أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس الزيدي - قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 6















المزيد.....

قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 6


عباس الزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 21:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قيادة الحركة الإسلامية في العراق
1980 – 2003
الحلقة السادسة
عباس الزيدي – عبد الهادي الزيدي

كثَّف النظام من توجهاته الطائفية وكان رجال دين تابعون للسلطة يظهرون في كل المناسبات الدينية على شاشة التلفزيون محاولين تحريف التأريخ والعقائد الخاصة بالشيعة ولكن من دون جدوى، ومن هؤلاء (الشيخ صبحي الهيتي) و (الشيخ شاكر البدري) اللذين كانا مع آخرين يحاولون استعطاف الشيعة في العراق من خلال مدح أهل البيت وتعظيمهم، وكانوا إذا ذكروا أحد الائمة لا يعقبون بما هو معتاد عند علماء السنة بكلمة (رضي الله عنه أو عنهم) وإنما يعقبون بـ(عليه أو عليهم السلام) ظناً منهم أن هذا الثناء سيكون كافياً للتأثير، وهذا يبين مدى سطحية صدام ونظامه، وفي نفس الوقت كان السيد حسين الصدر يظهر من على شاشة التلفزيون العراقي الرسمي بمناسبة وأخرى لإلقاء كلمة كادت تكون أسبوعية، ولكنها كانت ضمن السياق المعروف عند الشيعة عموماً، ولم يؤثر هذا الظهور على سمعة السيد حسين الصدر لأن الجميع يعتقد أن ظهوره كراهة وليس باختياره، بل كنا نتعاطف معه ومع كلماته بالرغم من تقليديتها لصعوبة رؤية رجل دين شيعي في التلفزيون، خصوصاً وهو ينتمي الى أسرة الصدر التي لم ينس الناس بعدُ أثرها وتضحياتها.
خلال سنوات الحرب المريرة كان أحد أهم عوامل التخفيف والتواصل سماع خطب ومحاضرات المرحوم الشيخ أحمد الوائلي، فعلى الرغم من التشويش على إذاعة إيران الناطقة باللغة العربية إلا أن الشيعة خصوصاً في جنوب العراق كانت تجد في سماع صوت الشيخ الوائلي لذة وتواصلاً، ولا أبالغ إذا قلت أنها كانت المنفذ الوحيد تقريباً لاستمرارية التوجيه والتثقيف الديني، خاصة للجيل الجديد الذي ولد في السبعينات والذي لم يدرك من الحركة الإسلامية سوى اسمها، ولا يوجد في هذا الجيل من ينكر أهمية محاضرات الشيخ الوائلي وأثرها، وأهمية الشيخ الوائلي أنه كان يخاطب كل المستويات، فلم يكن يتعسر فهمه على أحد، وهذا جاء في وقت منعت فيه كل مجالس التعزية والخطب والمحاضرات الدينية، وكان النظام حريصاً على تضييع مفاهيم وعقائد التشيع، فكان الشيخ الوائلي خير من تكفل بترسيخ تلك المفاهيم على مستوى الشباب الناشئ.
مُنعت مجالس التعزية أيام محرم وباقي مناسبات الوفيات عند الشيعة، وكانت هذه المجالس تعقد في كل شارع تقريباً قبل المنع من شوارع بغداد ومحافظات الجنوب وفي مناطق من ديالى أو الموصل وأينما حلت الشيعة، ولكنها في الثمانينات كانت تعقد بصورة سرية في منزل هنا وهناك، وكانت تعد مغامرة قد تؤدي الى الاعدام، ولكن الكثير كان مستعداً ليقدم نفسه في سبيل إقامة مجلس تعزية واحد، ومع ذلك لم يستطع النظام أن يمنع كل مظاهر وشعائر أيام محرم، فقدور الطعام الضخمة كانت تملئ الشوارع في أيام العشرة الاولى من محرم وفي كل المحافظات تقريباً، وتوزع على المنازل بعد ذلك، وكانت مظاهر الفرح تختفي نهائياً طيلة شهر محرم ومعظم أيام شهر صفر، فتتوقف الأعراس حتى انقضاء محرم وصفر، وحتى الذين لم يكونوا ملتزمين دينياً ويشربون المسكرات كانوا يتوقفون عن شربها خلال هذه الفترة، ويعم لبس السواد للصغار والكبار طيلة الشهر، واستعاض الناس عن مجالس التعزية بأصوات خطباء المنبر الحسيني التي كانت أصواتهم تصدح من خلال الأجهزة الصوتية لتسمع من في الشارع، ولم تكن تلك التسجيلات سوى الطريقة المعروفة بـ(النعي) و (اللطميات)، ولم يكن يمكن أو يتيسر غيرها، ومن أشهرها بصوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي الذي يقرأ المقتل بصوته، ولازال في يوم العاشر من محرم الصوت الأوحد على الرغم من مرور عشرات السنين على رحيله، والشيخ هادي الكربلائي الذي لازم حرم الإمام الحسين (عليه السلام) الى آخر يوم من حياته، وكان الوحيد الذي تبقى من ذلك الجيل لعدة سنوات من الثمانينات يشدو بصوته الشجي في أيام شهر محرم ، والسيد جاسم الطويرجاوي، والشيخ عبد الوهاب الكاشي، والشيخ جاسم النويني، والشيخ حمزة الزغير، والشيخ عبد الرضا، والشيخ وطن، والشيخ فاضل الرادود، والشيخ ياسين الرميثي الذي كان من أشهرهم لقصيدته الخالدة (ياحسين بضمايرنا) و تعد من ضمن الممنوعات الى ما بعد الانفراج النسبي سنة 1987 لما فيها من بعض المضامين السياسية. وغيرهم من رواد المنبر الحسيني.
وكانت كل هذه التسجيلات تباع في النجف وكربلاء فقط الى ما بعد انتفاضة 1991، حيث أصبحت متداولة في كل مكان.
أما ما تضمَّن معاني ذات مضامين سياسية فقد توافدت الى العراق بعد الانتفاضة مباشرة، وأصبح تداولها مباحاً وتباع في مكاتب التسجيلات الصوتية علناً، وكذلك الحال بالنسبة لمحاضرات الشيخ الوائلي وفاضل المالكي وعبد الحميد المهاجر، مما سوف نتناوله لاحقاً إن شاء الله تعالى.
لم يستطع النظام أن يحول دون تواصل الشعب مع أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم)، فمواسم الزيارات كانت بمثابة موسم مليوني تحج فيه كل فئات الشيعة من كل أنحاء العراق، وحتى في مناسبات الفرح كان المحتفلون يتبركون بزيارة الأئمة كما في مناسبات الأعراس، أما في مناسبات الوفيات فكانت الأماكن المقدسة تشهد تواجداً لا مثيل له خصوصاً مناسبات محرم وصفر وشهادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهكذا في الخامس عشر من شهر شعبان، وكان النظام يحاول التضييق قدر الإمكان على الزائرين، ولكنه لم يفلح في ترهيب وثني الشيعة عن التواصل مع العتبات المقدسة، وكانت حالة التأهب ترتفع عند الأجهزة الأمنية في العاشر من محرم، وكان يمنع أي ترديد لهتاف، وتشاهد قوات الأمن تقف حوالي الصحن من داخل الضريح بالعشرات، شاهرين أسلحتهم، وخارج الأضرحة كانت آليات الجيش تملأ الشوارع، وتتأزم الامور عند الاقتراب من موعد (ركضة طويريج) التي كانت ممنوعة، ولكن كل الأساليب لم تحل دون إقامتها سنوياً تقريباً، فلم يكن أمام النظام من بدٍّ سوى دسَّ أعوانه وسط الزائرين فمن يرونه يشارك يقومون برشِّ طلاء على ملابسه ليتسنى لهم معرفته على مشارف المدينة المقدسة في كربلاء، ليساق الى المجهول بعد ذلك، لذلك اعتقل الكثيرون في هذه الممارسة، وكان البعض يتخلى عن ملابسه الخارجية الملوثة بالأصباغ بمعونة الأهالي أو غيرهم من الزائرين ليستبدلها بأخرى نظيفة، وفي كل زيارة في العاشر من شهر محرم ترتفع نسبة الزائرين بشكل ملحوظ في كل سنة قياساً بالسنة التي سبقتها، وكلما زاد ضغط النظام كلما زاد إصرار الجماهير على التحدي، ولم تخل زيارة في العاشر من محرم من تصاعد الحماس عند حلول الظهيرة واقتراب ساعة الشهادة، فترتفع الأصوات مدوية (أبد والله ما ننسى حسينا)، وهو هتاف لطالما أرعب النظام باقتراب انتفاضة جماهيرية تنطلق من كربلاء، فتخرج المئات من قوات الأمن والحرس الخاص، وتطلق النيران في الهواء في مرات عديدة، وأقل ما يقومون به استخدام الهراوات لاستحالة اعتقال كل هذه الجموع.
وحاول النظام في منتصف التسعينات كمحاولة يائسة القيام بحفلات زفاف جماعية تصادف في يوم العاشر من محرم، يقدم فيها للمحتفلين امتيازات وهدايا، ولكن بقيت هذه الحالة شاذة ومن يقوم بها يكون منبوذاً ومحتقراً، وكان عدي نجل صدام الأكبر الراعي الرسمي لهذه الحفلات.
عُرف عن التلفزيون العراقي أنه تلفزيون محافظ نوعاً ما بالقياس الى غيره من محطات التلفزيون العربية، وبخطوة جديدة قام عدي ابن رئيس النظام بافتتاح قناة تلفزيونية جديدة في أوائل التسعينات سميت بـ(تلفزيون الشباب)، ومنذ الأيام الأولى بدأت تظهر بوادر انفتاح على المواد الإباحية ولكن بالتدريج، وبمجرد أن تجاوزت القناة بعض الحدود حصلت حالة استنكار واسعة في الشارع العراقي، وقام المئات بالاتصال بهذه القناة معبرين عن استيائهم وشجبهم، فاعتذر مسؤولو هذه القناة عن هذه الهفوة، وأصدروا أمراً بفصل المسؤول عن تلك المشاهد، ليتنصل عدي من مسئوليتها ظاهراً، وكانت هذه التجربة بمثابة الإعلان الواضح على عدم إمكانية النظام الحاكم على مسخ الجانب الأخلاقي المتأصل في الشعب العراقي.
وضمن مخططات النظام التي كان يستهدف بها التغيير الديموغرافي محاولة توطين الملايين من فلسطينيي المهجر، الذين كان مقرراً توطينهم في البادية التي تقع بين الأنبار وكربلاء، ليشكلوا من ناحية توازناً سكانياً ترجَّح فيه كفة الأقلية من السنة، وحلاَّ للمشكلة التي تواجه إسرائيل والدول العربية حتى هذا اليوم من ناحية أخرى، ولكن لم تسر الأمور بالشكل الذي خطط له النظام والدول العربية، ومعلوم أن شبيهاً لهذا المخطط تَمَّ تفعيله في البحرين ذات الغالبية الشيعية الذين أصبحوا اليوم أو سيصبحون قريباً أقلية في بلدهم.
وتمَّ توطين أعداد كبيرة من الفلسطينيين وتمليكهم في بغداد، ولم يغادروا العراق حتى بعد سقوط النظام وكان لبعضهم دورٌ في مساندة مجاميع القاعدة، والاشتراك في الاقتتال الطائفي ضد الشيعة بعد سقوط النظام عام 2003.
ونتيجة لاستمرارية الحرب أصبحت الكثير من الوظائف والأعمال اليدوية والحرفية شاغرة، نظراً لكون معظم أصحاب هذه المهن مجندين في الجيش، فلجأ النظام الى استقدام ملايين المصريين ليشغلوا هذا الفراغ، وملأ المصريون كل محافظات البلد ولم يكن يخلو منهم أي مهنة أو مصنع أو حرفة. ولعل النظام كان يستهدف من تواجد المصريين التأثير على الجانب الفكري والعقائدي عند الشيعة، نظراً لكون المصريين قريبين من الشعب العراقي من حيث المستوى الثقافي والأعراف العشائرية والشعبية عموماً، وهم من أفضل الشعوب العربية بلا شك، ولكن ما حصل هو العكس، فالشعب المصري شعب طيب، ولم ينس جذوره المتصلة بجذور شيعة العراق، وتعتبر معظم التوجهات الدينية عند الشعب المصري معتدلة، فتقبَّل الكثير من المصريين عقائد الشيعة، ولم يتعنت تجاهها المتبقون منهم، ولا زال المصريون يذكرون سنوات عملهم في العراق كذكرى طيبة.
ولكن لم يخل الإحتكاك مع المصريين ووجود التغاير الثقافي النسبي من حدوث مشاكل كثيرة، ومفاسد في بعض الجوانب الاجتماعية، وهذا بديهي نتيجة لكثرة المصريين الذين تجاوزوا ثلاثة ملايين شخص، وانتشارهم في كافة أنحاء البلاد.
غادر المصريون العراق مع احتلال الكويت وفرض الحصار الاقتصادي وتدهور البلاد اقتصادياً، وبقيت منهم فئة قليلة جداً حتى أصبح من النادر ملاحظة وجود أحدهم بعد سقوط النظام عام 2003.
واستورد النظام أيدٍ عاملة من السودان أيضاً ولكن بنسبة أقل بكثير من المصريين، ولكنهم لم يتأقلموا مع الشعب العراقي كالمصريين، واستقر معظم السودانيين في مركز العاصمة بغداد في حي البتاويين، وغادر معظمهم أيضاً بعد احتلال الكويت. كما استورد النظام أعداد من اليمن ضمن نفس السياق.



#عباس_الزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 5
- قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 4
- قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 3
- قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 2
- قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 1
- آدم ليس أول البشر / الحلقة 5
- آدم ليس أول البشر / الحلقة 4
- آدم ليس أول البشر / الحلقة 3
- آدم ليس أول البشر - الحلقة 2
- آدم ليس أول البشر - الحلقة 1


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس الزيدي - قيادة الحركة الإسلامية في العراق 1980 – 2003 / الحلقة 6