعشائرية والإثنية والاستعلاء (عدم إقرار حقوق التنوّعات الثقافية)، ناهيكم عن هدر حقوق المرأة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زياد أبو عين.. إدوارد سعيد داخل المكان .. خارج المكان
- هل أصبحت أم الربيعين رهينة المحبسين؟
- عن الطائفية وتوابعها!!
- جيوبوليتك العلاقات العربية – الكردية
- المجتمع المدني: أزمة هوّية
- الشاعر السيّاب في اغترابه
- حقوق الإنسان .. مفاهيم خاطئة
- الفجوة بين المثقف وصاحب القرار
- ثنائية الأمن والكرامة
- اغتيال الأدمغة العربية
- عن الإرهاب ومتفرّعاته
- كالمستجير من الرمضاء بالنار !
- الحوار العربي - التركي
- الاعتراف السويدي بدولة فلسطين.. ماذا يعني؟
- غائب طعمة فرمان مهندس الرواية البغدادية!
- ميناء العطر وثورة المظلات
- المسجد الأقصى.. وماذا بعد؟
- عودة لدور المجتمع المدني
- قضايا الشرق في بوزنان
- الفساد والعدالة الانتقالية واسترداد الأموال المنهوبة!


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - عن أية نخب عربية نتحدث؟