أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدية العبود - بعد المطر (مأساة شعب)














المزيد.....

بعد المطر (مأساة شعب)


سعدية العبود

الحوار المتمدن-العدد: 4641 - 2014 / 11 / 23 - 00:55
المحور: الادب والفن
    


بعد المطر(مأساة شعب )
مَطَر ...
أتعلمينَ أيَّ حُزْنٍ يبعثُ المَطَر ؟
وَكَيْفَ تَنْشج المزاريبُ إذا انْهَمَر ؟
وكيفَ يَشْعُرُ الوَحِيدُ فِيهِ بِالضّيَاعِ ؟
افاقت على اصوات هلع النساء فقد اخترقت مياه المطر الحواجز الترابية التي وضعها ذاك الرجل المسن وهو يحاول جاهدا منع دخول المطر الى الخيمة ,حاولت جاهدة التركيز في الموضوع ما الذي يحصل منذ مدة وهي لا تعلم اين هم ابناؤها وزوجها لقد كانوا معا عندما ارتقوا الشاحنة مع اهالي القرية بعد ذلك الهجوم .
صاح الشيخ ساعدوها فقد فاض الحصير الذي تفترشه ,حاولت النسوة رفعها الا ان اقدامها لازالت على الارض وهن يحاولن حملها خاصة وانها لازالت تحتضن وليدها رافضة تسليم يدها تخاف عليه من شيء تجهله .
قالت المرأة المُسنة :لا شيء اعز من الابناء ليكن الله في عونها .
وأسمع القرى تَئِنُّ ، والمهاجرين
يُصَارِعُون بِالمجاذيف وبالقُلُوع ،
عَوَاصِفَ الخليج ، والرُّعُودَ ، منشدين
مَطَر ..
كانت المرأة تعيش في مدينتها مع ابناؤها وزوجها وقد كانوا جميعا يحصدون الحنطة ويجمعون الغلال فقد حان موعد تسويق حاصلاتهم ,فرحتهم بالمطر ما فاقها فرح سيكون هذا الموسم وفيرا ,حيث زرعت اغلب الاراضي الديمية قالها زوجها وهو يبشرها بالخير القادم .كان موسم الحصاد يعد من مواسم الفرح والعرس وكل مشاريعهم وامنياتهم تؤجل لما بعد الحصاد فسوف تردهم واردات كبيرة ,الا ان هذا الموسم فاق غيره ,كان يبشر بالخير وسوف يشترون ماكنة حصاد القمح لتعينهم على التعب ,وكانوا ينتظرون وصول عمال لجمع الغلال ولا تعلم ما الذي اخرهم ,ولهذا نادت على بناتها ليكونا جميعا قربها . اصوات قصف قريب وهرج لم تتبينه بعد :
- من هؤلاء ؟ سألت زوجها مستفهمة .

- لا اعلم دعي الخلق للخالق وساعديني ,يا لك من ثرثارة تحشرين انفك في ما لا يعنيك. هذا اخر ما قاله زوجها قبل ان يتبين ما يحصل .
قالت سيدة اخرى تحاول ان تتجاذب الحديث مع المرأة المسنة:
- لم يقتادوا بناتها فقط بل كان معهم فتيات من القرية المجاورة ,اما زوجها فقد رأيتهم يكبلوه ويحملوه في العجلة السوداء . يا لها من مصيبة حلت علينا.
قالت العجوز: منذ اشهر ونحن هنا وهناك نساء واطفال عالقين على الجبل ,حتى المساعدات التي ترمى لهم قليلة لان اغلبها ينحدر الى الوادي ,وهم في حاجة ماسة الى الماء والغذاء ويقال ان اغلبهم قد مات بسبب الجوع والعطش وضربة الشمس ,ويقال ان طائرة حضرت لنجدتهم تعرضت الى الضرر ومات قائدها .يبدو ان البلاء قد حل علينا حتى من جاء لمساعدتنا لم ينجو منها انها مصيبة يا بنيتي .
وفي العِرَاقِ جُوعْ
وينثر الغلالَ فيه مَوْسِمُ الحصادْ
لتشبعَ الغِرْبَان والجراد
وتطحن الشّوان والحَجَر
رِحَىً تَدُورُ في الحقول … حولها بَشَرْ
تمتمت المرأة اين انتم ؟باتت على هذه الحالة بضعة اشهر لا تعي ما يدور حولها فقد حاولت ان تلحق بالبنات الا ان المسلحين حملوهن على ظهر الشاحنة وهذا ذو الثوب الاسود ركلها كي لا تعيق طريقه ,مما اسقطها على الارض عندما مدت يدها لتمسك بأذيال البنت الصغرى ,فقد تمسكت بالفراغ بقوة فتهاوت على الحجر .
وَكَمْ ذَرَفْنَا لَيْلَةَ الرَّحِيلِ ، مِنْ دُمُوعْ
ثُمَّ اعْتَلَلْنَا - خَوْفَ أَنْ نُلامَ – بِالمَطَر ...
مَطَر ...
قالت العجوز الله هو المعين ,وقالت اخرى ليغفر لنا الرب ,حتى بيوت العبادة لم تسلم من الدمار قبور الانبياء والكنائس والاديرة تهاوت على اثر تفجيرها لم يدعوا لنا مكان نلتجئ اليه لنناجي الرب .
قال الرجل العجوز :قالوا لنا في دار الهجرة سيمنحوننا مبلغ مليون دينار لكل عائلة وها هي الايام تمر ولم نستلم غير اشياء بسيطة ندبر بها يومنا بالإضافة الى ما يجود به المحسنون والمتصدقون يبدو انهم لا يفكرون في حالنا ولا يعلمون كيف يمر يومنا ,رفع يديه الى السماء .يا رب انت المحسن فجد علينا من احسانك وارحم صغارنا وانجى شبابنا ,فهم يموتون في كل يوم ولا نستطع عمل شيء حيالهم .وسمعت ان بناتنا تعرضن للاغتصاب والبيع كما كان في سوق النخاسة وانهم يقتلون كل من لا يتعاون معهم من الرجال .
قالت المرأة العجوز :قبل ايام مات الكثير بسبب العطش والحاجة الى الماء واليوم تغرق خيامنا بالمياه ,أي بلاء هذا !
فتحت المرأة عينيها وجابت نظرها بالمكان كأنها تبحث بين الوجوه عن وجه تريده ,واطلقت تنهيدة هي اخر ما جادت به البقية الباقية من روحها تراخت اطرافها وسقط الطفل الملتصق على صدرها والذي ابت ان تفارقه منذ ذلك اليوم المشؤم .
كَأَنَّ طِفَلاً بَاتَ يَهْذِي قَبْلَ أنْ يَنَام :
بِأنَّ أمَّـهُ - التي أَفَاقَ مُنْذُ عَامْ
فَلَمْ يَجِدْهَا ، ثُمَّ حِينَ لَجَّ في السُّؤَال
قَالوا لَهُ : " بَعْدَ غَدٍ تَعُودْ .. " -
لا بدَّ أنْ تَعُودْ
وَإنْ تَهَامَسَ الرِّفَاقُ أنَّـها هُنَاكْ
في جَانِبِ التَّلِّ تَنَامُ نَوْمَةَ اللُّحُودْ
توقف المطرولا شئ غير الصمت والوحشة رائحة الرطوبه تعبث في المخيم ورائحة اخرى في الجوار ,الالم والحزن والوحشة وامرأة مسجات يغلفها شرشف ابيض بانتظار الصباح يبعثان على الصمت ,صوت عواء من بعيد بعث في نفوسهم الخوف ولا يعلمون هل يرتجفون من البرد ام الخوف ام الحزن ,وانظم بعضهم الى بعض لمواجهة مصيبة اخرى قادمة .
وعند انبلاج الفجر كانت مجموعة جثث لمغدورين حملهم السيل ,وكان معهم رجلا مكبل بالأغلال.
وَكُلّ دَمْعَةٍ مِنَ الجيَاعِ وَالعُرَاة
وَكُلّ قَطْرَةٍ تُرَاقُ مِنْ دَمِ العَبِيدْ
فَهيَ ابْتِسَامٌ في انْتِظَارِ مَبْسَمٍ جَدِيد
سعدية العبود 21-تشرين الثاني 2014
الشعر من انشودة المطر للشاعر العراقي بدر شاكر السياب



#سعدية_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم حق من الحقوق الاساسية الواجبة للمواطن
- هبوب العاصفة وصور المرشحين
- لها وحدها اكتب في عيدها الذي لم تكن فيه
- في المحطة الاخيرة
- مواقع التواصل الاجتماعي ,هل سببت العزلة داخل الاسرة
- عندما اغتيل الامل (في ذكرى حادثة بشتاشان )


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدية العبود - بعد المطر (مأساة شعب)