أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - القنّاص: أبعد من جدل سينمائي















المزيد.....

القنّاص: أبعد من جدل سينمائي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4710 - 2015 / 2 / 4 - 16:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القنّاص: أبعد من جدل سينمائي

انتقل الجدل الذي أثاره فيلم أمريكان سنايبر American Sniper من الولايات المتحدة، إلى لبنان وإنْ كان على نحو محدود واقتصر على بعض الناشطات والناشطين، وذلك بسبب عرض إحدى الدور السينمائية لهذا الفيلم الذي يتناول دور قنّاص أمريكي في العراق، قام بقتل نحو 160 ضحية، والمقصود بذلك الجندي الأمريكي كريس كايل من قوة العمليات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية في العراق.
في الولايات المتحدة حيث أنتجت هوليود الفيلم تعرّض عدد من الأمريكان من أصول عربية أو مسلمة أو من المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين إلى تهديدات متنوّعة، وذلك لأن الفيلم يشجع على الكراهية، حسب اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز، في رسالتها الموجهة إلى مخرج الفيلم كلينيت إيستوود والممثل برادلي كوبر، حيث دعتهما لاستنكار لغة الكراهية، وأشارت اللجنة أن أعضاءها أصبحوا هدفاً لتهديدات عنيفة حتى قبل أسبوع من عرض الفيلم، وبالطبع ما بعد عرضه.
يعتبر فيلم القناص الأمريكي حلقة جديدة في سوء الفهم الأمريكي والغربي عموماً إزاء العرب والمسلمين على أكثر التقديرات إيجابية، أما الوجه الآخر السلبي فإنه استهداف مقصود لتبرير احتلال العراق وإذلال شعبه، وإظهار القاتل بصورة البطل ، والضحية بصورة المتوحش، ناهيكم عن أن الفيلم قام بتمجيد الحرب والقتل مشجعاً على العنف، بل وناشراً ثقافة العنف والاستعلاء والعنصرية، وهي ثقافة محرّمة حسب القوانين الدولية ولقيم ومعايير الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ناهيكم عن مخالفتها لدستور الولايات المتحدة ذاته.
إن النجاح الذي حققه الفيلم لا يعود إلى كونه عملاً فنياً متقناً ومحبوكاً درامياً، بل لأن من يقف وراءه إنما يبحث عن بطل خارق يتصدّى لهؤلاء الإرهابيين " الرعاع" والمتوحشين، وتلك هي الرسالة التي يريد الفيلم إيصالها إلى المشاهدين الغربيين بشكل خاص وغيرهم من المشاهدين بشكل عام، وذلك جزء من الإسلامفوبيا " الرهاب من الإسلام" التي تعاظمت بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة والتي استهدفت برجي التجارة العالمية في نيويورك ومؤسسات رسمية في واشنطن وبنسلفانيا، وقد كرّست تلك الأحداث الحواجز بين العرب والغرب من جهة وعمّقت الهوّة بين الطرفين، خصوصاً وقد سبقتها تنظيرات من قبيل نهاية التاريخ وظفر الليبرالية وصراع الحضارات وتناحر الثقافات وهي الأفكار التي روّج لها فرانسيس فوكوياما وصموئيل هنتغتون،كما زادت تلك الأحداث من التباعد بين البلدان الغربية والجاليات العربية والمسلمة، بحيث أصبحت صورة العربي والمسلم مصاحبة للعنف، بل إنها تثير الرعب والفزع والتوجّس والريبة في الكثير من الأحيان.
وقد عزّز تلك الصورة ما قامت به تنظيمات القاعدة وربيباتها تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق" داعش" وجبهة النصرة، وغيرها من المنظمات الإرهابية التي فقّس بيضها على نحو كبير بعد احتلال أفغانستان العام 2001 والعراق العام 2003، وانتقلت مثل العدوى أو الوباء متخطية الحدود والحواجز، وكان آخر أفعالها الإجرامية ما حصل في شارلي إيبدو في باريس حين قامت بقتل 12 صحافياً بدم بارد.
قصة الفيلم تدور حول دور القنّاص الأمريكي كريس كايل (الجندي) الذي قام بقتل أكبر عدد ممكن من البشر، مسجّلاً أعلى رقماً حسب التاريخ العسكري الأمريكي، دون أي إحساس بالشعور بالذنب، خصوصاً وأن كايل كان قد وصف المسلمين في مذكراته بأنهم " همج"، والمفارقة إن القاتل هو الآخر قد قتل رمياً بالرصاص على يد أحد قدامى المحاربين بالقرب من منزله في تكساس في شباط (فبراير) العام 2013، وكأن الآية الكريمة تنطبق عليه " وبشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين".
لقد حقّق الفيلم أرباحاً طائلة بل تكاد تكون خيالية، ففي الأسبوع الأول من عرضه تجاوزت أرباحه على 105 مليون دولار أمريكي، وهو أمر غير معتاد في شبّاك التذاكر، إلاّ إذا أخذنا بنظر الاعتبار، كاستثناء، بعض الأفلام المتميّزة وذات الشهرة العالية مثل فيلم "القيامة الآن" و"زد"(Z) وامرأتان، بالإضافة إلى أفلام جيمس بوند أو هولوي أو غيره. وقد امتدّ نجاح الفيلم إلى النقاد أيضاً الذين رشحوه لستة جوائز أوسكار.
ولكن الفيلم من جهة أخرى، وخارج سياسة الترويج والدعاية الأمريكية يعتبر استفزازاً للمشاعر الإنسانية بشكل عام لجعل القتل وظيفة ومفخرة، والعنف غاية ووسيلة، فما بالك لمشاعر العراقيين والعرب والمسلمين، خصوصاً وأنه يحاول إظهار رجل يعشق القتل والعنف، وحسب علماء النفس، فإن ذلك أمرٌ لا يخرج عن المرض النفسي والسادية المتأصلة في عروق من يقوم بتلك الأعمال القذرة، خصوصاً محاولة إلحاق الأذى بالآخر، لاسيّما بالطريقة الغرائزية الحيوانية، بتلك التي يمثل إلى التعطش للدماء وارتكاب القتل لشهوة القتل .
ولكن المدافعين عن الفيلم يقولون أنه يحاول إظهار أن الصراع هو بين الخير الذي يمثّله القنّاص كريس كايل وبين الشر الذي يمثله العراقيون الإرهابيون، وبالتالي فإن مهمة الخير تقتضي القضاء على الشر بقتل الإرهابيين الأشرار، وهو ما يلعبه " البطل" حسب تبريرات الفيلم، ومنتجه جاك هورنر المتحدث باسم شركة وارنر براذار وهي شركة أصحابها من اليهود المؤيدين لإسرائيل. وعلى الرغم من اضطرار المنتج إدانة اللغة المعادية للمسلمين والتي تتّسم بالعنف، إلاّ أنه اعتبر الكراهية والتعصب لا مكان لهما في الحوار المهم الذي أثاره الفيلم الذي يجسّد تجربة جندي مخضرم.
وإذا كان الفيلم " قنّاص أمريكي" يستند إلى كتاب كايل، فإن هذا الأخير لم يشعر بالأسف أو الندم أو الاعتذار، بل استمر في عدوانيته ليصل إلى الحد الأقصى من اللاإنسانية والحقد حين يتهم شعباً عريقاً بحضارته وتاريخه ومنجزه، بأنه يستحق ذلك، فيما أثبتت التحقيقات اللاحقة، بأن أياً من التهم التي وجهها الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش وأركان حكمه إلى العراق لا صحة لها، سواءً ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل أو بعلاقته بالإرهاب الدولي . إن التوحش هو في الابتهاج بكل صلف وغرور بأعمال القتل والتلذّذ بسفك الدماء، وهو الذي مارسه كايل والعديد من الجنود الأمريكان كمهنة غير مشرفة ولا إنسانية .
الفيلم الذي أثار جدلاً سينمائياً اتسعت دائرته لتمتد إلى الثقافة والمجتمع، لاسيّما الرسالة الاجتماعية والنفسية التي استهدفها، وهي تلك التي كشفت منهجية التعذيب سواءً في سجن أبو غريب أو غيره، حيث كانت تلك الأعمال، ناهيكم عن أبعادها القانونية ومغازيها السياسية، مثار جدل بدأ بين الأمريكان أولاً حيث أيّده المحافظون، في حين أن أوساطاً أمريكية استهجنت ذلك بما فيه الشعور الغامر بالسعادة إزاء ممارسات العنف، التي عرضها بكل خيلاء كايل في كتابه والتي استند إليها الفيلم الذي أثار جدلاً بين الجالية العربية والمسلمة بشكل خاص وبين الأمريكان والغربيين بشكل عام، حيث توالت الاحتجاجات من جانب الأولى مندّدة بروح الكراهية والانتقام والعنصرية، والأكثر من ذلك فإن جدلاً آخر أثير حول مقاطعة الفيلم أو مشاهدته بعد النجاح الذي حققه، بل إن الدعوة لمقاطعته قد تدفع أوساطاً واسعة لمشاهدته حسب رئيس اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز، وهو النقاش الذي انتقل إلى لبنان، حيث تقوم ناشطات وناشطين بالاتصال بمؤسسات وشخصيات حقوقية ومدنية وثقافية وسياسية وإعلامية ودينية للمطالبة بمنع عرض الفيلم.
وحسب بعض الناشطات والناشطين فإن الانتقادات التي تعرّض لها الفيلم أو كتاب كايل على مواقع التواصل الاجتماعي، لقيت حملة مسعورة من الاتهام والتهديد وتبريرات لعمليات القتل والعنف ضد العراقيين. ومثل هذا الاستهداف للتصدي لهذه الظواهر التي تمجّد القتل وتحتفل بالعنف ليس جديداً، فقد ازداد خلال العقدين ونيّف الأخيرين، إزاء مفكرين ومثقفين وأصحاب رأي غربيين وعرب، لمجرد نقدهم للصهيونية أو تنديدهم لممارستها في العدوان على لبنان وغزة وعموم الشعب الفلسطيني ودفاعهم عن حق تقرير المصير أو وقوفهم إلى جانب القضايا العربية العادلة والمشروعة ومعارضتهم للحلول العسكرية والخارجية للمشكلات التي تعاني منها البلدان العربية التي تطمح للحاق بركب الحضارة والتقدم والتنمية والديمقراطية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد “شارلي أيبدو” . . الإسلاملوجيا والإسلامفوبيا!
- في بعض إشكاليات العدالة الانتقالية
- واشنطن - هافانا ونظرية بناء الجسور
- زياد أبو عين وثلاثيته الأثيرة
- عبد الرحمن النعيمي: في مسألة الهوّية وتوابعها
- شاكر السماوي والعقل النقدي
- داعش.. المشكلة في الإستراتيجية
- الأطفال على مأدبة الشياطين
- المهدي بن بركة ودائرة الضوء
- حقوق الإنسان . . بين الواقع والمفترض
- عن أية نخب عربية نتحدث؟
- زياد أبو عين.. إدوارد سعيد داخل المكان .. خارج المكان
- هل أصبحت أم الربيعين رهينة المحبسين؟
- عن الطائفية وتوابعها!!
- جيوبوليتك العلاقات العربية – الكردية
- المجتمع المدني: أزمة هوّية
- الشاعر السيّاب في اغترابه
- حقوق الإنسان .. مفاهيم خاطئة
- الفجوة بين المثقف وصاحب القرار
- ثنائية الأمن والكرامة


المزيد.....




- ما هي الامتيازات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية بعد قرار ...
- بقيمة 400 مليون دولار.. واشنطن تعتزم الإعلان عن حزمة مساعدات ...
- البنتاغون يوعز إلى جميع الأفراد العسكريين الأمريكيين بمغادرة ...
- مصر.. نجيب ساويرس يرد على تدوينة أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- الإمارات.. تأجيل جلسة الحكم في قضية -تنظيم العدالة والكرامة ...
- وسائل إعلام: فرنسا زودت أوكرانيا بصواريخ -SCALP- هي في نهاية ...
- مدفيديف يصف كاميرون بالبريطاني -الموحل ذي الوجهين-
- ناشطتان بيئيتان تهاجمان تحاولان إتلاف نسخة من -ماغنا كارتا- ...
- -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال ...
- معجم الانتخابات الأوروبية ومصطلحاتها الأكثر شيوعا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - القنّاص: أبعد من جدل سينمائي