أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - إسماعيل أدهم ودوره التنويرى















المزيد.....

إسماعيل أدهم ودوره التنويرى


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 14:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إسماعيل أدهم ودوره التنويرى
طلعت رضوان
رغم أنّ إسماعيل أدهم تركى الجنسية ، ولكن لأنه ولد فى مصر (اسكندرية تحديدًا) وعاش معظم سنوات حياته القصيرة فى مصر، واحتكّ بشعبنا وثقافتنا القومية، لذلك بدا فى كتاباته على أنه أحد المثقفين المصريين ، خاصة وقد دافع عن خصائص شعبنا القومية ، كما أنه فرّق بين المصريين والعرب، واعتبر أنّ ما ينطق به شعبنا فى حياته اليومية (لغة مصرية مستقلة لا علاقة لها باللغة العربية) لدرجة أنْ كتب عنه الشاعر جميل صدقى الزهاوى ((نحن نقرأ ما يكتبه إسماعيل أدهم مع الاعجاب والأسف ، نـُعجب بالنظرة الصائبة التى نظر بها إلى معنى الرقى الاجتماعى ، وهى نظرة زعماء تركيا وأدبائهم، ونأسف لأنه ليس بين أدبائنا فى مصر من ينظر هذه النظرة. فإنّ تركيا أدركتْ أنّ نجاتها متوقفة على التخلص من العقلية العربية ، سواء فى الأدب أم فى الاجتماع بالرجوع إلى نفسها وإحياء عنصريتها التوراتية والاندماج فى الأسرة الأوروبية المتحضرة. أما نحن فما زلنا مُـنغمسين فى الأدب العربى ، وقد غمرتنا العقلية العربية فى كل شىء تقريبًا ، وأنا معه فى الدعوة إلى القومية الفرعونية والتخلص من العقلية العربية والاندماج فى الأسرة الأوروبية المتحضرة. وللأسف بيننا رعاع غوغاء يقرأون السخف فى الأدب العربى القديم ويحسبون أنهم أدباء. ولو أننا كنا نـُدرك مغزى النهضة الحديثة والتقدم البشرى فى القرن العشرين ، لكافأنا إسماعيل أدهم ما يُـكافأ به كاتب لكى لا ينقطع عن الكتابة فى النصح لنا وتعيين الطرق للرقى، ولكننا نجهل مغزى النهضة الحديثة ، ولذلك نحن نـُصادر كتبه ولذلك – أيضًا – تتقدم تركيا وتتأخر مصر)) (المجلة الجديدة- إبريل1937)
كما أنّ إسماعيل أدهم دافع كثيرًا عن الحضارة المصرية وعن التعليم المدنى ، وكتب ((إذا كان الذى يربط الدولة بالأزهر ، ذلك الماضى الذى خرجتْ منه مقيدة إليه ، فليس ذلك يعنى أنْ تنقطع مصر عن موجة الفكر الإنسانى وروح العصر وتبقى مربوطة إلى الماضى ، فلا تعمل على تلقيح الفكر المصرى بالأفكار الجديدة فى العلم والفلسفة والتاريخ والأدب ، وبجانب هذا لابد من برنامج للتعليم يقوم على أساس علمانى لجميع طبقات الشعب)) (قضايا ومناقشات – دار المعارف المصرية – عام 86- الجزء الثالث – ص 33، 38)
وإسماعيل أدهم كان شديد الاعجاب بالتجربة التى قام بها أتاتورك ، وقد بدأتْ الأحداث الدراماتيكية التى أوجدها مصطفى كمال أتاتورك (أبو الأتراك) بتكوينه الحزب الوطنى التركى عام 1919. ثم بدأ فى تكوين جيش لمحاربة الجيش اليونانى ، الذى احتل أزمير وبدأ يستعد لاحتلال الأناضول (الوطن الأصلى للأتراك العثمانيين) فأخذ أتاتورك يعقد المؤتمرات ويُثير همم مواطنيه لرد العدوان على بلادهم . وبدلا من أنْ يبتهج السلطان محمد السادس لتخليص بلاده من محاولات اليونان لاحتلال بلاده ، إذا به يُصدر أمرًا بقتل أتاتورك بحجة ((خروجه عن طاعته)) بينما السبب الحقيقى أنّ ذاك السلطان كان دمية فى يد الحلفاء (خاصة الإنجليز) الذين أغاظهم وأرعبهم ما فعله أتاتورك الذى يسعى لاستقلال وطنه وتخليصه من محاولة اليونان لإحتلال تركيا كلها بعد إحتلال أزمير. أقام أتاتورك حكومة موازية منافسة فى أنقرة ، وانتهز فرصة وجود خلافات بين الحلفاء فشنّ هجومًا قويًا على اليونانيين وطردهم من الأناضول (1921- 22) وأعلن فى أول نوفمبر سنة 22 إلغاء السلطنة ونفى الأسرة السلطانية. وأقام جمهورية تركيا سنة 23وتمّ انتخابه رئيسًا وألغى الخلافة سنة 24 وفصل الدين عن الدولة.
كان المفكر الكبير إسماعيل أدهم (1911- 1940) رغم صغر سنه آنذاك يُتابع ما يحدث فى وطنه الأصلى . ولأنّ نبوغه العقلى متقدّم فقد آمن بكل ما فعله أتاتورك ، لذلك عندما علم بالمؤامرة التى دبّرها المُتباكون على إلغاء الخلافة العثمانية لاغتيال أتاتورك كتب إلى شقيقته فى الأستانة وأطلعها على تفاصيل المؤامرة التى كانت تتم فى منزل والده . وبالفعل تولتْ شقيقته تحذير المُقربين من أتاتورك فتم وأد المؤامرة. هذا الفصل من حياة إسماعيل أدهم هو أحد فصول مأساته الإنسانية ، إذْ ظلّ يتذكر ما حدث طوال حياته وهو ما أفضى به لرئيس تحرير مجلة الحديث السورية أ. سامى الكيالى . تكمن مأساة أدهم فى أنها مأساة مزدوجة ، ليس لأنّ مؤامرة اغتيال أتاتورك تمّتْ فى منزل والده وبتشجيعه لدرجة أنْ دفع مبلغ خمسمائة جنيهًا مصريًا من جيبه لمن سيُنفذ خطة الاغتيال ، إنما ضاعف من المأساة أنّ هذا الوالد كان أحد الذين اشتركوا مع أتاتورك فى حرب الاستقلال ، فإذا به يشترك فى مؤامرة اغتيال محرر تركيا. وحكى أدهم أنّ والده كان يستقبل المتآمرين وأنه ((فتح لهم بيتنا على مصراعيه وأنفق عليهم بسخاء ، فكانوا يأكلون ويشربون ويُصدرون الأحكام القاسية على الذين زلزلوا الخلافة. وكنتُ أنا الصغير الذى لم يتجاوز الرابعة عشر أستمع إلى هذه الأحكام بمضض وقد أذهلنى أنْ تنتهى هذه الأحاديث إلى تدبير مؤامرة الاغتيال))
تفاءل إسماعيل أدهم بما أحدثه أتاتورك من تغييرات جذرية فى المجتمع التركى ، فكتب ((إنّ تركيا شقــّـتْ طريقها للحياة. ويُمكنها أنْ تخطو خطوات فى الاندماج فى الأسرة العالمية المُتحضرة. أما الشرق العربى فللأسف لا يزال أمامه الطريق مظلمًا. ورسالتى كإنسان قبل أنْ أكون كتركى أنْ أعمل على إنارة السبيل أمام هذا الشرق)) (رسالة ضمن رسائله لمجلة الحديث- العدد العاشر- أكتوبر ونوفمبر1940) ولكن ذاك التفاؤل دهسه الواقع المُتغير فى تركيا بعد سيطرة الأحزاب الإسلامية على الحكم . ويحق للأحرار من الشعب التركى إعادة النظر وتأمل المشهد فى مسيرة التجربة التركية : من أتاتورك محرر تركيا من الاحتلال اليونانى وباعث النهضة والذى قضى على استغلال الشعوب تحت اسم (الجزية) التى كانت تحصل عليها الخلافة العثمانية من الدول التابعة لها ، والمؤسس لليبرالية والحداثة ولمبدأ (المواطنة) من خلال (علمنة مؤسسات الدولة) وأنّ النظام العلمانى هو الذى يُحقق المساواة التامة بين المواطنين بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم ، فإذا بتركيا تنتقل من عهد أتاتورك العلمانى ، إلى عهد أردوغان الإسلامى الحالم بحلم طوباوى مريض بعودة الخلافة الإسلامية. وإجبار الزمن بالعودة للخلف وبالتالى للتخلف . من تركيا التى ((تخطو خطوات فى الاندماج فى الأسرة العالمية المُتحضرة)) وفق تعبير إسماعيل أدهم ، إلى تركيا المُعادية للتحضر وتدبير المؤامرات ضد شعبنا وشعوب المنطقة لخدمة المخطط الصهيونى / الأمريكى لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير. ورغم تفاؤل إسماعيل أدهم إلاّ أنه كان ثاقب النظر عندما كتب ((إنّ فى الشرق استسلامًا محضًا للغيب ، وفى الغرب نضالا محضًا مع قوى الغيب . وبين منطق الغرب وروح الشرق تسير البشرية فى قافلة الحياة)) وبينما يُصر أردوغان وأتباعه على عودة (الخلافة الإسلامية) وأنّ للمسلمين حق (سيادة العالم) من منظورهم المريض بأنّ البشر(كتلة واحدة صماء) وأنه لا فرق بين مجتمع إنسانى وآخر(ناهيك عن الدعوة الصريحة للاستعمار) فإنّ إسماعيل أدهم كان من أنصار المدرسة الأنثروبولوجية التى ترى أنّ الشعوب تختلف فى عاداتها وأنساق قيمها ، فكتب أنّ العقل الألمانى يختلف عن العقل الفرنسى ، وطبيعة العقليْن الألمانى والفرنسى تختلفان عن طبيعة العقل الإنجليزى وهكذا رغم أنّ الشعوب الثلاثة يعيشون فى قارة واحدة (أوروبا)
انطلق إسماعيل أدهم ( فى مجال التفرقة بين الشعوب ) بما أطلق عليه ( روح الأمة) وكان يعنى به أنّ لكل شعب فى العالم تراثه التقليدى الذى خرج به من ماضيه ، والذى يحف به فى حاضره ، والذى تكمن فيه مقدمات مستقبله. وأنّ مصطلح ( روح الأمة ) هو الذى يربط ماضى جماعة من الجماعات الإنسانية بحاضرها ويمضى فى الزمان إلى مستقبلها ، وذلك أثر من آثار البيئة ، وليس بفعل الوراثة العرقية. وأنّ ما أطلق عليه ( روح الأمة ) قريب لما يُسميه Taine أى الحرارة المعنوية.
وكان لإسماعيل أدهم إهتمامات ومساهمات جادة فى مجال العلوم الإنسانية بجانب إهتماماته بالعلوم الطبيعية ، إذْ حصل على الدبلوم العالى من معهد الطبيعيات الروسية عام 1932 وحصل على درجة الدكتوراه فى الرياضيات البحتة من جامعة موسكو عام 1933 وتقدّم للدكتوراه برسالته عن (ميكانيكية جديدة مستندة إلى حركة الغازات وحسابات الاحتمال) وكانت عبارة عن رسالة فى الطبيعيات النظرية. وحصل على درجة علمية أخرى (دكتوراه) فى العلوم وفلسفتها مع مرتبة الشرف . ومع ذلك ترك تراثــًا مهمًا فى مجال النقد الأدبى ، فكتب عن الأدب العربى ((أول شىء نلمسه فى الآداب العربية أنها ذاتية. لذا فهى تنقصها الطاقة على التجرد من الشخصية وجعل الظواهر الموضوعية فى طبيعتها ، ذلك لأنّ طبيعة العربى تأثرتْ بفكرة الوحدة والاطراد غرستها فيه طبيعة البلاد التى نشأ فيها ، ومن هنا كان غرض العربى فرديًا ، فصوّر اعجابه بنفسه وبشجاعته، لهذا كانت كل آدابه خالية من الروح الفنية ، التى تلقى نورًا شعريًا على دائرة غنية من الفكر. لذلك كان قليل الخيال . وهذه الروح طبعتْ الأدب العربى بالسكون ، بينما يغرق فى التفاصيل التى ليستْ لها أهمية (درامية) كما فعل الشاعر (طرفه) فى وصفه للجمل ، وهذا الوصف ينقصه التجرد عن الذاتية. فى حين أنّ من يُطالع الإلياذة وكيف وصف هوميروس درع أخيل ، حيث ينصهر الدرع ويصقل أمام بصر القارىء ، فى هذه الحالة يكمن الفرق الكبير بين الأدب العربى والأدب الأوروبى المُفعم بالدراما . ومن هنا يمكننا أنْ نقف عند السبب الذى جعل الأدب العربى يتخلف ، لأنّ التصوير الدرامى يستلزم التجرد عن الذاتية وعرض الظواهر الطبيعية فى طبيعتها الموضوعية. وهذه بعيدة عن طبيعة العقل العربى .
وكان من رأيه أنّ الإسلام ليس إلاّ حركة دينية فى ظاهرها ، ولكنها فى الواقع حركة اجتماعية وسياسية واقتصادية بدتْ فى ثوب دينى ، ولهذا السبب كان نقده لكتاب د. محمد حسين هيكل (حياة محمد) الذى اعتمد فيه على المنهج التقريرى فى سرد الأحداث واستخلاص النتائج . واكتشف أنّ د. هيكل اعتمد فى مصادره (سواء العربية أو الأوروبية) دون أنْ يتعامل معها بنظرة (نقدية) فاحصة. ودون مراعاة للملابسات التاريخية التى أحاطت تلك الكتابة التاريخية. فالمراجع الإسلامية تأخر العهد بكتابتها من عهد الرسول ، خاصة وقد تفشـّتْ فى التاريخ الإسلامى دعايات سياسية وأخرى دينية. وكان اختلاق الروايات بعض وسائلها للذيوع والانتشار. وكان لابد من النظر فى كل ما يصل إلينا من عهد الرسول بعين الحيطة والحذر. ونقد كل رواية قبل قبولها ، لأنّ النقد هو المحك الصحيح لفرز الزائف من تلك الروايات . وقد ارتكز إسماعيل أدهم على علم ( الأديان المقارن ) فى نقده للروايات التى اعتمد عليها د. هيكل فى مصادر كتابه. ورأى أنّ المصادر التاريخية (حتى الأوروبية) التى اعتمد عليها ليست لها قيمة كبيرة ( د. أحمد إبراهيم الهوارى – فى كتابه " إسماعيل ادهم ناقدا " دار المعارف المصرية- عام 1990- أكثر من صفحة)
وبعد الهجوم على عميد الثقافة المصرية (طه حسين) من الأصوليين الإسلاميين بسبب كتابه (فى الشعر الجاهلى) وخاصة ما ذكره فى الصفحة رقم 22 من الطبعة الأولى والتى قال فيها ((للتوراة أنْ تـُحدّثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أنْ يُُحدّثنا عنهما أيضًا ، ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لاثبات وجودهما التاريخى)) بعد الهجوم على طه حسين ، لم يكتف إسماعيل أدهم بالكتابة عن حرية الرأى والتعبير، كما فعل الكــُـتاب بعد يوليو52، وإنما أيّد رأى طه حسين فكتب ((إنّ آباء اليهودية الأول كإبراهيم وإسحاق ويعقوب ليسوا أسماء أشخاص ، بل طواطم اعتقدتْ قبائل بنى إسرائيل فى غرارتها الأولى ، جهلا بأنها متسلسلة منهم فعبدتها . فلما تقدّم الزمن حوّلوا هذه الطواطم إلى أسماء أشخاص اعتقدوا بأنها آباءهم الأول . ومباحث روبرتسون وأرنست رينان وفريزر فى هذا الباب لا تضع مجالا للشك فى هذه الحقائق . وأنّ قصور الشرقيين عن الاتصال بثقافة الغرب ، تسبّب فى عدم فهم طه حسين فعدوه غير ذى منطق)) ( مجلة الحديث – إبريل 1938)
وإسماعيل أدهم رغم عمره القصير (حوالى 29سنة) يُعتبر عبقرى زمانه. وخسرتْ البشرية كثيرًا برحيله المُبكر (مات منتحرًا) وكان فى كل كتاباته فى مجال العلوم الإنسانية يُحرّض على ضرورة الخروج من العصور الوسطى . وعندما استقر فى مصر بدأ يهتم بالعلوم الإنسانية. ودعا إلى التخلص من العقلية العربية. ورأى أنّ مصر بحاجة إلى ثورة كبيرة للتعرف على خصائصها القومية. وكتب أنّ العلم والثقافة الغربية يُجهزان أبناء مصر بمحراث قوى يشق لهم سبيل الحياة. ودعا شعبنا المصرى إلى ضرورة التخلص من (( الكابوس العربى والعودة إلى طبيعتهم الفرعونية )) (وكان يقصد الإهتمام بالحضارة المصرية) وأنْ يلحقوا ثقافتهم بأسباب الذهنية الأوروبية. ووصل الأمر لدرجة أنْ دعا شعبنا المصرى إلى التخلى عن اللغة العربية. وكانت حجته أنّ شعبنا له لغة قومية ، نظمها ووضع لها القواعد . فكتب ((تحرروا من ربقة اللغة العربية)) وأنّ القول بأنها عامية العربية خطأ. وقال يخاطب المصريين ((فهذه هى لغتكم . وهى أولى بعنايتكم من إحياء لغة بدو لا يربطكم بهم صلة ولا رابط)) ( إسماعيل أدهم – قضايا ومناقشات – الأعمال الكاملة – دار المعارف المصرية – عام 1986- ج3- وانظر أيضًا كتاب "النقد ومستقبل الثقافة العربية" تأليف د. فريال حسن خليفة- دار العالم الثالث- عام 2002- من ص 145- 151) وأعتقد أنّ ما كتبه إسماعيل أدهم عن أننا نحن المصريين لنا لغة خاصة بنا أطلق عليها ((اللغة المصرية)) وأنّ القول بأنها ((عامية العربية خطأ)) هى الكتابة الأولى فى تاريخ مصر الحديث . وأعتقد كذلك أنه لم يتوصل إلى الاختلاف بين اللغتيْن المصرية والعربية ، إلا إذا كان قد تعمّق فى علم اللغويات وعرف شيئا عن اللغة المصرية القديمة ، وقد ساعده على ذلك إتقانه عدة لغات .
وكما حدثتْ ردة ثقافية فى مصر بعد كابوس ضباط يوليو1952، الذين ارتكبوا جريمة محاولة (وأد) التجربة الليبرالية السابقة على عهدهم المظلم ، حدث نفس الشىء فى تركيا بعد التقدم الذى أحرزته بفضل جهود كمال أتاتورك ، وكتابات إسماعيل أدهم وأجيال العلمانيين المتعاقبة. وبدأتْ مسيرة التراجع بعد انتشار الأحزاب الإسلامية التركية برعاية أمريكية.
وبينما الحزب الإسلامى الحاكم فى تركيا (حاليًا) يُحاول الانقضاض على المُنجز الحضارى الذى أحدثه أتاتورك ، وأنّ أردوغان وتابعيه لم يهتموا بتحذير إسماعيل أدهم عن ((الشرق المُستسلم للغيب)) فإنّ الأحرار من الشعب التركى الذين يُنظمون مظاهرات الاحتجاج والتمرد ضد حكم الحزب الإسلامى ، يرفعون صور محرر تركيا (أتاتورك) ولديهم وعى بمنجزه الحضارى الذى عبّر عنه كثيرًا فى خطبه ومنها- كمثال- ((إنّ الغرض من التغيير الذى أحدثناه ولا نزال جادين فيه هو أنْ يكون لأهل هذه الجمهورية نظام اجتماعى من أحدث النظم ومن أكثرها مطابقة للعصر الحاضر. يجب علينا أنْ نطرح كل فكر لا يتفق مع هذا المبدأ . ويجب أنْ نقتلع كل الخرافات من عقولنا . والتعصبات من عاداتنا . عار على الأمة الحية أنْ تعتمد على الأموات . لا أرضى أبدًا أنْ تبقى فى المجتمع التركى المتمدن تلك العقول التى تتطلب خيرها الأدبى والمادى من شيخ قد يعمل ضد ما تطلبه العلوم الحديثة. يا اخوانى تعلمون أنّ تركيا لا يمكن أنْ يبقى شعبها دراويش ومشايخ وتلامذة للدراويش وللمشايخ . إنّ الشعب الحقيقى هو الشعب الذى يكون عضوًا فى محفل الأمم المتمدنة)) (د. أحمد إبراهيم الهوارى – مصدر سابق- ص 412، 413 )
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الاستنزاف بين الحقيقة والوهم
- كتابة التاريخ بين الرأى الشخصى والواقع
- الفرق بين القدر اليونانى والزمان المصرى
- توفيق الحكيم والوعى بالحضارة المصرية
- مراجعة لتاريخ الحقبة الناصرية
- كزانتزاكيس وصديقه زوربا
- آفة الآحادية وأثرها على البشرية
- التشريعات الوضعية تتحدى الأصولية الإسلامية
- العلاقة بين الواقع والفولكلور
- الإخوان المسلمون بين الشباب والشيوخ
- الفيلسوف والتخلص من آفة الثوابت
- الفلسفة والبحث عن التحرر
- خطاب التنوير (2)
- خطاب التنوير (1)
- قواعد اللغة والتنقيط فى القرآن
- الإكراه فى الدين إبداعيًا
- الخطاب الدينى : هل يقبل التجديد ؟
- اختلاف المصاحف (7)
- اختلافات المصاحف (6)
- اختلاف المصاحف (5)


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - إسماعيل أدهم ودوره التنويرى