أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل شكيب محسن - الإنسانية في وجه التطرف














المزيد.....

الإنسانية في وجه التطرف


عادل شكيب محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 12:01
المحور: المجتمع المدني
    


تبقى الإنسانية هي الرد السليم على التطرف مهما كانت مسبباته. فالتطرف دوما هو من سمات المتخلف او الجاهل الذي لا يملك من المعرفة أكثر مما لقنه إياه رجل دين جاهل او سلطة فاسد لا هم له سوى تحقيق مكاسب شخصية ضيقة، بغض النظر عما يلحق بالمجتمع من ضرر.
حدث ان أُعلن في احدى الدول عن حفل عشاء يعود ريعه لإطعام الفقراء في افريقيا. فما كان من أحدهم الا ان قرر المساهمة من خلال شراء بطاقة لحضور هذا الحفل. وعندما ذهب ليشتري البطاقة، كان هناك موظفة ذات وجهٍ مشرقٍ تبيع البطاقات لحضور الحفل. لكن ما ان اقترب صاحبنا من هذ الموظفة حتى تغيرت ملامح وجهها وفارقت البسمة محيّاها، فلم ترى تلك الموظفة صليباً في عنق ذلك الشخص، وقالت له بوجه عبوس: تكلفة البطاقة 500 دولار، هل تريد ان تدفع؟؟؟ فقال مبتسما: بالطبع، هذه 500 دولار. فسألته من اي كنيسة انت؟ هذا الحفل للمسيحيين فقط. فأجاب: لكن ما هو مكتوب في الإعلان بان هذا الحفل لجمع التبرعات لإطعام الفقراء في افريقيا. فقالت: المقصود إطعام الفقراء المسيحيون في افريقيا. فقال: إذا احتفظي بالـ 500 دولار للفقراء غير المسيحيين في افريقيا. حاولي ان تطعمي الفقراء جميعا في افريقيا، الجوع لا يميّز ما بين المسيحي وغيره.
وبعد ان خرج من مكان قطع التذاكر مرّ برجلٍ ملتحي يدعو لنصرة وحماية المسلمين في افريقيا، ويسال الله ان يبعد عنهم المرض والجوع ويحميهم من كل مكروه. فما كان من صاحبنا الا ان اقترب من هذا الرجل الملتحي وقال له ليكن دعاؤك لنصرة الانسان والإنسانية في كل مكان من هذا العالم. وليحمي الله كل انسان ويبعد عنه الجوع والمرض. اما إذا كنت عنصري مثل بائعة التذاكر، فلا تجعل من الله عنصري أيضا. فالله للجميع والانسان هو نفسه مهما كانت ديانته او قوميته.
فالعنصرية او التطرف هي بالحقيقة امراض تصيب المجتمعات التي تعاني من مشكلة التخلف الاجتماعي المتمثلة في عدم مقدرة الفرد قبول الاخر او ايمان افراد المجتمع بأنهم أفضل من غيرهم (شعب الله المختار) ويعطون لمجتمعهم منزلةً اعلى من منزلة باقي المجتمعات. علماً بان هذا النوع من التخلف منتشر في دول العالم الأول مثلما هو منتشر في دول العالم الثالث. اما اهم مسبباته فهي التكنولوجيا والاعلام. اذ من السهل استخدام التكنولوجيا الحديثة من قبل اشخاص او جهات تهدف الى خلق فتنة ما بين افراد المجتمع الواحد او ما بين المجتمعات المختلفة. فمع انتشار وسائل الاتصال المتنوعة وخاصة الانترنيت، أصبح من السهل نشر معلومات ومقاطع فيديو تحريضية من خلال العزف على وتر الطائفية او القومية. فلا أحد منا يطيق ان يرى مقطع فيديو فيه استهزاء بمعتقده او دينه او قوميته. فلا المسيحي يحب ان يرى شخص مخبول بلحية طويلة يمزّق كتابه المقدس، ولا المسلم يحب ان يرى صور مسيئة لمقدساته يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
امّا الاعلام فيلعب دورا كبيرا في خلق التطرف عبر الفضائيات المتنوعة التي تبث الاخبار والبرامج التي تساهم في احياء روح الكراهية ورفض الاخر. فكثيرا ما أصبحنا نرى فضائيات لا همّ لها الّا اظهار المسلمين بأنهم مستهدَفين وضحايا، وما أكثر ما ترى تلك الفضائيات تستشهد بالآية الكريمة (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)، وفضائيات اخرى ترد ببرامج تظهر المسلمين إرهابيين ومجرمين لا هم لهم سوى القتل وسبي النساء. فضائيات تستضيف من يدعون الى طرد المسيحيين من بلاد المسلمين وفضائيات تدعو الى حماية المقدسات المسيحية من المسلمين. فضائيات تظهر عمليات قطع الرؤوس وتبارك العمليات الانتحارية، وفضائيات تحاول إظهار الإسلام دين إرهاب وقتل واجرام. جميع هذه الفضائيات (بلا استثناء) هي مصدر بلاء للمجتمعات، وهي بلا شك من اهم مسببات التعصب والتطرف الحاصل.
فلا بد من حملة توعية واسعة وشاملة لمجتمعاتنا حتى تتعافى من هذا التخلف الاجتماعي وترتقي لتكون مجتمعات إنسانية بكل ما فيها من مساواة وعدالة وحب للجميع. مجتمعات لا تقوم على مبدئ التكتل الديني او الطائفي او القومي. مجتمعات لا فرق فيها بين متدين وغير متدين، وبين من يصلي في مسجد او كنيسة. مجتمعات تقوم على فكرة الدين لله والوطن للجميع. وللوصول الى ذلك يجب العمل بكل الطرق المتاحة للقضاء على مسببات التخلف الاجتماعي من خلال وضع رقابة صارمة على مواقع التواصل الاجتماعي والعمل على منع أي فضائية من الخوض فيما يؤدي الى خلق أي شكل من اشكال التفرقة او التطرف في المجتمع. أخيرا أحب ان أقول بان الانسان يولد غير متطرف الى أي فكرٍ او دينٍ او قومية، لكن التخلف الاجتماعي هو الذي يصنع من هذا الانسان الة مملوءة بالكره والحقد ورفض الاخر. فلنقضي على هذا التخلف الاجتماعي للمحافظة على إنسانية مجتمعاتنا قدر المستطاع.

عادل شكيب محسن
2015



#عادل_شكيب_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة عن سوق الاوراق المالية
- عندما كنا نغني بلاد العرب أوطاني
- الوقود الحيوي والاقتصاد العالمي
- مجموعة البريكس والنظام العالمي الجديد
- تطور التجارة الخارجية في سوريا
- سياسة التجارة الخارجية في سوريا
- قطاع النفط في سوريا
- قراءة مختصرة حول القطاع الصناعي في سوريا
- قراءة مختصرة حول القطاع الزراعي في سوريا
- مراحل تطور القطاع الخاص في سوريا
- موجز لمسيرة القطاع العام في سوريا
- تاريخ تطور الاقتصاد السوري
- مقدمة في علم الاقتصاد
- مدخل الى علم الاقتصاد ...


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عادل شكيب محسن - الإنسانية في وجه التطرف