أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة















المزيد.....

مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 4717 - 2015 / 2 / 11 - 13:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


مع أن إيماننا وثقتنا بعدالة القضية الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني لا يعلو عليه إلا إيماننا وثقتنا بالله ، ومع اعتزازنا وافتخارنا بالانتماء لهذا الشعب العظيم ، إلا أن قوى شر متعددة داخلية وخارجية تعمل على تحطيم المجتمع الفلسطيني من داخله وتشويه قيمه وثقافته ورموزه الوطنية ، وإن كانت نجحت نسبيا في ذلك ، إلا أنه من المؤكد أن نجاحها مؤقت ، لأن الشعب الفلسطيني عودنا دوما على النهوض والتمرد والثورة على كل من يهينه ويحتقره أو يعتقد أنه يستطيع مساومة حرية وكرامة الفلسطيني بالمال أو يرهبه بالسلاح .
في مناطق السلطة/السلطتين مشهدان متناقضان ، واحد يعكس ويعبر عن روح الصمود والبطولة والتحدي في مواجهة الاحتلال ، حيث حوالي ستة مليون فلسطيني صامدون على أرضهم وفي وطنهم التاريخي في داخل الخط الأخضر ، وفي الضفة والقدس، وفي قطاع غزة ، وكل تجمع من التجمعات الثلاثة يواجه الاحتلال بما هو متاح له وحسب خصوصية الحالة التي يعيشها ، ولم تستطع كل ممارسات الاحتلال من اقتلاعهم من أرضهم أو دفعهم للتنازل عن حقوقهم الوطنية ، وهذه ورقة قوة استراتيجية للفلسطينيين تربك العدو وتجعل مشروعه الصهيوني في حالة تهديد مستمر بل ومشكوك في قدرته على الاستمرار طويلا ، خصوصا مع توالي اعتراف دول العالم بالدولة الفلسطينية ورفضها للممارسات الإسرائيلية .
لذا ليس من باب الشماتة ولا من باب تضخيم الذات والتقليل من خطورة وصعوبة الوضع الفلسطيني ، إن قلنا إن حال الشعب الفلسطيني حتى في ظل خضوعه للاحتلال أفضل من حال كثير من الشعوب العربية . فلو عملنا مقارنة بين واقع الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال والحصار ، وما تشهده دول عربية من صرعات وحروب أهلية تؤدي لسقوط مئات الآلاف من الشعب وتدمير مدن بكاملها ، وهجرة الملايين من الشعب ، وعودة الجيوش الأجنبية لاحتلال بعض أجزائها وإقامة قواعد عسكرية فيها الخ ، سنلاحظ أن الشعب الفلسطيني استطاع أن يحافظ على وحدته وتماسكه ، وعلى اتجاه البوصلة النضالية لتكون موجهة نحو إسرائيل بالدرجة الأولى ، بالرغم من حالة الانقسام والخلاف بين فتح وحماس ، وبالرغم من محاولات أصحاب الأجندة الخارجية جر الشعب الفلسطيني لمستنقع الخلافات والصراعات الدينية والمذهبية .
صحيح يوجد انقسام واتهامات متبادلة واعتقالات متبادلة في إطار الخلاف بين فتح وحماس ، وبين المشروع الوطني ومشروع إسلام سياسي ، إلا أن كل ذلك لم يدفع الشعب ليخوض حربا أهلية أو اقتتالا داخليا إلا في أضيق الحدود كما جرى في الأيام الأولى للانقلاب الأسود 14 يونيو 2007 . وهذا يدلل على رقي الحس الوطني عند الفلسطينيين ومعرفتهم بأن أية مواجهات مسلحة سواء في الضفة في مواجهة السلطة وحركة فتح ، أو في غزة في مواجهة حركة حماس وأجهزتها الأمنية ، لن يخدم إلا العدو الإسرائيلي .
لأن كثيرون لا يعرفون أصالة الشعب الفلسطيني فإنهم يسألون ويتعجبون لماذا وفي ظل الحالة المتردية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية لا يثور سكان غزة ضد حركة حماس و يثور سكان الضفة ضد السلطة ؟ الجواب ليس لأنهم خائفون من بطش السلطتين بل لأن حسهم الوطني يمنعهم من ذلك ولأنهم يدركون أن أي مواجهة داخلية أو حرب أهلية ستخدم إسرائيل بالدرجة الأولى ، ولأن الشعب الفلسطيني بات يدرك أن إسرائيل هي التي صنعت الانقسام وتسعى لتكريسه سواء من خلال صناعة دولة غزة أو من خلال إعادة روابط القرى في كنتونات منعزلة في الضفة على حساب السلطة الوطنية والمشروع الوطني ، وبالتالي فإن الاقتتال الداخلي سيساعد إسرائيل على الوصول لهذه النتيجة .
ولكن مقابل هذه الصورة المشرفة وردا عليها تشتغل إسرائيل ومعها أطراف فلسطينية وعربية متواطئة أو جاهلة على تحطيم وتشويه هذا المشهد الوطني الراقي ، وخلق مشهد مغاير ، سياسي وثقافي واجتماعي ، وقد نجحت نسبيا في ذلك بحيث بتنا أمام مشهد تراجيدي ، مع أنه مؤقت وليس معمما إلا أنه خطير ويجب سرعة التصدي له ووقف مفاعيله التدميرية . أهم تمظهرات هذا المشهد : -
احتلال يتوغل استيطانا وتهويدا للأرض والمقدسات ، انقسام بات المدافعون عنه والمستفيدون واليائسون من الانفكاك منه يتزايدون يوما بعد يوم ويصبحون أكثر قوة وحضورا ، رُهاب فقدان الراتب ولقمة العيش أو الخوف عليهما ، ورهاب الاعتقال والتصفية الجسدية أو السياسية والأخلاقية ، تسطيح الفكر وتغييب العقل ، هيمنة الديماغوجيا الإعلامية والأيديولوجيات الحزبية ، تغييب العاطفة للعقل ، هيمنة الأحكام المسبقة على حقائق الواقع ، بروز الهويات والنزعات الضيقة : اللاجئ والمواطن ، أبن المدينة وأبن القرية ، الغزيون والضفويون الخ ، وتدميرها لوحدة المجتمع ، تحويل السياسات الارتجالية والمتخبطة سواء كانت عسكرية أو دبلوماسية إلى انتصارات ! وتحويل أقوال (القادة) ، وما أكثر قادتنا ، لِحِكَمّ ! وكل من دخل دارهم آمن ، الجاهل والفاسد والمنافق مُقدَم ومُرَحَب به قبل الوطني والمخلص ! .
في مناطق السلطة /السلطتين ، تعمل قوى الشر المعادية لشعبنا والمستَفَزة من قوة تماسكه ورفضه التخلي عن هويته وحقوقه ، تعمل على تشويه القيم الوطنية وضرب وحدة المجتمع ليصبح النضال من أجل السلطة له الأولوية على النضال من أجل فلسطين وحريتها واستقلالها ، وقتال العدو القريب أولى من قتال العدو البعيد ، وسجون أبناء جلدتنا وتعذيبهم تثير الخوف والهلع أكثر من سجون الاحتلال وأساليبه في التعذيب ، ولتصبح حقوقنا الوطنية التاريخية معروضة في سوق المساومات السياسية عربيا ودوليا ... .
في مناطق السلطتين الفلسطينية تجري محاولات حثيثة من أعداء الشعب لقهره بميكانزمات (استراتيجية الإلهاء) ليصبح السعي للخلاص الفردي مُسبَّقا على تخليص الوطن من الاحتلال ، والأمن الشخصي بأية طريقة له السبق على أمن الوطن .
في حالة نجاح قوى الشر في مسعاها ، ستفقد الكلمات معناها ، فلا يعد الوطن هو الوطن ، ولا الشعب هو الشعب ، ولا الأخ أخا ، ولا الصديق صديقا ، ولا المستقبل مبشر بغد أفضل . آنذاك لا يصبح أمام أبناء الشعب المقهور من طريق للخلاص إلا أن يرفعوا أيديهم ، المتوضئة وغير المتوضئة ، إلى السماء طالبين الرحمة والخلاص ، قبل أن تستبق طائرات وقذائف إسرائيل أو سيوف داعش السماء لتخلصهم بطريقتها الخاصة .
ولكن لأن كل ذلك يجري في مناطق فلسطينية تخضع رسميا لسلطة وطنية فلسطينية يُفترض أن لها مؤسسات ورئيس منتخب ، ولأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد الرسمي حتى الآن للشعب الفلسطيني وهي مرجعية السلطة الوطنية ، ولأن الرئيس أبو مازن رئيس لكل الشرعيات القائمة – المنظمة والسلطة والدولة تحت التأسيس – ... فإن غالبية الشعب ما زالت تراهن على الرئيس ومنظمة التحرير للخروج من الحالة المأساوية التي يعيشها ، سواء في الضفة أو غزة أو الشتات. هذه المراهنة التي تتضمن اعترافا بشرعية الرئيس والمنظمة ، هي التي تبرر كل انتقادات لمؤسسة الرئاسة وللسلطة ولواقع حال منظمة التحرير .
ولكن أيضا فإن هذه المراهنة على الرئيس والمنظمة ليست مفتوحة إلى ما لا نهاية ، فلصبر الشعب حدود ، وخصوصا أنه يرى حالة التخبط على مستوى صناعة القرار ، وتراجع دور وفاعلية المؤسسات والمرجعيات التاريخية والوطنية والشرعية ، لصالح نخبة جديدة أو جماعات مصالح توجه الأمور نحو الالتفاف على ما أنجزه الشعب بصموده وصبره وحسه الوطني الراقي وتعمل على تعزيز المشهد السلبي المُشار إليه أعلاه ، لخدمة أجندة غير وطنية . وهذا ما سنتناوله في المقال القادم .
[email protected]



#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيغطي إرهاب داعش على الإرهاب الإسرائيلي ؟
- صناعة دولة غزة
- هل توجد استراتيجية فلسطينية لمواجهة الحرب القادمة ؟
- الحذر من تعويم مفهوم الإرهاب
- كيف ستنجح حكومة التوافق الفلسطينية في ظل غياب التوافق !
- المؤتمر السابع لحركة فتح : عليه المسؤولية والرهان
- فشل التصويت على القرار العربي في مجلس الأمن (رب ضارة نافعة)
- الفريضة الغائبة وطنيا
- حول مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن حول فلسطين
- إسقاط صفة الإرهاب عن حركة حماس إنصاف لحق المقاومة
- مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بعد الحرب على قطاع غزة
- اغتيال زياد ابو عين : حدث عابر أم لحظة فارقة
- داعش فلسطينية ضرورة إسرائيلية
- الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال لا يلغي الحق بالمقاومة
- إعمار غزة أكبر وأخطر من كونه مسألة إنسانية
- ما سر هذا الاهتمام بذكرى استشهاد أبو عمار ؟
- تفجيرات غزة الإرهابية وردة فعل حكومية خاطئة
- معركتنا الوطنية الأساسية في القدس والضفة وليس في غزة
- وعد بلفور : قراءة مغايرة
- إسرائيل تريد فرض معادلة : إما غزة أو القدس


المزيد.....




- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب ...
- نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
- سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
- الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق ...
- المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
- استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
- المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و ...
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي ...
- الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة