أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد سعيد قاضي - الفعل الفلسطيني المقاوم..على سبيل الحصر لا الشمول!















المزيد.....

الفعل الفلسطيني المقاوم..على سبيل الحصر لا الشمول!


أحمد سعيد قاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 00:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


يتنازع الساحة السياسية الفلسطينية-نظرياً على الأقل- طرحين حول نمطين متباينيين-لا متناقضين-من أنماط المقاومة إزاء أساليب المواجهة مع المحتل الصهيوني. أول الأنماط المطروحة هو ممارسة المقاومة الشعبية كسبيل وحيد حي لمواجهة الاستعمار الصهيوني المتغول في ظل غياب توازن القوى ووجود فجوة فسيحة في الإمكانيات العسكرية. وتكرس هذا المسار بعد جنوح حركة فتح إلى العمل السلمي بشكل تام واتخاذها من المفاوضات سبيلا بعد الانتفاضة الثانية بدلاً من المزاوجة بين الفعل المقاوم العسكري والمفاوضات. والثاني هو التمسك باستمرار المقاومة المسلحة وانتهاجها سبيلاً ناجعاً للتحرير خاصة إذ تمسكت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالعمل العسكري كنهج وحيد فعّال لتحرير فلسطين نقيض للنهج السلمي الفتحاوي منذ 2005 بصدد مسألة التحرير.
بعيداً عن معضلة انسلاخ النظرية والتطبيق، وانفصام الفكر والفعل المقاوم لدى جميع الفصائل، وإن بدرجات مختلفة، فإن الشعب الفلسطيني يمتلك إرثاً تاريخياً طويلاً من النضال ومخزون هائل من التجارب والفعل الثوري والمقاوم الذي يتيح له إمكانية تعدد وتنوع واتساع لائحة خيارات المقاومة المنتهجة تكيفاً مع الظروف المعاشة، وهنا تكمن مشكلة حادة تتمثل في حصر خيار الفعل المقاوم بين المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة نظرياً أولاً، وبدون تعريف محدد ثانياً، وبتطبيق مشوّه ثالثاً على الساحة الفلسطينية في الحقبة الحالية، وهو قصور ناشئ عن الانقسام وغياب الرؤية المتكاملة الوافية حيال تحرير فلسطين لدى كافة الأطراف الفلسطينية، وضعف التفكير الاستراتيجي والمنظور الشمولي للمسألة، والارتكاز على شعارات عامة يشوبها الغموض والضبابية مثل المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية والمفاوضات التي ينبغي أن تشكل بطبيعة الحال أدوات ضمن رؤية أعمق لآلية تحرير فلسطين أو تحسين شروط إدارة الصراع.
*
يطلعنا تاريخ الشعب الفلسطيني على أشكال وأساليب كفاحية كثيرة مارسها الشعب الفلسطيني طوال تاريخ احتلاله، ينبغي أن تستخلص منها العبر بعد دراستها دراسة محكمة لإعادة إنتاجها بشكل جديد قد استخلص العبر من الممارسات والتجارب السابقة إلى جانب تقليمها وتشذيبها لتتكيف والظرف الفلسطيني الراهن. ويمكن الاستفادة كذلك من ثورات وانتفاضات والتاريخ النضالي للشعوب الأخرى وتكييف سبل نضالها مع واقع فلسطين والسياق المحلي الفلسطيني في إطار الظروف الإقليمية والعالمية في الوقت الحاضر.
تتنوع وتتباين أشكال المقاومة الفلسطينية على مر التاريخ، وأساليب المقاومة التي يمكن ادخالها وتكييفها مع السياق الفلسطيني، من المقاومة المسلحة والعمليات الاستشهادية وضرب الصواريخ، إلى العصيان المدني والمقاومة الشعبية واستغلال الصحافة والإعلام بشكل أمثل، وانتهاج الخط السياسي والدبلوماسي كذلك، والاضرابات العمالية، وحملات المقاطعة، وغيرها الكثير من الأدوات الثورية الفعالة بشكل مبهر إذا ما ترجمت أفعالاً حقيقية على أرض الواقع مستندة لحوارات ونقاشات واستراتيجية عميقة البُعد يضعها كل الفلسطينيون.
فما لا يجب اغفاله هو أن الصراع مع الكيان الاستعماري صراع معقد تناحري عميق يشكل فيه الشعب الفلسطيني الحلقة الأضعف اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً، لذلك في هذه الحالة، يجب طرق كل الأبواب دفعةً واحدةً وعدم ترك الساحة مفتوحة للكيان الغاصب لاستغلالها وعكسها لطعن الفلسطينيين. وتستطيع النخبة السياسية الفلسطينية، إذا أحسنت التصرف، ببلورة حالة تحررية عجيبة تذهل العقول وتبلبل النفوس، وذلك بوضع يديها على مكامن قوة شعب، وليس أيما شعب، شعب عاش طيلة حياته مقاوماً مكافحاً مبتكراً مبدعاً في أساليب تكيف مقاومته للاحتلال لاثبات وجوده وتعزيز إمكانية استمراره، وهذا ما يعطي الشعب الفلسطيني ميزة إضافية على أي شعب، يجعل الهزيمة مستحيلة والهزيمة أكيدة للكيان الإسرائيلي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أي شعب لا يمكن قهره مهما كانت طبيعته وظروف تشكيله وتاريخه.
*
أهم ما يمكن تأكيده وتتمحور حوله عملية نفي الاحتلال، بعد الوحدة الوطنية، هو تنوع أساليب المقاومة واتجاهاتها بما يضمن مشاركة العدد الأكبر من الجماهير الفلسطينية في عملية الفعل المقاوم، ونجاعة استهداف كافة مواطن ضعف المشروع الصهيوني وكسر أذرعه الممتدة في كافة شؤون الشعب وزوايا الوطن. إذا أن المشروع الوطني الفلسطيني ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار حيثيات الظرف الاقليمي وطبيعة الكيان الإسرائيلي التي تنطوي على قوة هائلة لا يعادلها الشعب الفلسطيني إلا باستراتيجية وطنية متكاملة تشمل كافة أساليب الفعل المقاوم وهنا ينبع معادل القوة الفلسطينية في ظل الظرف العربي-الدولي الراهن وعجز البرجوازيات العربية وخيانتها.
فقد أوصلت، على سبيل المثال، الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987-1993م فلسطين القضية إلى المنابر الدولية وإلى وعي كافة البشر على وجه الكرة الأرضية، ليدرك العالم وجود الطفل الفلسطيني تحت احتلال مجرم دموي يتصدى لرغبة الطفل الفلسطيني بالتحرر بالرصاص. وقد انعكست الصورة، ليغدو الطفل الفلسطيني تمثّلاً لداود الأعزل الذي قتل بالحجر العملاقَ طالوت أو جالوت المدجج بالسلاح والذي بات يرمز للصهيوني المجرم. وهذه الصورة الجديدة، التي خلقتها الانتفاضة الأولى، ما برحت تؤلب الشعوب في كل أنحاء العالم على المحتل الغاصب. وهي كانت انتفاضة ذات طابع شعبي مدني بحكم الطبيعة الشعبية الغالبة على معظم فعّالياتها.
أما الانتفاضة الثانية (أو انتفاضة الأقصى) 2000-2005م بحلتها المختلفة تماماً عن الانتفاضة الأولى قد هزت الكيان ومستوطنيه ومستعمراته وخلخلت أهم أسسه وهو الأمن، وأربكت الحسابات بعد فشل المسار التفاوضي التكميلي لأوسلو والمتمثل في مفاوضات كامب ديفيد، فهذا اليأس والاحباط السياسي أدى بدوره إلى تعجيل الانفجار وانفلات الأمور من عقالها باتجاه الانتفاضة الثانية التي تكبد الاحتلال خلالها خسائر فادحة في البشر والاقتصاد لم يشهد لها مثير مسبقاً. وقد كانت انتفاضة مسلحة لك ما تعنيه الكلمة من معنى خصوصاً مع دخول العام الثاني للانتفاضة الثانية.
ونجد كذلك، مثلاً، تجارب عصيان مدني نيّرة في تاريخ فلسطين الحديث كتجربة بيت ساحور، إضافةً إلى المقاومة الصاروخية وهي تجربة نوعية جديدة في قطاع غزة لم توفى حقها في الدراسة والتحليل ما زالت تحت التطور المتسارع المثير للحيرة والاعجاب، والعمليات الاستشهادية إذا ما استُقر على إجابة لسؤال الحق الأخلاقي وحساب دقيق لارتداداتها الإقليمية والدولية، فقد كانت تجربة مثيرة للاهتمام وذات أثر عميق على الكيان الغاصب في الأرض المحتلة في انتفاضة الأقصى، ناهيك عن استغلال الإعلام بطريقة مثلى، وتعميم وترسيخ عقيدة نضالية كفاحية ووعي جماهيري سياسي.
هذه بعض أمثلة على أساليب مقاومة ونماذج تاريخية كثيرة ماثلة أمام النخب السياسية الفلسطينية للاستفادة منها، وهي تشكل الذخر الاستراتيجي، والورقة الرابحة في جعبة الفلسطينيين فلماذا القصور على بعض الأساليب؟ وفوق ذلك تنظيراً لا تطبيقاً! وإن تطبيقاً-في بعض الأوقات أو النقاط الجغرافية المحدودة-فلا لبس في أنه ضمن رؤية هشة قصيرة أبعد من أن تكون استراتيجية تامة متصلة.
*
لكل عمل ثوري وانتفاض شعبي سلبيات وايجابيات، لا تشكل السلبيات جزءاً من طبيعة الحراك نفسه وإنما من القائمين عليه، إذ أن أي فعل ثوري يحمل كل المضامين الإيجابية مع طرح السياق التي يحدث فيه جانباً، فمضامين التخلص من الخوف والانتصار للعدالة والانقلاب على الظلم والانتصاب بعد الركوع وطلب الحرية والكرامة والدفاع عن الإنسانية والوجود كلها تحملها موجة الفعل الثوري سواء ضد الاحتلال والاستعمار أو ضد الحكم الديكتاتوري، وهذه القيم والمضامين تطغى على أي حراك ثوري، وتغمر كلمات ثورة..انتفاضة..حراك اجتماعي..مقاومة..بهذه المعاني والدلالات الإيجابية الحسنة وتنقع بها من أخمص القدمين إلى أعلى الرأس.
لكن الثورة أو الحراك الثوري هي تحرك قطاعات بشرية يقوم عليها ويخططها وينفذها ويرتقي أو يحط بها أناس ونخبة تقودها، ولا إنسان معصوم عن الخطأ أولاً، وللشرائح المختلفة من الناس وعيهم الخاص ومصالحهم المختلفة لذلك فإن النزاعات الداخلية والاستراتيجيات القاصرة، والاستخدام الغير مدروس والمتجرد عن السياق العام، والرؤى التي يشوبها الضعف والجمود أو السذاجة، والحسابات غير الدقيقة، والتغيرات الموضوعية قد، بل ولا بد، أن تفضي إلى نتائج غير محمودة وأعراض سيئة، بل وربما تنتهي الحال بالحراك إلى الفشل الكامل أو الجزئي، لذلك ينبغي على الفلسطينيين دراسة التجارب السابقة وتجارب الغير التاريخية للاستفادة من الأخطاء لتقليص نسبة الخطأ والسلبيات الناتجة عن القصور البشري إلى الحد الأدنى ليسير الحراك الثوري بالدرجة القصوى من السلاسة في التعرجات التي سيصطدم بها لا محالة أي حراك ثوري في فلسطين بدرجة أكثر وأعظم بكثير من غيرها كم الدول في هذا المجال.
وحجر الزاوية في أي تفكير استراتيجي هو اعتماد كافة أشكال المقاومة بشكل أمثل يضمن، بطبيعة الحال، مشاركة شعبية واسعة لأن آلية العمل المقاوم هذه توفر ميزة أن كل شخص يعمل حسب قدراته وإمكانياته.



#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتفاضة؟
- نظام كامب ديفيد يبصق فتات الشرعية
- عَبِيدْ..!
- سوريا..النموذج النيكاراغوي هو الحل الممكن!
- جون مل والمجتمع العربي
- البرجوازيون وتشويه الحقائق في المنهاج الفلسطيني!
- الدكتاتورية الذاتية تقاوم التغيير!
- متى يمكن الحديث عن وقوع ثورة عربية؟!...في مفهوم الثورة العرب ...
- حول الهجمة الإمبريالية على سوريا
- تذكير إن نفعت الذكرى!
- -لا لعودة الفلول، لا لعودة الإخوان، يسقط يسقط حكم العسكر-
- المسار الثوري في مصر 5: المقاربات الدولية للأحداث
- المسار الثوري في مصر 4: صراع ذو أوجه وأشكال متعددة
- المسار الثوري في مصر 3: المجلس العسكري، رأس الحربة في الثورة ...
- المسار الثوري في مصر 2: ملامح خيانة الإخوان المسلمين للثورة
- المسار الثوري في مصر 1:تحديد مفاهيم ومرجعيات
- دينامية الثورة...في فهم دوافع الثورة
- تقويض أسس الدولة 3: في خصائص السلطة!
- تقويض أسس الدولة 2:الأمة، الإقليم، السلطة!
- تقويض أسس الدولة 1:تمهيد


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد سعيد قاضي - الفعل الفلسطيني المقاوم..على سبيل الحصر لا الشمول!