أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة















المزيد.....

لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 13:31
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


هناك سؤال معلق ، بالغ الأهمية ، في الحالة الكارثية السورية ، المستمرة سنة .. تتلوها سنة .. دون تحديد أجل لإنهائها ، وهو إلى متى يبقى ملايين السوريين ، الذين ’هجروا أو هاجروا ، تحت خطر الموت المباشر وغير المباشر ، في حرب فرضت عليهم ، والذين يعيشون أذلاء ، في " الأماكن الآمنة " في الداخل ، وفي مخيمات ومدن اللجوء في الخارج ، التي يكابدون فيها أسوأ الظروف الطبيعية والإنسانية ، ويتزايدون بتدفق المهاجرين الجدد ، وبولادات بائسة جديدة ؟ .. وهل لا حل ، بالمطلق ، لوضعهم إلاّ بعد إنهاء الحرب ؟ ..

لم يعد تحديد عدد اللاجئين ، هنا أو هناك ، هو الذي يحدد حجم الكارثة السورية في هذا المجال ، وإنما اتساع وعمق جريمة الذين أرهبوا الناس وهجروهم قسراً ، أو أغروهم كذباً ، بهجرة مضمونة الراحة ، ومدفوعة النفقات ، ومحدودة الزمن ، وموعودة بمكافآت بعد تحقيق الأهداف .

قسوة البرد القارس ، وحرارة الشمس المحرقة ، ورداءة الخيام عن البيت العائلي ، ليست هي أسباب معاناة ومشقة اللاجئين وحسب ، بل الإحساس بمرور الزمن ، أنهم قيد إذلال نخاسي السياسة ، وأنهم صاروا ألعوبة الدول الكبرى ، سيما وهو يرون بأعينهم ، كيف يعيش " اللاجئون البارزون " الذين يسيطرون عليهم ، في مساكن تحميهم من قساوة الطقس ، ورداءة الإقامة ، ويرون " الكبار " من هؤلاء ، يعيشون عيشة فاخرة ، حيث يستخدمون السيارات ، وفنادق الخمس نجوم ، ويتنقلون ، مكرمين ، بالطائرات بين مدن العالم ، فيما هم وأطفالهم ومرضاهم ، يكابدون كارثتهم في المخيمات والإقامة المذلة .

إن المعطى الرئيس لواقع اللاجئين السوريين الراهن ، أنهم تحولوا من عنصر من عناصر الأزمة السورية ، إلى أزمة قائمة بذاتها .. سياسياً واجتماعياً وإنسانياً وأخلاقياً . لقد ’حدد دورهم بدون استشارتهم ، من قبل قيادات خارجية ومعارضة ، في بدايات الجري نحو الهجرة ، إلى تركيا ولبنان والأردن ، وغيرها من البلدان ، بتوظيف طاقاتهم الشبابية ، في الأنشطة المسلحة في الداخل السوري ، وتجنيدهم مستقبلاً في تنظيمات هي بمثابة جيوش بقيادة الخارج ، لإنجاز مخطط التغيير الغربي ، الذي يستهدف سوريا والإقليم ، وتوظيف تجمعاتهم في الأنشطة السياسية والحقوقية ، كأداة في الحرب النفسية ، ولحشد الرأي العام الدولي ، لتحميل النظام وحده مسؤولية تهجيرهم وأحوالهم التعيسة ، ولتغطية ودعم الجماعات المسلحة المتنامية عدداً وحركة ، لصالح استمرار الحرب ، وحسمها ، بإسقاط النظام ، أو إسقاط الرئيس على الأقل .

ولما وصل المشهد العسكري الميداني ، بالرغم من كل الدعم الدولي والعربي الرجعي ، المالي والإعلامي والسياسي والعسكري ، واستقدام المزيد .. والمزيد .. من قوى الإرهاب الدولي ، إلى الفشل في تحقيق ذلك المخطط ، وبعد أن توسع التصادم الدولي إلى حد كبير ، إلى ما هو أوسع جغرافياً ، وأهم استرتيجياً ، من التصادم السوري والإقليمي ، وأبرز تجلياته ، هو قفزة " داعش " في العراق وسوريا ، وانتشار الإرهاب في عدد لا بأس به من دول العالم ، وانفجار أزمة أوكرانيا ، وفتح جبهة حرب البترول العالمية ، تقلص الاهتمام باللاجئين السوريين . وصار تنقلهم إلى بلدان أخرى يحمل معه شبهة الإرهاب المرعبة ، وبدأوا يتحملون أثمان عدم تمسكهم بأرضهم .. وعدم رفضهم الإغراءات المادية المخادعة على دروب الهجرة . وأو لها شعورهم بانعدام الوزن في الأزمة السورية .وثانيها : التهديد بفقدان أو شح الغذاء وانكماش الرعاية الصحية . وثالثها : غياب الاطمئنان وسبل تحسن أوضاعهم وحرمان أطفالهم من التعليم المنهجي .. ومن ضمانات المستقبل .

وأصبح نقاش مسألة اللاجئين السوريين ، كمسألة اللاجئين الفلسطينيين ، يأتي إن أتى ، في أية محادثات حول الحلول السياسية ، يأتي في آخر جداول أعمال السادة المسؤولين . ومحاضر وبيانات مؤتمرات جنيف وغيرها في البلدان العربية والأجنبية تؤكد على ذلك . وفي محادثات موسكو في الشهر القادم ، إذا انعقدت فعلاً ، ليس من ضمانة لوضع مسألتهم في جدول أعمالها ، ويتضح بعد سنوات على لعبة الهجرة والتهجير في الحرب السورية ، أن استخدام ملايين الناس وتشريدهم ، خدمة لمشروع غربي رجعي إسرائيلي ، كان بكل المقاييس لعبة قذرة .

لقل مقولة " الآن وليس غداً " تنطبق الآن على حال اللاجئين السوريين وحال الدول التي .. قبلت .. أو تواطأت .. باللجوء إليها . وذلك ليس مادياً وحسب ، وإنما أمنياً أيضاً . لقد أصبح السوري ، وخاصة اللا جيء ، بعد تعدد ولاءات وتشابك وتصادم المنظمات الإرهابية الناشطة في صفوف السوريين حيث تسيطر وفي المهاجر ، أصبح في نظر دول عربية ، و أوربية وأميركا وغيرها ، إرهابياً حتى يثبت العكس . وكيف يستطيع هذا الإنسان المشرد أن يثبت براءته من الإرهاب .. والمخابرات العربية والأجنبية ، هي التي تملك الجواب .. وهي مصدر الاتهام .. وهي مصدر حراك الإرهاب الدولي ؟ ..

إن الخطأ الأول ، الذي وقع فيه من صار اسمهم " لاجئين " ، المتمثل بالاندهاش بالرعب والخضوع له ، والهجرة خوفاً من تفاعلات الحرب ، وكذلك قبول الانخداع بإغراءات الهجرة " الممولة " إلى بلدان أخرى . ومن ثم الوعود بدعم الدول المسؤولة عن جريمة الحرب .. وعن جريمة تهجيرهم ، ينبغي ألاّ يتكرر بخطأ ثان ، وهو التخلي عن فكرة وحق العودة إلى الوطن ، وعن تمسكهم بحقوقهم السورية ، والبحث عن مجالات أخرى للهجرة إليها ، واعتبار أن الدول المشتهى الهجرة إليها ، تتحمل مسؤولية استقبالهم ، لكونهم لاجئين وكفى ، ورعاية وضمان شؤونهم ومستقبلهم .

وهنا يلعب خيار العودة إلى الوطن .. أو استمرار وتنوع أماكن الهجرة في الخارج ، يلعب دوراً رئيساً في تقرير المصير . بيد أنه يلاحظ عند الأطياف في كلا الخيارين ، أن هناك من لازالوا مستمرون في الرهان على الحل العسكري ، المسدود الأفق حسب كل الخبراء والمراقبين ، وأن هناك من يؤثرون تواصل العيش في الهجرة ، إن توقفت الحرب ، أو لم تتوقف .
إن تجاوز العودة ب " اللا عودة " ، بأي مسوغ كان ، لتبرير المطالبة بإقامة مريحة حيث هي وتوفير سبل استدامتها ، أو الانتقال إلى حيث تحض الرغبة ، والمفاضلة ، على العيش في بلدان أخرى ، يجعل من مستقبل " المتجاوزين " بالمجمل مجهولاً . وما هو إذلال مؤقت في الإقامة الراهنة المسماة مؤقتة ، سيصبح إذلالاً دائماً . والمظاهرات والدعوات المعادية " للإرهاب الإسلامي " ، التي تتحرك في عدد من البلدان التي ترشحها الرغبات للهجرة إليها ، المقصود بها تحديداً البلدان التي يتفشى فيها " الإرهاب الإسلامي " .. وخاصة سوريا والعراق وليبيا .. والسوريون يحظون بالإحاطة الكاملة بهذا العداء .. سيما في تلك الأوساط المشتبه أنها احتضنت الإرهاب ومنحته الدعم والتغطية .
بمعنى ، أن ما كان لجوء اً مؤقتاً ، سيصبح كما ذكرنا لجوء اً دائماً ، حاملاً معه كل رذالاته وسلبياته .. ولدى رواد الهجرة القدامى الخبر اليقين .

هل هناك بدائل أفضل .. ؟ .. هذا هو السؤال .

قبل الإجابة المباشرة العملية على السؤال ، ينبغي التأكيد على ما هو أساسي ونهائي في حركة البدائل . وهو ، أياً كانت الظروف والمخاطر التي تكتنف العيش في الوطن ، وأياً كانت المسوغات والإغراءات المثلى للإقامة في بلدان أخرى ، ينبغي الجزم أن لابديل عن الوطن . وعلى أن البلد الوحيد في العالم ، الملزم ، بإقامة وكرامة وحرية اللاجئين هو وطنهم الأصلي سوريا . والدولة السورية والمعارضة الوطنية ، تتحملان مسؤولية هذا الالتزام ، مع كافة الضمانات الأمنية والإنسانية والقانونية . وعلى أن الدولة السورية ، اًياً كن طابعها وسماتها ، هي الجهة التي ينبغي أن تقدم إليها طلبات العودة ، وتأمين المأوى والإقامة عند الطوارئ والحرب ، التي تربط الجذور بالفروع على مدار التاريخ .

صحيح أن هناك سيطرة أمنية ، من قبل الدول " المضيفة " ومن قبل التنظيمات المسلحة ، على المخيمات ، وعلى تحركات اللاجئين ، والتحكم بمصيرهم وخياراتهم . لكن يمكن اختراق هذا الواقع بتحركات مفهومة ومشروعة ، وطرح أسئلة محددة أولها .. إلى متى ؟ .. ووضع مطالب يمكن الحصول عليها ، وخاصة ما يتعلق بالمعاناة من البرد ، أو نقص الغذاء ، وسوء الرعاية الصحية ، والتواصل مع الأهل في الداخل . وعلى ضوء نتائجها تتبلور تجمعات وتنظيمات يمكنها رفع سقف المطالب والتوجهات . ومن المهم جداً الاستفادة من الاحتكاك مع منظمات الأمم المتحدة ، والصليب الأحمر ، والصحافة العالمية المميزة بموضوعيتها ، لإيصال الرغبة بالعودة إلى الوطن .. ويمكن أن تظهر مبادرات مبدعة من صفوف المتألمين هي أغنى وأجدى من كل ما ذكر .

وفي هذا الصدد تتحمل الدولة السورية ، وكل تجمعات وقوى المعارضة ، مسؤولية الإثارة الدائمة ، في مختلف الأوساط السياسية والدولية والإعلامية ، لعودة اللاجئين إلى بيوتهم ومدنهم كرماء آمنين . كما تتحمل السلطات السورية مسؤولية وضع برنامج ملموس يوفر سبل وإمكانيات عودة اللاجئين ، وضمان تعويضهم وأمنهم ، وتعميمه بمختلف الوسائل ، السياسية والدبلوماسية ، ويعرض في أماكن وأوقات وزوايا ثابتة ، في الوسائل الإعلامية والفضائية والالكترونية .

إن من الجريمة بمكان ، أن يتحول ملايين المواطنين السوريين ، إلى هوامش غريبة ذليلة مهمشة .. وأن تتحول الطفولة السورية في خيام وسكن اللجوء إلى ضحية للمرض وسوء التغذية ، والبرد ، والجهل ، وضحية أجواء حرب .. وأجواء عائلية فاقدة للا ستقرار المادي والنفسي . وأن تتحول حرائر سوريات إلى " جهاد النكاح " ونكاح السبي ، ويخضعن لسطوة ذئاب الحرب والقتل والتدمير .
إن وضع اللاجئين السوريين الكارثي في أولوية البحث عن حلول سياسية .. أو حلول مقدمة للحلول السياسية الكاملة ، هو المفتاح الذي يفتح عند الشرفاء في الداخل والخارج .. كل أبواب الأزمة السورية المغلقة .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأستاذ
- التعذيب جريمة حرب وجريمة استبدلد
- حلب تصنع ربيعها القادم
- الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟
- مائة عام من الصراع مع الغرب .. إلى متى ؟
- داعش على ضفاف الراين - إلى ريحانة كوباني -
- في التصدي للوجه الآخر للإرهاب
- طعنة في ظهر ابن رشد
- النقابات السورية والنضال العمالي والحرب
- كوباني .. هذه المدينة البطلة
- ضد الإرهاب وحرب الخديعة الجوية
- بدر الدين شنن - كاتب يساري ونقابي عمالي سوري - في حوار مفتوح ...
- وليمة لذئاب حرب الإرهاب
- مع غزة .. أم مع .. تل أبيب ؟ ..
- السؤال المستحق في اللحظة العربية الراهنة
- متطلبات مواجهة الإرهاب الدولي
- أنا والحرية والحوار المتمدن
- أنا مقاوم من غزة
- غزة تستحق الحياة والحرية
- غزة لاتذرف الدموع .. إنها تقاتل .


المزيد.....




- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...
- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة