أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد سيف المفتي - ما أحوجنا لأظافر طويلة















المزيد.....

ما أحوجنا لأظافر طويلة


محمد سيف المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 19:10
المحور: المجتمع المدني
    




ما أحوجنا لأظافر الطويلة

عندما تنتهي من قراءة هذه القصة لا تبحث عن المبررات بل عن الإنجازات، و لا تقل لا أستطيع فعل شيء، بل إفعل كما قالت الأم تريسا " نحن لا نستطيع فعل إنجازات عظيمة، بل أفعال صغيرة بمحبة عظيمة".
اليكم القصة التي تدور أحداثها في كثير من المدن في عالمنا العربي و الاسلامي:

أفزعني دق الباب العنيف و انا في مدينة ظالمايا، خرجت فوجدت العم ( ابو جاسم ) على الباب، كان بستانياً حكوميا حتى اضطره الحال للخروج متقاعداً و العمل لحسابه الخاص بعد أن أصبح راتبه لا يكفي لشراء عدد بسيط من البيضات و عمل لسنوات في حديقتي قبل هجرتي من البلاد، جاء مرحباً بوصولي بعد غربتي الطويلة، رحبت به كثيرا و ادخل عجلته الهوائية الى داخل الدار و كان يرتدي نفس سترة العمل الثقيلة التي يرتديها قبل ١-;-٠-;- سنوات في البرد و القيض على حد سواء. بعد جلوسنا سألني عن حالي و عن العيش في الغربة و بعد حديث ليس بالطويل سألني:

- ما هو الفرق بيننا و بينهم؟
- من هم؟
فوضح لي قائلا::
"يعني مدينتنا و النرويج". العم ابو جاسم كان و ما زال لديه ١-;-٠-;- أكياس لبذور الزهور المختلفة التي يزرعها في حدائق كل زبائنه عاما بعد عام و رغم انه ليس امياً تماما، كان يسألني كل عام عن الأسم المكتوب على الكيس الذي يهم بزراعة بذوره، لذلك لم يكن الجواب على سؤاله سهلا. فقلت له:

- سأحكي لك قصة حدثت لي في النرويج في يوم لم يكن فيه غير الثلج و الرذاذ و الضباب جعلت من قيادة السيارة شقاء حقيقياً، تارة انتبه الى الشارع لأتفحص الأماكن التي تراكمت فيها الثلج و تارة أراقب حركة السيارات المتزلجة أمامي و ضوائها الحمر و انزلاقي المخيف باتجاههاعند توقفها المفاجئ . بعد ساعة و نصف وصلت محطة الوقود التي اعتدت الوقوف فيها صيفا و التمتع بمنظر البحيرة المقابلة لها مع فنجان قهوتي المفضلة.
"قاطعني عدة مرات و هو يعلن شكره للرب على سلامتي".
عندما ترجلت من سيارتي و توجهت الى المكان الذي اعتدت الجلوس فيه لم أر الا منظرا ضبابيا، لا ينبعث منه الا ضباب كئيب. دخلت الى المحطة متجهما فقابلتني ابتسامة العامل ( توبياس)العريضة المعتادة و كأنها مرسومة على وجهه.
بادرني بتحية و كأنني عزيزه الذي لم يلتق به منذ زمن بعيد. أجبته بامتعاض:
- اهلًا ، ياله من يوم تعيس.
- أجابني مع ابتسامته التي لم اجد لها أي مبرر في هذا اليوم بالذات
- وما يعيب هذا اليوم؟. أجبته موضحا بطريقة مباشرة و نظرتي تتفحصه بدقة من رأسه الى اسفل نقطة تصلها عيني.
- ألم تكن سعيدا مع شمس الصيف بدل هذا الثلج. الذي غلف كل شيء كالكفن؟
نظر الي مستغربا و طرح علي سؤالا مستفزا
- ما هو الفرق بينهما؟ بدأت انزعج من بروده. فأجبته ببرود و أبتسامة و انا أكاد انفجر في وجهه
- أليس لديك هوايات في الصيف تمارسها؟
- نعم صيد السمك في البحيرة، آخذ القارب لأصيد السمك و احتسي القهوة في عرض البحيرة.
قال ذلك و هو يشير بإصبعه الى مكان بعيد في البحيرة. ارتحت بعد ان أمسكت عليه مستمسكا فسألته مذكراً:
- ألا يزعجك ان لا تمارس هواياتك في الشتاء؟ ابتسم مستغربا من قولي
- لماذا لا أمارسها ؟ رددت له الابتسامة بابتسامة أقوى منها
- وكيف يمارسها حضرتكم؟ شعر بانزعاجي لكنه أبقي على هدوئه
- أستبدل القارب بالزلاجات و في عرض البحيرة اعمل حفرة و اصيد السمك، على فكرة، طعم السمك في الشتاء ألذ من الصيف
قاطعني ابوجاسم: هذا الشخص مجنون؟ كيف يسمحون له بالعمل في محطة وقود.. طائش؟ أجبته ببساطة
- لا عمي العزيز، ليس طائشاً، هم هكذا ، يعني مختلفين. اسمحلي أكمل لك القصة
خطر ببالي خاطر و قلت في نفسي سأنال منه هذه المرة بالقاضية فسألته متهكماً:
و البرد، ما تفعل تجاهه يا ترى ؟ عادت ابتسامة المنتصر لترتسم على شفتيه و سألني
- ألم تسمع المثل النرويجي الذي يقول "لا يوجد جو سيء بل فقط ملابس لا تناسب الجو".
بالرغم من تبادلنا للحديث في كل مرة أكون فيها في المحطة لكننا لم نتطرق لا من بعيد و لا من قريب عن أصلي، و لم أسأله يوماً عن أصله و فصله و "مذهبه" أقصد توجهه السياسي و مفاهيمه.
ابتسم و اكمل حديثه: لم أسألك سابقا، قل لي من أين انت؟
أجبته من بلاد ظالمايا. قال لي بهدوء و كأنه يفشي لي سراً "علمت انك منهم". انعقد حاجباي و سألته "و من هم؟
أجابني واثقاً:
" الباحثين عن الأعذار" . ضحكت من أعماقي فسألني: ما الذي يضحكك؟ أجبته عن قناعة راسخة.
- الحقيقة، الحقيقة كم انت محق. أكمل حديثه و بنفس الرصانة
- هل تعلم ما هو الفرق بين العقلية الغربية و الشرقية؟ رفعت حاجباي و هززت رأسي معلناً جهلي وقلت له: لا ، لا أعلم. أجابني موضحاً:
- نحن لا نقول كيف حالك بل كيف تتعامل مع وضعك، و هذا الامر ينطبق على السياسات العربية في مواجهة الغرب..
قبل ان أودعه مغادرا و في محاولة اخيرة للتغلب عليه و لو بجولة واحدة: سألته كم عمرك ؟
أجابني وهو يقهقه عالياً بفوزه بهذه الجولة أيضاً "٧-;-٥-;-سنة " وهو يدق على خشب المنضدة.
فبهت الذي تجهم، شكرته على الحديث و خرجت لاجد الارض قد استبدلت كفنها بفستان زفافها الأبيض الرائع.

همَّ (ابو جاسم ) بالرحيل و كأنه اكتفى من الحديث معي و بعدما فتحت الباب، سحب دراجته و نظر اليها.
- بالله هذا الرجل النرويجي فهيم و عليم. انا أيضاً سأستخدم العجلة الهوائية في الصيف اما في الشتاء.. سكت و بدأ ينظر الى السماء أطال النظر و أعلن قائلا: اخي ما بقى شي من العمر سأستمر باستخدامها
ودَّعني وركب الرجل الخمسيني عجلته و تمايل جسده كبندول الساعة يميناً و شمالا و هو منطلق بها و بقيت اراقبه حتى غاب عن نظري بين حشد بشري حول نكبة ما.

بعد غيابه عن نظري اكتشفت فجأة الاختلاف الذي طرأ شكله، أصبحت له لحيتة و احدودب ظهره. كنت أرتدي ملابسا بألوان زاهية و كل رجال الشارع كانوا من اصحاب اللحايا الطويلة و هنالك بعض الكتل السوداء المتحركة في الشوارع خلف الرجال، كل من في الشارع كان يحدق بي كقادم من كوكب آخر، علمت أنني قد أهنت الفحولة بفحش ألواني، ولاحظت أن كل أبواب البيوت مغلقة دخلت و أغلقت بابي مثلهم لأعزل نفسي عن ذلك العالم وسمعت حينها طلقا نارياً من جهة الحشد البشري الذي ضاع أبو جاسم فيه و تكبيراً و شخص يصرخ : تكبير لتعلو الاصوات خلفه ( الله أكبر) فأسرعت الخطى الى الداخل: سمعت عندها قهقهة ( توبياس) و هو يقول: هل تعلم بأننا النرويجيون المسالمون أذقنا الألمان أقسى الدروس عندما احتلوا النرويج، ماذا عنكم ؟ ثم أعقب سؤاله بآخر
: كيف تتعامل مع وضعك؟
صمتُّ و بدأت أفكر بعذر لسلبيتنا... أخي القارئ و أختي القارئة لنبتعد عن هذا العالم المريض و نبحث عن قيم جديدة في حياتنا و لنبدأ العمل بها و لتكن لديكم خطوة قد قمتم بها بعد يوم من قرائتكم للموضوع، نحن في زمن ( ما حك جلدك مثل ظفرك)، و الجميع لديهم أظافر.



#محمد_سيف_المفتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن الأيوبي الجديد
- نينوى بين المخالب
- ليلة سقوط نينوى
- هل سيعتذر العراق من روجر
- عراق مغتصب
- مدينة بلا انسان
- تقسيم العراق بإرادة عراقية
- سيستمر الحوار بخصوص تسليم ملا كريكار
- تهميش دور المرأة
- فيروس الفساد ينتشر في العراق
- عندما نستغل الخالق
- أين هي الحقيقة في الصين
- نادلة ترفض دخول الملك و الملكة
- تفجيرات اوسلو
- الديمقراطية المقلقة
- الاقتصاد والتغييرات السياسية
- عذرا من العدالة


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد سيف المفتي - ما أحوجنا لأظافر طويلة