أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - ديانة التوحيد القمري 11: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))















المزيد.....

ديانة التوحيد القمري 11: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 14:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ديانة التوحيد القمري 11: (("الله" بوصفه إلهاً للقمر))

نتابع بحثنا في مسألة الشعائر القمرية ودلالاتها في الإسلام، إذا كنا قد وصلنا سابقاً إلى أنّ شعيرة الاستسقاء هي طقس كان يمارس في سبأ طلباً لإنزال الماء من إله القمر "ألمقه" وكانت تمارس أيضاً في الإسلام ومازالت موجودة حتى اليوم.
ولابدّ هنا أن نذكر أيضاً شعيرة "الحج" بالسفر على الأقدام إلى وادي مكّة وتلالها وشعيرة عيد الأضحى تذكرنا بطقوس الحج وطقوس صيد الوعول في جنوب شبه الجزيرة العربية لإنزال المطر. وتشير النقوش إلى أنّه كان يتمّ اصطياد الكثير من الوعول قد يصل عددها إلى أربعة آلاف رأس في رحلة الصيد الواحدة. كما أنّ آثار وخرائب المعابد تشير إلى وجود غرف لإقامة الولائم والمآدب فيها مجهّزة بطاولات ومقاعد حجرية حيث كان يجري تناول الأضحيات[1]. وقد ذكر ريكمان أنّ طقس صيد الوعول المطري مازال موجوداً ويمارس حتى يومنا هذا في حضرموت جنوبي شبه الجزيرة العربية[2].
ورد حديث عن محمد في الصحيحين أنّ "الله" _إلهه، إله القمر_ قد أمره بترك لحيته وحفّ شواربه، وأمره أن يطلب من المسلمين ذلك ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انهكوا الشوارب، وأعفوا اللحى))) [3] ((فقال: اما ربي فقد امرني ان اعفي اللحية و ان احف الشارب))
لماذا يأمره "الله" بذلك ويطلب منه ذلك؟... إنّ حقيقة أنّ أحد أبطال محمد، ذو القرنين _والذي يعني "الذي على رأسه قرنان"، ويشير إلى ملك يضع على رأسه تاجاً عليه هلال_ تشير إلى موضة الألبسة التي كان يرتديها الحكام وكهنة إله القمر وأنبياؤه أمثال محمد.
الإسلاميون يرون في محمد أسوة حسنة، وأفضل مثال يمكنهم اتباعه في اللباس، كما أنّهم يطلبقون لحلهم ويقصّون شواربهم[3]. إنّ ذقون الإسلاميين الطويلة الشبيهة بذقون التيس أو التي تشبه منظر الوعل [الوعول نزع من التيوس البرية] كما نراهم في السعودية وبلدان الخليج العربي وبعض البلدان العربية والدواعش بالإضافة إلى أكمام جلابياتهم المتهدّلة والطويلة ودشاديشهم، جميع هذه الأمور تذكّرنا كيف كانت آلهة القمر تبدو في الشرق الأوسط مثل سِنْ مثلاً، وكيف يبدو حيوان إله القمر المفضّل _ألمقه_ يبدو. كتب فيرنر داوم قائلاً:
((صور الوعول التقليدية وغير الواقعية على الإطلاق، بوجه رجل عجوز، الموجودة في حضرموت... من الذي كانت تمثّله [تلك الصور]؟... هناك تفسير وحيد وهو أنّ... الوعل... هو الإله السبأي الرئيسي "ألمقه"... الذي كان رمزه الحيواني هو الوعل))[4]
إنّ عملية تصوير السبأيين لوعول بوجوه رجال ملتحين ترمز لعبادة إله القمر، وهي شبيهة بما كان يجري في حضارة "سومر" حيث يمكننا في أغلب صور ولوحات الحضارات المنتشرة في منطقة الهلال الخصيب رؤية أكباش وثيران ملتحية لحية بشرية بالكامل. وغالباً ما يتمّ تشكيل اللحية باستخدام حجر اللازورد الأزرق أو أحجار كريمة مزرقّة. الأكباش والثيران كانت حيوانات ترمز لإله القمر، لذلك كان يتمّ تصويرها لتشبه إله القمر "سِنْ"[5]
تشير النقوش أنّ المسيحيون الأوائل في مدينة "سِروه" باليمن _حيث يعتقد أنّ ملكة سبأ كانت قد بنت قصرها الصيفي[6]_ يدعون "الله" الأب. وسروه هي مستوطنة قديمة في الجبال تقع غربي مأرب. كتب صموئيل زويمر قائلاً:
((وجد الباحث الدكتور إدوارد غلاسر أنّ اسم "الله" مذكورٌ على النصب التذكارية المسيحية في اليمن. وقد عثر على نقش يعود لسنة 542م يبدأ بالعبارة التالية: (باسم الرحمن ومسيحه والروح القدس) الأمر الذي يثبت أنّ _في اليمن على الأقل_ المسيحيين العرب كانوا مدركين لأشخاص الثالوث))[7]
لاشكّ أنّ هناك آثاراً من الديانة القمرية قد بقيت موجودة في سروه كما في أي مكانٍ آخر. على سبيل المثال، إنّ آثار ديانة إله القمر بقيت موجودة في مفاهيم الإمبراطورية الرومانية الغربية- المسيحية حتى مطلع القرن التاسع للميلاد كما أشار مكمولين[8]. وقد كتب أحد علماء الآثار عن مأرب في اليمن:
((على مقربة من عمود الحجارة الحسّاس كان هناك نقش مرسوم بروعة لشمس دائرية وقمر على شكل هلال... وعلى مدى حوالي ألفين وخمسمائة عام وقف هذا العمود الرائع شامخاً فوق الرمال بالقرب من مأرب...))[9]
مثالٌ آخر عن الآثار الباقية من عبادة إله القمر مازالت موجودة حتى عندما دخلت الديانة المسيحية إلى المجتمع يتمثّل في الأعمدة والنصب التذكارية التي نقش في أعلاها أهلّة مازالت موجودة في الحبشة. وآخر هذه النصب ربما قد بني في القرن الرابع مع أنّ الخصيّ الأثيوبي، أمين صندوق الملكة كنداكة، قد اعتنق المسيحية في القرن الميلادي الأول [10]
حكم النجاشي المسيحي من بين هذه الآثار والأعمدة الباقية التي تحمل نقش الهلال في أكسوم، الحبشة. هذه الأعمدة التي تحمل في أعلاها نقش الأهلّة ربّما هي التي دفعت محمد للاعتقاد بأنّ "الله" _إله القمر_ كان نفس الإله الذي يعبده المسيحيون، وأنّ النجاشي المسيحي سيتقبّل إلهه إله القمر ويعتنق مذهبه القمري.
بعد أن اعتنقت العائلة الملكية الحبشية الديانة المسيحية، على الأرجح لم يتخلّصوا من رموز الأهلّة، بل قاموا بإضافة رموز مسيحية وبيزنطية إلى نصبهم. لذا على الأرجح كان النجاشي يرتدي هلالاً وغطاءاً للرأس عليه قرنين رمزاً للهلال.ونفس الأمر كان ينطبق على الأسرة الملكية النوبية على الأقل.
كتب بي. إل. شايني أنّه في الكنيسة القروسطية في عبد القادر بالنوبة، هناك لوحة لـأسقف أبرشية مملكة دونغولا_ كما جاء الوصف في النقش: ((يظهر أنّه حاملاً في يده رمز الكنيسة، التي يفترض أنّه قام بتأسيسها. ويضع على رأسه غطاءً للرأس عليه قرنان، يبدو أنّه كان إشارة إلى العائلة الملكية النوبية. والصقور ذات الرؤوس المزدوجة على رداءه هي دليل على استمرار التراث البيزنطي وبقاؤه))[11]
إذن كل ذلك يعني أنّ الوثنيين كانوا يرون الأهلّة في سروه والمواقع المسيحية الأخرى، وكانوا يفترضون أنّ المسيحيين كانوا يعتقدون أنّ آلهة القمر القديمة هي نفسها إله الإنجيل. في حالة سروه، كان الوثنيون يفترضون أنّ المسيحيين كانوا يشيرون إلى إله القمر "ألمقه" على أنّه "الله".
خلال الحقبة الإسلامية، كان المسيحيون يشعرون أنّ عليم الاعتراف "بالله" على أنّه إلههم، حتى وإن كانوا يعتقدون غير ذلك. فإذا لم يعترف المسيحيون بفكرة أنّ "الله" هو نفسه إله الإنجيل، لكانوا قد خسروا مكانتهم كذميين. ولكان الكسلمون قد اعتبروهم وثنين أو مشركين، ولأصبح خيارهم الوحيد إمّا الموت أو دخول الإسلام.
أقرب مملكة إلى مكّة _هذا إذا لم نأخذ في حسباننا التآلفات والاتحادات القبلية في المنطقة_ كانت موجودة في اليمن. كانت هناك ممالك أخرى في اليمن غير سبأ. وكانت لكل مملكة من تلك المماكل إله للقمر مختلف وخاص بها، إلا أنّ أديانها ومعتقداتها لم تستمرّ حتى زمن محمد.
هناك ممالك أخرى إضافة إلى سبأ إمّا تحوّلت إلى خراب أو اعتنقت اليهودية أو المسيحية. والاستثناء القريب الوحيد كان مملكة "سبأ" الوثنية، التي بقيت قائمة حتى القرن السادس للميلاد، أي في القرن الذي ولد فيه محمد (570م)[12]. مايعني أنّ إله القمر "ألمقه" على الأرجح كان هو "الله" الذي عرفه محمد كما توقّع إيغرتون سايكس، كما أسلفنا سابقاً.
تبعد مأرب حوالي 123كم شرق صنعاء. معبد إله القمر في مأرب يدعى "مَحْرَم بلقيس" ويعني معبد بلقيس. وبلقيس كانت ملكة سبأ في اليمن.
آثار وخرائب معبد القمر في مأرب والتي انت تابعة لما يعرف بمعبد ملكة سبأ تذكّرنا كيف أنّ معبد إله القمر بمكّة ارتبط مع اسم البطريرك إبراهيم الذي هو نفسه أبرام المذكور في الكتاب المقدس. هذان المعبدان لإله القمر كانا مجرّد اثنين فقط من بين آلاف المعابد الوثنية في أرجاء العالم القديم التي جرى ربطها مع شخصيات مذكورة في الكتاب المقدس. والفارق الأساسي هو أنّه في مكّة، لم تؤدّي عملية الربط هذه إلى تحوّل المعبد إلى كنيسة أو كنيس، بل أدّت إلى ظهور الإسلام.
يذكر محمد حادثة انهيار سدّ مأرب {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 16] يعرف المؤرّخون هذا الحَدَث على أنّه نهاية الري والزراعة في مـأرب، وبذلك نهاية الحضارة نفسها. وقد بقي محرم بلقيس/ معبد إله القمر تحت رحمة الرمال والصحراء حوالي عام 550م، أي عشرين عاماً قبل ولادة محمد عام 570م.[13]
هناك إشارات أخرى إلى أنّ مكّة كانت مقاماً لإله القمر من ضمنها حقيقة أنّه بالقرب من مكّة كانت هناك مقامات نجمية-كوكبية مرتبطة بها. فقبيلة ثقيف كان لديها معبداً لآلهة الشمس "اللات" بالطائف، التي تبعد حوالي 58كم جنوب شرق مكة.
جنباً إلى جنب مع "الله"، كانت "اللات" هي الصنم المفضل في الطائف، ونستدلّ على ذلك من الطريقة التي حاولوا فاوضوا بها محمد حول آلهتهم المفضلة "اللات" أثناء تفاوضهم معه حول شروط الاستسلام. كان الطائفيون قد أرادوا مهلة ثلاث سنوات ليفطموا أنفسهم خلالها عن اللات. ((وَقَدْ كَانَ فِيمَا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدَعَ لَهُمُ الطَاغِيَةَ ، وَهِيَ اللَّاتُ ، لا يَهْدِمُهَا ثَلاثَ سِنِينَ ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ))[14] فاللات كانت إمّا قرين "لله" أو ابنته، وذلك اعتماداً على الأسطورة المحلية الدارجة لكل منطقة. وحسب الآيات الشيطانية، كان المكّيون يعتبرون "اللات" على أنّها ابنة "الله".
كانت مكّة أيضاً قريبة من مقام الآلهة "العُزّى" (أو فينوس) في نخلة. كان مقام نخلة يقع شرقي مكّة وشمال مقام الطائف الذي سبق ذكره. وكان مقامي نخلة والطائف بمثابة أختين أو ابنتين للمقام المكّي.
كان الإله الرئيسي في نخلة هي العزّى، أو كوكب الزهرة. الإله الرئيسي في الطائف كان "هُبَل"، والإلهة الرئيسية في الطائف كانت إلهة الشمس "اللات". وكانت اللات والعزى تعتبران "بنات الله"، حسب الآيات الشيطانية {فرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى [النجم19-20] تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى}. لذلك كانت مكّة هي الحاضرة التي تحتوي المقام الأكثر أهمية من بين هذه المقامات الثلاث حيث أنّ إله القمر كان الإله الأعلى ضمن هذا الثالوث الوثني.
كلّما تساءل أحدهم لماذا كانت مكّة بهذا القدر من الأهمية والقداسة، فإنّ عليه أن يتساءل بدل ذلك عن سبب قداسة الأماكن الثلاثة _مكة والطائف ونخلة_ وليس مكّة فقط. فهذه المواقع الثلاثة مع بعضها كانت تمجّد الثالوث المقدّس عند العرب القدماء: القمر والشمس والزهرة.
كانت قبيلة محمد نفسها، قريش، جنباً إلى جنب مع قبيلتي كنانة ومضر تدير مقام نخلة[15]. وفي حين أنّ الإله الأعلى عند قريش كان "الله"، فقد اعتنقت قبيلة كنانة الإله "هُبَل" [المشتري/جوبيتر] على أنّه الإله الأعلى[16]، مع أنّ هُبَل كان قد قَدِم لتوّه إلى الكعبة في مكّة من سوريا.
يمكن لأي إنسان استخراج أسطورة الخلق من القرآن. فبعد أن دعا إبراهيم القمر "ربي" [الأنعام: 77] ثمّ قال أنّ "الله" _إله القمر_ خلق السموات والأرض [الأنعام: 79]. "الله" خلق السموات والأرض وخلق السموات والأرض والشمس والقمر وسخّرهما [العنكبوت: 61]. ثمّ اتّخذ الله من القمر رمزاً خاصاً به.
كون القمر "مسخّراً" لايعني أنّه لايمكن أن يكون "الله" هو إله القمر، إذ أنّ عبدة إله القمر قد أدركوا أنّ القمر نفسه كان مجرّد جرمٍ مخلوق. فإمّا أنّه كان عرشاً أو تاجاً لله الذي يعبدونه. وقد ورد في قصص وأساطير الخلق كيف أنّ الآلهة قاموا بتنظيم القمر، مثلاً عندما قال مردوخ إله المشتري لسِنْ إله القمر:
((في بداية سطوعك على الأرض عند أول الشهر، ستظهر على شكل قرنين لستّة أيام. وفي اليوم السابع ستقسم التاج [القمر] إلى نصفين [نصف القمر], وفي اليوم الرابع عشر، أظهر وجهك الكامل [قمر كامل]))[17]
كما أنّ "الله" خلق أو ساد على جميع الآلهة، على الأرجح عن طريق قرينه اللات آلهة الشمس وابنته العزى. وقد سبق ونوّهنا بأنّ "اللات/الشمس" و"العزى/الزهرة" و"مناة/الشعري" هُنّ بنات الله كما جاء في التراث وفي الآيات الشيطانية.
يخبرنا ابن الكلبي في كتابه "الأصنام" عن أوس بن حجرٍ الذي يحلف باللات:
وباللات والعزّى ومن دان دينها *** وبالله إنّ الله منهنَّ أكبر[18]
مانستدلّ من ذلك أنّ القدماء كانوا يحلفون باللات والعزى جنباً إلى جنب مع الله، لكنّهم يرون أنّ الله هو سيّدهم أو زعيمهم أو خالقهم، وهو أكبر وأعظم منهم... لكنّهم كانوا يعترفون بأنّ هناك آلهة أقل قدراً من الله موجودة مع الله، وهذا نقيض فكرة التوحيد تماماً.
اعتقد محمد أنّ "الله" وابنته كان بإمكانهما الظهور بمظهر بشري، إلا أنّه لم يكن هذا مظهرهما دائماً. في الواقع، كان يعتقد محمد أنّ السبيل الوحيد لمعرفة الأشخاص القدّسين والإلهيين وتمييزهم عن البشر العاديين كان: أنّ الآلهة لا تأكل الطعام {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75] والقصد هنا إثبات بشرية يسوع ووالدته مريم وأنّهما لم يكونا ربين أو إلهين، إنّما بشرين عاديين ياكلان ويشربان.
وستبحث طقوس العبادة القديمة في الكعبة والضواحي المكية خلال موسم الحج لاحقاً. كما أنّ العبادات المكية الوثنية داخل المساجد كانت تتضمّن التصفيق والصفير (الصفير باستخدام إصبعين) {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنفال: 35] ((عن ابن عباس قال: كانت قريش تطوف بالكعبة عراة تصفر وتصفق. والمكاء: الصفير، وإنما شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق.)) [19]

# حاشية:
في عام 2009 وجد عالم الآثار السعودي ناصر الحارثي منتحراً في مكتبه في مكّة. كان الدكتور ناصر رئيس قسم الآثار والفنون الإسلامية في جامعة أم القرى، وكان يعد من أبرز المؤرخين المعاصرين للتاريخ الإسلامي، وله مؤلفات تزيد عن 28 مؤلفاً، إضافةً إلى 70 بحثاً. وكانت آخر إصداراته موسوعة بعنوان "الآثار الإسلامية في مكّ’ المكرّمة" وضمّت أكثر من 500 وثيقة تاريخية، إضافة إلى انشغاله بالكثير من عمليات التنقيب في مكّة. الفكرة هنا أنّ هذا العالم وجدَ منتحراً في مكتبه فجأة وقد ترك رسالة يقول فيها أنّ عليه ديوناً مالية ويطلب العناية بأولاده وسداد ديونه الأمر الذي صدم زملائه وتركهم عاجزين عن تفسير وتصديق ما حدث. الغريب أنّ عالماً كبيراً كهذا ينتحر بسبب بعض الديون المالية. لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الذي اكتشفه ذلك العالم في مكّة، وما هي الأسرار التي كشف اللثام عنها في تلك المنطقة المعتمة التي تمنع المملكة إقامة أيّة أبحاث أركيولوجية خارجية مستقلة فيها؟!!! هل اكتشف شيئاً أو سراً يساهم في تقويم دعائم دين الإسلام كما يعرفه مسلمو اليوم؟ هل أصيب بالصدمة جرّاء ما كان قد اكتشفه؟...المشكلة أنّ الباحثون السعوديون قد أخذوا بيدهم هذه الأبحاث ومن المستحيل أن يعلنوا أي شيء يعتبر خارج الفكرة الدينية السائدة.
الجدير بالذكر أنّه قبل انتحاره قد ترك وثائق ومستندات طالب أن يفتحها رؤساء هيئة الآثار فقط. بالإضافة إلى أنّ هناك الكثير من الشكوك حول الانتحار، ووالدة الفقيد تنكر حادثة انتحار ابنها قائلة أنّ أموره المالية كانت متيسّرة وأنّه كان شخصاً مؤمناً ويخاف ربه ولا يمكن أن يكون قد انتحر بهذه البساطة، وما زالت القضية غامضة.
****************
[1] Breton. Felix, p. 132
[2] Ryckmans, Jacques. EB, “Arabian religions,” 2004
[3] صحيح البخاري، باب اللباس، حديث رقم 5549
[4] Daum. Ursemitische, pp. 64-66
[5] Larousse, Sin entry, p. 56 وأيضاً NationMaster.com, accessed 28 Mar 2004, “Sin (god)” entry
[6] Clapp. Sheba
[7] Zwemer. Essay, Ch. 2: “Allah, the Divine Essence,” p. 27
[8] MacMullen. Eighth, p. 70
[9] Phillips. Sheba, pp. 226-227
[10] ((وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ)) [أعمال الرسل 8: 27]
[11] Shinnie, P.L. “Medieval Nubia and Byzantium,” Sudan Antiquities Service, Khartoum, 1954, article + figure 5 (illustration), rumkatkilise.org/nubia.htm
[12] Doe. Arabia, kingdom list on insider cover map and p. 25
[13] Graveland. Queen
[14] كتاب: عيون الأثر في المغزي والسير للابن سيد الناس ، موقع إسلام ويب
http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=&pid=633317&bk_no=1703&startno=0
[15] ((حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم خالد بن الوليد إلى العزى وكانت بنخلة وكانت بيتا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها)) [تاريخ الطبري: 2/163]
[16] Peters. Hajj, p. 25
[17] Larousse, Sin entry, p. 56
[18] ابن الكلبي، الأصنام، 17
[19] ابن كثير، تفسير القرآن، 4/52



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديانة التوحيد القمري 10: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))
- ديانة التوحيد القمري (جغرافية العبادات القمرية في الشرق الأو ...
- ديانة التوحيد القمري 6: ((جغرافية العبادات القمرية في الشرق ...
- ديانة التوحيد القمري 5: ((-الله- بوصفه إلهاً للحرب))
- ديانة التوحيد القمري (( الله، بوصفه إلهاً للحرب)) الأجزاء [2 ...
- ديانة التوحيد القمري 1 ((مدخل))
- أصل الاحتفالات الدينية ومصدرها: مسائل ضدّ الدين والتدين [3]
- لقد نشأت الأديان وتطوّرت في الأزمنة القديمة: مسائل ضدّ الدين ...
- الدين متوارث: مسائل ضدّ الدين والتدين [1]
- حالات صرع الفص الصدغي عبر التاريخ/ محمد: سيرة سيكولوجية[21]
- حالة فيل ديك/ محمد: سيرة سيكولوجية [20]
- الوحي الذي أوقع الجمل على ركبتيه/ محمد: سيرة سيكولوجية [19]
- أصل ومصدر تجارب محمد الدينية/ محمد: سيرة سيكولوجية [18]
- محمد وليلة الإسراء والمعراج/ محمد: سيرة سيكولوجية [17]
- صَرَع الفص الصدغي/ محمد: سيرة سيكولوجية [16]
- أفكار انتحارية/ محمد: سيرة سيكولوجية [15]
- محمد يشعر بالنشوة/ محمد: سيرة سيكولوجية [14]
- مقارنة بين الإسلام وطائفة النرجسي/ محمد: سيرة سيكولوجية [13]
- ۞-;- فضلات محمّد المقدّسة/ محمد: سيرة سيكولوجية [12]
- إيمان محمد بقضيّته/ محمد: سيرة سيكولوجية [11]


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - ديانة التوحيد القمري 11: ((-الله- بوصفه إلهاً للقمر))