ميكروفيزيائية الدولة العربية

بسام الرياحي

الحوار المتمدن-العدد: 4645 - 2014 / 11 / 27 - 17:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تتشكل نظرية ميشال فوكو الفيلسوف الفرنسي حول ميكروفيزيائية السلطلة بإبراز إنبثاث السلطة في كل ركن ، يتحول هذا الإنبثاث إلى إستراتيجية لا مرئية تكرس مراقبة الفرد وتقييد تحركه الفكري والمادي. منذ موجات الإستقلال التي أعقبت النصف الثاني من القرن العشرين وما نتج عنه من ظهور خارطة وحدود جغرافية جديدة تجعل من الظاهرة الإستعمارية سيرورة قاتلة ومصيرية في عمر وتطور الدول المستقلة ، أيضا نخب منفصمة بيين نماذج مختلفة دون نماذج واقعية تراكم من خلال التجربة على واقع بعينه دون تبعيات .هنا ظهر جسم الدولة الوطنية التي ربما إستعجلت المراكمة والبناء ، الأرضية كانت ضحلة ماديا ومعنويا ، بنى صناعية متهالكة رصيد مالي مستنزف وموارد بشرية بطيئة ولا تستجيب لمتلبات المرحلة .إنطلاقا من هذه النقائص بنت الدوّل العربية في مشهد فوقي وبدون دعم شعبي واسع ومصارحة كافية مع من يستوجب أن يستفيد ويستجيب من هذا البناء ، في خضم هذا المسار ظهرت هذه النقائص القاتلة وزادت من إرتهان لقوى الإستعمار ودوائرها المالية والإستعلاماتية . ركزت هذه الدول أجهزتها الرقابية وإنبثت في كل ركن من أركان المتعلقة بمصالح الطبقة الحاكمة ، فمن دول وطنية مأمولة إلى أجسام بوليسية فاشية ربما وبدرجة تكاد قد تكون واضحة منطقيا.ساد جو مشحون هذا الإلتقاء الامتكافئ بين مصالح الطبقة الحاكمة وهي أقلية نافذة وبين الطبقات الشعبية الأكثرية المفقرة ، هي أوليغرشيات قمعية ناهبة تنفذت فيها روابط الدم والقرابات والمصالح على المصلحة العامة التي نظر لها فلاسفة أوروبا في حديثهم عن العقد الإجتماعي أو متطلبات الحداثة ... نحن نبقى في العالم العربي إزاء تطور غير صحي لأركان وجسم الدولة نظرا لغياب التراكم الكافي والبناء القاعدي الجماهيري الواسع حتى نصل لذوبان كلي بين الفئتين تربطه مصلحة الوطن العليا ، حتى تجارب "الربيع العربي" تكرر بشكل تراجيدي تنفذ أكثر وضاعة وإنتاج جديد وقاتل لمصالح المذاهب والطوائف التي ستحلل معها فكرة الدولة والوطن وتسود حرب المليشيات وإستقطاب الولاءات والنسب وروابط الدم .

#بسام_الرياحي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل